(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين ( 74 )
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين ( 75 )
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=76فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين ( 76 ) )
قوله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74nindex.php?page=treesubj&link=28977_31873_31852_28446وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر ) قرأ
يعقوب " آزر " بالرفع ، يعني : " آزر " والقراءة المعروفة بالنصب ، وهو اسم أعجمي لا ينصرف فينتصب في موضع الخفض .
قال
محمد بن إسحاق والضحاك والكلبي : آزر اسم أبي
إبراهيم وهو تارخ أيضا مثل
إسرائيل ويعقوب وكان من
كوثى قرية من سواد
الكوفة ، وقال
مقاتل بن حيان وغيره : آزر لقب لأبي
إبراهيم ، واسمه
تارخ
وقال
سليمان التيمي : هو سب وعيب ، ومعناه في كلامهم المعوج ، وقيل : معناه الشيخ الهم بالفارسية ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ومجاهد : آزر اسم صنم ، فعلى هذا يكون في محل النصب تقديره أتتخذ آزر إلها ، قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74أصناما آلهة ) دون الله ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74إني أراك وقومك في ضلال مبين )
( ملكوت السموات والأرض ) أي : كما أريناه البصيرة في دينه ، والحق في خلاف قومه ، نريه ( ملكوت السموات والأرض ) والملكوت : الملك ، زيدت فيه التاء للمبالغة ، كالجبروت والرحموت والرهبوت ، قال
ابن عباس : يعني خلق السموات والأرض ، وقال
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير : يعني آيات السموات والأرض ، وذلك أنه أقيم على صخر وكشف له عن السموات والأرض حتى العرش وأسفل الأرضين ونظر إلى مكانه في الجنة ، فذلك قوله تعالى : " وآتيناه أجره في الدنيا " يعني : أريناه مكانه في الجنة .
وروي عن
سلمان رضي الله عنه ، ورفعه بعضهم [ عن
علي رضي الله عنه ]
nindex.php?page=hadith&LINKID=814623لما أري إبراهيم [ ص: 159 ] ملكوت السموات والأرض أبصر رجلا على فاحشة فدعا عليه فهلك ، ثم أبصر آخر فدعا عليه فهلك ، ثم أبصر آخر فأراد أن يدعو عليه فقال له الرب عز وجل : " يا إبراهيم إنك رجل مستجاب الدعوة ، فلا تدعون على عبادي فإنما أنا من عبدي على ثلاث خصال إما أن يتوب فأتوب عليه ، وإما أن أخرج منه نسمة تعبدني ، وإما أن يبعث إلي فإن شئت عفوت عنه ، وإن شئت عاقبته " وفي رواية : " وإما أن يتولى فإن جهنم من ورائه " .
وقال
قتادة : ملكوت السموات : الشمس والقمر والنجوم ، وملكوت الأرض الجبال والشجر والبحار . (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75وليكون من الموقنين ) عطف على المعنى ، ومعناه : نريه ملكوت السموات والأرض ، ليستدل به وليكون من الموقنين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=76فلما جن عليه الليل رأى كوكبا ) الآية ، قال أهل التفسير : ولد
إبراهيم عليه السلام في زمن
نمرود بن كنعان ، وكان
نمرود أول من وضع التاج على رأسه ودعا الناس إلى عبادته ، وكان له كهان ومنجمون ، فقالوا له : إنه يولد في بلدك هذه السنة غلام يغير دين أهل الأرض ويكون هلاكك وزوال ملكك على يديه ، يقال : إنهم وجدوا ذلك في كتب الأنبياء عليهم السلام .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : رأى
نمرود في منامه كأن كوكبا طلع فذهب بضوء الشمس والقمر حتى لم يبق لهما ضوء ، ففزع من ذلك فزعا شديدا ، فدعا السحرة والكهنة فسألهم عن ذلك ، فقالوا : هو مولود يولد في ناحيتك في هذه السنة ، فيكون هلاكك وهلاك ملكك وأهل بيتك على يديه ، قالوا : فأمر بذبح كل غلام يولد في ناحيته في تلك السنة ، وأمر بعزل الرجال عن النساء ، وجعل على كل عشرة رجال رجلا فإذا حاضت المرأة خلى بينها وبين زوجها ، لأنهم كانوا لا يجامعون في الحيض ، فإذا طهرت حال بينهما ، فرجع
آزر فوجد امرأته قد طهرت من الحيض فواقعها ، فحملت
بإبراهيم عليه السلام .
