[ ص: 178 ]  ( ياأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون    ( 90 ) إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون   ( 91 ) وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين   ( 92 ) ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين   ( 93 ) ) 
يقول تعالى ناهيا عباده المؤمنين عن تعاطي الخمر والميسر ، وهو القمار . 
وقد ورد عن أمير المؤمنين  علي بن أبي طالب  أنه قال : الشطرنج من الميسر   . رواه ابن أبي حاتم  ، عن أبيه ، عن عبيس بن مرحوم  ، عن حاتم  ، عن  جعفر بن محمد  ، عن أبيه ، عن علي  ، به . 
وقال ابن أبي حاتم   : حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي  ، حدثنا  وكيع  ، عن سفيان  ، عن ليث  عن عطاء  ومجاهد   وطاوس   - قال سفيان   : أو اثنين منهم - قالوا : كل شيء من القمار فهو من الميسر ، حتى لعب الصبيان بالجوز   . 
وروي عن  راشد بن سعد   وحمزة بن حبيب  وقالا حتى الكعاب ، والجوز ، والبيض التي تلعب بها الصبيان ، وقال  موسى بن عقبة  ، عن نافع  عن ابن عمر  قال : الميسر هو القمار  . 
وقال الضحاك  عن ابن عباس  قال : الميسر هو القمار ، كانوا يتقامرون في الجاهلية إلى مجيء الإسلام ، فنهاهم الله عن هذه الأخلاق القبيحة  . 
وقال مالك  عن  داود بن الحصين   : أنه سمع  سعيد بن المسيب  يقول : كان ميسر أهل الجاهلية بيع اللحم بالشاة والشاتين  . 
وقال الزهري  عن  الأعرج  قال : الميسر والضرب بالقداح على الأموال والثمار  . 
وقال  القاسم بن محمد   : كل ما ألهى عن ذكر الله وعن الصلاة ، فهو من الميسر  . 
رواهن ابن أبي حاتم   . 
وقال ابن أبي حاتم   : حدثنا  أحمد بن منصور الرمادي  ، حدثنا هشام بن عمار  ، حدثنا صدقة  ، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة  ، عن علي بن يزيد  ، عن القاسم  ، عن أبي أمامة  ، عن  أبي موسى الأشعري  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  " اجتنبوا هذه الكعاب الموسومة التي يزجر بها زجرا فإنها من الميسر "  . حديث غريب . 
 [ ص: 179 ] 
وكأن المراد بهذا هو النرد ، الذي ورد في الحديث به في صحيح مسلم  ، عن  بريدة بن الحصيب الأسلمي  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه   "  . وفي موطأ مالك  ومسند أحمد  ، وسنن أبي داود   وابن ماجه  ، عن  أبي موسى الأشعري  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله "  . وروي موقوفا عن أبي موسى  من قوله ، فالله أعلم . 
وقال  الإمام أحمد   : حدثنا مكي بن إبراهيم  ، حدثنا الجعيد  ، عن موسى بن عبد الرحمن الخطمي  ، أنه سمع محمد بن كعب  وهو يسأل عبد الرحمن  يقول : أخبرني ، ما سمعت أباك يقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عبد الرحمن   : سمعت أبي يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :  " مثل الذي يلعب بالنرد ، ثم يقوم فيصلي ، مثل الذي يتوضأ بالقيح ودم الخنزير ثم يقوم فيصلي "  . 
وأما الشطرنج  فقد قال عبد الله بن عمر   : إنه شر من النرد  . وتقدم عن علي  أنه قال : هو من الميسر ، ونص على تحريمه مالك   وأبو حنيفة  وأحمد  ، وكرهه  الشافعي  ، رحمهم الله تعالى . 
وأما الأنصاب ، فقال ابن عباس  ومجاهد   وعطاء   وسعيد بن جبير  والحسن  ، وغير واحد : هي حجارة كانوا يذبحون قرابينهم عندها . 
وأما الأزلام فقالوا أيضا : هي قداح كانوا يستقسمون بها . 
وقوله : ( رجس من عمل الشيطان   ) قال علي بن أبي طلحة  ، عن ابن عباس   : أي سخط من عمل الشيطان . وقال سعيد بن جبير   : إثم . وقال  زيد بن أسلم   : أي شر من عمل الشيطان . 
( فاجتنبوه ) الضمير عائد على الرجس ، أي اتركوه ( لعلكم تفلحون   ) وهذا ترغيب . 
