ذكر الأحاديث الواردة  في ذلك 
الحديث الأول : عن ابن مسعود   . قال الإمام أحمد   : 
 [ ص: 626 ] 
حدثنا  الفضل بن دكين  ، حدثنا سفيان ،  عن أبي قيس ،  عن الهذيل ،  عن عبد الله  قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمة والمستوشمة ، والواصلة والمستوصلة ، والمحلل والمحلل له ، وآكل الربا وموكله  . 
ثم رواه أحمد  ،  والترمذي  ،  والنسائي  من غير وجه ، عن سفيان  ، وهو الثوري  ، عن أبي قيس واسمه عبد الرحمن بن ثروان الأودي ،  عن هزيل بن شرحبيل الأودي ،  عن  عبد الله بن مسعود  عن النبي صلى الله عليه وسلم به . ثم قال الترمذي   : هذا حديث حسن صحيح . قال : والعمل على هذا عند أهل العلم من الصحابة ، منهم : عمر  ، وعثمان  ،  وابن عمر   . وهو قول الفقهاء من التابعين ، ويروى ذلك عن علي  ،  وابن مسعود  ،  وابن عباس   . 
طريق أخرى : عن ابن مسعود   . قال الإمام أحمد   : حدثنا زكريا بن عدي ،  حدثنا عبيد الله ،  عن عبد الكريم ،  عن أبي الواصل ،  عن ابن مسعود ،  عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " لعن الله المحلل والمحلل له "  . 
طريق أخرى : روى الإمام أحمد  ،  والنسائي  ، من حديث الأعمش ،  عن عبد الله بن مرة ،  عن  الحارث الأعور ،  عن  عبد الله بن مسعود  قال : آكل الربا وموكله ، وشاهداه وكاتبه إذا علموا به ، والواصلة ، والمستوصلة ، ولاوي الصدقة ، والمتعدي فيها ، والمرتد على عقبيه إعراضا بعد هجرته ، والمحلل والمحلل له ، ملعونون على لسان محمد  صلى الله عليه وسلم يوم القيامة . 
الحديث الثاني : عن علي  رضي الله عنه . قال الإمام أحمد   : 
حدثنا عبد الرزاق ،  أخبرنا سفيان ،  عن جابر [ وهو ابن يزيد الجعفي ]  عن الشعبي ،  عن الحارث ،  عن علي  قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله ، وشاهديه وكاتبه ، والواشمة والمستوشمة للحسن ، ومانع الصدقة ، والمحلل ، والمحلل له ، وكان ينهى عن النوح  . 
وكذا رواه عن غندر ،  عن شعبة ،  عن جابر ، وهو ابن يزيد الجعفي ،  عن الشعبي  عن الحارث ،  عن علي ،  به . 
وكذا رواه من حديث إسماعيل بن أبي خالد  ، وحصين بن عبد الرحمن  ،  ومجالد بن سعيد  ،  وابن عون  ، عن عامر الشعبي ،  به . 
 [ ص: 627 ] 
وقد رواه أبو داود  ،  والترمذي  ،  وابن ماجه  من حديث الشعبي ،  به . ثم قال أحمد   : 
حدثنا محمد بن عبد الله ،  حدثنا إسرائيل ،  عن أبي إسحاق ،  عن الحارث ،  عن علي  قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب الربا ، وآكله ، وكاتبه ، وشاهده ، والمحلل ، والمحلل له  . 
الحديث الثالث : عن جابر   : قال الترمذي   : 
حدثنا أبو سعيد الأشج ،  أخبرنا أشعث بن عبد الرحمن بن زبيد اليامي ،  حدثنا مجالد ،  عن الشعبي ،  عن  جابر بن عبد الله  وعن الحارث ،  عن علي   : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن المحلل والمحلل له ثم قال : وليس إسناده بالقائم ،  ومجالد  ضعفه غير واحد من أهل العلم ، منهم  أحمد بن حنبل   . قال : ورواه ابن نمير ،  عن مجالد ،  عن الشعبي ،  عن  جابر بن عبد الله ،  عن علي   . قال : وهذا وهم من ابن نمير  ، والحديث الأول أصح . 
الحديث الرابع : عن عقبة بن عامر   : قال أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه   : 
حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح المصري ،  حدثنا أبي ، سمعت الليث بن سعد  يقول : قال أبو مصعب مشرح هو : ابن عاهان ،  قال عقبة بن عامر   : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " ألا أخبركم بالتيس المستعار ؟ " قالوا : بلى يا رسول الله . قال : " هو المحلل ، لعن الله المحلل والمحلل له "  . 
تفرد به ابن ماجه   . وكذا رواه إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ،  عن عثمان بن صالح ،  عن الليث ،  به ، ثم قال : كانوا ينكرون على عثمان في هذا الحديث إنكارا شديدا . 
