وترجون من الله ما لا يرجون وكان الله عليما حكيما ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون .
عطف على جملة وخذوا حذركم إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا زيادة في تشجيعهم على قتال الأعداء ، وفي تهوين الأعداء في قلوب المسلمين ، لأن المشركين كانوا أكثر عددا من المسلمين وأتم عدة ، وما كان شرع قصر الصلاة ، إلا تحقيقا لنفي الوهن في الجهاد . وأحوال صلاة الخوف
[ ص: 190 ] والابتغاء مصدر ابتغى بمعنى بغى المتعدي ، أي الطلب ، وقد تقدم عند قوله أفغير دين الله تبغون في سورة آل عمران .
والمراد به هنا المبادأة بالغزو ، وأن لا يتقاعسوا ، حتى يكون المشركون هم المبتدئين بالغزو . تقول العرب : طلبنا بني فلان ، أي غزوناهم . والمبادئ بالغزو له رعب في قلوب أعدائه . وزادهم تشجيعا على طلب العدو بأن تألم الفريقين المتحاربين واحد ، إذ كل يخشى بأس الآخر ، وبأن للمؤمنين مزية على الكافرين ، وهي أنهم ، وذلك رجاء الشهادة إن قتلوا ، ورجاء ظهور دينه على أيديهم إذا انتصروا ، ورجاء الثواب في الأحوال كلها . وقوله من الله متعلق بـ ترجون . وحذف العائد المجرور بمن من جملة يرجون من الله ما لا يرجوه الكفار ما لا يرجون لدلالة حرف الجر الذي جر به اسم الموصول عليه ، ولك أن تجعل ماصدق ما لا يرجون هو النصر ، فيكون ، وأنهم آيسون منه بما قذف الله في قلوبهم من الرعب ، وهذا مما يفت في ساعدهم . وعلى هذا الوجه يكون قوله من الله اعتراضا أو حالا مقدمة على المجرور بالحرف ، والمعنى على هذا كقوله ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم . وعدا للمسلمين بأن الله ناصرهم ، وبشارة بأن المشركين لا يرجون لأنفسهم نصرا