ثم قال تعالى : ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون   ) وهذا تهديد وترهيب . 
ذكر الأحاديث الواردة في [ بيان ] تحريم الخمر : 
قال  الإمام أحمد   : حدثنا سريج  ، حدثنا أبو معشر  ، عن أبي وهب مولى أبي هريرة  ، عن  أبي هريرة  قال : حرمت الخمر ثلاث مرات ، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر ، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما ، فأنزل الله : ( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس   ) إلى آخر الآية [ البقرة : 219 ] . فقال الناس : ما حرم علينا ، إنما قال : ( فيهما إثم كبير   ) وكانوا يشربون الخمر ، حتى كان يوما من الأيام صلى رجل من المهاجرين ، أم أصحابه في  [ ص: 180 ] المغرب ، خلط في قراءته ، فأنزل الله [ عز وجل ] آية أغلظ منها : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون   ) [ النساء : 43 ] وكان الناس يشربون ، حتى يأتي أحدهم الصلاة وهو مفيق . ثم أنزلت آية أغلظ من ذلك : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون   ) قالوا : انتهينا ربنا . وقال الناس : يا رسول الله ، ناس قتلوا في سبيل الله ، [ وناس ] ماتوا على سرفهم كانوا يشربون الخمر ويأكلون الميسر ، وقد جعله الله رجسا من عمل الشيطان؟ فأنزل الله تعالى : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا   ) إلى آخر الآية ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :  " لو حرم عليهم لتركوه كما تركتم "  . انفرد به أحمد   . 
وقال  الإمام أحمد   : حدثنا خلف بن الوليد  ، حدثنا إسرائيل  ، عن أبي إسحاق  ، عن أبي ميسرة  عن  عمر بن الخطاب   [ رضي الله عنه ] أنه قال : لما نزل تحريم الخمر قال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا . فنزلت هذه الآية التي في البقرة : ( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير   ) فدعي عمر  فقرئت عليه ، فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا . فنزلت الآية التي في سورة النساء : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى   ) فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة نادى : ألا يقربن الصلاة سكران  . فدعي عمر  فقرئت عليه ، فقال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا . فنزلت الآية التي في المائدة ، فدعي عمر  فقرئت عليه فلما بلغ : ( فهل أنتم منتهون   ) قال عمر   : انتهينا  . 
وهكذا رواه أبو داود   والترمذي   والنسائي  من طرق ، عن إسرائيل  ، عن  أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي  وعن أبي ميسرة   - واسمه  عمرو بن شرحبيل الهمداني   - عن عمر  ، به . وليس له عنه سواه ، قال أبو زرعة   : ولم يسمع منه . وصحح هذا الحديث  علي بن المديني   والترمذي   . 
وقد ثبت في الصحيحين عن  عمر بن الخطاب  أنه قال في خطبته على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيها الناس ، إنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة : من العنب ، والتمر ، والعسل ، والحنطة ، والشعير ، والخمر ما خامر العقل  . 
وقال  البخاري   : حدثنا إسحاق بن إبراهيم  ، حدثنا محمد بن بشر  ، حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز  ، حدثني نافع  عن ابن عمر  قال : نزل تحريم الخمر وإن بالمدينة يومئذ لخمسة أشربة ما فيها شراب العنب  . 
حديث آخر : قال  أبو داود الطيالسي   : حدثنا محمد بن أبي حميد  ، عن المصري   - يعني أبا طعمة   [ ص: 181 ] قارئ مصر   - قال : سمعت ابن عمر  يقول : نزلت في الخمر ثلاث آيات ، فأول شيء نزل : ( يسألونك عن الخمر والميسر   ) الآية [ البقرة : 219 ] فقيل : حرمت الخمر . فقالوا : يا رسول الله ، ننتفع بها كما قال الله تعالى . قال : فسكت عنهم ثم نزلت هذه الآية : ( لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى   ) [ النساء : 43 ] . فقيل : حرمت الخمر ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا لا نشربها قرب الصلاة ، فسكت عنهم ثم نزلت : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون   ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " حرمت الخمر "  . 
حديث آخر : قال  الإمام أحمد :  ، حدثنا يعلى  ، حدثنا محمد بن إسحاق  ، عن القعقاع بن حكيم   ; أن عبد الرحمن بن وعلة  قال : سألت ابن عباس  عن بيع الخمر ، فقال : كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم صديق من ثقيف - أو : من دوس - فلقيه يوم الفتح براوية خمر يهديها إليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا فلان ، أما علمت أن الله حرمها؟ " فأقبل الرجل على غلامه فقال : اذهب فبعها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا فلان ، بماذا أمرته؟ " فقال : أمرته أن يبيعها . قال : " إن الذي حرم شربها حرم بيعها " . فأمر بها فأفرغت في البطحاء  . 
رواه مسلم  من طريق ابن وهب  ، عن مالك  ، عن  زيد بن أسلم   . ومن طريق ابن وهب  أيضا ، عن  سليمان بن بلال  ، عن يحيى بن سعيد  كلاهما - عن عبد الرحمن بن وعلة  ، عن ابن عباس  ، به . ورواه  النسائي  ، عن قتيبة  ، عن مالك  ، به . 
حديث آخر : قال  الحافظ أبو يعلى الموصلي   : حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي  ، حدثنا أبو بكر الحنفي  ، حدثنا عبد الحميد بن جعفر  ، عن  شهر بن حوشب  عن  تميم الداري  أنه كان يهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوية من خمر ، فلما أنزل الله تحريم الخمر جاء بها ، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك وقال : " إنها قد حرمت بعدك " . قال : يا رسول الله ، فأبيعها وأنتفع بثمنها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعن الله اليهود ، حرم عليهم شحوم البقر والغنم ، فأذابوه ، وباعوه ، والله حرم الخمر وثمنها "  . 
وقد رواه أيضا  الإمام أحمد  فقال : حدثنا روح  ، حدثنا عبد الحميد بن بهرام  قال : سمعت  شهر بن حوشب  قال : حدثني عبد الرحمن بن غنم   : أن الداري  كان يهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم كل عام راوية من خمر ، فلما كان عام حرمت جاء براوية ، فلما نظر إليه ضحك ، فقال : أشعرت أنها حرمت بعدك؟ " فقال : يا رسول الله ، ألا أبيعها وأنتفع بثمنها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعن الله اليهود ، انطلقوا إلى ما حرم عليهم من شحم البقر والغنم فأذابوه ، فباعوا به ما يأكلون ، وإن الخمر حرام  [ ص: 182 ] وثمنها حرام ، وإن الخمر حرام وثمنها حرام ، وإن الخمر حرام وثمنها حرام   "  . 
حديث آخر : قال  الإمام أحمد   : حدثنا قتيبة بن سعيد  ، حدثنا ابن لهيعة  ، عن سليمان بن عبد الرحمن  عن نافع بن كيسان  أن أباه أخبره أنه كان يتجر في الخمر في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه أقبل من الشام  ومعه خمر في الزقاق ، يريد بها التجارة ، فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني جئتك بشراب طيب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا كيسان  ، إنها قد حرمت بعدك " . قال : فأبيعها يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنها قد حرمت وحرم ثمنها " . فانطلق كيسان إلى الزقاق ، فأخذ بأرجلها ثم هراقها  . 
حديث آخر : قال  الإمام أحمد   : حدثنا يحيي بن سعيد  ، عن حميد  عن أنس  قال : كنت أسقي  أبا عبيدة بن الجراح   وأبي بن كعب   وسهيل بن بيضاء  ، ونفرا من أصحابه عند أبي طلحة  وأنا أسقيهم ، حتى كاد الشراب يأخذ منهم ، فأتى آت من المسلمين فقال : أما شعرتم أن الخمر قد حرمت؟ فما قالوا : حتى ننظر ونسأل ، فقالوا : يا أنس  ، اكف ما بقي في إنائك ، فوالله ما عادوا فيها ، وما هي إلا التمر والبسر ، وهي خمرهم يومئذ  . 
أخرجاه في الصحيحين - من غير وجه - عن أنس  وفي رواية حماد بن زيد  ، عن ثابت  عن أنس  قال : كنت ساقي القوم يوم حرمت الخمر في بيت أبي طلحة  ، وما شرابهم إلا الفضيخ البسر والتمر ، فإذا مناد ينادي ، قال : اخرج فانظر . فإذا مناد ينادي : ألا إن الخمر قد حرمت ، فجرت في سكك المدينة ، قال : فقال لي أبو طلحة   : اخرج فأهرقها . فهرقتها ، فقالوا - أو : قال بعضهم : قتل فلان وفلان وهي في بطونهم . قال : فأنزل الله : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا   ) الآية  . 
