( إن للمتقين مفازا ( 31 ) حدائق وأعنابا ( 32 ) وكواعب أترابا ( 33 ) وكأسا دهاقا ( 34 ) لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا ( 35 ) جزاء من ربك عطاء حسابا ( 36 ) )
يقول تعالى مخبرا عن السعداء وما أعد لهم تعالى من الكرامة والنعيم المقيم ، فقال : ( إن للمتقين مفازا ) قال ابن عباس والضحاك : متنزها . وقال مجاهد ، وقتادة : فازوا ، فنجوا من النار . الأظهر هاهنا قول ابن عباس ; لأنه قال بعده : ( حدائق ) وهي ( البساتين من النخيل وغيرها وأعنابا وكواعب أترابا ) أي : وحورا كواعب . قال ابن عباس ومجاهد ، وغير واحد : ( كواعب ) أي : نواهد ، يعنون أن عرب أتراب ، أي : في سن واحدة ، كما تقدم بيانه في سورة " الواقعة " . ثديهن نواهد لم يتدلين لأنهن أبكار
قال ابن أبي حاتم : حدثنا عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ، حدثني أبي ، عن أبي سفيان عبد الرحمن بن عبد رب بن تيم اليشكري ، حدثنا عطية بن سليمان أبو الغيث ، عن أبي عبد الرحمن القاسم بن أبي القاسم الدمشقي ، عن أبي أمامة : أنه سمعه يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن ، وإن السحابة لتمر بهم فتناديهم : يا أهل الجنة ، ماذا تريدون أن أمطركم ؟ حتى إنها لتمطرهم الكواعب الأتراب " قمص أهل الجنة لتبدو من رضوان الله
وقوله : ( وكأسا دهاقا ) قال ابن عباس : مملوءة متتابعة . وقال عكرمة : صافية . وقال مجاهد ، والحسن وقتادة ، وابن زيد : ( دهاقا ) الملأى المترعة . وقال مجاهد : هي المتتابعة . وسعيد بن جبير
وقوله : ( لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا ) كقوله : ( لا لغو فيها ولا تأثيم ) [ الطور : 23 ] أي : . ليس فيها كلام لاغ عار عن الفائدة ، ولا إثم كذب ، بل هي دار السلام ، وكل ما فيها سالم من النقص
[ ص: 309 ]
وقوله : ( جزاء من ربك عطاء حسابا ) أي : هذا الذي ذكرناه جازاهم الله به وأعطاهموه ، بفضله ومنه وإحسانه ورحمته ; ( عطاء حسابا ) أي : كافيا وافرا شاملا كثيرا ; تقول العرب : " أعطاني فأحسبني " أي : كفاني . ومنه " حسبي الله " ، أي : الله كافي .