قال ابن إسحاق : فولي قصي البيت وأمر مكة ، وجمع قومه من منازلهم إلى مكة ، وتملك على قومه وأهل مكة فملكوه .
إلا أنه قد أقر للعرب ما كانوا عليه ، وذلك أنه كان يراه دينا في نفسه لا ينبغي تغييره . فأقر آل صفوان وعدوان والنسأة ومرة بن عوف على ما كانوا عليه ، حتى جاء الإسلام فهدم الله به ذلك كله .
فكان قصي أول بني كعب بن لؤي أصاب ملكا أطاع له به قومه ، فكانت [ ص: 125 ] إليه الحجابة ، والسقاية ، والرفادة ، والندوة ، واللواء ، فحاز شرف مكة كله .
وقطع مكة رباعا بين قومه ، فأنزل كل قوم من قريش منازلهم من مكة التي أصبحوا عليها ، ويزعم الناس أن قريشا هابوا قطع شجر الحرم في منازلهم فقطعها قصي بيده وأعوانه ، فسمته قريش مجمعا لما جمع من أمرها ، وتيمنت بأمره ، فما تنكح امرأة ، ولا يتزوج رجل من قريش ، وما يتشاورون في أمر نزل بهم ، ولا يعقدون لواء لحرب قوم من غيرهم إلا في داره ، يعقده لهم بعض ولده ، وما تدرع جارية إذا بلغت أن تدرع من قريش إلا في داره ، يشق عليها فيها درعها ثم تدرعه ، ثم ينطلق بها إلى أهلها .
فكان أمره في قومه من قريش في حياته ، ومن بعد موته ، كالدين المتبع لا يعمل بغيره . واتخذ لنفسه دار الندوة وجعل بابها إلى مسجد الكعبة ، ففيها كانت قريش تقضي أمورها .
قال ابن هشام : وقال الشاعر :
:
[ ص: 126 ] قصي لعمري كان يدعى مجمعا به جمع الله القبائل من فهر
قال ابن إسحاق : حدثني عبد الملك بن راشد عن أبيه قال : سمعت السائب بن خباب صاحب المقصورة يحدث ، أنه سمع رجلا يحدث ، وهو خليفة ، حديث عمر بن الخطاب قصي بن كلاب ، وما جمع من أمر قومه ، وإخراجه خزاعة وبني بكر من مكة ، وولايته البيت وأمر مكة ، فلم يرد ذلك عليه ولم ينكره .