[ ] شأن أبي ذر
قال ابن إسحاق : [ ص: 524 ] فزعم بعض الناس أن زيدا تاب بعد ذلك ، وقال بعض الناس لم يزل متهما بشر حتى هلك . أبو ذر ، وأبطأ به بعيره ، فقال : دعوه ، فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم ، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه ؛ وتلوم أبو ذر على بعيره ، فلما أبطأ عليه ، أخذ متاعه فحمله على ظهره ، ثم خرج يتبع أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشيا . ونزل رسول الله في بعض منازله ، فنظر ناظر من المسلمين فقال : يا رسول الله ، إن هذا الرجل يمشي على الطريق وحده ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كن أبا ذر . فلما تأمله القوم قالوا : يا رسول الله ، هو والله أبو ذر ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رحم الله أبا ذر ، يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرا ، فجعل يتخلف عنه الرجل ، يقولون : يا رسول الله ، تخلف فلان ، فيقول : دعوه ، فإن يك فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم ، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله منه ، حتى قيل : يا رسول الله ، قد تخلف
وقال ابن إسحاق : فحدثني بريدة بن سفيان الأسلمي ، عن ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال : لما نفى عبد الله بن مسعود عثمان أبا ذر إلى الربذة ، وأصابه بها قدره ، لم يكن معه أحد إلا امرأته وغلامه ، فأوصاهما أن اغسلاني وكفناني ، ثم ضعاني على قارعة الطريق ، فأول ركب يمر بكم فقولوا : هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأعينونا على دفنه . فلما مات فعلا ذلك به . ثم وضعاه على قارعة الطريق ؛ وأقبل في رهط من عبد الله بن مسعود أهل العراق عمار ، فلم يرعهم إلا بالجنازة على ظهر الطريق ، قد كادت الإبل تطؤها ، وقام إليهم الغلام . فقال : هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأعينونا على دفنه . قال : فاستهل يبكي ويقول : صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تمشي وحدك وتموت وحدك ، وتبعث وحدك . ثم نزل هو وأصحابه فواروه ، ثم حدثهم عبد الله بن مسعود حديثه ، وما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره إلى عبد الله بن مسعود تبوك .