وقال ابن جرير   : حدثنا  محمد بن بشار  ، حدثني عبد الكبير بن عبد المجيد  ، حدثنا عباد بن راشد  ، عن قتادة  عن أنس بن مالك  قال : بينما أنا أدير الكأس على أبي طلحة   وأبي عبيدة بن الجراح   ومعاذ بن جبل   وسهيل بن بيضاء   وأبي دجانة  ، حتى مالت رؤوسهم من خليط بسر وتمر . فسمعت مناديا ينادي : ألا إن الخمر قد حرمت! قال : فما دخل علينا داخل ولا خرج منا خارج ، حتى أهرقنا الشراب ، وكسرنا القلال ، وتوضأ بعضنا واغتسل بعضنا ، وأصبنا من طيب أم سليم  ، ثم خرجنا إلى المسجد ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون   )  [ ص: 183 ] إلى قوله : ( فهل أنتم منتهون   ) فقال رجل : يا رسول الله ، فما منزلة من مات وهو يشربها؟ فأنزل الله : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا [ إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ]   ) الآية ، فقال رجل لقتادة   : أنت سمعته من أنس بن مالك  ؟ قال : نعم . وقال رجل  لأنس بن مالك   : أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال : نعم - أو : حدثني من لم يكذب ، ما كنا نكذب ، ولا ندري ما الكذب  . 
حديث آخر : قال  الإمام أحمد   : حدثنا يحيى بن إسحاق  ، أخبرني يحيى بن أيوب  ، عن عبيد الله بن زحر  ، عن بكر بن سوادة  ، عن  قيس بن سعد بن عبادة   ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " إن ربي تبارك وتعالى حرم علي الخمر ، والكوبة ، والقنين . وإياكم والغبيراء ، فإنها ثلث خمر العالم "  . 
حديث آخر : قال  الإمام أحمد   : حدثنا يزيد  ، حدثنا فرج بن فضالة  ، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن رافع  عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " إن الله حرم على أمتي الخمر والميسر والمزر ، والكوبة والقنين . وزادني صلاة الوتر "  . قال يزيد   : القنين : البرابط . تفرد به أحمد   . 
وقال أحمد  أيضا : حدثنا أبو عاصم   - وهو النبيل - أخبرنا عبد الحميد بن جعفر  ، حدثنا يزيد بن أبي حبيب  ، عن عمرو بن الوليد  ، عن عبد الله بن عمرو   ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من جهنم "  . قال : وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :  " إن الله حرم الخمر والميسر والكوبة والغبيراء ، وكل مسكر حرام "  . تفرد به أحمد  أيضا . 
حديث آخر : قال  الإمام أحمد   : حدثنا  وكيع  ، حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز  ، عن أبي طعمة   - مولاهم - وعن عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي  أنهما سمعا ابن عمر  يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " لعنت الخمر على عشرة وجوه : لعنت الخمر بعينها وشاربها ، وساقيها ، وبائعها ، ومبتاعها ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وآكل ثمنها "  . 
ورواه أبو داود   وابن ماجه  ، من حديث  وكيع  ، به . 
وقال أحمد   : حدثنا حسن  ، حدثنا ابن لهيعة  ، حدثنا أبو طعمة  ، سمعت ابن عمر  يقول : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المربد ، فخرجت معه فكنت عن يمينه ، وأقبل أبو بكر  فتأخرت عنه ، فكان عن يمينه وكنت عن يساره . ثم أقبل عمر  فتنحيت له ، فكان عن يساره . فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم المربد  ، فإذا بزقاق على المربد  فيها خمر - قال ابن عمر   - : فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدية - قال ابن عمر   : وما عرفت المدية إلا يومئذ - فأمر بالزقاق فشقت ، ثم قال : " لعنت الخمر وشاربها ، وساقيها ، وبائعها ، ومبتاعها  [ ص: 184 ] وحاملها ، والمحمولة إليه ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وآكل ثمنها "  . 
وقال أحمد   : حدثنا  الحكم بن نافع  ، حدثنا أبو بكر بن أبي مريم  ، عن ضمرة بن حبيب  قال : قال عبد الله بن عمر   : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آتيه بمدية وهي الشفرة ، فأتيته بها فأرسل بها فأرهفت ثم أعطانيها ، وقال : " اغد علي بها " . ففعلت فخرج بأصحابه إلى أسواق المدينة  ، وفيها زقاق الخمر قد جلبت من الشام  ، فأخذ المدية مني فشق ما كان من تلك الزقاق بحضرته ، ثم أعطانيها وأمر أصحابه الذين كانوا معه أن يمضوا معي وأن يعاونوني ، وأمرني أن آتي الأسواق كلها فلا أجد فيها زق خمر إلا شققته ، ففعلت ، فلم أترك في أسواقها زقا إلا شققته  . 