وقال
محمد بن إسحاق : بعث
نمرود إلى كل امرأة حبلى بقرية ، فحبسها عنده إلا ما كان من أم
إبراهيم عليه السلام ، فإنه لم يعلم بحبلها لأنها كانت جارية حديثة السن ، لم يعرف الحبل في بطنها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : خرج
نمرود بالرجال إلى معسكر ونحاهم عن النساء تخوفا من ذلك المولود أن
[ ص: 160 ] يكون ، فمكث بذلك ما شاء الله ثم بدت له حاجة إلى المدينة ، فلم يأتمن عليها أحدا من قومه إلا
آزر ، فبعث إليه ودعاه وقال له : إن لي حاجة أحببت أن أوصيك بها ولا أبعثك إلا لثقتي بك ، فأقسمت عليك أن لا تدنو من أهلك ، فقال
آزر : أنا أشح على ديني من ذلك ، فأوصاه بحاجته ، فدخل المدينة وقضى حاجته ، ثم قال : لو دخلت على أهلي فنظرت إليهم فلما نظر إلى أم
إبراهيم عليه السلام لم يتمالك حتى واقعها ، فحملت
بإبراهيم عليه السلام .
وقال
ابن عباس رضي الله عنهما : لما حملت أم
إبراهيم قال الكهان
لنمرود : إن الغلام الذي أخبرناك به قد حملته أمه الليلة ، فأمر نمرود بذبح الغلمان ، فلما دنت ولادة أم
إبراهيم عليه السلام وأخذها المخاض خرجت هاربة مخافة أن يطلع عليها فيقتل ولدها ، فوضعته في نهر يابس ثم لفته في خرقة ووضعته في حلفاء ، فرجعت فأخبرت زوجها بأنها ولدت ، وأن الولد في موضع كذا وكذا فانطلق أبوه فأخذه من ذلك المكان وحفر له سربا عند نهر ، فواراه فيه وسد عليه بابه بصخرة مخافة السباع ، وكانت أمه تختلف إليه فترضعه .
وقال
محمد بن إسحاق : لما وجدت أم
إبراهيم الطلق خرجت ليلا إلى مغارة كانت قريبة منها فولدت فيها
إبراهيم عليه السلام وأصلحت من شأنه ما يصنع بالمولود ، ثم سدت عليه المغارة ورجعت إلى بيتها ثم كانت تطالعه لتنظر ما فعل فتجده حيا يمص إبهامه .
قال
أبو روق : وقالت أم
إبراهيم ذات يوم لأنظرن إلى أصابعه ، فوجدته يمص من أصبع ماء ، ومن أصبع لبنا ، ومن أصبع عسلا ومن أصبع تمرا ، ومن أصبع سمنا .
وقال
محمد بن إسحاق : كان
آزر قد سأل أم
إبراهيم عن حملها ما فعل؟ فقالت : ولدت غلاما فمات ، فصدقها فسكت عنها ، وكان اليوم على
إبراهيم في الشباب كالشهر والشهر كالسنة فلم يمكث
إبراهيم في المغارة إلا خمسة عشر شهرا حتى قال لأمه أخرجيني فأخرجته عشاء فنظر وتفكر في خلق السموات والأرض ، وقال : إن الذي خلقني ورزقني وأطعمني وسقاني لربي الذي ما لي إله غيره ، ثم نظر إلى السماء فرأى كوكبا فقال : هذا ربي ، ثم أتبعه بصره لينظر إليه حتى غاب ، فلما أفل ، قال : لا أحب الآفلين ، ثم رأى القمر بازغا قال هذا ربي وأتبعه ببصره حتى غاب ، ثم طلعت الشمس هكذا إلى آخره ، ثم رجع إلى أبيه
آزر وقد استقامت وجهته وعرف ربه وبرئ من دين قومه إلا أنه لم ينادهم بذلك ، فأخبره أنه ابنه وأخبرته أم
إبراهيم أنه ابنه ، وأخبرته بما كانت صنعت في شأنه فسر
آزر بذلك وفرح فرحا شديدا .
[ ص: 161 ]
وقيل : إنه كان في السرب سبع سنين ، وقيل : ثلاث عشرة سنة ، وقيل : سبع عشرة سنة ، قالوا : فلما شب
إبراهيم عليه السلام ، وهو في السرب قال لأمه : من ربي؟ قالت : أنا ، قال : فمن ربك؟ قالت : أبوك ، قال : فمن رب أبي؟ قالت :
نمرود ، قال : فمن ربه؟ قالت له : اسكت فسكت ، ثم رجعت إلى زوجها ، فقالت : أرأيت الغلام الذي كنا نحدث أنه يغير دين أهل الأرض فإنه ابنك ، ثم أخبرته بما قال ، فأتاه أبوه
آزر ، فقال له
إبراهيم عليه السلام : يا أبتاه من ربي؟ قال : أمك ، قال : ومن رب أمي؟ قال : أنا قال : ومن ربك؟ قال :
نمرود قال : فمن رب
نمرود؟ فلطمه لطمة وقال له : اسكت فلما جن عليه الليل دنا من باب السرب فنظر من خلال الصخرة فأبصر كوكبا ، قال : هذا ربي .
