[ ص: 303 ] بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=treesubj&link=28982_31037_20022_28899_29468nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير ( 2 )
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير ( 3 )
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=4إلى الله مرجعكم وهو على كل شيء قدير ( 4 ) )
قد تقدم الكلام على حروف الهجاء في أول سورة البقرة بما أغنى عن إعادته هاهنا ، وبالله التوفيق .
وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1أحكمت آياته ثم فصلت ) أي : هي محكمة في لفظها ، مفصلة في معناها ، فهو كامل صورة ومعنى . هذا معنى ما روي عن
مجاهد ، وقتادة ، واختاره
ابن جرير .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1من لدن حكيم خبير ) أي : من عند الله الحكيم في أقواله ، وأحكامه ، الخبير بعواقب الأمور .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2ألا تعبدوا إلا الله ) أي : نزل هذا القرآن المحكم المفصل لعبادة الله وحده لا شريك له ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=25وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) [ الأنبياء : 25 ] ، قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) [ النحل : 36 ] .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2إنني لكم منه نذير وبشير ) أي : إني لكم نذير من العذاب إن خالفتموه ، وبشير بالثواب إن أطعتموه ، كما جاء في الحديث الصحيح : أن
nindex.php?page=hadith&LINKID=825493رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صعد الصفا ، فدعا بطون قريش الأقرب ثم الأقرب ، فاجتمعوا ، فقال يا معشر قريش ، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا تصبحكم ، ألستم مصدقي ؟ " فقالوا : ما جربنا عليك كذبا . قال : " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله ) أي : وآمركم بالاستغفار من الذنوب السالفة والتوبة منها إلى الله عز وجل فيما تستقبلونه ، وأن تستمروا على ذلك ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3يمتعكم متاعا حسنا ) أي : في الدنيا (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله ) أي : في الدار الآخرة ، قاله قتادة ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=97من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) [ النحل : 97 ] ،
[ ص: 304 ] وقد جاء في الصحيح : أن
nindex.php?page=hadith&LINKID=821650رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لسعد : " وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله ، إلا أجرت بها ، حتى ما تجعل في في امرأتك " .
وقال
ابن جرير : حدثت عن
المسيب بن شريك ، عن
أبي بكر ، عن
سعيد بن جبير ، عن ابن مسعود في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3ويؤت كل ذي فضل فضله ) قال : من عمل سيئة كتبت عليه سيئة ، ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات . فإن عوقب بالسيئة التي كان عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات ، وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة وبقيت له تسع حسنات . ثم يقول : هلك من غلب آحاده أعشاره .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير ) هذا تهديد شديد لمن تولى عن أوامر الله تعالى ، وكذب رسله ، فإن العذاب يناله يوم معاده لا محالة ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=4إلى الله مرجعكم ) أي : معادكم يوم القيامة ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=4وهو على كل شيء قدير ) أي : وهو القادر على ما يشاء من إحسانه إلى أوليائه ، وانتقامه من أعدائه ، وإعادة الخلائق يوم القيامة ، وهذا مقام الترهيب ، كما أن الأول مقام ترغيب .
[ ص: 303 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=treesubj&link=28982_31037_20022_28899_29468nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ( 2 )
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ( 3 )
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=4إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 4 ) )
قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حُرُوفِ الْهِجَاءِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ ) أَيْ : هِيَ مُحْكَمَةٌ فِي لَفْظِهَا ، مُفَصَّلَةٌ فِي مَعْنَاهَا ، فَهُوَ كَامِلٌ صُورَةً وَمَعْنًى . هَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْ
مُجَاهِدٍ ، وَقَتَادَةَ ، وَاخْتَارَهُ
ابْنُ جَرِيرٍ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ) أَيْ : مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْحَكِيمِ فِي أَقْوَالِهِ ، وَأَحْكَامِهِ ، الْخَبِيرِ بِعَوَاقِبِ الْأُمُورِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ) أَيْ : نَزَّلَ هَذَا الْقُرْآنَ الْمُحْكَمَ الْمُفَصِّلَ لِعِبَادَةِ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=25وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) [ الْأَنْبِيَاءِ : 25 ] ، قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) [ النَّحْلِ : 36 ] .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=2إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ) أَيْ : إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مِنَ الْعَذَابِ إِنْ خَالَفْتُمُوهُ ، وَبَشِيرٌ بِالثَّوَابِ إِنْ أَطَعْتُمُوهُ ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : أَنَّ
nindex.php?page=hadith&LINKID=825493رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَعِدَ الصَّفَا ، فَدَعَا بُطُونَ قُرَيْشٍ الْأَقْرَبَ ثُمَّ الْأَقْرَبَ ، فَاجْتَمَعُوا ، فَقَالَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا تُصَبِّحُكُمْ ، أَلَسْتُمْ مُصَدِّقِيَ ؟ " فَقَالُوا : مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا . قَالَ : " فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٌ شَدِيدٌ " .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) أَيْ : وَآمُرُكُمْ بِالِاسْتِغْفَارِ مِنَ الذُّنُوبِ السَّالِفَةِ وَالتَّوْبَةِ مِنْهَا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا تَسْتَقْبِلُونَهُ ، وَأَنْ تَسْتَمِرُّوا عَلَى ذَلِكَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا ) أَيْ : فِي الدُّنْيَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) أَيْ : فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ ، قَالَهُ قَتَادَةُ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=97مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [ النَّحْلِ : 97 ] ،
[ ص: 304 ] وَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحِ : أَنَّ
nindex.php?page=hadith&LINKID=821650رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِسَعْدٍ : " وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ ، إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا ، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِيِ امْرَأَتِكَ " .
وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : حُدِّثْتُ عَنِ
الْمُسَيَّبِ بْنِ شَرِيكٍ ، عَنْ
أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ) قَالَ : مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً كُتِبَتْ عَلَيْهِ سَيِّئَةٌ ، وَمَنْ عَمِلَ حَسَنَةً كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ . فَإِنْ عُوقِبَ بِالسَّيِّئَةِ الَّتِي كَانَ عَمِلَهَا فِي الدُّنْيَا بَقِيَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ ، وَإِنْ لَمْ يُعَاقَبْ بِهَا فِي الدُّنْيَا أُخِذَ مِنَ الْحَسَنَاتِ الْعَشْرِ وَاحِدَةٌ وَبَقِيَتْ لَهُ تِسْعُ حَسَنَاتٍ . ثُمَّ يَقُولُ : هَلَكَ مَنْ غَلَبَ آحَادُهُ أَعْشَارَهُ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ) هَذَا تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ لِمَنْ تَوَلَّى عَنْ أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَكَذَّبَ رُسُلَهُ ، فَإِنَّ الْعَذَابَ يَنَالُهُ يَوْمَ مَعَادِهِ لَا مَحَالَةَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=4إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ ) أَيْ : مَعَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=4وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) أَيْ : وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ إِحْسَانِهِ إِلَى أَوْلِيَائِهِ ، وَانْتِقَامِهِ مِنْ أَعْدَائِهِ ، وَإِعَادَةِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَهَذَا مَقَامُ التَّرْهِيبِ ، كَمَا أَنَّ الْأَوَّلَ مَقَامُ تَرْغِيبٍ .