وقرأ أبي وعبد الله : فهلا وكذا هو في مصحفيهما ، والتحضيض : أن يريد الإنسان فعل الشيء الذي يحض عليه ، وإذا كانت للتوبيخ : فلا يريد المتكلم الحض على ذلك الشيء ، كقول الشاعر :
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم بني ضوطري لولا الكمي المقنعا
لم يقصد حضهم على عقر الكمي المقنع ، وهنا وبخهم على ترك الإيمان النافع . والمعنى : فهلا آمن أهل القرية وهم على مهل لم يلتبس العذاب بهم ، فيكون الإيمان نافعا لهم في هذه الحال .
و ( قوم ) منصوب على الاستثناء المنقطع ، وهو قول سيبويه والكسائي والفراء والأخفش ، إذ ليسوا مندرجين تحت لفظ قرية . وقال : ويجوز أن يكون متصلا والجملة في معنى النفي ، كأنه قيل : ما آمنت قرية من القرى الهالكة إلا قوم الزمخشري يونس . وقال ابن عطية : هو بحسب اللفظ استثناء منقطع ، وكذلك رسمه النحويون ، وهو بحسب المعنى متصل لأن تقديره : ما آمن أهل قرية إلا قوم يونس ، والنصب هو الوجه ، ولذلك أدخله في باب ما لا يكون فيه إلا النصب ، وذلك مع انقطاع الاستثناء . وقالت فرقة : يجوز فيه الرفع ، وهذا مع اتصال الاستثناء . سيبويه
وقال المهدوي : والرفع على البدل من ( قرية ) وقال : وقرئ بالرفع على البدل عن الزمخشري الحرمي ، وتقدم الخلاف في قراءة ( يونس ) بضم النون وكسرها ، وذكر جواز فتحها . والكسائي
وقوم يونس : هم أهل نينوى من بلاد الموصل ، كانوا يعبدون الأصنام ، فبعث الله إليهم يونس فأقاموا على تكذيبه سبع سنين ، وتوعدهم العذاب بعد ثلاثة أيام . وقيل : بعد أربعين يوما .
وذكر المفسرون قصة قوم يونس وتفاصيل فيها وفي كيفية عذابهم . الله أعلم بصحة ذلك ويوقف على ذلك في كتبهم . وقال : وذكره عن جماعة أن قوم الطبري يونس خصوا من بين الأمم بأن تيب عليهم بعد معاينة العذاب . وقال : هؤلاء دنا منهم العذاب ولم يباشرهم كما باشر الزجاج فرعون ، فكانوا كالمريض الذي يخاف الموت ويرجو العافية ، فأما الذي يباشره العذاب فلا توبة له .
وقال : علم منهم صدق النيات بخلاف من تقدمهم من الهالكين . قال ابن الأنباري : ( إلى حين ) : إلى وقت انقضاء آجالهم . وقيل : إلى يوم القيامة ، وروي عن السدي ولعله لا يصح ، فعلى هذا يكونون باقين أحياء ، وسترهم الله عن الناس . ابن عباس