قلت : عثمان  هذا أحد الثقات ، روى عنه  البخاري  في صحيحه . ثم قد تابعه غيره ، فرواه  جعفر الفريابي  عن العباس المعروف بابن فريق  عن أبي صالح عبد الله بن صالح ،  عن الليث  به ، فبرئ من عهدته والله أعلم . 
الحديث الخامس : عن ابن عباس   . قال ابن ماجه   : 
حدثنا  محمد بن بشار ،  حدثنا أبو عامر ،  عن زمعة بن صالح ،  عن سلمة بن وهرام ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس  قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له  . 
طريق أخرى : قال الإمام الحافظ خطيب دمشق أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني السعدي   : حدثنا ابن أبي مريم ،  حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة  عن  داود بن الحصين ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس  قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نكاح المحلل قال : " لا إلا نكاح  [ ص: 628 ] رغبة ، لا نكاح دلسة ولا استهزاء بكتاب الله ، ثم يذوق عسيلتها "  . 
ويتقوى هذان الإسنادان بما رواه أبو بكر بن أبي شيبة ،  عن حميد بن عبد الرحمن ،  عن موسى بن أبي الفرات ،  عن  عمرو بن دينار ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو من هذا فيتقوى كل من هذا المرسل والذي قبله بالآخر ، والله أعلم . 
الحديث السادس : عن  أبي هريرة   . قال الإمام أحمد   : 
حدثنا أبو عامر ،  حدثنا عبد الله ، هو ابن جعفر ،  عن عثمان بن محمد المقبري ،  عن  أبي هريرة  قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له  . 
وهكذا رواه أبو بكر بن أبي شيبة  ، والجوزجاني  ،  والبيهقي  ، من طريق عبد الله بن جعفر القرشي   . وقد وثقه  أحمد بن حنبل  ،  وعلي بن المديني  ،  ويحيى بن معين  وغيرهم . وأخرج له مسلم  في صحيحه ، عن عثمان بن محمد الأخنسي  وثقه ابن معين  عن سعيد المقبري ،  وهو متفق عليه . 
الحديث السابع : عن ابن عمر   . قال  الحاكم  في مستدركه : 
حدثنا أبو العباس الأصم  ، حدثنا  محمد بن إسحاق الصغاني  حدثنا  سعيد بن أبي مريم ،  حدثنا أبو غسان محمد بن مطرف المدني ،  عن عمر بن نافع ،  عن أبيه أنه قال : جاء رجل إلى ابن عمر  ، فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثا ، فتزوجها أخ له من غير مؤامرة منه ، ليحلها لأخيه : هل تحل للأول ؟ فقال : لا إلا نكاح رغبة ، كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم  . ثم قال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه . 
وقد رواه الثوري ،  عن عبد الله بن نافع ،  عن أبيه ، عن ابن عمر ،  به . وهذه الصيغة مشعرة بالرفع . وهكذا روى أبو بكر بن أبي شيبة  ، والجوزجاني  ،  وحرب الكرماني  ، وأبو بكر الأثرم  ، من حديث الأعمش ،  عن المسيب بن رافع ،  عن قبيصة بن جابر ،  عن عمر  أنه قال : لا أوتى بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما . 
وروى  البيهقي  من حديث ابن لهيعة ،  عن بكير بن الأشج ،  عن سليمان بن يسار   : أن  عثمان بن عفان  رفع إليه رجل تزوج امرأة ليحلها لزوجها ،  ففرق بينهما . وكذا روي عن علي  ،  وابن عباس  ،  [ ص: 629 ] وغير واحد من الصحابة ، رضي الله عنهم . 
وقوله : فإن طلقها أي : الزوج الثاني بعد الدخول بها فلا جناح عليهما أن يتراجعا  أي : المرأة والزوج الأول إن ظنا أن يقيما حدود الله  أي : يتعاشرا بالمعروف [ وقال مجاهد   : إن ظنا أن نكاحهما على غير دلسة ] وتلك حدود الله  أي : شرائعه وأحكامه ( يبينها ) أي : يوضحها لقوم يعلمون 
وقد اختلف الأئمة ، رحمهم الله ، فيما إذا طلق الرجل امرأته طلقة أو طلقتين ، وتركها حتى انقضت عدتها ، ثم تزوجت بآخر فدخل بها ، ثم طلقها فانقضت عدتها ، ثم تزوجها الأول : هل تعود إليه بما بقي من الثلاث  ، كما هو مذهب مالك  ،  والشافعي  ،  وأحمد بن حنبل  ، وهو قول طائفة من الصحابة ، رضي الله عنهم ؟ أو يكون الزوج الثاني قد هدم ما قبله من الطلاق ، فإذا عادت إلى الأول تعود بمجموع الثلاث ، كما هو مذهب أبي حنيفة  وأصحابه رحمهم الله ؟ وحجتهم أن الزوج الثاني إذا هدم الثلاث فلأن يهدم ما دونها بطريق الأولى والأحرى ، والله أعلم . 
				
						
						
