قال ابن إسحاق : وحدثني من لا أتهم عن عبد الله بن كعب ، مولى عثمان بن عفان ، أنه حدث : أن ، بينا هو جالس في الناس في عمر بن الخطاب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ أقبل رجل من العرب داخلا المسجد ، يريد ، فلما نظر إليه عمر بن الخطاب عمر رضي الله عنه ، قال : إن هذا الرجل لعلى شركه ما فارقه بعد ، أو لقد كان كاهنا في الجاهلية . فسلم عليه الرجل ، ثم جلس ، فقال له عمر رضي الله عنه : هل أسلمت ؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، قال له : [ ص: 210 ] فهل كنت كاهنا في الجاهلية ؟ فقال الرجل : سبحان الله يا أمير المؤمنين لقد خلت في ، واستقبلتني بأمر ما أراك قلته لأحد من رعيتك منذ وليت ما وليت ؛ فقال عمر : اللهم غفرا ، قد كنا في الجاهلية على شر من هذا ، نعبد الأصنام ، ونعتنق الأوثان ، حتى أكرمنا الله برسوله وبالإسلام ؛ قال : نعم ، والله يا أمير المؤمنين ، لقد كنت كاهنا في الجاهلية ؛ قال : فأخبرني ما جاءك به صاحبك ، قال : جاءني قبل الإسلام بشهر أو شيعه ، فقال : ألم تر إلى الجن وإبلاسها ، وإياسها من دينها ، ولحوقها بالقلاص وأحلاسها .
قال ابن هشام : هذا الكلام سجع ، وليس بشعر . قال عبد الله بن كعب : فقال عند ذلك يحدث الناس : والله إني لعند وثن من أوثان الجاهلية في نفر من عمر بن الخطاب قريش ، قد ذبح له رجل من العرب عجلا ، فنحن ننتظر قسمه ليقسم لنا منه ، إذ سمعت من جوف العجل صوتا [ ص: 211 ] ما سمعت صوتا قط أنفذ منه ، وذلك قبيل الإسلام بشهر أو شيعه ، يقول : يا ذريح ، أمر نجيح ، رجل يصيح ، يقول : لا إله إلا الله
قال ابن هشام : ويقال : رجل يصيح ، بلسان فصيح ، يقول : لا إله إلا الله . وأنشدني بعض أهل العلم بالشعر :
:
عجبت للجن وإبلاسها وشدها العيس بأحلاسها تهوي إلى مكة تبغي الهدى
ما مؤمنو الجن كأنجاسها