حديث آخر : قال  عبد الله بن وهب   : أخبرني عبد الرحمن بن شريح  وابن لهيعة   والليث بن سعد  عن خالد بن يزيد  ، عن ثابت بن يزيد الخولاني  أخبره : أنه كان له عم يبيع الخمر ، وكان يتصدق ، فنهيته عنها فلم ينته ، فقدمت المدينة  فتلقيت ابن عباس  ، فسألته عن الخمر وثمنها ، فقال : هي حرام وثمنها حرام . ثم قال ابن عباس  ، رضي الله عنه : يا معشر أمة محمد  ، إنه لو كان كتاب بعد كتابكم ، ونبي بعد نبيكم ، لأنزل فيكم كما أنزل فيمن قبلكم ، ولكن أخر ذلك من أمركم إلى يوم القيامة ، ولعمري لهو أشد عليكم ، قال ثابت   : فلقيت عبد الله بن عمر  فسألته عن ثمن الخمر ، فقال : سأخبرك عن الخمر ، إني كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ، فبينما هو محتب حل حبوته ثم قال :  " من كان عنده من هذه الخمر فليأتنا بها " . فجعلوا يأتونه ، فيقول أحدهم : عندي راوية . ويقول الآخر : عندي زق أو : ما شاء الله أن يكون عنده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اجمعوه ببقيع كذا وكذا ثم آذنوني " . ففعلوا ، ثم آذنوه فقام وقمت معه ، فمشيت عن يمينه وهو متكئ علي ، فألحقنا أبو بكر  ، رضي الله عنه ، فأخرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعلني عن شماله ، وجعل أبا بكر  في مكاني . ثم لحقنا  عمر بن الخطاب  ، رضي الله عنه فأخرني ، وجعله عن يساره ، فمشى بينهما . حتى إذا وقف على الخمر قال للناس : " أتعرفون هذه ؟ قالوا : نعم يا رسول الله ، هذه الخمر . قال : " صدقتم " . قال : " فإن الله لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها ، وشاربها وساقيها ، وحاملها والمحمولة إليه ، وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها " . ثم دعا بسكين ، فقال : " اشحذوها " . ففعلوا ، ثم أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرق بها الزقاق ، قال : فقال الناس : في هذه الزقاق منفعة ، قال : " أجل ، ولكني إنما أفعل ذلك غضبا لله ، عز وجل ، لما فيها من سخطه " . فقال عمر   : أنا أكفيك يا رسول الله؟ قال : " لا "  . 
قال ابن وهب   : وبعضهم يزيد على بعض في قصة الحديث . رواه  البيهقي   . 
حديث آخر : قال  الحافظ أبو بكر البيهقي   : أنبأنا  أبو الحسين بن بشران  ، أنبأنا إسماعيل بن محمد  [ ص: 185 ] الصفار  ، حدثنا محمد بن عبيد الله المنادي  ، حدثنا  وهب بن جرير  ، حدثنا شعبة  ، عن سماك  ، عن مصعب بن سعد  ، عن سعد  ، قال : أنزلت في الخمر أربع آيات ، فذكر الحديث . قال : وضع رجل من الأنصار  طعاما ، فدعانا فشربنا الخمر قبل أن تحرم حتى انتشينا ، فتفاخرنا ، فقالت الأنصار   : نحن أفضل . وقالت قريش   : نحن أفضل . فأخذ رجل من الأنصار  لحي جزور ، فضرب به أنف سعد  ففزره ، وكان أنف سعد  مفزورا . فنزلت آية الخمر : ( إنما الخمر والميسر [ والأنصاب والأزلام ]   ) إلى قوله تعالى : ( فهل أنتم منتهون   ) أخرجه مسلم  من حديث شعبة   . 
