(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=30539_28974قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد ( 12 )
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار ( 13 ) )
يقول تعالى : قل يا
محمد للكافرين : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=12ستغلبون ) أي : في الدنيا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=12وتحشرون ) أي : يوم القيامة (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=12إلى جهنم وبئس المهاد ) .
وقد ذكر
محمد بن إسحاق بن يسار ، nindex.php?page=hadith&LINKID=824375عن nindex.php?page=showalam&ids=16276عاصم بن عمر بن قتادة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أصاب من أهل بدر ما أصاب ورجع إلى المدينة ، جمع اليهود في سوق بني قينقاع وقال : " يا معشر يهود ، أسلموا قبل أن يصيبكم الله ما أصاب قريشا " . فقالوا : يا محمد ، لا يغرنك من نفسك أن قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا لا يعرفون القتال ، إنك والله لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس ، وأنك لم تلق مثلنا ؟ فأنزل الله في ذلك من قولهم : ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=12قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد ) إلى قوله : ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13لعبرة لأولي الأبصار ) .
وقد رواه
ابن إسحاق أيضا ، عن
محمد بن أبي محمد ، عن
سعيد أو
عكرمة ، عن
ابن عباس فذكره ، ولهذا قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13قد كان لكم آية ) أي : قد كان لكم - أيها اليهود القائلون ما قلتم - ( آية ) أي : دلالة على أن الله معز دينه ، وناصر رسوله ، ومظهر كلمته ، ومعل أمره (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13في فئتين ) أي : طائفتين (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13التقتا ) أي : للقتال (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13فئة تقاتل في سبيل الله ) وهم المسلمون ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13وأخرى كافرة ) وهم مشركو قريش يوم بدر .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13يرونهم مثليهم رأي العين ) قال بعض العلماء - فيما حكاه
ابن جرير : يرى المشركون يوم بدر المسلمين مثليهم في العدد رأي أعينهم ، أي : جعل الله ذلك فيما رأوه سببا لنصرة الإسلام عليهم . وهذا لا إشكال عليه إلا من جهة واحدة ، وهي أن المشركين بعثوا
عمر بن سعد يومئذ قبل القتال يحزر لهم المسلمين ، فأخبرهم بأنهم ثلاثمائة ، يزيدون قليلا أو ينقصون قليلا . وهكذا كان الأمر ، كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ثم لما وقع القتال أمدهم الله بألف من خواص الملائكة وساداتهم .
والقول الثاني : " أن المعنى في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13يرونهم مثليهم رأي العين ) أي : ترى الفئة المسلمة الفئة الكافرة مثليهم ، أي : ضعفيهم في العدد ، ومع هذا نصرهم الله عليهم . وهذا لا إشكال فيه على ما رواه
العوفي ، عن
ابن عباس أن المؤمنين كانوا يوم بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا والمشركين كانوا ستمائة وستة وعشرين رجلا . وكأن هذا القول مأخوذ من ظاهر هذه الآية ، ولكنه خلاف المشهور عند أهل التواريخ والسير وأيام الناس ، وخلاف المعروف عند الجمهور من أن المشركين كانوا ما بين التسعمائة إلى الألف كما رواه
محمد بن إسحاق ، عن
يزيد بن رومان ، nindex.php?page=hadith&LINKID=824756عن عروة بن الزبير ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سأل ذلك العبد [ ص: 18 ] الأسود لبني الحجاج عن عدة قريش ، فقال : كثير ، قال : " كم ينحرون كل يوم ؟ " قال : يوما تسعا ويوما عشرا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " القوم ما بين التسعمائة إلى الألف " .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=11813أبو إسحاق السبيعي ، عن
حارثة ، عن
علي ، قال : كانوا ألفا ، وكذا قال
ابن مسعود . والمشهور أنهم كانوا ما بين التسعمائة إلى الألف ، وعلى كل تقدير فقد كانوا ثلاثة أمثال المسلمين ، وعلى هذا فيشكل هذا القول والله أعلم . لكن وجه
ابن جرير هذا ، وجعله صحيحا كما تقول : عندي ألف وأنا محتاج إلى مثليها ، وتكون محتاجا إلى ثلاثة آلاف ، كذا قال . وعلى هذا فلا إشكال .
