( وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين ( 24 ) ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون ( 25 ) )
يقول تعالى : وإذا قيل لهؤلاء المكذبين : ( ماذا أنزل ربكم قالوا ) معرضين عن الجواب : ( أساطير الأولين ) أي : لم ينزل شيئا ، إنما هذا الذي يتلى علينا أساطير الأولين ، أي : مأخوذ من كتب المتقدمين ، كما قال تعالى : ( وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ) [ الفرقان : 5 ] أي : يفترون على الرسول ، ويقولون [ فيه ] أقوالا مختلفة متضادة ، كلها باطلة كما قال تعالى : ( انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا ) [ الفرقان : 9 ] وذلك أن كل من خرج عن الحق فمهما قال أخطأ ، وكانوا يقولون : ساحر ، وشاعر ، وكاهن ، ومجنون . ثم استقر أمرهم إلى ما اختلقه لهم شيخهم الوحيد المسمى بالوليد بن المغيرة المخزومي ، لما ( فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر ) [ المدثر : 18 - 24 ] أي : ينقل ويحكى ، فتفرقوا عن قوله ورأيه ، قبحهم الله .
قال الله تعالى : ( ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ) أي : إنما قدرنا عليهم أن يقولوا ذلك فيتحملوا أوزارهم ومن أوزار الذين يتبعونهم ويوافقونهم ، أي : يصير عليهم خطيئة ضلالهم في أنفسهم ، وخطيئة إغوائهم لغيرهم واقتداء أولئك بهم ، كما جاء في الحديث : . [ ص: 566 ] " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه ، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا "
وقال [ الله ] تعالى : ( وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ) [ العنكبوت : 13 ] .
وهكذا روى العوفي عن ابن عباس في قوله : ( ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ) إنها كقوله : ( وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ) [ العنكبوت : 13 ] .
وقال مجاهد : يحملون أثقالهم : ذنوبهم وذنوب من أطاعهم ، ولا يخفف عمن أطاعهم من العذاب شيئا .