( ودخل معه السجن فتيان  قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين   ( 36 ) ) 
قال قتادة   : كان أحدهما ساقي الملك ، والآخر خبازه . 
قال محمد بن إسحاق   : كان اسم الذي على الشراب " نبوا " ، والآخر " مجلث " . 
قال  السدي   : وكان سبب حبس الملك إياهما أنه توهم أنهما تمالآ على سمه في طعامه وشرابه . 
وكان يوسف ،  عليه السلام ، قد اشتهر في السجن بالجود والأمانة وصدق الحديث ،  وحسن السمت وكثرة العبادة - صلوات الله عليه وسلامه - ومعرفة التعبير والإحسان إلى أهل السجن وعيادة  [ ص: 388 ] مرضاهم والقيام بحقوقهم . ولما دخل هذان الفتيان إلى السجن ، تآلفا به وأحباه حبا شديدا ، وقالا له : والله لقد أحببناك حبا زائدا . قال : بارك الله فيكما ، إنه ما أحبني أحد إلا دخل علي من محبته ضرر ، أحبتني عمتي فدخل علي الضرر بسببها ، وأحبني أبي فأوذيت بسببه ، وأحبتني امرأة العزيز فكذلك ، فقالا : والله ما نستطيع إلا ذلك ، ثم إنهما رأيا مناما ، فرأى الساقي أنه يعصر خمرا - يعني عنبا - وكذلك هي في قراءة  عبد الله بن مسعود   : " إني أراني أعصر عنبا " . ورواه ابن أبي حاتم  ، عن أحمد بن سنان  ، عن  يزيد بن هارون ،  عن شريك ،  عن الأعمش ،  عن  زيد بن وهب ،  عن ابن مسعود   : أنه قرأها : " أعصر عنبا " . 
وقال الضحاك  في قوله : ( إني أراني أعصر خمرا    ) يعني : عنبا . قال : وأهل عمان  يسمون العنب خمرا . 
وقال عكرمة   : رأيت فيما يرى النائم أني غرست حبلة من عنب ، فنبتت . فخرج فيه عناقيد ، فعصرتهن ثم سقيتهن الملك . قال تمكث في السجن ثلاثة أيام ، ثم تخرج فتسقيه خمرا . 
وقال الآخر ، وهو الخباز : ( إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين   ) 
والمشهور عند الأكثرين ما ذكرناه ، وأنهما رأيا مناما وطلبا تعبيره . 
وقال ابن جرير   : حدثنا ابن وكيع  وابن حميد  قالا حدثنا جرير ،  عن عمارة بن القعقاع ،  عن إبراهيم ،  عن عبد الله  قال : ما رأى صاحبا يوسف  شيئا ، إنما كانا تحالما ليجربا عليه . 
				
						
						