لكن بقي سؤال آخر وهو وارد على القولين ، وهو أن يقال : ما الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى في قصة بدر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=44وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا ) ؟ [ الأنفال : 44 ] والجواب : أن هذا كان في حال ، والآخر كان في حال أخرى ، كما قال السدي ، عن الطيب عن
ابن مسعود في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13قد كان لكم آية في فئتين التقتا [ فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين ] ) الآية ، قال : هذا يوم بدر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : وقد نظرنا إلى المشركين فرأيناهم يضعفون علينا ، ثم نظرنا إليهم فما رأيناهم يزيدون علينا رجلا واحدا ، وذلك قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=44وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ) .
وقال
أبو إسحاق ، عن
أبي عبيدة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : لقد قللوا في أعيننا حتى قلت لرجل إلى جانبي تراهم سبعين ؟ قال : أراهم مائة . قال : فأسرنا رجلا منهم فقلنا : كم كنتم ؟ قال : ألفا . فعندما عاين كل الفريقين الآخر رأى المسلمون المشركين مثليهم ، أي : أكثر منهم بالضعف ، ليتوكلوا ويتوجهوا ويطلبوا الإعانة من ربهم ، عز وجل . ورأى المشركون المؤمنين كذلك ليحصل لهم الرعب والخوف والجزع والهلع ، ثم لما حصل التصاف والتقى الفريقان قلل الله هؤلاء في أعين هؤلاء ، وهؤلاء في أعين هؤلاء ، ليقدم كل منهما على الآخر .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=42ليقضي الله أمرا كان مفعولا ) أي : ليفرق بين الحق والباطل ، فيظهر كلمة الإيمان على الكفر ، ويعز المؤمنين ويذل الكافرين ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=123ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة ) [ آل عمران : 123 ] وقال هاهنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار ) أي : إن في ذلك لمعتبرا لمن له بصيرة وفهم يهتدي به إلى حكم الله وأفعاله ، وقدره الجاري بنصر عباده المؤمنين في هذه الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد .
[ ص: 19 ]
(
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=30539_28974قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ( 12 )
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ( 13 ) )
يَقُولُ تَعَالَى : قُلْ يَا
مُحَمَّدُ لِلْكَافِرِينَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=12سَتُغْلَبُونَ ) أَيْ : فِي الدُّنْيَا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=12وَتُحْشَرُونَ ) أَيْ : يَوْمَ الْقِيَامَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=12إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ) .
وَقَدْ ذَكَرَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ ، nindex.php?page=hadith&LINKID=824375عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=16276عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَصَابَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ مَا أَصَابَ وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ ، جَمَعَ الْيَهُودَ فِي سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَقَالَ : " يَا مَعْشَرَ يَهُودَ ، أَسْلِمُوا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ مَا أَصَابَ قُرَيْشًا " . فَقَالُوا : يَا مُحَمَّدُ ، لَا يَغُرَّنَّكَ مِنْ نَفْسِكَ أَنْ قَتَلْتَ نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ كَانُوا أَغْمَارًا لَا يَعْرِفُونَ الْقِتَالَ ، إِنَّكَ وَاللَّهِ لَوْ قَاتَلْتَنَا لَعَرَفْتَ أَنَّا نَحْنُ النَّاسُ ، وَأَنَّكَ لَمْ تَلْقَ مِثْلَنَا ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=12قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ) إِلَى قَوْلِهِ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ) .