ويقال : إنه قال لأبويه أخرجاني فأخرجاه من السرب وانطلقا به حين غابت الشمس ، فنظر
إبراهيم إلى الإبل والخيل والغنم ، فسأل أباه ما هذه؟ فقال : إبل وخيل وغنم ، فقال : ما لهذه بد من أن يكون لها رب وخالق ، ثم نظر فإذا المشتري قد طلع ، ويقال : الزهرة ، وكانت تلك الليلة في آخر الشهر فتأخر طلوع القمر فيها ، فرأى الكوكب قبل القمر ، فذلك قوله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=76فلما جن عليه الليل ) أي : دخل ، يقال : جن الليل وأجن الليل ، وجنه الليل ، وأجن عليه الليل يجن جنونا وجنانا إذا أظلم وغطى كل شيء ، وجنون الليل سواده ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=76رأى كوكبا ) قرأ
أبو عمرو ( رأى ) بفتح الراء وكسر الألف ، ويكسرهما
ابن عامر وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وأبو بكر ، فإن اتصل بكاف أو هاء فتحهما
ابن عامر ، وإن لقيها ساكن كسر الراء وفتح الهمزة
حمزة وأبو بكر ، وفتحهما الآخرون . ( قال هذا ربي )
واختلفوا في قوله ذلك : فأجراه بعضهم على الظاهر ، وقالوا : كان
إبراهيم عليه السلام مسترشدا طالبا للتوحيد حتى وفقه الله تعالى وآتاه رشده فلم يضره ذلك في حال الاستدلال ، وأيضا كان ذلك في حال طفولته قبل قيام الحجة عليه ، فلم يكن كفرا .
وأنكر الآخرون هذا القول ، وقالوا :
nindex.php?page=treesubj&link=31852_28751لا يجوز أن يكون لله رسول يأتي عليه وقت من الأوقات إلا وهو لله موحد وبه عارف ، ومن كل معبود سواه بريء وكيف يتوهم هذا على من عصمه الله وطهره وآتاه رشده من قبل وأخبر عنه فقال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=84إذ جاء ربه بقلب سليم " ( الصافات ، 84 ) وقال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض " ، أفتراه أراه الملكوت ليوقن فلما أيقن رأى كوكبا قال : هذا ربي معتقدا؟ فهذا ما لا يكون أبدا .
ثم قالوا : فيه أربعة أوجه من التأويل :
أحدها : أن
إبراهيم عليه السلام أراد أن يستدرج القوم بهذا القول ويعرفهم خطأهم وجهلهم
[ ص: 162 ] في تعظيم ما عظموه ، وكانوا يعظمون النجوم ويعبدونها ، ويرون أن الأمور كلها إليها فأراهم أنه معظم ما عظموه وملتمس الهدى من حيث ما التمسوه ، فلما أفل أراهم النقص الداخل على النجوم ليثبت خطأ ما يدعون ، ومثل هذا مثل الحواري الذي ورد على قوم يعبدون الصنم ، فأظهر تعظيمه فأكرموه حتى صدروا في كثير من الأمور عن رأيه إلى أن دهمهم عدو فشاوروه في أمره ، فقال : الرأي أن ندعو هذا الصنم حتى يكشف عنا ما قد أظلنا ، فاجتمعوا حوله يتضرعون فلما تبين لهم أنه لا ينفع ولا يدفع دعاهم إلى أن يدعوا الله فدعوه فصرف عنهم ما كانوا يحذرون ، فأسلموا .
والوجه الثاني من التأويل : أنه قاله على وجه الاستفهام تقديره : أهذا ربي؟ كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=34أفإن مت فهم الخالدون ) ( الأنبياء ، 34 ) ؟ أي : أفهم الخالدون؟ وذكره على وجه التوبيخ منكرا لفعلهم ، يعني : ومثل هذا يكون ربا ؟ أي : ليس هذا ربي .
والوجه الثالث : أنه على وجه الاحتجاج عليهم ، يقول : هذا ربي بزعمكم؟ فلما غاب قال : لو كان إلها لما غاب ، كما قال : [
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=49ذق إنك أنت العزيز الكريم ( الدخان ، 49 ) ، أي : عند نفسك وبزعمك ، وكما أخبر عن
موسى أنه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=97وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ) ( طه 97 ) يريد إلهك بزعمك .
