( ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه إنه ليئوس كفور ( 9 ) ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن ذهب السيئات عني إنه لفرح فخور ( 10 ) إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير ( 11 ) )
يخبر تعالى عن الإنسان وما فيه من الصفات الذميمة ، إلا من رحم الله من عباده المؤمنين ، فإنه إذا أصابته شدة بعد نعمة ، حصل له يأس وقنوط من الخير بالنسبة إلى المستقبل ، وكفر وجحود لماضي الحال ، كأنه لم ير خيرا ، ولم يرج بعد ذلك فرجا . وهكذا إن أصابته نعمة بعد نقمة ( ليقولن ذهب السيئات عني ) أي : يقول : ما بقي ينالني بعد هذا ضيم ولا سوء ، ( إنه لفرح فخور ) أي : فرح بما في يده ، بطر فخور على غيره . قال الله تعالى : ( إلا الذين صبروا ) أي : في الشدائد والمكاره ، ( وعملوا الصالحات ) أي : في الرخاء والعافية ، ( أولئك لهم مغفرة ) أي : بما يصيبهم من الضراء ، ( وأجر كبير ) بما أسلفوه في زمن الرخاء ، كما جاء في الحديث : ، وفي الصحيحين : " والذي نفسي بيده ، لا يصيب المؤمن هم ولا غم ، ولا نصب ولا وصب ، ولا حزن حتى الشوكة يشاكها ، إلا كفر الله عنه بها من خطاياه وهكذا قال الله تعالى : ( " والذي نفسي بيده ، لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له ، إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له ، وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له ، وليس ذلك لأحد غير المؤمن " والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) [ سورة العصر ] ، وقال تعالى : ( إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا إلا المصلين ) الآية [ المعارج : 19 - 22 ] .