[ جرهم وقطوراء وما كان بينهما ]
قال ابن هشام : ويقال : مضاض بن عمرو الجرهمي .
قال ابن إسحاق : وبنو إسماعيل وبنو نابت مع جدهم مضاض بن عمرو [ ص: 112 ] وأخوالهم من جرهم . وجرهم وقطوراء يومئذ أهل مكة ، وهما ابنا عم .
وكانا ظعنا من اليمن ، فأقبلا سيارة ، وعلى جرهم مضاض بن عمرو ، وعلى قطوراء السميدع ، رجل منهم . وكانوا إذا خرجوا من اليمن لم يخرجوا إلا ولهم ملك يقيم أمرهم . فلما نزلا مكة رأيا بلدا ذا ماء وشجر ، فأعجبهما فنزلا به .
فنزل مضاض بن عمرو بمن معه من جرهم بأعلى مكة بقعيقعان فما حاز .
ونزل السميدع بقطوراء . أسفل مكة بأجياد فما حاز . فكان مضاض يعشر من دخل مكة من أعلاها ، وكان السميدع يعشر من دخل مكة من أسفلها ، وكل في قومه لا يدخل واحد منهما على صاحبه . ثم إن جرهم وقطوراء ، بغى بعضهم على بعض ، وتنافسوا الملك بها ، ومع مضاض يومئذ بنو إسماعيل وبنو نابت : وإليه ولاية البيت دون السميدع . فسار بعضهم إلى بعض ، فخرج مضاض بن عمرو من قعيقعان في كتيبته سائرا إلى السميدع ، ومع كتيبته عدتها من الرماح والدرق والسيوف والجعاب ، يقعقع بذلك معه ، فيقال : ما سمي قعيقعان بقعيقعان إلا لذلك .
وخرج السميدع من أجياد ومعه الخيل والرجال ، فيقال : ما سمي أجياد أجيادا إلا لخروج الجياد من الخيل مع السميدع منه . فالتقوا بفاضح ، واقتتلوا قتالا شديدا ، فقتل السميدع ، وفضحت قطوراء . فيقال : ما سمي فاضح فاضحا إلا لذلك . ثم إن القوم تداعوا [ ص: 113 ] إلى الصلح ، فساروا حتى نزلوا المطابخ : شعبا بأعلى مكة ، واصطلحوا به ، وأسلموا الأمر إلى مضاض . فلما جمع إليه أمر مكة فصار ملكها له ، نحر للناس فأطعمهم ، فاطبخ الناس وأكلوا ، فيقال : ما سميت المطابخ المطابخ إلا لذلك . وبعض أهل العلم يزعم أنها إنما سميت المطابخ ، لما كان تبع نحر بها وأطعم ، وكانت منزله . فكان الذي كان بين مضاض والسميدع أول بغي كان بمكة فيما يزعمون .