فقال رجل من أهل اليمن - وهو يذكر ما ساق إليهم دوس من أمر الحبشة :
لا كدوس ولا كأعلاق رحله
فهي مثل باليمن إلى هذا اليوم ، وقال ذو جدن الحميري :
هونك ليس يرد الدمع ما فاتا لا تهلكي أسفا في إثر من ماتا
أبعد بينون لا عين ولا أثر وبعد سلحين يبني الناس أبياتا
دعيني لا أبا لك لن تطيقي لحاك الله قد أنزفت ريقي
لدي عزف القيان إذ انتشينا وإذ نسقى من الخمر الرحيق
وشرب الخمر ليس علي عارا إذا لم يشكني فيها رفيقي
فإن الموت لا ينهاه ناه ولو شرب الشفاء مع النشوق
[ ص: 39 ] ولا مترهب في أسطوان يناطح جدره بيض الأنوق
وغمدان الذي حدثت عنه بنوه مسمكا في رأس نيق
بمنهمة وأسفله جرون وحر الموحل اللثق الزليق
مصابيح السليط تلوح فيه إذا يمسي كتوماض البروق
ونخلته التي غرست إليه يكاد اليسر يهصر بالعذوق
فأصبح بعد جدته رمادا وغير حسنه لهب الحريق
وأسلم ذو نواس مستكينا وحذر قومه ضنك المضيق
لعمرك ما للفتى من مفر مع الموت يلحقه والكبر
[ ص: 40 ] لعمرك ما للفتى صحرة لعمرك ما إن له من وزر
أبعد قبائل من حمير أبيدوا صباحا بذات العبر
بألف ألوف وحرابة كمثل السماء قبيل المطر
يصم صياحهم المقربات وينفون من قاتلوا بالذفر
سعالي مثل عديد الترا ب تيبس منهم رطاب الشجر
أتوعدني كأنك ذو رعين بأفضل عيشة ، أو ذو نواس
وكائن كان قبلك من نعيم وملك ثابت في الناس راسي
قديم عهده من عهد عاد عظيم قاهر الجبروت قاسي
فأمسى أهله بادوا وأمسى يحول من أناس في أناس