القول في للمتقين ( 2 ) ) تأويل قوله جل ثناؤه : (
261 - حدثنا سفيان بن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن رجل ، عن الحسن ، قوله : "للمتقين " قال : اتقوا ما حرم عليهم ، وأدوا ما افترض عليهم . [ ص: 233 ]
262 - حدثنا محمد بن حميد ، قال : حدثنا ، عن سلمة بن الفضل محمد بن إسحاق ، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ، عن عكرمة ، أو عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : "للمتقين " ، أي الذين يحذرون من الله عز وجل عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى ، ويرجون رحمته بالتصديق بما جاء به .
263 - حدثني موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط ، عن في خبر ذكره ، عن السدي أبي مالك ، وعن أبي صالح ، عن ابن عباس - وعن ، عن مرة الهمداني ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : "هدى للمتقين " ، قال : هم المؤمنون .
264 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، قال : سألني الأعمش عن "المتقين " ، قال : فأجبته ، فقال لي : سئل عنها الكلبي . فسألته ، فقال : الذين يجتنبون كبائر الإثم . قال : فرجعت إلى الأعمش ، فقال : نرى أنه كذلك . ولم ينكره .
265 - حدثني المثنى بن إبراهيم الطبري ، قال : حدثنا إسحاق بن الحجاج ، عن عبد الرحمن بن عبد الله ، قال حدثنا عمر أبو حفص ، عن ، عن سعيد بن أبي عروبة قتادة : "هدى للمتقين " ، هم من نعتهم ووصفهم فأثبت صفتهم ، فقال : ( الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ) .
266 - حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس : "للمتقين " قال : المؤمنين الذين يتقون الشرك بي ، ويعملون بطاعتي .
وأولى التأويلات بقول الله جل ثناؤه ( هدى للمتقين ) ، تأويل من وصف القوم بأنهم الذين اتقوا الله تبارك وتعالى في ركوب ما نهاهم عن ركوبه ، فتجنبوا [ ص: 234 ] معاصيه ، واتقوه فيما أمرهم به من فرائضه ، فأطاعوه بأدائها . وذلك أن الله عز وجل وصفهم بالتقوى ، فلم يحصر تقواهم إياه على بعض ما هو أهل له منهم دون بعض . فليس لأحد من الناس أن يحصر معنى ذلك ، على وصفهم بشيء من تقوى الله عز وجل دون شيء ، إلا بحجة يجب التسليم لها . لأن ذلك من صفة القوم - لو كان محصورا على خاص من معاني التقوى دون العام منها - لم يدع الله جل ثناؤه بيان ذلك لعباده : إما في كتابه ، وإما على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، إذ لم يكن في العقل دليل على استحالة وصفهم بعموم التقوى .
فقد تبين إذا بذلك فساد قول من زعم أن تأويل ذلك إنما هو : الذين اتقوا الشرك وبرئوا من النفاق . لأنه قد يكون كذلك ، وهو فاسق غير مستحق أن يكون من المتقين ، إلا أن يكون - عند قائل هذا القول - معنى النفاق : ركوب الفواحش التي حرمها الله جل ثناؤه ، وتضييع فرائضه التي فرضها عليه . فإن جماعة من أهل العلم قد كانت تسمي من كان يفعل ذلك منافقا . فيكون - وإن كان مخالفا في تسميته من كان كذلك بهذا الاسم - مصيبا تأويل قول الله عز وجل "للمتقين " .