( ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين    ( 7 ) وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون   ( 8 ) ) 
( ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون   ( 9 ) ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون   ( 10 ) قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين   ( 11 ) ) 
يقول تعالى مخبرا عن كفر المشركين وعنادهم ومكابرتهم للحق ومباهتتهم ومنازعتهم فيه : ( ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم   ) أي : عاينوه ، ورأوا نزوله ، وباشروا ذلك ( لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين   ) وهذا كما قال تعالى مخبرا عن مكابرتهم للمحسوسات : ( ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون  لقالوا إنما سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون   ) [ الحجر : 14 ، 15 ] وقال تعالى : ( وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم   ) [ الطور : 44 ] . 
( وقالوا لولا أنزل عليه ملك   ) [ أي : فيكون معه نذيرا ] قال الله : ( ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون   ) أي : لو نزلت الملائكة على ما هم عليه لجاءهم من الله العذاب ، كما قال تعالى : ( ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين   ) [ الحجر : 8 ] ، [ و ] قال تعالى : ( يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين [ ويقولون حجرا محجورا ]   ) [ الفرقان : 22 ] . 
وقوله : ( ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون   ) أي : ولو أنزلنا مع الرسول البشري ملكا ، أي : لو بعثنا إلى البشر رسولا ملكيا لكان على هيئة رجل لتفهم مخاطبته والانتفاع بالأخذ عنه ، ولو كان كذلك لالتبس عليهم الأمر كما يلبسون على أنفسهم في قبول رسالة البشري ، كما قال تعالى : ( قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا   ) [ الإسراء : 95 ] ، فمن رحمة الله تعالى بخلقه أنه يرسل إلى كل صنف من الخلائق  [ ص: 242 ] رسلا منهم  ، ليدعو بعضهم بعضا ، وليمكن بعضهم أن ينتفع ببعض في المخاطبة والسؤال ، كما قال تعالى : ( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم   ) الآية [ آل عمران : 164 ] . 
قال الضحاك  ، عن ابن عباس  في [ قوله : ( ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا   ) ] الآية . يقول : لو أتاهم ملك ما أتاهم إلا في صورة رجل ; لأنهم لا يستطيعون النظر إلى الملائكة من النور   ( وللبسنا عليهم ما يلبسون   ) أي : ولخلطنا عليهم ما يخلطون . وقال الوالبي  عنه : ولشبهنا عليهم . 
وقوله : ( ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون   ) هذا تسلية لرسوله محمد   - صلى الله عليه وسلم - في تكذيب من كذبه من قومه ، ووعد له وللمؤمنين به بالنصرة والعاقبة الحسنة في الدنيا والآخرة . 
ثم قال : ( قل سيروا في الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين   ) أي : فكروا في أنفسكم ، وانظروا ما أحل الله بالقرون الماضية الذين كذبوا رسله وعاندوهم ، من العذاب والنكال ، والعقوبة في الدنيا ، مع ما ادخر لهم من العذاب الأليم في الآخرة ، وكيف نجي رسله وعباده المؤمنون . 
				
						
						