والوجه الرابع : فيه إضمار وتقديره يقولون هذا ربي ، كقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا ) ، ( البقرة ، 127 ) أي : يقولون ربنا تقبل منا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=76فلما أفل قال لا أحب الآفلين ) وما لا يدوم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ( 74 )
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ( 75 )
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=76فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ( 76 ) )
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74nindex.php?page=treesubj&link=28977_31873_31852_28446وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ ) قَرَأَ
يَعْقُوبُ " آزَرُ " بِالرَّفْعِ ، يَعْنِي : " آزَرُ " وَالْقِرَاءَةُ الْمَعْرُوفَةُ بِالنَّصْبِ ، وَهُوَ اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ لَا يَنْصَرِفُ فَيَنْتَصِبُ فِي مَوْضِعِ الْخَفْضِ .
قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَالضَّحَّاكُ وَالْكَلْبِيُّ : آزَرُ اسْمُ أَبِي
إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ تَارِخُ أَيْضًا مِثْلُ
إِسْرَائِيلَ وَيَعْقُوبَ وَكَانَ مِنْ
كَوْثَى قَرْيَةٍ مِنْ سَوَادِ
الْكُوفَةِ ، وَقَالَ
مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ وَغَيْرُهُ : آزَرُ لَقَبٌ لِأَبِي
إِبْرَاهِيمَ ، وَاسْمُهُ
تَارِخُ
وَقَالَ
سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ : هُوَ سَبٌّ وَعَيْبٌ ، وَمَعْنَاهُ فِي كَلَامِهِمُ الْمُعْوَجُّ ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ الشَّيْخُ الْهِمُّ بِالْفَارِسِيَّةِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَمُجَاهِدٌ : آزَرُ اسْمُ صَنَمٍ ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ تَقْدِيرُهُ أَتَتَّخِذُ آزَرَ إِلَهَا ، قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74أَصْنَامًا آلِهَةً ) دُونَ اللَّهِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ )
( مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ) أَيْ : كَمَا أَرَيْنَاهُ الْبَصِيرَةَ فِي دِينِهِ ، وَالْحَقَّ فِي خِلَافِ قَوْمِهِ ، نُرِيهِ ( مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ) وَالْمَلَكُوتُ : الْمُلْكُ ، زِيدَتْ فِيهِ التَّاءُ لِلْمُبَالَغَةِ ، كَالْجَبَرُوتِ وَالرَّحَمُوتِ وَالرَّهَبُوتِ ، قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : يَعْنِي خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ ، وَقَالَ
مُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : يَعْنِي آيَاتِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أُقِيمَ عَلَى صَخْرٍ وَكُشِفَ لَهُ عَنِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ حَتَّى الْعَرْشِ وَأَسْفَلَ الْأَرَضِينَ وَنَظَرَ إِلَى مَكَانِهِ فِي الْجَنَّةِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : " وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا " يَعْنِي : أَرَيْنَاهُ مَكَانَهُ فِي الْجَنَّةِ .
وَرُوِيَ عَنْ
سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَرَفَعَهُ بَعْضُهُمْ [ عَنْ
عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ]
nindex.php?page=hadith&LINKID=814623لَمَّا أُرِي إِبْرَاهِيمُ [ ص: 159 ] مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصَرَ رَجُلًا عَلَى فَاحِشَةٍ فَدَعَا عَلَيْهِ فَهَلَكَ ، ثُمَّ أَبْصَرَ آخَرَ فَدَعَا عَلَيْهِ فَهَلَكَ ، ثُمَّ أَبْصَرَ آخَرَ فَأَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ : " يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّكَ رَجُلٌ مُسْتَجَابُ الدَّعْوَةِ ، فَلَا تَدْعُوَنَّ عَلَى عِبَادِي فَإِنَّمَا أَنَا مِنْ عَبْدِي عَلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ إِمَّا أَنْ يَتُوبَ فَأَتُوبُ عَلَيْهِ ، وَإِمَّا أَنْ أُخْرِجَ مِنْهُ نَسَمَةً تَعْبُدُنِي ، وَإِمَّا أَنْ يُبْعَثَ إِلَيَّ فَإِنْ شِئْتُ عَفَوْتُ عَنْهُ ، وَإِنْ شِئْتُ عَاقَبْتُهُ " وَفِي رِوَايَةٍ : " وَإِمَّا أَنْ يَتَوَلَّى فَإِنَّ جَهَنَّمَ مِنْ وَرَائِهِ " .
