قال ابن إسحاق [ ص: 453 ] : ولما انهزم المشركون ، أتوا الطائف ومعهم مالك بن عوف ، وعسكر بعضهم بأوطاس ، وتوجه بعضهم نحو نخلة ، ولم يكن فيمن توجه نحو نخلة إلا بنو غيرة من ثقيف ، وتبعت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلك في نخلة من الناس ، ولم تتبع من سلك الثنايا .
فأدرك ربيعة بن رفيع بن أهبان بن ثعلبة بن ربيعة بن يربوع بن سمال بن عوف بن امرئ القيس ، وكان يقال له ابن الدغنة وهي أمه ، فغلبت على اسمه ، ويقال : ابن لذعة فيما قال ابن هشام دريد بن الصمة فأخذ بخطام جمله وهو يظن أنه امرأة وذلك أنه في شجار له ، فإذا برجل ، فأناخ به ، فإذا شيخ كبير ، وإذا هو دريد بن الصمة ولا يعرفه الغلام فقال له دريد : ماذا تريد بي قال : أقتلك .
قال : ومن أنت قال : أنا ربيعة بن رفيع السلمي ثم ضربه بسيفه ، فلم يغن شيئا ، فقال : بئس ما سلحتك أمك خذ سيفي هذا من مؤخر الرحل ، وكان الرحل في الشجار ، ثم اضرب به ، وارفع عن العظام ، واخفض عن الدماغ ، فإني كنت كذلك أضرب الرجال ، ثم إذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصمة ، فرب والله يوم قد منعت فيه نساءك فزعم بنو سليم أن ربيعة لما ضربه فوقع تكشف ، فإذا عجانه وبطون فخذيه مثل القرطاس ، من ركوب الخيل أعراء فلما رجع ربيعة إلى أمه أخبرها بقتله إياه ، فقالت : أما والله لقد أعتق أمهات لك ثلاثا . فقالت عمرة بنت دريد في قتل ربيعة دريدا [ ص: 454 ] :
لعمرك ما خشيت على دريد
ببطن سميرة جيش العناق جزى عنه الإله بني سليموعقتهم بما فعلوا عقاق وأسقانا إذا قدنا إليهم
دماء خيارهم عند التلاقي فرب عظيمة دافعت عنهم
وقد بلغت نفوسهم التراقي ورب كريمة أعتقت منهم
وأخرى قد فككت من الوثاق ورب منوه بك من سليم
أجبت وقد دعاك بلا رماق فكان جزاؤنا منهم عقوقا
وهما ماع منه مخ ساقي عفت آثار خيلك بعد أين
بذي بقر إلى فيف النهاق
وقالت عمرة بنت دريد أيضا :
قالوا قتلنا دريدا قلت قد صدقوا
فظل دمعي على السربال ينحدر لولا الذي قهر الأقوام كلهم
رأت سليم وكعب كيف تأتمر إذن لصبحهم غبا وظاهرة
حيث استقرت نواهم جحفل ذفر
قال ابن هشام : ويقال اسم الذي قتل دريدا : عبد الله بن قنيع بن أهبان بن ثعلبة بن ربيعة .