قال ابن إسحاق [ ص: 379 ] : وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه عباد قال : حدثني أبي الذي أرضعني ، وكان أحد بني مرة بن عوف ، قال فلما قتل جعفر أخذ عبد الله بن رواحة الراية ، ثم تقدم بها ، وهو على فرسه ، فجعل يستنزل نفسه ، ويتردد بعض التردد ، ثم قال :
أقسمت يا نفس لتنزلنه لتنزلن أو لتكرهنه إن أجلب الناس وشدوا الرنه
مالي أراك تكرهين الجنه قد طال ما قد كنت مطمئنه
هل أنت إلا نطفة في شنه
وقال أيضا :
يا نفس إلا تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أعطيت إن تفعلي فعلهما هديت
يريد صاحبيه : زيدا وجعفرا ؛ ثم نزل فلما نزل أتاه ابن عم له بعرق من لحم فقال : شد بهذا صلبك ، فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت ، فأخذه من يده ثم انتهس منه نهسة ، ثم سمع الحطمة في ناحية الناس ، فقال : وأنت في الدنيا ثم ألقاه من يده ، ثم أخذ سيفه فتقدم ، فقاتل حتى قتل .
[ ابن الوليد وانصرافه بالناس ]
تم أخذ الراية ثابت بن أقرم أخو بني العجلان ، فقال : يا معشر المسلمين اصطلحوا على رجل منكم ، قالوا : أنت ، قال : ما أنا بفاعل . فاصطلح الناس على [ ص: 380 ] خالد بن الوليد ، فلما أخذ الراية دافع القوم . وحاشى بهم ثم انحاز وانحيز عنه ، حتى انصرف بالناس .