[ ص: 212 ]  ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون    ( 28 ) ) 
يقول تعالى محتجا على وجوده وقدرته ، وأنه الخالق المتصرف في عباده : ( كيف تكفرون بالله   ) أي : كيف تجحدون وجوده أو تعبدون معه غيره ! ( وكنتم أمواتا فأحياكم   ) أي : قد كنتم عدما فأخرجكم إلى الوجود ، كما قال تعالى : ( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون   ) [ الطور : 35 ، 36 ] ، وقال ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا   ) [ الإنسان : 1 ] والآيات في هذا كثيرة . 
وقال  سفيان الثوري  ، عن أبي إسحاق  ، عن أبي الأحوص  ، عن  عبد الله بن مسعود  ، رضي الله عنه : ( قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين   ) [ غافر : 11 ] قال : هي التي في البقرة : ( وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم   ) 
وقال  ابن جريج  ، عن عطاء  ، عن ابن عباس   : ( كنتم أمواتا فأحياكم   ) أمواتا في أصلاب آبائكم ، لم تكونوا شيئا حتى خلقكم ، ثم يميتكم موتة الحق ، ثم يحييكم حين يبعثكم . قال : وهي مثل قوله : (  [ ربنا ] أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين   ) . 
وقال الضحاك  ، عن ابن عباس  في قوله : ( ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين   ) قال : كنتم ترابا قبل أن يخلقكم ، فهذه ميتة ، ثم أحياكم فخلقكم فهذه حياة ، ثم يميتكم فترجعون إلى القبور فهذه ميتة أخرى ، ثم يبعثكم يوم القيامة فهذه حياة أخرى . فهذه ميتتان وحياتان ، فهو كقوله : ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم   ) 
وهكذا روي عن  السدي  بسنده ، عن أبي مالك  وعن أبي صالح  ، عن ابن عباس   - وعن مرة  ، عن ابن مسعود  وعن ناس من الصحابة - وعن أبي العالية  والحسن البصري  ومجاهد  وقتادة  وأبي صالح  والضحاك   وعطاء الخراساني  نحو ذلك . 
وقال الثوري  ، عن  السدي  عن أبي صالح   : ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون   ) قال : يحييكم في القبر ، ثم يميتكم . 
وقال ابن جرير  عن يونس  ، عن ابن وهب  ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم  ؛ خلقهم في ظهر آدم ثم أخذ عليهم الميثاق ، ثم أماتهم ثم خلقهم في الأرحام ، ثم أماتهم ، ثم أحياهم يوم القيامة . وذلك كقول الله تعالى : ( قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين   ) 
 [ ص: 213 ] 
وهذا غريب والذي قبله . والصحيح ما تقدم عن ابن مسعود   وابن عباس  ، وأولئك الجماعة من التابعين ، وهو كقوله تعالى : ( قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون   ) [ الجاثية : 26 ] . 
[ وعبر عن الحال قبل الوجود بالموت بجامع ما يشتركان فيه من عدم الإحساس ، كما قال في الأصنام : ( أموات غير أحياء   ) [ النحل : 21 ] ، وقال ( وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون   ) [ يس : 33 ] . 
				
						
						
