[ عمرو بن حزم بعهده إليهم ] بعث الرسول
وقد [ ص: 595 ] كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليهم بعد أن ولى وفدهم عمرو بن حزم ، ليفقههم في الدين ، ويعلمهم السنة ومعالم الإسلام ، ويأخذ منهم صدقاتهم وكتب له كتابا عهد إليه فيه عهده ، وأمره فيه بأمره : يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ، عهد من محمد النبي رسول الله لعمرو بن حزم ، حين بعثه إلى اليمن ، أمره بتقوى الله في أمره كله ، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ، وأمره أن يأخذ بالحق كما أمره الله ، وأن يبشر الناس بالخير ، ويأمرهم به ، ويعلم الناس القرآن ، ويفقههم فيه ، وينهى الناس ، فلا يمس القرآن إنسان إلا وهو طاهر ، ويخبر الناس بالذي لهم ، والذي عليهم ، ويلين للناس في الحق ، ويشتد عليهم في الظلم ، فإن الله كره الظلم ، ونهى عنه ، فقال : ألا لعنة الله على الظالمين ويبشر الناس بالجنة وبعملها ، وينذر الناس النار وعملها ، ويستألف الناس حتى يفقهوا في الدين ، ويعلم الناس معالم الحج وسنته وفريضته ، وما أمر الله به ، والحج الأكبر : الحج الأكبر ، والحج الأصغر : هو العمرة . وينهى الناس أن يصلي أحد في ثوب واحد صغير ، إلا أن يكون ثوبا يثني طرفيه على عاتقيه ؛ وينهى الناس أن يحتبي أحد في ثوب واحد يفضي بفرجه إلى السماء ، وينهى أن يعقص أحد شعر رأسه في قفاه ، وينهى إذا كان بين الناس هيج عن الدعاء إلى القبائل والعشائر ، وليكن دعواهم إلى الله عز وجل وحده لا شريك له ، فمن لم يدع إلى الله ، ودعا إلى القبائل والعشائر فليقطفوا بالسيف ، حتى تكون دعواهم إلى الله وحده لا شريك له ، ويأمر الناس بإسباغ الوضوء وجوههم وأيديهم إلى المرافق وأرجلهم إلى الكعبين ويمسحون برءوسهم كما أمرهم الله ، وأمر بالصلاة لوقتها ، وإتمام الركوع والسجود والخشوع ، ويغلس بالصبح ، ويهجر بالهاجرة حين تميل الشمس ، وصلاة العصر والشمس في الأرض مدبرة ، والمغرب حين يقبل الليل ، لا يؤخر حتى تبدو النجوم في السماء ، والعشاء أول الليل ؛ وأمر بالسعي إلى الجمعة إذا نودي لها ، والغسل عند الرواح إليها ؛ وأمره أن يأخذ من المغانم خمس الله ؛ وما كتب على المؤمنين في الصدقة من العقار عشر ما سقت العين وسقت السماء ، وعلى ما سقى الغرب نصف العشر ؛ وفي كل عشر من الإبل شاتان ، وفي كل عشرين أربع شياه ، وفي كل أربعين من البقر بقرة ، وفي كل ثلاثين من البقر تبيع ، جذع أو جذعة ، وفي كل أربعين من الغنم سائمة وحدها ، شاة ، فإنها فريضة الله التي افترض على المؤمنين في الصدقة ، فمن زاد خيرا فهو خير له ؛ وأنه من أسلم من يهودي أو نصراني إسلاما خالصا من نفسه ، ودان بدين الإسلام ، فإنه من المؤمنين ، له مثل ما لهم ، وعليه مثل ما عليهم ، ومن كان على نصرانيته أو يهوديته فإنه لا يرد عنها ، وعلى كل حالم : ذكر أو أنثى ، حر أو عبد ، دينار واف أو عوضه ثيابا . فمن أدى ذلك ، فإن له ذمة الله وذمة رسوله ، ومن منع ذلك ، فإنه عدو لله ولرسوله وللمؤمنين جميعا ؛ صلوات الله على محمد ، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته [ ص: 596 ] . بسم الله الرحمن الرحيم : هذا بيان من الله ورسوله ،