وَقَدْ رَوَاهُ
ابْنُ إِسْحَاقَ أَيْضًا ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ ، عَنْ
سَعِيدٍ أَوْ
عِكْرِمَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرَهُ ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ ) أَيْ : قَدْ كَانَ لَكُمْ - أَيُّهَا الْيَهُودُ الْقَائِلُونَ مَا قُلْتُمْ - ( آيَةٌ ) أَيْ : دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ مُعِزٌّ دِينَهُ ، وَنَاصِرٌ رَسُولَهُ ، وَمُظْهِرٌ كَلِمَتَهُ ، وَمُعْلٍ أَمْرَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13فِي فِئَتَيْنِ ) أَيْ : طَائِفَتَيْنِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13الْتَقَتَا ) أَيْ : لِلْقِتَالِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) وَهْمُ الْمُسْلِمُونَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13وَأُخْرَى كَافِرَةٌ ) وَهْمْ مُشْرِكُو قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ) قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ - فِيمَا حَكَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ : يَرَى الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ بَدْرٍ الْمُسْلِمِينَ مِثْلَيْهِمْ فِي الْعَدَدِ رَأْيَ أَعْيُنِهِمْ ، أَيْ : جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ فِيمَا رَأَوْهُ سَبَبًا لِنُصْرَةِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِمْ . وَهَذَا لَا إِشْكَالَ عَلَيْهِ إِلَّا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَهِيَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ بَعَثُوا
عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ يَوْمَئِذٍ قَبْلَ الْقِتَالِ يَحْزِرُ لَهُمُ الْمُسْلِمِينَ ، فَأَخْبَرَهُمْ بِأَنَّهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ ، يَزِيدُونَ قَلِيلًا أَوْ يَنْقُصُونَ قَلِيلًا . وَهَكَذَا كَانَ الْأَمْرُ ، كَانُوا ثَلَاثَمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا ثُمَّ لَمَّا وَقْعَ الْقِتَالُ أَمَدَّهُمُ اللَّهُ بِأَلْفٍ مِنْ خَوَاصِّ الْمَلَائِكَةِ وَسَادَاتِهِمْ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : " أَنَّ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ) أَيْ : تَرَى الْفِئَةُ الْمُسْلِمَةُ الْفِئَةَ الْكَافِرَةَ مِثْلَيْهِمْ ، أَيْ : ضِعْفَيْهِمْ فِي الْعَدَدِ ، وَمَعَ هَذَا نَصَرَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ . وَهَذَا لَا إِشْكَالَ فِيهِ عَلَى مَا رَوَاهُ
الْعَوْفِيُّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ كَانُوا يَوْمَ بَدْرٍ ثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا وَالْمُشْرِكِينَ كَانُوا سِتَّمِائَةٍ وَسِتَّةً وَعِشْرِينَ رَجُلًا . وَكَأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مَأْخُوذٌ مِنْ ظَاهِرِ هَذِهِ الْآيَةِ ، وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ أَهْلِ التَّوَارِيخِ وَالسِّيَرِ وَأَيَّامِ النَّاسِ ، وَخِلَافُ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ مِنْ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا مَا بَيْنَ التِّسْعِمِائَةِ إِلَى الْأَلْفِ كَمَا رَوَاهُ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ ، nindex.php?page=hadith&LINKID=824756عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سَأَلَ ذَلِكَ الْعَبْدَ [ ص: 18 ] الْأَسْوَدَ لِبَنِي الْحَجَّاجِ عَنْ عِدَّةِ قُرَيْشٍ ، فَقَالَ : كَثِيرٌ ، قَالَ : " كَمْ يَنْحَرُونَ كُلَّ يَوْمٍ ؟ " قَالَ : يَوْمًا تِسْعًا وَيَوْمًا عَشْرًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْقَوْمُ مَا بَيْنَ التِّسْعِمِائَةِ إِلَى الْأَلْفِ " .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=11813أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ ، عَنْ
حَارِثَةَ ، عَنْ
عَلِيٍّ ، قَالَ : كَانُوا أَلْفًا ، وَكَذَا قَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ . وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُمْ كَانُوا مَا بَيْنَ التِّسْعِمِائَةِ إِلَى الْأَلْفِ ، وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَقَدْ كَانُوا ثَلَاثَةَ أَمْثَالِ الْمُسْلِمِينَ ، وَعَلَى هَذَا فَيُشْكَلُ هَذَا الْقَوْلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ . لَكِنْ وَجَّهَ
ابْنُ جَرِيرٍ هَذَا ، وَجَعْلَهُ صَحِيحًا كَمَا تَقُولُ : عِنْدِي أَلْفٌ وَأَنَا مُحْتَاجٌ إِلَى مِثْلَيْهَا ، وَتَكُونُ مُحْتَاجًا إِلَى ثَلَاثَةِ آلَافٍ ، كَذَا قَالَ . وَعَلَى هَذَا فَلَا إِشْكَالَ .
