( فأخذتهم الصيحة مشرقين    ( 73 ) فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل   ( 74 ) إن في ذلك لآيات للمتوسمين   ( 75 ) وإنها لبسبيل مقيم   ( 76 ) إن في ذلك لآية للمؤمنين   ( 77 ) )  [ ص: 543 ] 
يقول : تعالى : ( فأخذتهم الصيحة   ) وهي ما جاءهم من الصوت القاصف عند شروق الشمس ، وهو طلوعها ، وذلك مع رفع بلادهم إلى عنان السماء ثم قلبها ، وجعل عاليها سافلها ، وإرسال حجارة السجيل عليهم . وقد تقدم الكلام على السجيل في [ سورة ] هود بما فيه كفاية . 
وقوله : ( إن في ذلك لآيات للمتوسمين   ) أي : إن آثار هذه النقم ظاهرة على تلك البلاد لمن تأمل ذلك وتوسمه بعين بصره وبصيرته ، كما قال مجاهد  في قوله : ( للمتوسمين ) قال : المتفرسين . 
وعن ابن عباس  ، والضحاك   : للناظرين . وقال قتادة   : للمعتبرين . وقال مالك  عن بعض أهل المدينة   : ( للمتوسمين ) للمتأملين . 
وقال ابن أبي حاتم   : حدثنا الحسن بن عرفة  ، حدثنا  محمد بن كثير العبدي  ، عن عمرو بن قيس  ، عن عطية  ، عن أبي سعيد  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " اتقوا فراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله " . ثم قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن في ذلك لآيات للمتوسمين   ) 
رواه الترمذي  ،  وابن جرير  من حديث  عمرو بن قيس الملائي  وقال الترمذي   : لا نعرفه إلا من هذا الوجه . 
وقال ابن جرير  أيضا : حدثني أحمد بن محمد الطوسي  ، حدثنا الحسن بن محمد  ، حدثنا الفرات بن السائب  ، حدثنا  ميمون بن مهران  ، عن ابن عمر  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :  " اتقوا فراسة المؤمن   ; فإن المؤمن ينظر بنور الله " 
وقال ابن جرير   : حدثني أبو شرحبيل الحمصي  ، حدثنا سليمان بن سلمة  ، حدثنا المؤمل بن سعيد بن يوسف الرحبي  ، حدثنا أبو المعلى أسد بن وداعة الطائي  ، حدثنا  وهب بن منبه  ، عن طاوس بن كيسان  ، عن ثوبان  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :  " احذروا فراسة المؤمن ; فإنه ينظر بنور الله وينطق بتوفيق الله " 
وقال أيضا : حدثنا عبد الأعلى بن واصل  ، حدثنا سعيد بن محمد الجرمي  ، حدثنا عبد الواحد بن واصل  ، حدثنا أبو بشر المزلق  ، عن ثابت  ، عن أنس بن مالك  قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :  " إن لله عبادا  [ ص: 544 ] يعرفون الناس بالتوسم " 
ورواه الحافظ  أبو بكر البزار   : حدثنا سهل بن بحر  ، حدثنا سعيد بن محمد الجرمي  ، حدثنا أبو بشر   - يقال له : ابن المزلق  قال : وكان ثقة - عن ثابت  ، عن أنس  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :  " إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم " 
وقوله : ( وإنها لبسبيل مقيم   ) أي : وإن قرية سدوم  التي أصابها ما أصابها من القلب الصوري والمعنوي ، والقذف بالحجارة ، حتى صارت بحيرة منتنة خبيثة لبطريق مهيع مسالكه مستمرة إلى اليوم ، كما قال تعالى : ( وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون   ) [ الصافات : 137 ، 138 ] 
وقال مجاهد  ، والضحاك   : ( وإنها لبسبيل مقيم   ) قال : معلم   . وقال قتادة   : بطريق واضح . وقال قتادة  أيضا : بصقع من الأرض واحد . 
وقال  السدي   : بكتاب مبين ، يعني كقوله : ( وكل شيء أحصيناه في إمام مبين   ) [ يس : 12 ] ولكن ليس المعنى على ما قال هاهنا ، والله أعلم . 
وقوله : ( إن في ذلك لآية للمؤمنين   ) أي : إن الذي صنعنا بقوم لوط  من الهلاك والدمار وإنجائنا لوطا  وأهله لدلالة واضحة جلية للمؤمنين بالله ورسله . 
				
						
						
