[ عدوان قوم عمرو على صنمه ]
فلما قدموا المدينة أظهروا الإسلام بها ، وفي قومهم بقايا من شيوخ لهم على دينهم من الشرك ، منهم وكان ابنه عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة معاذ بن عمرو شهد العقبة ، وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها ، وكان سيدا من سادات عمرو بن الجموح بني سلمة ، وشريفا من أشرافهم ، وكان قد اتخذ في داره صنما من خشب ، يقال له : مناة كما كانت الأشراف يصنعون ، تتخذه إلها تعظمه وتطهره ، فلما أسلم فتيان بني سلمة : معاذ بن جبل ، وابنه في فتيان منهم ممن أسلم وشهد معاذ بن عمرو ( بن الجموح ) العقبة ، كانوا يدلجون بالليل على صنم عمرو ذلك ، فيحملونه فيطرحونه في بعض حفر بني سلمة ، وفيها عذر الناس ، منكسا على رأسه ، فإذا أصبح عمرو ، قال : ويلكم من عدا على آلهتنا هذه الليلة ؟ قال : ثم يغدو يلتمسه ، حتى إذا وجده غسله وطهره وطيبه ، ثم قال : أما والله لو أعلم من فعل هذا بك لأخزينه . فإذا أمسى ونام عمرو ، عدوا عليه ، ففعلوا به مثل ذلك ، فيغدو فيجده في مثل ما كان فيه من الأذى ، فيغسله ويطهره : ويطيبه ، ثم يعدون عليه إذا أمسى ، فيفعلون به مثل ذلك . فلما أكثروا عليه ، [ ص: 453 ] استخرجه من حيث ألقوه يوما ، فغسله وطهره وطيبه ، ثم جاء بسيفه فعلقه عليه ، ثم قال : إني والله ما أعلم من يصنع بك ما ترى ، فإن كان فيك خير فامتنع ، فهذا السيف معك . فلما أمسى ونام عمرو ، عدوا عليه فأخذوا السيف من عنقه ، ثم أخذوا كلبا ميتا فقرنوه به بحبل ، ثم ألقوه في بئر من آبار بني سلمة ، فيها عذر من عذر الناس ، ثم غدا فلم يجده في مكانه الذي كان به . عمرو بن الجموح
[ عمرو وشعره في ذلك ] إسلام
فخرج يتبعه حتى وجده في تلك البئر منكسا مقرونا بكلب ميت ، فلما رآه وأبصر شأنه ، وكلمه من أسلم من ( رجال ) قومه ، فأسلم برحمة الله ، وحسن إسلامه . فقال حين أسلم وعرف من الله ما عرف ، وهو يذكر صنمه ذلك وما أبصر من أمره ، ويشكر الله تعالى الذي أنقذه مما كان فيه من العمى والضلالة :
:
والله لو كنت إلها لم تكن أنت وكلب وسط بئر في قرن أف لملقاك إلها مستدن
الآن فتشناك عن سوء الغبن الحمد لله العلي ذي المنن
الواهب الرزاق ديان الدين هو الذي أنقذني من قبل أن
أكون في ظلمة قبر مرتهن بأحمد المهدي النبي المرتهن