وَقَالَ
قَتَادَةُ : مَلَكُوتُ السَّمَوَاتِ : الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ ، وَمَلَكُوتُ الْأَرْضِ الْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالْبِحَارُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى ، وَمَعْنَاهُ : نُرِيهِ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ، لِيَسْتَدِلَّ بِهِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=76فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا ) الْآيَةَ ، قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ : وُلِدَ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي زَمَنِ
نُمْرُودَ بْنِ كَنْعَانَ ، وَكَانَ
نُمْرُودُ أَوَّلَ مَنْ وَضَعَ التَّاجَ عَلَى رَأْسِهِ وَدَعَا النَّاسَ إِلَى عِبَادَتِهِ ، وَكَانَ لَهُ كُهَّانٌ وَمُنَجِّمُونَ ، فَقَالُوا لَهُ : إِنَّهُ يُولَدُ فِي بَلَدِكَ هَذِهِ السَّنَةَ غُلَامٌ يُغَيِّرُ دِينَ أَهْلِ الْأَرْضِ وَيَكُونُ هَلَاكُكَ وَزَوَالُ مُلْكِكَ عَلَى يَدَيْهِ ، يُقَالُ : إِنَّهُمْ وَجَدُوا ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : رَأَى
نُمْرُودُ فِي مَنَامِهِ كَأَنَّ كَوْكَبًا طَلَعَ فَذَهَبَ بِضَوْءِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُمَا ضَوْءٌ ، فَفَزِعَ مِنْ ذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا ، فَدَعَا السَّحَرَةَ وَالْكَهَنَةَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالُوا : هُوَ مَوْلُودٌ يُولَدُ فِي نَاحِيَتِكَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ ، فَيَكُونُ هَلَاكُكَ وَهَلَاكُ مُلْكِكَ وَأَهْلِ بَيْتِكَ عَلَى يَدَيْهِ ، قَالُوا : فَأَمَرَ بِذَبْحِ كُلِّ غُلَامٍ يُولَدُ فِي نَاحِيَتِهِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ ، وَأَمَرَ بِعَزْلِ الرِّجَالِ عَنِ النِّسَاءِ ، وَجَعَلَ عَلَى كُلِّ عَشَرَةِ رِجَالٍ رَجُلًا فَإِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ خَلَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُجَامِعُونَ فِي الْحَيْضِ ، فَإِذَا طَهُرَتْ حَالَ بَيْنَهُمَا ، فَرَجَعَ
آزَرُ فَوَجَدَ امْرَأَتَهُ قَدْ طَهُرَتْ مِنَ الْحَيْضِ فَوَاقَعَهَا ، فَحَمَلَتْ
بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : بَعَثَ
نُمْرُودُ إِلَى كُلِّ امْرَأَةٍ حُبْلَى بِقَرْيَةٍ ، فَحَبَسَهَا عِنْدَهُ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ أُمِّ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِحَبَلِهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ ، لَمْ يُعْرَفِ الْحَبَلُ فِي بَطْنِهَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : خَرَجَ
نُمْرُودُ بِالرِّجَالِ إِلَى مُعَسْكَرٍ وَنَحَّاهُمْ عَنِ النِّسَاءِ تَخَوُّفًا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْلُودِ أَنْ
[ ص: 160 ] يَكُونَ ، فَمَكَثَ بِذَلِكَ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ بَدَتْ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَلَمْ يَأْتَمِنْ عَلَيْهَا أَحَدًا مِنْ قَوْمِهِ إِلَّا
آزَرَ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ وَدَعَاهُ وَقَالَ لَهُ : إِنَّ لِي حَاجَةً أَحْبَبْتُ أَنْ أُوصِيَكَ بِهَا وَلَا أَبْعَثُكَ إِلَّا لِثِقَتِي بِكَ ، فَأَقْسَمْتُ عَلَيْكَ أَنْ لَا تَدْنُوَ مِنْ أَهْلِكَ ، فَقَالَ
آزَرُ : أَنَا أَشَحُّ عَلَى دِينِي مِنْ ذَلِكَ ، فَأَوْصَاهُ بِحَاجَتِهِ ، فَدَخَلَ الْمَدِينَةَ وَقَضَى حَاجَتَهُ ، ثُمَّ قَالَ : لَوْ دَخَلْتُ عَلَى أَهْلِي فَنَظَرْتُ إِلَيْهِمْ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى أُمِّ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَتَمَالَكْ حَتَّى وَاقَعَهَا ، فَحَمَلَتْ
بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ .
وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : لَمَّا حَمَلَتْ أُمُّ
إِبْرَاهِيمَ قَالَ الْكُهَّانُ
لِنُمْرُودَ : إِنَّ الْغُلَامَ الَّذِي أَخْبَرْنَاكَ بِهِ قَدْ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ اللَّيْلَةَ ، فَأَمَرَ نُمْرُودُ بِذَبْحِ الْغِلْمَانِ ، فَلَمَّا دَنَتْ وِلَادَةُ أُمِّ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَخَذَهَا الْمَخَاضُ خَرَجَتْ هَارِبَةً مَخَافَةَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهَا فَيَقْتُلَ وَلَدَهَا ، فَوَضَعَتْهُ فِي نَهْرٍ يَابِسٍ ثُمَّ لَفَّتْهُ فِي خِرْقَةٍ وَوَضَعَتْهُ فِي حَلْفَاءَ ، فَرَجَعَتْ فَأَخْبَرَتْ زَوْجَهَا بِأَنَّهَا وَلَدَتْ ، وَأَنَّ الْوَلَدَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فَانْطَلَقَ أَبُوهُ فَأَخَذَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَحَفَرَ لَهُ سَرَبًا عِنْدَ نَهَرٍ ، فَوَارَاهُ فِيهِ وَسَدَّ عَلَيْهِ بَابَهُ بِصَخْرَةٍ مَخَافَةَ السِّبَاعِ ، وَكَانَتْ أُمُّهُ تَخْتَلِفُ إِلَيْهِ فَتُرْضِعُهُ .
وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : لَمَّا وَجَدَتْ أُمُّ
إِبْرَاهِيمَ الطَّلْقَ خَرَجَتْ لَيْلًا إِلَى مَغَارَةٍ كَانَتْ قَرِيبَةً مِنْهَا فَوَلَدَتْ فِيهَا
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَصْلَحَتْ مِنْ شَأْنِهِ مَا يُصْنَعُ بِالْمَوْلُودِ ، ثُمَّ سَدَّتْ عَلَيْهِ الْمَغَارَةَ وَرَجَعَتْ إِلَى بَيْتِهَا ثُمَّ كَانَتْ تُطَالِعُهُ لِتَنْظُرَ مَا فَعَلَ فَتَجِدُهُ حَيًّا يَمُصُّ إِبْهَامَهَ .
قَالَ
أَبُو رَوْقٍ : وَقَالَتْ أُمُّ
إِبْرَاهِيمَ ذَاتَ يَوْمٍ لَأَنْظُرَنَّ إِلَى أَصَابِعِهِ ، فَوَجَدَتْهُ يَمُصُّ مِنْ أُصْبُعٍ مَاءً ، وَمِنْ أُصْبُعٍ لَبَنًا ، وَمِنْ أُصْبُعٍ عَسَلًا وَمِنْ أُصْبُعٍ تَمْرًا ، وَمِنْ أُصْبُعٍ سَمْنًا .
وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : كَانَ
آزَرُ قَدْ سَأَلَ أُمَّ
إِبْرَاهِيمَ عَنْ حَمْلِهَا مَا فَعَلَ؟ فَقَالَتْ : وَلَدْتُ غُلَامًا فَمَاتَ ، فَصَدَّقَهَا فَسَكَتَ عَنْهَا ، وَكَانَ الْيَوْمُ عَلَى
إِبْرَاهِيمَ فِي الشَّبَابِ كَالشَّهْرِ وَالشَّهْرُ كَالسَّنَةِ فَلَمْ يَمْكُثْ
إِبْرَاهِيمُ فِي الْمَغَارَةِ إِلَّا خَمْسَةَ عَشَرَ شَهْرًا حَتَّى قَالَ لِأُمِّهِ أَخْرِجِينِي فَأَخْرَجَتْهُ عِشَاءً فَنَظَرَ وَتَفَكَّرَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَقَالَ : إِنَّ الَّذِي خَلَقَنِي وَرَزَقَنِي وَأَطْعَمَنِي وَسَقَانِي لَرَبِّي الَّذِي مَا لِي إِلَهٌ غَيْرُهُ ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَرَأَى كَوْكَبًا فَقَالَ : هَذَا رَبِّي ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ بَصَرَهُ لِيَنْظُرَ إِلَيْهِ حَتَّى غَابَ ، فَلَمَّا أَفَلَ ، قَالَ : لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ، ثُمَّ رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي وَأَتْبَعَهُ بِبَصَرِهِ حَتَّى غَابَ ، ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ هَكَذَا إِلَى آخِرِهِ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِيهِ
آزَرَ وَقَدِ اسْتَقَامَتْ وُجْهَتُهُ وَعَرَفَ رَبَّهُ وَبَرِئَ مِنْ دِينِ قَوْمِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يُنَادِهِمْ بِذَلِكَ ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ ابْنُهُ وَأَخْبَرَتْهُ أُمُّ
إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ ابْنُهُ ، وَأَخْبَرَتْهُ بِمَا كَانَتْ صَنَعَتْ فِي شَأْنِهِ فَسُرَّ
آزَرُ بِذَلِكَ وَفَرِحَ فَرَحًا شَدِيدًا .
