[ العباس يستوثق من خبر الحجاج ويفاجئ قريشا ]
قال ابن إسحاق : قال : فقاموا فجمعوا لي مالي كأحث جمع سمعت به . قال : وجئت صاحبتي فقلت : مالي ، وقد كان لي عندها مال موضوع ، لعلي ألحق بخيبر ، فأصيب من فرص البيع قبل أن يسبقني التجار ؛ قال : فلما سمع الخبر ، وجاءه عني ، أقبل حتى وقف إلى جنبي وأنا في خيمة من خيام التجار ، فقال : يا العباس بن عبد المطلب حجاج ، ما هذا الخبر الذي جئت به ؟ قال : فقلت : وهل عندك حفظ لما وضعت عندك ؟ قال : نعم ؛ قال : قلت : فاستأخر عني حتى ألقاك على خلاء ، فإني في جمع مالي كما ترى ، فانصرف عني حتى أفرغ .
قال : حتى إذا فرغت من جمع كل شيء كان لي بمكة ، وأجمعت الخروج ، لقيت العباس ، فقلت [ ص: 347 ] : احفظ علي حديثي يا أبا الفضل ، فإني أخشى الطلب ثلاثا ، ثم قل ما شئت ، قال : أفعل ؟ قلت : فإني والله لقد تركت ابن أخيك عروسا على بنت ملكهم ، يعني ، ولقد افتتح صفية بنت حيي خيبر ، وانتثل ما فيها ، وصارت له ولأصحابه ؛ فقال : ما تقول يا حجاج ؟ قال : قلت : إي والله ، فاكتم عني ، ولقد أسلمت وما جئت إلا لآخذ مالي ، فرقا من أن أغلب عليه ، فإذا مضت ثلاث فأظهر أمرك ، فهو والله على ما تحب ، قال : حتى إذا كان اليوم الثالث لبس العباس حلة له ، وتخلق ، وأخذ عصاه ، ثم خرج حتى أتى الكعبة ، فطاف بها ، فلما رأوه قالوا : يا أبا الفضل ، هذا والله التجلد لحر المصيبة ؛ قال : كلا ، والله الذي حلفتم به ، لقد افتتح محمد خيبر وترك عروسا على بنت ملكهم ، وأحرز أموالهم وما فيها فأصبحت له ولأصحابه ؛ قالوا : من جاءك بهذا الخبر ؟ قال : الذي جاءكم بما جاءكم به ، ولقد دخل عليكم مسلما ، فأخذ ماله ، فانطلق ليلحق بمحمد وأصحابه ، فيكون معه ؛ قالوا : يا لعباد الله انفلت عدو الله ، أما والله لو علمنا لكان لنا وله شأن ؛ قال : ولم ينشبوا أن جاءهم الخبر بذلك