[ ص: 301 ] ( إن المتقين في ظلال وعيون ( 41 ) وفواكه مما يشتهون ( 42 ) كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون ( 43 ) إنا كذلك نجزي المحسنين ( 44 ) ويل يومئذ للمكذبين ( 45 ) كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون ( 46 ) ويل يومئذ للمكذبين ( 47 ) وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ( 48 ) ويل يومئذ للمكذبين ( 49 ) فبأي حديث بعده يؤمنون ( 50 ) )
يقول تعالى مخبرا عن عباده المتقين الذين عبدوه بأداء الواجبات ، وترك المحرمات : إنهم يوم القيامة يكونون في جنات وعيون ، أي : بخلاف ما أولئك الأشقياء فيه ، من ظل اليحموم ، وهو الدخان الأسود المنتن .
( وفواكه مما يشتهون ) أي : من سائر أنواع الثمار ، مهما طلبوا وجدوا . ( كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون ) أي : يقال لهم ذلك على سبيل الإحسان إليهم .
ثم قال تعالى مخبرا خبرا مستأنفا : ( إنا كذلك نجزي المحسنين ) أي : هذا حزاؤنا لمن أحسن العمل ، ( ويل يومئذ للمكذبين )
وقوله : ( كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون ) خطاب للمكذبين بيوم الدين ، وأمرهم أمر تهديد ووعيد فقال تعالى : ( كلوا وتمتعوا قليلا ) أي : مدة قليلة قريبة قصيرة ، ( إنكم مجرمون ) أي : ثم تساقون إلى نار جهنم التي تقدم ذكرها ، ( ويل يومئذ للمكذبين ) كما قال تعالى : ( نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ ) [ لقمان : 24 ] وقال تعالى : ( إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون ) [ يونس : 69 ، 70 ]
وقوله : ( وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ) أي : إذا أمر هؤلاء الجهلة من الكفار أن يكونوا من المصلين مع الجماعة امتنعوا من ذلك واستكبروا عنه ; ولهذا قال : ( ويل يومئذ للمكذبين )
ثم قال : ( فبأي حديث بعده يؤمنون ) ؟ أي : إذا لم يؤمنوا بهذا القرآن ، فبأي كلام يؤمنون به ؟! كقوله تعالى : ( فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون ) [ الجاثية : 6 ] .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا ، حدثنا ابن أبي عمر سفيان ، عن إسماعيل بن أمية : سمعت رجلا أعرابيا بدويا يقول : سمعت يرويه إذا قرأ : ( أبا هريرة والمرسلات عرفا ) فقرأ : ( فبأي حديث بعده يؤمنون ) ؟ فليقل : آمنت بالله وبما أنزل .
وقد تقدم هذا الحديث في سورة " القيامة " .
آخر تفسير سورة " والمرسلات " [ ولله الحمد والمنة ]