روي أنه قال للرسول - عليه السلام - المشركون : استلم بعض آلهتنا ونؤمن بإلهك ، و ( غير ) منصوب بـ ( أعبد ) .
قال الأخفش : ( تأمروني ) ملغاة ، وعنه أيضا : ( أفغير ) نصب بـ ( تأمروني ) لا بـ ( أعبد ) ؛ لأن الصلة لا تعمل فيما قبلها ، إذ الموصول منه حذف فرفع ، كما في قوله :
ألا أيها ذا الزاجري أحضر الوغى
والصلة مع الموصول في موضع النصب بدل منه ، أي : أفغير الله تأمرونني عبادته ؟ والمعنى : أتأمرونني بعبادة غير الله ؟ .
وقال : أو ينصب بما يدل عليه جملة قوله : ( الزمخشري تأمروني أعبد ) ؛ لأنه في معنى تعبدون وتقولون لي : أعبده ، وأفغير الله تقولون لي أعبد ، فكذلك أفغير الله تقولون لي أن أعبده ، وأفغير الله تأمروني أن أعبد .
والدليل على صحة هذا الوجه [ ص: 439 ] قراءات من قرأ ( أعبد ) بالنصب ، يعني : بنصب الدال بإضمار أن . وقرأ الجمهور : ( تأمروني ) ، بإدغام النون في نون الوقاية وسكون الياء ; وفتحها ابن كثير .
وقرأ ابن عامر : ( تأمرنني ) ، بنونين على الأصل ; ونافع : ( تأمرني ) ، بنون واحدة مكسورة وفتح الياء . قال ابن عطية : وهذا على حذف النون الواحدة ، وهي الموطئة لياء المتكلم ، ولا يجوز حذف النون الأولى ، وهو لحن ؛ لأنها علامة رفع الفعل . انتهى .
وفي المسألة خلاف ، منهم من يقول : المحذوفة نون الرفع ، ومنهم من يقول : نون الوقاية ، وليس بلحن ؛ لأن التركيب متفق عليه ، والخلاف جرى في أيهما حذف ، ونختار أنها نون الرفع .
ولما كان الأمر بعبادة غير الله لا يصدر إلا من غبي جاهل ، ناداهم بالوصف المقتضي ذلك فقال : ( أيها الجاهلون ) .
ولما كان الإشراك مستحيلا على من عصمه الله ، وجب تأويل قوله : ( لئن أشركت ) أيها السامع ، ومضى الخطاب على هذا التأويل . ويدل على هذا التأويل أنه ليس براجع الخطاب للرسول إفراد الخطاب في ( لئن أشركت ) ، إذ لو كان هو المخاطب ، لكان التركيب : لئن أشركتما ، فيشمل ضمير هو ضمير الذين من قبله ، ويغلب الخطاب .
وقال : ( فإن قلت ) : المومى إليهم جماعة ، فكيف قال : ( الزمخشري لئن أشركت ) على التوحيد ؟ ( قلت ) معناه : لئن أوحي إليك ، لئن أشركت ليحبطن عملك ، وإلى الذين من قبلك مثله ، وأوحي إليك وإلى كل واحد منهم ( لئن أشركت ) ، كما تقول : كسانا حلة ، أي : كل واحد منا . ( فإن قلت ) : كيف يصح هذا الكلام مع علم الله تعالى أن رسله لا يشركون ولا يحبط أعمالهم ؟ ( قلت ) : هو على سبيل الفرض والمحالات يصح فرضها ثم ذكر كلاما يوقف عليه في كتابه .
ويستدل بهذه الآية على حبوط عمل المرتد من صلاة وغيرها . و ( أوحي ) مبني للمفعول ، ويظهر أن الوحي هو هذه الجمل من قوله : ( لئن أشركت ) إلى : ( من الخاسرين ) ، وهذا لا يجوز على مذهب البصريين ؛ لأن الجمل لا تكون فاعلة ، فلا تقوم مقام الفاعل .
وقال مقاتل : أوحى إليك بالتوحيد ، والتوحيد محذوف . ثم قال : ( لئن أشركت ليحبطن عملك ) ، والخطاب للنبي - عليه السلام - خاصة . انتهى .
فيكون الذي أقيم مقام الفاعل هو الجار والمجرور ، وهو إليك ، وبالتوحيد فضلة يجوز حذفها لدلالة ما قبلها عليها . وقرأ الجمهور : ( ليحبطن ) مبنيا للفاعل ، ( عملك ) : رفع به . وقرئ : ( ليحبطن ) بالياء ، من أحبط عمله بالنصب ، أي : ليحبطن الله عملك ، أو الإشراك عملك .
وقرئ بالنون أي : ( لنحبطن عملك ) بالنصب ، والجلالة منصوبة بقوله : ( فاعبد ) على حد قولهم : زيدا فاضرب ، وله تقرير في النحو وكيف دخلت هذه الفاء .
وقال الفراء : إن شئت نصبه بفعل مضمر قبله ، كأنه يقدر : اعبد الله فاعبده .
وقال : ( الزمخشري بل الله فاعبد ) ، لما أمروه به من استلام بعض آلهتهم ، كأنه قال : لا تعبد ما أمروك بعبادته ، بل إن كنت عاقلا فاعبد الله ، فحذف الشرط وجعل تقدم المفعول عوضا منه . انتهى .
ولا يكون تقدم المفعول عوضا من الشرط لجواز أن يجيء : زيد فعمرا اضرب . فلو كان عوضا ، لم يجز الجمع بينهما .