حديث آخر : قال  البيهقي   : وأخبرنا أبو نصر بن قتادة  ، أنبأنا أبو علي الرفاء  ، حدثنا علي بن عبد العزيز  ، حدثنا حجاج بن منهال  ، حدثنا ربيعة بن كلثوم  ، حدثني أبي ، عن سعيد بن جبير  عن ابن عباس  قال : إنما نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار  ، شربوا فلما أن ثمل القوم عبث بعضهم ببعض ، فلما أن صحوا جعل الرجل يرى الأثر بوجهه ورأسه ولحيته ، فيقول : صنع هذا بي ، أخي فلان - وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن - والله لو كان بي رؤوفا رحيما ما صنع هذا بي ، حتى وقعت الضغائن في قلوبهم فأنزل الله هذه الآية : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان [ فاجتنبوه لعلكم تفلحون  إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة ] فهل أنتم منتهون   ) فقال ناس من المتكلفين : هي رجس ، وهي في بطن فلان ، وقد قتل يوم أحد ، فأنزل الله : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا [ إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين ]   ) 
ورواه  النسائي  في التفسير عن محمد بن عبد الرحيم صاعقة  ، عن حجاج بن منهال   . 
حديث آخر : قال ابن جرير   : حدثني محمد بن خلف  ، حدثنا سعيد بن محمد الجرمي  ، عن أبي تميلة  ، عن سلام مولى حفص أبي القاسم  ، عن أبي بريدة  ، عن أبيه قال : بينا نحن قعود على شراب لنا ، ونحن رملة ، ونحن ثلاثة أو أربعة ، وعندنا باطية لنا ، ونحن نشرب الخمر حلا إذ قمت حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه ، إذ نزل تحريم الخمر : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر   ) إلى آخر الآيتين ( فهل أنتم منتهون   ) ؟ فجئت إلى أصحابي فقرأتها إلى قوله : ( فهل أنتم منتهون   ) ؟ قال : وبعض القوم شربته في يده ، قد شرب بعضها وبقي بعض في الإناء ، فقال بالإناء تحت شفته العليا ، كما يفعل الحجام ، ثم صبوا ما في باطيتهم ، فقالوا : انتهينا ربنا . 
حديث آخر : قال  البخاري   : حدثنا صدقة بن الفضل  أخبرنا ابن عيينة  ، عن عمرو  عن جابر   [ ص: 186 ] قال : صبح ناس غداة أحد الخمر ، فقتلوا من يومهم جميعا شهداء ، وذلك قبل تحريمها  . 
هكذا رواه  البخاري  في تفسيره من صحيحه وقد رواه  الحافظ أبو بكر البزار  في مسنده : حدثنا أحمد بن عبدة  ، حدثنا سفيان  عن  عمرو بن دينار  سمع  جابر بن عبد الله  يقول : اصطبح ناس الخمر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم قتلوا شهداء يوم أحد ، فقالت اليهود : فقد مات بعض الذين قتلوا وهي في بطونهم . فأنزل الله : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا   ) ثم قال : وهذا إسناد صحيح . وهو كما قال ، ولكن في سياقته غرابة . 
حديث آخر : قال  أبو داود الطيالسي   : حدثنا شعبة  ، عن أبي إسحاق  عن  البراء بن عازب  قال : لما نزل تحريم الخمر قالوا : كيف بمن كان يشربها قبل أن تحرم؟ فنزلت : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا   ) الآية  . 
ورواه الترمذي  ، عن بندار  غندر  ، عن شعبة  ، به نحو . وقال : حسن صحيح . 
حديث آخر : قال  الحافظ أبو يعلى الموصلي   : حدثنا جعفر بن حميد الكوفي  ، حدثنا يعقوب القمي  ، عن عيسى بن جارية  ، عن  جابر بن عبد الله  قال : كان رجل يحمل الخمر من خيبر إلى المدينة فيبيعها من المسلمين ، فحمل منها بمال ، فقدم بها المدينة  ، فلقيه رجل من المسلمين فقال : يا فلان ، إن الخمر قد حرمت فوضعها حيث انتهى على تل ، وسجى عليها بأكسية ، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، بلغني أن الخمر قد حرمت؟ قال : " أجل " قال : لي أن أردها على من ابتعتها منه؟ قال : " لا يصلح ردها " . قال : لي أن أهديها إلى من يكافئني منها؟ قال : " لا " . قال : فإن فيها مالا ليتامى في حجري؟ قال : " إذا أتانا مال البحرين فأتنا نعوض أيتامك من مالهم " . ثم نادى بالمدينة ، فقال رجل : يا رسول الله ، الأوعية ننتفع بها؟ . قال : " فحلوا أوكيتها " . فانصبت حتى استقرت في بطن الوادي هذا حديث غريب . 
