( إذ قالت امرأة عمران رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم    ( 35 ) فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم   ( 36 ) ) 
امرأة عمران  هذه أم مريم [ بنت عمران   ] عليها السلام وهي حنة بنت فاقوذ ،  قال محمد بن إسحاق   : وكانت امرأة لا تحمل ، فرأت يوما طائرا يزق فرخه ، فاشتهت الولد ، فدعت الله ، عز وجل ، أن يهبها ولدا ، فاستجاب الله دعاءها ، فواقعها زوجها ، فحملت منه ، فلما تحققت الحمل نذرته أن يكون ( محررا   ) أي : خالصا مفرغا للعبادة ، ولخدمة بيت المقدس ،  فقالت : ( رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم   ) أي : السميع لدعائي ، العليم بنيتي ، ولم تكن تعلم ما في بطنها أذكرا أم أنثى ؟ ( فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت   ) قرئ برفع التاء على أنها تاء المتكلم ، وأن ذلك من تمام قولها ، وقرئ بتسكين التاء على أنه من قول الله عز وجل ( وليس الذكر كالأنثى   ) أي : في القوة والجلد في العبادة وخدمة المسجد الأقصى   ( وإني سميتها مريم   ) فيه دلالة على جواز التسمية يوم الولادة  كما هو الظاهر من السياق ، لأنه شرع من  [ ص: 34 ] قبلنا ، وقد حكي مقررا ، وبذلك ثبتت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال :  " ولد لي الليلة ولد سميته باسم أبي إبراهيم   " . أخرجاه وكذلك ثبت فيهما أن أنس بن مالك  ذهب بأخيه ، حين ولدته أمه ، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحنكه وسماه عبد الله  وفي صحيح  البخاري   : أن رجلا قال : يا رسول الله ، ولد لي ولد ، فما أسميه ؟ قال : " اسم ولدك عبد الرحمن   " وثبت في الصحيح أيضا : أنه لما جاءه أبو أسيد  بابنه ليحنكه ، فذهل عنه ، فأمر به أبوه فرده إلى منزلهم ، فلما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس سماه المنذر  . 
فأما حديث قتادة ،  عن  الحسن البصري ،  عن سمرة بن جندب ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " كل غلام رهين بعقيقته ، يذبح عنه يوم سابعه ، ويسمى ويحلق رأسه  " فقد رواه أحمد  وأهل السنن ، وصححه الترمذي  بهذا اللفظ ، ويروي : " ويدمى " ، وهو أثبت وأحفظ والله أعلم . وكذا ما رواه الزبير بن بكار  في كتاب النسب : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن ولده إبراهيم  يوم سابعه وسماه إبراهيم   . فإسناده لا يثبت ، وهو مخالف لما في الصحيح ولو صح لحمل على أنه أشهر اسمه بذلك يومئذ ، والله أعلم . 
وقوله إخبارا عن أم مريم  أنها قالت : ( وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم   ) أي : عوذتها بالله ، عز وجل ، من شر الشيطان ، وعوذت ذريتها ، وهو ولدها عيسى ،  عليه السلام . فاستجاب الله لها ذلك كما قال عبد الرزاق   : أنبأنا معمر ،  عن الزهري ،  عن ابن المسيب ،  عن  أبي هريرة ،  رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " ما من مولود يولد إلا مسه الشيطان حين يولد ، فيستهل صارخا من مسه إياه ، إلا مريم وابنها "  . ثم يقول  أبو هريرة   : اقرأوا إن شئتم : ( وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم   ) أخرجاه من حديث عبد الرزاق   . ورواه ابن جرير ،  عن أحمد بن الفرج ،  عن بقية ، [ عن  [ ص: 35 ] الزبيدي   ] عن الزهري ،  عن أبي سلمة ،  عن  أبي هريرة ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه . وروى من حديث قيس ،  عن الأعمش ،  عن أبي صالح ،  عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من مولود إلا وقد عصره الشيطان عصرة أو عصرتين إلا عيسى ابن مريم  ومريم   " . ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم   )  . 
ومن حديث العلاء  عن أبيه عن  أبي هريرة   . ورواه مسلم ،  عن أبي الطاهر ،  عن ابن وهب ،  عن عمرو بن الحارث ،  عن أبي يونس ،  عن  أبي هريرة   . ورواه وهب  أيضا ، عن ابن أبي ذئب ،  عن عجلان مولى المشمعل ،  عن  أبي هريرة   . ورواه محمد بن إسحاق ،  عن  يزيد بن عبد الله بن قسيط ،  عن  أبي هريرة ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم بأصل الحديث . وهكذا رواه الليث بن سعد ،  عن  جعفر بن ربيعة ،  عن  عبد الرحمن بن هرمز ، الأعرج  قال : قال  أبو هريرة   : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبه حين تلده أمه ، إلا عيسى ابن مريم  ، ذهب يطعن فطعن في الحجاب  " . 
				
						
						