لَكِنْ بَقِيَ سُؤَالٌ آخَرُ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ : مَا الْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي قِصَّةِ بَدْرٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=44وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ) ؟ [ الْأَنْفَالِ : 44 ] وَالْجَوَابُ : أَنَّ هَذَا كَانَ فِي حَالٍ ، وَالْآخَرُ كَانَ فِي حَالٍ أُخْرَى ، كَمَا قَالَ السُّدِّيُّ ، عَنِ الطَّيِّبِ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا [ فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ] ) الْآيَةَ ، قَالَ : هَذَا يَوْمُ بَدْرٍ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ : وَقَدْ نَظَرْنَا إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَرَأَيْنَاهُمْ يُضْعَفُونَ عَلَيْنَا ، ثُمَّ نَظَرْنَا إِلَيْهِمْ فَمَا رَأَيْنَاهُمْ يَزِيدُونَ عَلَيْنَا رَجُلًا وَاحِدًا ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=44وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ ) .
وَقَالَ
أَبُو إِسْحَاقَ ، عَنْ
أَبِي عُبَيْدَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : لَقَدْ قُلِّلُوا فِي أَعْيُنِنَا حَتَّى قُلْتُ لِرَجُلٍ إِلَى جَانِبِي تَرَاهُمْ سَبْعِينَ ؟ قَالَ : أَرَاهُمْ مِائَةً . قَالَ : فَأَسَرْنَا رَجُلًا مِنْهُمْ فَقُلْنَا : كَمْ كُنْتُمْ ؟ قَالَ : أَلْفَا . فَعِنْدَمَا عَايَنَ كُلُّ الْفَرِيقَيْنِ الْآخَرَ رَأَى الْمُسْلِمُونَ الْمُشْرِكِينَ مِثْلَيْهِمْ ، أَيْ : أَكْثَرُ مِنْهُمْ بِالضِّعْفِ ، لِيَتَوَكَّلُوا وَيَتَوَجَّهُوا وَيَطْلُبُوا الْإِعَانَةَ مِنْ رَبِّهِمْ ، عَزَّ وَجَلَّ . وَرَأَى الْمُشْرِكُونَ الْمُؤْمِنِينَ كَذَلِكَ لِيَحْصُلَ لَهُمُ الرُّعْبُ وَالْخَوْفُ وَالْجَزَعُ وَالْهَلَعُ ، ثُمَّ لَمَّا حَصَلَ التَّصَافُّ وَالْتَقَى الْفَرِيقَانِ قَلَّلَ اللَّهُ هَؤُلَاءِ فِي أَعْيُنِ هَؤُلَاءِ ، وَهَؤُلَاءِ فِي أَعْيُنِ هَؤُلَاءِ ، لِيُقْدِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=42لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا ) أَيْ : لِيُفَرِّقَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ ، فَيُظْهِرَ كَلِمَةَ الْإِيمَانِ عَلَى الْكُفْرِ ، وَيُعِزَّ الْمُؤْمِنِينَ وَيُذِلَّ الْكَافِرِينَ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=123وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ) [ آلِ عِمْرَانَ : 123 ] وَقَالَ هَاهُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=13وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ ) أَيْ : إِنَّ فِي ذَلِكَ لَمُعْتَبَرًا لِمَنْ لَهُ بَصِيرَةٌ وَفَهْمٌ يَهْتَدِي بِهِ إِلَى حُكْمِ اللَّهِ وَأَفْعَالِهِ ، وَقَدَرِهِ الْجَارِي بِنَصْرِ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ .
[ ص: 19 ]