حديث آخر : قال  الإمام أحمد   : حدثنا  وكيع  ، حدثنا سفيان  ، عن  السدي  ، عن أبي هبيرة   - وهو يحيى بن عباد الأنصاري   - عن أنس بن مالك  أن أبا طلحة  سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام في حجره ورثوا خمرا فقال : " أهرقها " . قال : أفلا نجعلها خلا؟ قال : " لا "  . 
ورواه مسلم  وأبو داود   والترمذي  ، من حديث الثوري  ، به نحوه . 
حديث آخر : قال ابن أبي حاتم   : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن رجاء  ، حدثنا عبد العزيز بن  [ ص: 187 ] أبي سلمة  ، حدثنا هلال بن أبي هلال  ، عن  عطاء بن يسار  عن عبد الله بن عمرو  قال : إن هذه الآية التي في القرآن : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون   ) قال : هي في التوراة : " إن الله أنزل الحق ليذهب به الباطل ، ويبطل به اللعب ، والمزامير ، والزفن ، والكبارات - يعني البرابط - والزمارات - يعني به الدف - والطنابير ، والشعر ، والخمر مرة لمن طعمها . أقسم الله بيمينه وعزة حيله من شربها بعد ما حرمتها لأعطشنه يوم القيامة ، ومن تركها بعد ما حرمتها لأسقينه إياها في حظيرة القدس "  . 
وهذا إسناد صحيح . 
حديث آخر : قال  عبد الله بن وهب   : أخبرني عمرو بن الحارث   ; أن عمرو بن شعيب  حدثهم ، عن أبيه ، عن  عبد الله بن عمرو بن العاص  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " من ترك الصلاة سكرا مرة واحدة ، فكأنما كانت له الدنيا وما عليها فسلبها  ، ومن ترك الصلاة سكرا أربع مرات ، كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال " . قيل : وما طينة الخبال؟ قال : " عصارة أهل جهنم "  . 
ورواه أحمد  ، من طريق عمرو بن شعيب   . 
حديث آخر : قال أبو داود   : حدثنا محمد بن رافع  ، حدثنا إبراهيم بن عمر الصنعاني  ، قال : سمعت النعمان - هو ابن أبي شيبة الجندي   - يقول عن طاوس  ، عن ابن عباس  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  " كل مخمر خمر ، وكل مسكر حرام ، ومن شرب مسكرا بخست صلاته أربعين صباحا ، فإن تاب تاب الله عليه ، فإن عاد الرابعة كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال " . قيل : وما طينة الخبال يا رسول الله ؟ قال : " صديد أهل النار ، ومن سقاه صغيرا لا يعرف حلاله من حرامه ، كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال " 
تفرد به أبو داود   . 
حديث آخر : قال  الشافعي  ، رحمه الله : أنبأنا مالك  ، عن نافع  ، عن ابن عمر  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " من شرب الخمر في الدنيا ، ثم لم يتب منها حرمها في الآخرة   "  . 
أخرجه  البخاري  ومسلم  ، من حديث مالك  ، به . 
وروى مسلم  ، عن أبي الربيع  ، عن حماد بن زيد  ، عن أيوب  ، عن نافع  ، عن ابن عمر  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " كل مسكر خمر ، وكل مسكر حرام ، ومن شرب الخمر فمات وهو يدمنها ولم يتب منها لم يشربها في الآخرة "  . 
حديث آخر : قال ابن وهب   : أخبرني عمر بن محمد  ، عن عبد الله بن يسار   ; أنه سمع سالم بن  [ ص: 188 ] عبد الله  يقول : قال عبد الله بن عمر   : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة العاق لوالديه ، والمدمن الخمر ، والمنان بما أعطى "  . 
ورواه  النسائي  ، عن عمر بن علي  ، عن  يزيد بن زريع  ، عن عمر بن محمد العمري  ، به . 
وروى أحمد  ، عن غندر  ، عن شعبة  ، عن  يزيد بن أبي زياد  ، عن مجاهد  ، عن أبي سعيد  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  " لا يدخل الجنة منان ولا عاق ، ولا مدمن خمر "  . 
ورواه أحمد  أيضا ، عن عبد الصمد  ، عن عبد العزيز بن مسلم  ، عن  يزيد بن أبي زياد  ، عن مجاهد  ، به . وعن مروان بن شجاع  ، عن خصيف  ، عن مجاهد  ، به ورواه  النسائي  ، عن القاسم بن زكريا  ، عن الحسين الجعفي  ، عن زائدة  ، عن ابن أبي زياد  ، عن  سالم بن أبي الجعد  ومجاهد  ، كلاهما عن أبي سعيد  ، به . 
