[ ص: 477 ] القول في ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار ( 192 ) ) تأويل قوله (
قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في ذلك .
فقال بعضهم : معنى ذلك : ربنا إنك من تدخل النار من عبادك فتخلده فيها ، فقد أخزيته . قال : ولا يخزى مؤمن مصيره إلى الجنة ، وإن عذب بالنار بعض العذاب .
ذكر من قال ذلك :
8356 - حدثني أبو حفص الجبيري قالا أخبرنا ومحمد بن بشار المؤمل ، أخبرنا أبو هلال ، عن قتادة ، عن أنس في قوله : " ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته " ، قال : من تخلد .
8357 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن رجل ، عن ابن المسيب : " ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته " ، قال : هي خاصة لمن لا يخرج منها .
8358 - حدثني المثنى قال : حدثنا قال : حدثنا أبو النعمان عارم حماد بن زيد قال : حدثنا قبيصة بن مروان ، عن الأشعث الحملي قال : قلت للحسن : يا أبا سعيد ، أرأيت ما تذكر من الشفاعة ، حق هو؟ قال : نعم حق . قال : قلت : يا أبا سعيد ، أرأيت قول الله تعالى : " ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته [ ص: 478 ] و ( يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ) [ سورة المائدة : 37 ] ؟ قال فقال لي : إنك والله لا تسطو علي بشيء ، إن للنار أهلا لا يخرجون منها ، كما قال الله . قال قلت : يا أبا سعيد ، فيمن دخلوا ثم خرجوا؟ قال : كانوا أصابوا ذنوبا في الدنيا فأخذهم الله بها ، فأدخلهم بها ثم أخرجهم ، بما يعلم في قلوبهم من الإيمان والتصديق به .
8359 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن قوله : " ابن جريج إنك من تدخل النار فقد أخزيته " ، قال : هو من يخلد فيها .
وقال آخرون : معنى ذلك : ربنا إنك من تدخل النار ، من مخلد فيها وغير مخلد فيها ، فقد أخزي بالعذاب .
ذكر من قال ذلك :
8360 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا الحارث بن مسلم ، عن بحر ، عن قال : قدم علينا عمرو بن دينار في عمرة ، فانتهيت إليه أنا جابر بن عبد الله فقلت : " وعطاء ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته "؟ قال : [ ص: 479 ] وما أخزاه حين أحرقه بالنار! وإن دون ذلك لخزيا .
قال أبو جعفر : وأولى القولين بالصواب عندي ، قول جابر : "إن من أدخل النار فقد أخزي بدخوله إياها ، وإن أخرج منها" . وذلك أن"الخزي" إنما هو هتك ستر المخزي وفضيحته ، ومن عاقبه ربه في الآخرة على ذنوبه ، فقد فضحه بعقابه إياه ، وذلك هو"الخزي" .
وأما قوله : " وما للظالمين من أنصار " ، يقول : وما لمن خالف أمر الله فعصاه ، من ذي نصرة له ينصره من الله ، فيدفع عنه عقابه ، أو ينقذه من عذابه .