ذكر أن قول الإسرائيلي سمعه سامع فأفشاه ، وأعلم به أهل القتيل ، فحينئذ طلب فرعون موسى ، وأمر بقتله ; فلما أمر بقتله ، جاء موسى مخبر وخبره بما قد أمر به فرعون في أمره ، وأشار عليه بالخروج من مصر ، بلد فرعون وقومه .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . [ ص: 546 ]
ذكر من قال ذلك :
حدثني العباس ، قال : أخبرنا يزيد ، قال : أخبرنا الأصبغ بن زيد ، قال : ثنا القاسم بن أبي أيوب ، قال : ثني سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : انطلق الفرعوني الذي كان يقاتل الإسرائيلي إلى قومه ، فأخبرهم بما سمع من الإسرائيلي من الخبر حين يقول ( أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ) فأرسل فرعون الذباحين لقتل موسى ، فأخذوا الطريق الأعظم ، وهم لا يخافون أن يفوتهم ، وكان رجل من شيعة موسى في أقصى المدينة ، فاختصر طريقا قريبا ، حتى سبقهم إلى موسى ، فأخبره الخبر .
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : أعلمهم القبطي الذي هو عدو لهما ، فأتمر الملأ ليقتلوه ، فجاء رجل من أقصى المدينة ، وقرأ ( إن . . . ) إلى آخر الآية ، قال : كنا نحدث أنه مؤمن آل فرعون .
حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسباط ، عن قال : ذهب القبطي ، يعني الذي كان يقاتل الإسرائيلي ، فأفشى عليه أن السدي ، موسى هو الذي قتل الرجل ، فطلبه فرعون وقال : خذوه فإنه صاحبنا ، وقال للذين يطلبونه : اطلبوه في بنيات الطريق ، فإن موسى غلام لا يهتدي الطريق ، وأخذ موسى في بنيات الطريق ، وقد جاءه الرجل فأخبره ( إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ) .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أبي بكر بن عبد الله ، عن أصحابه ، قالوا : لما سمع القبطي قول الإسرائيلي لموسى ( أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ) سعى بها إلى أهل المقتول فقال : إن موسى هو قتل صاحبكم ، ولو لم يسمعه من الإسرائيلي لم يعلمه أحد ; فلما علم موسى أنهم قد علموا خرج هاربا ، فطلبه القوم فسبقهم ; قال : وقال ابن أبي نجيح : سعى القبطي .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، قال قال الإسرائيلي لموسى : ( أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ) وقبطي قريب منهما يسمع ، فأفشى عليهما .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن قال : سمع ذلك عدو ، فأفشى عليهما . [ ص: 547 ] ابن جريج ،
وقوله : ( وجاء رجل ) ذكر أنه مؤمن آل فرعون ، وكان اسمه فيما قيل : سمعان .
وقال بعضهم : بل كان اسمه شمعون .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن أخبرني ابن جريج ، وهب بن سليمان ، عن شعيب الجبئي ، قال : اسمه شمعون الذي قال لموسى : ( إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ) .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : أصبح الملأ من قوم فرعون قد أجمعوا لقتل موسى فيما بلغهم عنه ، فجاء رجل من أقصى المدينة يسعى يقال له سمعان ، فقال : ( يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين ) .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : ( وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى إلى موسى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين ) .
وقوله : ( من أقصى المدينة ) يقول : من آخر مدينة فرعون ( يسعى ) يقول : يعجل .
كما حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن : ( ابن جريج وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى ) قال : يعجل ، ليس بالشد .
وقوله : ( قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ) يقول جل ثناؤه : قال الرجل الذي جاءه من أقصى المدينة يسعى لموسى : يا موسى إن أشراف قوم فرعون ورؤساءهم يتآمرون بقتلك ، ويتشاورون ويرتئون فيك ; ومنه قول الشاعر :
ما تأتمر فينا فأم رك في يمينك أو شمالك
[ ص: 548 ]يعني : ما ترتئي ، وتهم به ; ومنه قول النمر بن تولب :
أرى الناس قد أحدثوا شيمة وفي كل حادثة يؤتمر
أي : يتشاور ويرتأى فيها .
وقوله : ( فاخرج إني لك من الناصحين ) يقول : فاخرج من هذه المدينة ، إني لك في إشارتي عليك بالخروج منها من الناصحين .