القول في تأويل قوله تعالى : ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد    ( 37 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : إن في إهلاكنا القرون التي أهلكناها من قبل قريش   ( لذكرى ) يتذكر بها ( لمن كان له قلب   ) يعني : لمن كان له عقل من هذه الأمة ، فينتهي عن الفعل الذي كانوا يفعلونه من كفرهم بربهم ، خوفا من أن يحل بهم مثل الذي حل بهم من العذاب . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله  [ ص: 373 ]  ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب   ) : أي من هذه الأمة ، يعني بذلك القلب : القلب الحي . 
حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا ابن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة   ( لمن كان له قلب   ) قال : من كان له قلب من هذه الأمة . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( لمن كان له قلب   ) قال : قلب يعقل ما قد سمع من الأحاديث التي ضرب الله بها من عصاه من الأمم . والقلب في هذا الموضع : العقل . وهو من قولهم : ما لفلان قلب ، وما قلبه معه : أي ما عقله معه . وأين ذهب قلبك؟ يعني أين ذهب عقلك . 
وقوله ( أو ألقى السمع وهو شهيد   ) يقول : أو أصغى لإخبارنا إياه عن هذه القرون التي أهلكناها بسمعه ، فيسمع الخبر عنهم ، كيف فعلنا بهم حين كفروا بربهم ، وعصوا رسله ( وهو شهيد   ) يقول : وهو متفهم لما يخبر به عنهم ، شاهد له بقلبه ، غير غافل عنه ولا ساه . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل ، وإن اختلفت ألفاظهم فيه . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن سعد  قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد   ) يقول : إن استمع الذكر وشهد أمره ، قال في ذلك : يجزيه إن عقله . 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى   : وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  قوله ( أو ألقى السمع   ) قال : وهو لا يحدث نفسه ، شاهد القلب .  [ ص: 374 ] 
حدثت عن الحسين  قال : سمعت أبا معاذ  ، يقول : أخبرنا عبيد  قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله ( أو ألقى السمع وهو شهيد   ) قال : العرب تقول : ألقى فلان سمعه : أي استمع بأذنيه ، وهو شاهد ، يقول : غير غائب . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن سفيان   ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد   ) قال : يسمع ما يقول ، وقلبه في غير ما يسمع . 
وقال آخرون : عنى بالشهيد في هذا الموضع : الشهادة . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة   ( أو ألقى السمع وهو شهيد   ) يعني بذلك أهل الكتاب ، وهو شهيد على ما يقرأ في كتاب الله من بعث محمد   - صلى الله عليه وسلم - . 
حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا ابن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة   ( أو ألقى السمع وهو شهيد   ) على ما في يده من كتاب الله أنه يجد النبي - صلى الله عليه وسلم - مكتوبا . 
قال : ثنا ابن ثور  قال : قال معمر  ، وقال الحسن   : هو منافق استمع القول ولم ينتفع . 
حدثنا أحمد بن هشام  قال : ثنا  عبيد الله بن موسى  قال : أخبرنا إسرائيل  ، عن  السدي  ، عن أبي صالح  في قوله ( أو ألقى السمع وهو شهيد   ) قال : المؤمن يسمع القرآن ، وهو شهيد على ذلك . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله ( أو ألقى السمع وهو شهيد   ) قال : ألقى السمع يسمع ما قد كان مما لم يعاين من الأحاديث عن الأمم التي قد مضت ، كيف عذبهم الله وصنع بهم حين عصوا رسله . 
				
						
						