[ ص: 161 ]
وَقِيلَ : إِنَّهُ كَانَ فِي السَّرَبِ سَبْعَ سِنِينَ ، وَقِيلَ : ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَقِيلَ : سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً ، قَالُوا : فَلَمَّا شَبَّ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَهُوَ فِي السَّرَبِ قَالَ لِأُمِّهِ : مَنْ رَبِّي؟ قَالَتْ : أَنَا ، قَالَ : فَمَنْ رَبُّكِ؟ قَالَتْ : أَبُوكَ ، قَالَ : فَمَنْ رَبُّ أَبِي؟ قَالَتْ :
نُمْرُودُ ، قَالَ : فَمَنْ رَبُّهُ؟ قَالَتْ لَهُ : اسْكُتْ فَسَكَتَ ، ثُمَّ رَجَعَتْ إِلَى زَوْجِهَا ، فَقَالَتْ : أَرَأَيْتَ الْغُلَامَ الَّذِي كُنَّا نُحَدَّثُ أَنَّهُ يُغَيِّرُ دِينَ أَهْلِ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ ابْنُكَ ، ثُمَّ أَخْبَرَتْهُ بِمَا قَالَ ، فَأَتَاهُ أَبُوهُ
آزَرَ ، فَقَالَ لَهُ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : يَا أَبَتَاهُ مَنْ رَبِّيَ؟ قَالَ : أُمُّكَ ، قَالَ : وَمَنْ رَبُّ أُمِّي؟ قَالَ : أَنَا قَالَ : وَمَنْ رَبُّكَ؟ قَالَ :
نُمْرُودُ قَالَ : فَمَنْ رَبُّ
نَمْرُودَ؟ فَلَطَمَهُ لَطْمَةً وَقَالَ لَهُ : اسْكُتْ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ دَنَا مِنْ بَابِ السَّرَبِ فَنَظَرَ مِنْ خِلَالِ الصَّخْرَةِ فَأَبْصَرَ كَوْكَبًا ، قَالَ : هَذَا رَبِّي .
وَيُقَالُ : إِنَّهُ قَالَ لِأَبَوَيْهِ أَخْرِجَانِي فَأَخْرَجَاهُ مِنَ السَّرَبِ وَانْطَلَقَا بِهِ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ ، فَنَظَرَ
إِبْرَاهِيمُ إِلَى الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ وَالْغَنَمِ ، فَسَأَلَ أَبَاهُ مَا هَذِهِ؟ فَقَالَ : إِبِلٌ وَخَيْلٌ وَغَنَمٌ ، فَقَالَ : مَا لِهَذِهِ بُدٌّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهَا رَبٌّ وَخَالِقٌ ، ثُمَّ نَظَرَ فَإِذَا الْمُشْتَرِي قَدْ طَلَعَ ، وَيُقَالُ : الزُّهَرَةُ ، وَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ فِي آخِرِ الشَّهْرِ فَتَأَخَّرَ طُلُوعُ الْقَمَرِ فِيهَا ، فَرَأَى الْكَوْكَبَ قَبْلَ الْقَمَرِ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=76فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ ) أَيْ : دَخْلَ ، يُقَالُ : جَنَّ اللَّيْلُ وَأَجَنَّ اللَّيْلُ ، وَجَنَّهُ اللَّيْلُ ، وَأَجَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ يَجِنُّ جُنُونًا وَجِنَانًا إِذَا أَظْلَمَ وَغَطَّى كُلَّ شَيْءٍ ، وَجُنُونُ اللَّيْلِ سَوَادُهُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=76رَأَى كَوْكَبًا ) قَرَأَ
أَبُو عَمْرٍو ( رَأَى ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْأَلِفِ ، وَيَكْسِرُهُمَا
ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ ، فَإِنِ اتَّصَلَ بِكَافٍ أَوْ هَاءٍ فَتْحَهُمَا
ابْنُ عَامِرٍ ، وَإِنْ لَقِيَهَا سَاكِنٌ كَسَرَ الرَّاءَ وَفَتَحَ الْهَمْزَةَ
حَمْزَةُ وَأَبُو بَكْرٍ ، وَفَتَحَهُمَا الْآخَرُونَ . ( قَالَ هَذَا رَبِّي )
وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ ذَلِكَ : فَأَجْرَاهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الظَّاهِرِ ، وَقَالُوا : كَانَ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مُسْتَرْشِدًا طَالِبًا لِلتَّوْحِيدِ حَتَّى وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَآتَاهُ رُشْدَهُ فَلَمْ يَضُرُّهُ ذَلِكَ فِي حَالِ الِاسْتِدْلَالِ ، وَأَيْضًا كَانَ ذَلِكَ فِي حَالِ طُفُولَتِهِ قَبْلَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَكُنْ كُفْرًا .
