( ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب    ( 93 ) ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين   ( 94 ) كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود   ( 95 ) ) 
لما يئس نبي الله شعيب  من استجابة قومه له ، قال : يا قوم ، ( اعملوا على مكانتكم   ) أي : على طريقتكم ، وهذا تهديد ووعيد شديد ، ( إني عامل   ) على طريقتي ومنهجي ( سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه   ) أي : في الدار الآخرة ، ( ومن هو كاذب   ) أي : مني ومنكم ، ( وارتقبوا   ) أي : انتظروا ( إني معكم رقيب   ) . 
قال الله تعالى : ( ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا   ) وهم قومه ، ( الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين   ) وقوله ( جاثمين   ) أي : هامدين لا حراك بهم . وذكر هاهنا أنه أتتهم صيحة ، وفي الأعراف رجفة ، وفي الشعراء عذاب يوم الظلة ، وهم أمة واحدة ، اجتمع عليهم يوم عذابهم هذه النقم كلها . وإنما ذكر في كل سياق ما يناسبه ، ففي الأعراف لما قالوا : ( لنخرجنك ياشعيب والذين آمنوا معك من قريتنا   ) [ الأعراف : 88 ] ، ناسب أن يذكر هناك الرجفة ، فرجفت بهم الأرض التي ظلموا بها ، وأرادوا إخراج نبيهم منها ، وهاهنا لما أساءوا الأدب في مقالتهم على نبيهم ناسب ذكر الصيحة التي أسكتتهم وأخمدتهم ، وفي الشعراء لما قالوا : ( فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين   ) [ الشعراء : 189 ] ، قال ( فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم   ) [ الشعراء : 189 ] ، وهذا من الأسرار الغريبة الدقيقة ، ولله الحمد والمنة كثيرا دائما .  [ ص: 348 ] 
وقوله : ( كأن لم يغنوا فيها   ) أي : يعيشوا في دارهم قبل ذلك ، ( ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود   ) وكانوا جيرانهم قريبا منهم في الدار ، وشبيها بهم في الكفر وقطع الطريق ، وكانوا عربا شبههم . 
				
						
						
