(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=117nindex.php?page=treesubj&link=28973بديع السماوات والأرض ) : لما ذكر أنه مالك لجميع من في السماوات والأرض ، وأنهم كل قانتون له ، وهم المظروف للسماوات والأرض ، ذكر الظرفين وخصهما بالبداعة ، لأنهما أعظم ما نشاهده من المخلوقات . وارتفاع " بديع " على أنه خبر مبتدأ محذوف ، وهو من باب الصفة المشبهة باسم الفاعل . فالمجرور مشبه بالمفعول ، وأصله الأول بديع سماواته ، ثم شبه الوصف فأضمر فيه ، فنصب السماوات ، ثم جر من نصب . وفيه أيضا ضمير يعود على الله تعالى ، ويكون المعنى في الأصل أنه تعالى بدعت سماواته ، أي جاءت في الخلق على شكل مبتدع لم يسبق نظيره . وهذا الوجه ابتدأ به
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، إلا أنه قال : وبديع السماوات من إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها ، وهذا ليس عندنا . كذلك بل من إضافة الصفة المشبهة إلى منصوبها . والصفة عندنا لا تكون مشبهة حتى تنصب أو تخفض ، وأما إذا رفعت ما بعدها فليس - عندنا - صفة مشبهة ؛ لأن عمل الرفع في الفاعل يستوي فيه الصفات المتعدية وغير المتعدية . فإذا قلنا : زيد قائم أبوه ، فقائم رافع للأب على حد رفع ضارب له . إذا قلت : زيد ضارب أبوه عمرا ، لا تقول : إن قائما هنا من حيث عمل الرفع شبه بضارب ، وإذا كان كذلك ، فإضافة اسم الفاعل إلى مرفوعه لا يجوز لما تقرر في علم العربية ، إلا إن أخذنا كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري على التجوز فيمكن ، ويكون المعنى من إضافة الصفة المشبهة إلى ما كان فاعلا بها قبل أن يشبه . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وجها ثانيا قال : وقيل البديع بمعنى المبدع ، كما أن السميع في قول
عمرو :
أمن ريحانة الداعي السميع
بمعنى المسمع ، وفيه نظر . انتهى كلامه . وهذا الوجه لم يذكر
ابن عطية غيره ، قال : وبديع مصروف من مبدع ، كبصير من مبصر ، ومنه قول
عمرو بن معدي كرب :
أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع
يريد : المسمع والمبدع والمنشئ ، ومنه أصحاب البدع ، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب في صلاة رمضان : نعمت البدعة هذه ، انتهى . والنظر الذي ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري - والله أعلم - أن فعيلا بمعنى مفعل لا ينقاس مع أن بيت
عمرو محتمل للتأويل . وعلى هذا الوجه يكون من باب إضافة اسم الفاعل لمفعوله . وقرأ
المنصور : بديعا بالنصب على المدح ، وقرئ بالجر على أنه بدل من الضمير في له .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=117nindex.php?page=treesubj&link=28973بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) : لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ مَالِكٌ لِجَمِيعِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَأَنَّهُمْ كُلٌّ قَانِتُونَ لَهُ ، وَهُمُ الْمَظْرُوفُ لِلسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، ذَكَرَ الظَّرْفَيْنِ وَخَصَّهُمَا بِالْبَدَاعَةِ ، لِأَنَّهُمَا أَعْظَمُ مَا نُشَاهِدُهُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ . وَارْتِفَاعُ " بَدِيعُ " عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، وَهُوَ مِنْ بَابِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ . فَالْمَجْرُورُ مُشَبَّهٌ بِالْمَفْعُولِ ، وَأَصْلُهُ الْأَوَّلُ بَدِيعُ سَمَاوَاتِهِ ، ثُمَّ شَبَّهَ الْوَصْفَ فَأَضْمَرَ فِيهِ ، فَنَصَبَ السَّمَاوَاتِ ، ثُمَّ جَرَّ مَنْ نَصَبَ . وَفِيهِ أَيْضًا ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ تَعَالَى بُدِعَتْ سَمَاوَاتُهُ ، أَيْ جَاءَتْ فِي الْخَلْقِ عَلَى شَكْلٍ مُبْتَدَعٍ لَمْ يَسْبِقْ نَظِيرُهُ . وَهَذَا الْوَجْهُ ابْتَدَأَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ : وَبَدِيعُ السَّمَاوَاتِ مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ إِلَى فَاعِلِهَا ، وَهَذَا لَيْسَ عِنْدَنَا . كَذَلِكَ بَلْ مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ إِلَى مَنْصُوبِهَا . وَالصِّفَةُ عِنْدَنَا لَا تَكُونُ مُشَبَّهَةً حَتَّى تَنْصِبَ أَوْ تَخْفِضَ ، وَأَمَّا إِذَا رَفَعَتْ مَا بَعْدَهَا فَلَيْسَ - عِنْدَنَا - صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الرَّفْعِ فِي الْفَاعِلِ يَسْتَوِي فِيهِ الصِّفَاتُ الْمُتَعَدِّيَةُ وَغَيْرُ الْمُتَعَدِّيَةِ . فَإِذَا قُلْنَا : زَيْدٌ قَائِمٌ أَبُوهُ ، فَقَائِمٌ رَافِعٌ لِلْأَبِ عَلَى حَدِّ رَفْعِ ضَارِبٍ لَهُ . إِذَا قُلْتَ : زَيْدٌ ضَارِبٌ أَبُوهُ عَمْرًا ، لَا تَقُولُ : إِنَّ قَائِمًا هُنَا مِنْ حَيْثُ عَمِلَ الرَّفْعَ شُبِّهَ بِضَارِبٍ ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ، فَإِضَافَةُ اسْمِ الْفَاعِلِ إِلَى مَرْفُوعِهِ لَا يَجُوزُ لِمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ ، إِلَّا إِنْ أَخَذْنَا كَلَامَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ عَلَى التَّجَوُّزِ فَيُمْكِنُ ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى مِنْ إِضَافَةِ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ إِلَى مَا كَانَ فَاعِلًا بِهَا قَبْلَ أَنْ يُشَبَّهَ . وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَجْهًا ثَانِيًا قَالَ : وَقِيلَ الْبَدِيعُ بِمَعْنَى الْمُبْدِعِ ، كَمَا أَنَّ السَّمِيعَ فِي قَوْلِ
عَمْرٍو :
أَمِنْ رَيْحَانَةَ الدَّاعِي السَّمِيعُ
بِمَعْنَى الْمُسْمِعِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ . انْتَهَى كَلَامُهُ . وَهَذَا الْوَجْهُ لَمْ يَذْكُرِ
ابْنُ عَطِيَّةَ غَيْرَهُ ، قَالَ : وَبَدِيعٌ مَصْرُوفٌ مِنْ مُبْدِعٍ ، كَبَصِيرٍ مِنْ مُبْصِرٍ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
عَمْرِو بْنِ مَعْدِي كَرِبَ :
أَمِنْ رَيْحَانَةَ الدَّاعِي السَّمِيعُ يُؤَرِّقُنِي وَأَصْحَابِي هُجُوعُ
يُرِيدُ : الْمُسْمِعُ وَالْمُبْدِعُ وَالْمُنْشِئُ ، وَمِنْهُ أَصْحَابُ الْبِدَعِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي صَلَاةِ رَمَضَانَ : نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ ، انْتَهَى . وَالنَّظَرُ الَّذِي ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ فَعِيلًا بِمَعْنَى مُفْعِلٍ لَا يَنْقَاسُ مَعَ أَنَّ بَيْتَ
عَمْرٍو مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ . وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ مِنْ بَابِ إِضَافَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ لِمَفْعُولِهِ . وَقَرَأَ
الْمَنْصُورُ : بَدِيعًا بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَدْحِ ، وَقُرِئَ بِالْجَرِّ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي لَهُ .