( قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون    ( 46 ) قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون   ( 47 ) وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون   ( 48 ) والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون   ( 49 ) ) 
يقول الله تعالى لرسوله [ محمد   ] - صلى الله عليه وسلم - : قل لهؤلاء المكذبين المعاندين : ( أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم   ) أي : سلبكم إياها كما أعطاكموها فإنه ( هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار [ والأفئدة قليلا ما تشكرون ]   ) [ الملك : 33 ] . 
ويحتمل أن يكون هذا عبارة عن منع الانتفاع بهما الانتفاع الشرعي ; ولهذا قال : ( وختم على قلوبكم   ) كما قال : ( أمن يملك السمع والأبصار   ) [ يونس : 31 ] ، وقال : ( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه   ) [ الأنفال : 24 ] . 
وقوله : ( من إله غير الله يأتيكم به   ) أي : هل أحد غير الله يقدر على رد ذلك إليكم إذا سلبه الله منكم؟ لا يقدر على ذلك أحد سواه ; ولهذا قال [ عز شأنه ] ( انظر كيف نصرف الآيات   ) أي : نبينها ونوضحها ونفسرها دالة على أنه لا إله إلا الله ، وأن ما يعبدون من دونه باطل وضلال ( ثم هم يصدفون   ) أي : ثم هم مع هذا البيان يعرضون عن الحق ، ويصدون الناس عن اتباعه . 
قال العوفي  ، عن ابن عباس   ) يصدفون ) أي يعدلون . وقال مجاهد  وقتادة   : يعرضون : وقال  [ ص: 258 ]  السدي   : يصدون . 
وقوله : ( قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة   ) أي : وأنتم لا تشعرون به حتى بغتكم وفجأكم . 
( أو جهرة ) أي : ظاهرا عيانا ( هل يهلك إلا القوم الظالمون   ) أي : إنما : كان يحيط بالظالمين أنفسهم بالشرك بالله [ عز وجل ] وينجو الذين كانوا يعبدون الله وحده لا شريك له ، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون . كما قال تعالى ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم [ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ]   ) [ الأنعام : 82 ] . . 
وقوله : ( وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين   ) أي : مبشرين عباد الله المؤمنين بالخيرات ومنذرين من كفر بالله النقمات والعقوبات . ولهذا قال [ سبحانه وتعالى ] ( فمن آمن وأصلح   ) أي : فمن آمن قلبه بما جاءوا به وأصلح عمله باتباعه إياهم ( فلا خوف عليهم   ) أي : بالنسبة إلى ما يستقبلونه ( ولا هم يحزنون   ) أي : بالنسبة إلى ما فاتهم وتركوه وراء ظهورهم من أمر الدنيا وصنيعها ، الله وليهم فيما خلفوه ، وحافظهم فيما تركوه . 
ثم قال : ( والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون   ) أي : ينالهم العذاب بما كفروا بما جاءت به الرسل ، وخرجوا عن أوامر الله وطاعته ، وارتكبوا محارمه ومناهيه وانتهاك حرماته . 
				
						
						
