يقول تعالى ذكره : فخرج موسى من مدينة فرعون خائفا من قتله النفس أن يقتل به ( يترقب ) يقول : ينتظر الطلب أن يدركه فيأخذه . كما حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة : ( فخرج منها خائفا يترقب ) خائفا من قتله النفس يترقب الطلب ( قال رب نجني من القوم الظالمين ) .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني أبو سفيان ، عن معمر ، عن قتادة ( فخرج منها خائفا يترقب ) قال : خائفا من قتل النفس ، يترقب أن يأخذه الطلب .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : ذكر لي أنه خرج على وجهه خائفا يترقب ما يدري أي وجه يسلك ، وهو يقول : ( رب نجني من القوم الظالمين ) .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( فخرج منها خائفا يترقب ) قال : يترقب مخافة الطلب .
وقوله : ( قال رب نجني من القوم الظالمين ) يقول تعالى ذكره : قال موسى [ ص: 549 ] وهو شاخص عن مدينة فرعون خائفا : رب نجني من هؤلاء القوم الكافرين ، الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم بك .
وقوله : ( ولما توجه تلقاء مدين ) يقول تعالى ذكره : ولما جعل موسى وجهه نحو مدين ، ماضيا إليها ، شاخصا عن مدينة فرعون ، وخارجا عن سلطانه ، ( قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ) وعنى بقوله : " تلقاء " نحو مدين ; ويقال : فعل ذلك من تلقاء نفسه ، يعني به : من قبل نفسه ويقال : داره تلقاء دار فلان : إذا كانت محاذيتها ، ولم يصرف اسم مدين لأنها اسم بلدة معروفة ، كذلك تفعل العرب بأسماء البلاد المعروفة ; ومنه قول الشاعر :
رهبان مدين لو رأوك تنزلوا والعصم من شعف العقول الفادر
وقوله : ( عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ) يقول : عسى ربي أن يبين لي قصد السبيل إلى مدين ، وإنما قال ذلك لأنه لم يكن يعرف الطريق إليها .
وذكر أن الله قيض له إذ قال : ( رب نجني من القوم الظالمين ) ملكا سدده الطريق ، وعرفه إياه .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا موسى ، قال : ثنا عمرو ، قال : ثنا أسباط ، عن قال : لما أخذ السدي ، موسى في بنيات الطريق جاءه ملك على فرس بيده عنزة ; فلما رآه موسى سجد له من الفرق قال : لا تسجد لي ولكن اتبعني ، فاتبعه ، فهداه نحو مدين ، وقال موسى وهو متوجه نحو مدين : ( عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ) فانطلق به حتى انتهى به إلى مدين .
حدثنا العباس ، قال : أخبرنا يزيد ، قال : أخبرنا الأصبغ بن زيد ، قال : ثنا القاسم ، قال : ثنا سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : خرج موسى متوجها نحو مدين ، وليس له علم بالطريق إلا حسن ظنه بربه ، فإنه قال : ( عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ) .
حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : ذكر لي أنه خرج وهو يقول : ( رب نجني من القوم الظالمين ) فهيأ الله الطريق إلى مدين ، فخرج من [ ص: 550 ] مصر بلا زاد ولا حذاء ولا ظهر ولا درهم ولا رغيف ، خائفا يترقب ، حتى وقع إلى أمة من الناس يسقون بمدين .
حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث المروزي ، قال : ثنا الفضل بن موسى ، عن الأعمش ، عن ، عن المنهال بن عمرو سعيد بن جبير ، قال : خرج موسى من مصر إلى مدين ، وبينها وبينها مسيرة ثمان ، قال : وكان يقال : نحو من الكوفة إلى البصرة ، ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر ، وخرج حافيا ، فما وصل إليها حتى وقع خف قدمه .
حدثنا أبو كريب ، قال : ثنا عثام ، قال : ثنا الأعمش ، عن المنهال ، عن سعيد ، عن ابن عباس ، قال : لما خرج موسى من مصر إلى مدين ، وبينه وبينها ثمان ليال ، كان يقال : نحو من البصرة إلى الكوفة ثم ذكر نحوه .
ومدين كان بها يومئذ قوم شعيب عليه السلام .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر ، قال : ثنا يزيد ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ( ولما توجه تلقاء مدين ) ومدين : ماء كان عليه قوم شعيب ( قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ) .
وأما قوله : ( سواء السبيل ) فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله نحو قولنا فيه .
ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( سواء السبيل ) قال : الطريق إلى مدين .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن عن ابن جريج ، مجاهد ، مثله .
قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قتادة : ( قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ) قال : قصد السبيل .
حدثنا ابن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا عباد بن راشد ، عن الحسن : ( عسى ربي أن يهديني سواء السبيل ) قال : الطريق المستقيم .