حديث آخر : قال أحمد   : حدثنا عبد الرزاق  ، حدثنا سفيان  ، عن منصور  ، عن  سالم بن أبي الجعد  ، عن جابان  ، عن عبد الله بن عمرو  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  " لا يدخل الجنة عاق ، ولا مدمن خمر ، ولا منان ، ولا ولد زنية "  . 
وكذا رواه عن يزيد  ، عن همام  ، عن منصور  ، عن سالم  ، عن جابان  ، عن عبد الله بن عمرو  به ، وقد رواه أيضا عن غندر  وغيره ، عن شعبة  ، عن منصور  ، عن سالم  ، عن نبيط بن شريط  ، عن جابان  ، عن عبد الله بن عمرو  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  " لا يدخل الجنة منان ، ولا عاق والديه ، ولا مدمن خمر "  . 
ورواه  النسائي  ، من حديث شعبة  كذلك ، ثم قال : ولا نعلم أحدا تابع شعبة  ، عن نبيط بن شريط   . 
وقال  البخاري   : لا يعرف لجابان  سماع من عبد الله  ولا لسالم  من جابان  ولا نبيط   . 
وقد روي هذا الحديث من طريق مجاهد  ، عن ابن عباس   - ومن طريقه أيضا ، عن  أبي هريرة  ، فالله أعلم . 
وقال الزهري   : حدثني  أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام  ، أن أباه قال : سمعت عثمان بن عفان يقول : اجتنبوا الخمر ، فإنها أم الخبائث ، إنه كان رجل فيمن خلا قبلكم يتعبد ويعتزل الناس ، فعلقته امرأة غوية ، فأرسلت إليه جاريتها فقالت : إنا ندعوك لشهادة . فدخل معها ، فطفقت  [ ص: 189 ] كلما دخل بابا أغلقته دونه ، حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام وباطية خمر ، فقالت : إني والله ما دعوتك لشهادة ولكن دعوتك لتقع علي أو تقتل هذا الغلام ، أو تشرب هذا الخمر . فسقته كأسا ، فقال : زيدوني ، فلم يرم حتى وقع عليها ، وقتل النفس ، فاجتنبوا الخمر فإنها لا تجتمع هي والإيمان أبدا إلا أوشك أحدهما أن يخرج صاحبه  . 
رواه  البيهقي  وهذا إسناد صحيح . وقد رواه أبو بكر بن أبي الدنيا  في كتابه " ذم المسكر " عن محمد بن عبد الله بن بزيع  ، عن الفضيل بن سليمان النميري  ، عن عمر بن سعيد  ، عن الزهري  ، به مرفوعا والموقوف أصح ، والله أعلم . 
وله شاهد في الصحيحين ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :  " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق سرقة حين يسرقها وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن "  . 
وقال  أحمد بن حنبل   : حدثنا أسود بن عامر  ، أخبرنا إسرائيل  ، عن سماك  ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس  قال : لما حرمت الخمر قال أناس : يا رسول الله ، أصحابنا الذين ماتوا وهم يشربونها؟ فأنزل الله : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا   ) الآية . قال : ولما حولت القبلة قال أناس : يا رسول الله ، أصحابنا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله : ( وما كان الله ليضيع إيمانكم   )  [ البقرة : 143 ] . 
وقال  الإمام أحمد   : حدثنا داود بن مهران الدباغ  ، حدثنا داود - يعني العطار -  ، عن ابن خثيم  ، عن  شهر بن حوشب  ، عن أسماء بنت يزيد  ، أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :  " من شرب الخمر لم يرض الله عنه أربعين ليلة ، إن مات مات كافرا ، وإن تاب تاب الله عليه . وإن عاد كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال " . قالت : قلت : يا رسول الله ، وما طينة الخبال؟ قال : " صديد أهل النار "  . 
وقال الأعمش  ، عن إبراهيم  ، عن علقمة  عن  عبد الله بن مسعود  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما نزلت : ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا   ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " قيل لي : أنت منهم "  . 
وهكذا رواه مسلم   والترمذي   والنسائي  ، من طريقه . 
وقال  عبد الله بن الإمام أحمد   : قرأت على أبي ، حدثنا  علي بن عاصم  ، حدثنا إبراهيم الهجري  ، عن أبي الأحوص  ، عن  عبد الله بن مسعود  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " إياكم وهاتان الكعبتان الموسمتان اللتان تزجران زجرا ، فإنهما ميسر العجم "  . 
				
						
						
