[ ص: 174 ] تفسير سورة الملك وهي مكية . 
قال أحمد   : حدثنا  حجاج بن محمد  ، وابن جعفر  قالا : حدثنا شعبة  ، عن قتادة  ، عن عباس الجشمي  ، عن  أبي هريرة  ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن سورة في القرآن ثلاثين آية شفعت لصاحبها حتى غفر له : " تبارك الذي بيده الملك  " . 
ورواه أهل السنن الأربعة ، من حديث شعبة  به ، وقال الترمذي   : هذا حديث حسن . 
وقد روى  الطبراني  ،  والحافظ الضياء المقدسي  ، من طريق سلام بن مسكين  ، عن ثابت  ، عن أنس  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " سورة في القرآن خاصمت عن صاحبها حتى أدخلته الجنة : " تبارك الذي بيده الملك  " . 
وقال الترمذي   : حدثنا  محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب  ، حدثنا يحيى بن مالك النكري  ، عن أبيه ، عن أبي الجوزاء  عن ابن عباس  قال : ضرب بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خباءه على قبر ، وهو لا يحسب أنه قبر إنسان يقرأ سورة الملك  حتى ختمها ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، ضربت خبائي على قبر وأنا لا أحسب أنه قبر ، فإذا إنسان يقرأ سورة الملك " تبارك " حتى ختمها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هي المانعة ، هي المنجية ، تنجيه من عذاب القبر  " ثم قال : " هذا حديث غريب من هذا الوجه . وفي الباب عن  أبي هريرة   . ثم روى الترمذي  أيضا من طريق ليث بن أبي سليم  ، عن  أبي الزبير  ، عن جابر   : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا ينام حتى يقرأ " الم تنزيل " سورة السجدة ، و " تبارك الذي بيده الملك  " . وقال ليث  ، عن طاوس   : يفضلان كل سورة في القرآن بسبعين حسنة . 
وقال  الطبراني   : حدثنا محمد بن الحسين بن عجلان الأصبهاني  ، حدثنا سلمة بن شبيب  ، حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان  ، عن أبيه ، عن عكرمة  عن ابن عباس  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي " يعني : " تبارك الذي بيده الملك  " . 
 [ ص: 175 ] 
هذا حديث غريب ، وإبراهيم  ضعيف ، وقد تقدم مثله في سورة " يس " وقد روى هذا الحديث عبد بن حميد  في مسنده بأبسط من هذا ، فقال : 
حدثنا إبراهيم بن الحكم  ، عن أبيه ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس  أنه قال لرجل : ألا أتحفك بحديث تفرح به ؟ قال : بلى . قال اقرأ : " تبارك الذي بيده الملك " ، وعلمها أهلك ، وجميع ولدك ، وصبيان بيتك ، وجيرانك ، ، فإنها المنجية والمجادلة ، تجادل - أو تخاصم - يوم القيامة عند ربها لقارئها ، وتطلب له أن ينجيه من عذاب النار ، وينجي بها صاحبها من عذاب القبر ; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي  " . 
وقد روى  الحافظ ابن عساكر  في تاريخه ، في ترجمة أحمد بن نصر بن زياد  أبي عبد الله القرشي النيسابوري  المقرئ الزاهد الفقيه ، أحد الثقات الذين روى عنهم  البخاري  ، ومسلم  ولكن في غير الصحيحين ، وروى عنه الترمذي  ،  وابن ماجه  ، وابن خزيمة   . وعليه تفقه في مذهب أبي عبيد بن حربويه  وخلق سواهم ، ساق بسنده من حديثه عن فرات بن السائب  ، عن الزهري  ، عن أنس بن مالك  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن رجلا ممن كان قبلكم مات ، وليس معه شيء من كتاب الله إلا " تبارك " ، فلما وضع في حفرته أتاه الملك فثارت السورة في وجهه ، فقال لها : إنك من كتاب الله ، وأنا أكره مساءتك ، وإني لا أملك لك ولا له ولا لنفسي ضرا ولا نفعا ، فإن أردت هذا به فانطلقي إلى الرب تبارك وتعالى فاشفعي له . فتنطلق إلى الرب فتقول : يا رب ، إن فلانا عمد إلي من بين كتابك فتعلمني ، وتلاني أفتحرقه أنت بالنار ، وتعذبه ، وأنا في جوفه ؟ فإن كنت فاعلا ذاك به فامحني من كتابك . فيقول : ألا أراك غضبت ؟ فتقول : وحق لي أن أغضب . فيقول : اذهبي فقد وهبته لك ، وشفعتك فيه . قال : فتجيء فيخرج الملك ، فيخرج كاسف البال لم يحل منه بشيء . قال : فتجيء فتضع فاها على فيه ، فتقول مرحبا بهذا الفم ، فربما تلاني ، ومرحبا بهذا الصدر ، فربما وعاني ، ومرحبا بهاتين القدمين ، فربما قامتا بي . وتؤنسه في قبره مخافة الوحشة عليه " . قال : فلما حدث بهذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يبق صغير ، ولا كبير ، ولا حر ، ولا عبد ، إلا تعلمها ، وسماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنجية  . 
قلت : وهذا حديث منكر جدا وفرات بن السائب  هذا ضعفه  الإمام أحمد  ،  ويحيى بن معين  ،  والبخاري  ، وأبو حاتم  ،  والدارقطني  ، وغير واحد . وقد ذكره  ابن عساكر  من وجه آخر ، عن الزهري  من قوله مختصرا . وروى  البيهقي  في كتاب " إثبات عذاب القبر " عن ابن مسعود  موقوفا ، ومرفوعا ما يشهد لهذا ، وقد كتبناه في كتاب الجنائز من الأحكام الكبرى ، ولله الحمد . 
				
						
						
