( ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين ( 80 ) إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون ( 81 ) )
يقول تعالى : ( و ) قد أرسلنا ) لوطا ) أو تقديره : ( و ) اذكر ( لوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين )
ولوط هو ابن هاران بن آزر ، وهو ابن أخي إبراهيم الخليل ، عليهما السلام ، وكان قد آمن مع إبراهيم ، عليه السلام ، وهاجر معه إلى أرض الشام ، فبعثه الله تعالى إلى أهل " سدوم " وما [ ص: 445 ] حولها من القرى ، يدعوهم إلى الله ، عز وجل ، ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عما كانوا يرتكبونه من المآثم والمحارم والفواحش التي اخترعوها ، لم يسبقهم بها أحد من بني آدم ولا غيرهم ، وهو إتيان الذكور . وهذا شيء لم يكن بنو آدم تعهده ولا تألفه ، ولا يخطر ببالهم ، حتى صنع ذلك أهل " سدوم " عليهم لعائن الله .
قال : قوله : ( عمرو بن دينار ما سبقكم بها من أحد من العالمين ) قال : ما نزا ذكر على ذكر ، حتى كان قوم لوط .
وقال الخليفة الأموي ، باني جامع الوليد بن عبد الملك دمشق : لولا أن الله ، عز وجل ، قص علينا خبر لوط ، ما ظننت أن ذكرا يعلو ذكرا .
ولهذا قال لهم لوط ، عليه السلام : ( أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء ) أي : عدلتم عن النساء ، وما خلق لكم ربكم منهن إلى الرجال ، وهذا إسراف منكم وجهل ; لأنه وضع الشيء في غير محله ; ولهذا قال لهم في الآية الأخرى : ( [ قال ] هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين ) [ الحجر : 71 ] فأرشدهم إلى نسائهم ، فاعتذروا إليه بأنهم لا يشتهونهن ، ( قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد ) [ هود : 79 ] أي : لقد علمت أنه لا أرب لنا في النساء ، ولا إرادة ، وإنك لتعلم مرادنا من أضيافك .
وذكر المفسرون أن الرجال كانوا قد استغنى بعضهم ببعض ، وكذلك نساؤهم كن قد استغنى بعضهن ببعض أيضا .