وَأَنْكَرَ الْآخَرُونَ هَذَا الْقَوْلَ ، وَقَالُوا :
nindex.php?page=treesubj&link=31852_28751لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ رَسُولٌ يَأْتِي عَلَيْهِ وَقْتٌ مِنَ الْأَوْقَاتِ إِلَّا وَهُوَ لِلَّهِ مُوَحِّدٌ وَبِهِ عَارِفٌ ، وَمِنْ كُلِّ مَعْبُودٍ سِوَاهُ بَرِيءٌ وَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ هَذَا عَلَى مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ وَطَهَّرَهُ وَآتَاهُ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَأَخْبَرَ عَنْهُ فَقَالَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=84إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ " ( الصَّافَّاتُ ، 84 ) وَقَالَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ " ، أَفَتَرَاهُ أَرَاهُ الْمَلَكُوتَ لِيُوقِنَ فَلَمَّا أَيْقَنَ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ : هَذَا رَبِّيَ مُعْتَقِدًا؟ فَهَذَا مَا لَا يَكُونُ أَبَدًا .
ثُمَّ قَالُوا : فِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجَهٍ مِنَ التَّأْوِيلِ :
أَحَدُهَا : أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَرَادَ أَنْ يَسْتَدْرِجَ الْقَوْمَ بِهَذَا الْقَوْلِ وَيُعَرِّفَهُمْ خَطَأَهُمْ وَجَهْلَهُمْ
[ ص: 162 ] فِي تَعْظِيمِ مَا عَظَّمُوهُ ، وَكَانُوا يُعَظِّمُونَ النُّجُومَ وَيَعْبُدُونَهَا ، وَيَرَوْنَ أَنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا إِلَيْهَا فَأَرَاهُمْ أَنَّهُ مُعَظِّمٌ مَا عَظَّمُوهُ وَمُلْتَمِسٌ الْهُدَى مِنْ حَيْثُ مَا الْتَمَسُوهُ ، فَلَمَّا أَفَلَ أَرَاهُمُ النَّقْصَ الدَّاخِلَ عَلَى النُّجُومِ لِيُثْبِتَ خَطَأَ مَا يَدَّعُونَ ، وَمَثَلُ هَذَا مَثَلُ الْحَوَارِيِّ الَّذِي وَرَدَ عَلَى قَوْمٍ يَعْبُدُونَ الصَّنَمَ ، فَأَظْهَرَ تَعْظِيمَهُ فَأَكْرَمُوهُ حَتَّى صَدَرُوا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأُمُورِ عَنْ رَأْيِهِ إِلَى أَنْ دَهَمَهُمْ عَدُوٌّ فَشَاوَرُوهُ فِي أَمْرِهِ ، فَقَالَ : الرَّأْيُ أَنْ نَدْعُوَ هَذَا الصَّنَمَ حَتَّى يَكْشِفَ عَنَّا مَا قَدْ أَظَلَّنَا ، فَاجْتَمَعُوا حَوْلَهُ يَتَضَرَّعُونَ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ وَلَا يَدْفَعُ دَعَاهُمْ إِلَى أَنْ يَدْعُوا اللَّهَ فَدَعَوْهُ فَصَرَفَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ، فَأَسْلَمُوا .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي مِنَ التَّأْوِيلِ : أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِفْهَامِ تَقْدِيرُهُ : أَهَذَا رَبِّي؟ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=34أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ) ( الْأَنْبِيَاءُ ، 34 ) ؟ أَيْ : أَفَهُمُ الْخَالِدُونَ؟ وَذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ التَّوْبِيخِ مُنْكِرًا لِفِعْلِهِمْ ، يَعْنِي : وَمِثْلُ هَذَا يَكُونُ رَبًّا ؟ أَيْ : لَيْسَ هَذَا رَبِّي .
وَالْوَجْهُ الثَّالِثِ : أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِمْ ، يَقُولُ : هَذَا رَبِّي بِزَعْمِكُمْ؟ فَلَمَّا غَابَ قَالَ : لَوْ كَانَ إِلَهًا لَمَا غَابَ ، كَمَا قَالَ : [
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=49ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( الدُّخَانُ ، 49 ) ، أَيْ : عِنْدَ نَفْسِكَ وَبِزَعْمِكَ ، وَكَمَا أَخْبَرَ عَنْ
مُوسَى أَنَّهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=97وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ) ( طه 97 ) يُرِيدُ إِلَهَكَ بِزَعْمِكَ .
وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ : فِيهِ إِضْمَارٌ وَتَقْدِيرُهُ يَقُولُونَ هَذَا رَبِّي ، كَقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=127وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ) ، ( الْبَقَرَةُ ، 127 ) أَيْ : يَقُولُونَ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=76فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ ) وَمَا لَا يَدُومُ .