[ ص: 388 ] ( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق ( 10 ) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير ( 11 ) إن بطش ربك لشديد ( 12 ) إنه هو يبدئ ويعيد ( 13 ) وهو الغفور الودود ( 14 ) ذو العرش المجيد ( 15 ) فعال لما يريد ( 16 ) هل أتاك حديث الجنود ( 17 ) )
( إن الذين فتنوا ) عذبوا وأحرقوا ( المؤمنين والمؤمنات ) يقال : فتنت الشيء إذا أحرقته ، نظيره " يوم هم على النار يفتنون " ( الذاريات - 13 ( ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ) بكفرهم ( ولهم عذاب الحريق ) بما أحرقوا المؤمنين . وقيل : ولهم عذاب الحريق [ في الدنيا ، وذلك أن الله أحرقهم بالنار التي ] أحرقوا بها المؤمنين ، ارتفعت إليهم من الأخدود ، قاله الربيع بن أنس والكلبي . ثم ذكر ما أعد للمؤمنين فقال : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير ) واختلفوا في جواب القسم : فقال بعضهم : جوابه : " قتل أصحاب الأخدود " يعني لقد قتل .
وقيل : فيه تقديم وتأخير ، تقديره : قتل أصحاب الأخدود والسماء ذات البروج . وقال قتادة : جوابه : ( إن بطش ربك لشديد ) قال ابن عباس : إن أخذه بالعذاب إذا أخذ الظلمة لشديد ، كقوله : " إن أخذه أليم شديد " ( هود - 102 ) . ( إنه هو يبدئ ويعيد ) أي يخلقهم أولا في الدنيا ثم يعيدهم أحياء بعد الموت . ( وهو الغفور ) لذنوب المؤمنين ( الودود ) المحب لهم ، وقيل : معناه المودود ، كالحلوب والركوب ، بمعنى المحلوب والمركوب . وقيل : يغفر ويود أن يغفر ، وقيل : المتودد إلى أوليائه بالمغفرة . ( ذو العرش المجيد ) قرأ حمزة : " المجيد " بالجر ، على صفة العرش أي السرير العظيم . وقيل : أراد حسنه فوصفه بالمجد كما وصفه بالكرم ، فقال : " والكسائي رب العرش الكريم " ( المؤمنون - 116 ) ومعناه الكمال ، والعرش : أحسن الأشياء وأكملها ، وقرأ الآخرون بالرفع على صفة ذو العرش . ( فعال لما يريد ) لا يعجزه شيء يريده ولا يمتنع منه شيء طلبه . قوله - عز وجل - ( هل أتاك حديث الجنود ) قد أتاك خبر الجموع الكافرة الذين تجندوا [ ص: 389 ] على الأنبياء