( وكن من الشاكرين ) لأنعمه التي أعظمها الهداية لدين الله . وقرأ عيسى : ( بل الله ) بالرفع ، والجمهور : بالنصب .
( وما قدروا الله حق قدره ) أي : ما عرفوه حق معرفته ، وما قدروه في أنفسهم حق تقديره ، إذ أشركوا معه غيره ، وساووا بينه وبين الحجر والخشب في العبادة .
وقرأ : ( الأعمش حق قدره ) بفتح الدال ; وقرأ الحسن ، وعيسى ، وأبو نوفل ، وأبو حيوة ( وما قدروا ) بتشديد الدال ، ( حق قدره ) : بفتح الدال ، أي : ما عظموه حقيقة تعظيمه . والضمير في ( قدروا ) ، قال : في كفار ابن عباس قريش ، كانت هذه الآية كلها محاورة لهم وردا عليهم . وقيل : نزلت في قوم من اليهود تكلموا في صفات الله وجلاله ، فألحدوا وجسموا وجاءوا بكل تخليط . وهذه الجملة مذكورة في الأنعام وفي الحج وهنا .
ولما أخبر أنهم ما عرفوه حق معرفته ، نبههم على عظمته وجلالة شأنه على [ ص: 440 ] طريق التصوير والتخييل فقال : ( والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه ) .
وقال : والغرض من هذا الكلام ، إذا أخذته كما هو بجملته ومجموعه تصوير عظمته ، والتوقيف على كنه جلاله لا غير ، من غير ذهاب بالقبضة ولا باليمين إلى جهة حقيقة أو جهة مجاز . انتهى . الزمخشري
ويعني : أو جهة مجاز معين ، والإخبار : التصوير ، والتخييل هو من المجاز . وقال غيره : الأصل في الكلام حمله على حقيقته ، فإن قام دليل منفصل على تعذر حمله عليها ، تعين صرفه إلى المجاز .
فلفظ القبضة واليمين حقيقة في الجارحة ، والدليل العقلي قائم على امتناع ثبوت الأعضاء والجوارح لله تعالى ، فوجب الحمل على المجاز ، وذلك أنه يقال : فلان في قبضة فلان ، إذا كان تحت تدبيره وتسخيره ، ومنه : ( أو ما ملكت أيمانهم ) ، فالمراد كونه مملوكا لهم ، وهذه الدار في يد فلان ، وقبض فلان كذا ، وصار في قبضته ، يريدون خلوص ملكه ، وهذا كله مجاز مستفيض مستعمل .
وقال ابن عطية : اليمين هنا والقبضة عبارة عن القدرة ، وما اختلج في الصدر من غير ذلك باطل .
وما ذهب إليه القاضي ، يعني ابن الطيب ، من أنها صفات زائدة على صفات الذات ، قول ضعيف ، وبحسب ما يختلج في النفوس التي لم يحصها العلم .
قال عز وجل : ( سبحانه وتعالى عما يشركون ) أي : منزه عن جميع الشبه التي لا تليق به . انتهى .
وقال القفال : هذا كقول القائل : وما قدرني حق قدري ، وأنا الذي فعلت كذا وكذا ، أي : لما عرفت أن حالي وصفتي هذا الذي ذكرت ، وجب أن لا تخطئ عن قدري ومنزلتي ، ونظيره : ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ) ، أي : كيف تكفرون بمن هذه صفته وحال ملكه ؟ فكذا هنا ، ( وما قدروا الله حق قدره ) أي : زعموا أن له شركاء ، وأنه لا يقدر على إحياء الموتى ، مع أن الأرض والسماوات في قبضة قدرته . انتهى .
( والأرض ) أي : والأرضون السبع ، ولذلك أكد بقوله : ( جميعا ) ، وعطف عليه ( والسماوات ) ، وهو جمع ، والموضع موضع تفخيم ، فهو مقتض المبالغة . والقبضة : المرة الواحدة من القبض ، وبالضم : المقدار المقبوض بالكف ، ويقال في المقدار : قبضته بالفتح ، تسمية له بالقدر ، فاحتمل هنا هذا المعنى . واحتمل أن يراد المصدر على حذف مضاف ، أي : ذوات قبضة ، أي : يقبضهن قبضة واحدة ، فالأرضون مع سعتها وبسطتها لا يبلغن إلا قبضة كف ، وانتصب جميعا على الحال .
قال الحوفي : والعامل في الحال ما دل عليه قبضته . انتهى .
ولا يجوز أن يعمل فيه قبضته ، سواء كان مصدرا ، أم أريد به المقدار .
وقال : ومع القصد إلى الجمع يعني في الأرض ، وأنه أريد بها الجمع قال : وتأكيده بالجميع ، أتبع الجميع مؤكدة قبل مجيء ذلك الخبر ، ليعلم أول الأمر أن الخبر الذي يرد لا يقع عن أرض واحدة ، ولكن عن الأراضي كلهن . انتهى . الزمخشري
ولم يذكر العامل في الحال ، و ( يوم القيامة ) معمول لقبضته . وقرأ الحسن : ( قبضته ) بالنصب . قال ابن خالويه : بتقدير في قبضته ، هذا قول الكوفيين .
وأما أهل البصرة فلا يجيزون ذلك ، كما لا يقال : زيد دارا . انتهى .
وقال : جعلها ظرفا مشبها للوقت بالمبهم . وقرأ الزمخشري عيسى ، والجحدري : ( مطويات ) بالنصب على الحال ، وعطف ( والسماوات ) على ( الأرض ) فهي داخلة في حيز ( والأرض ) فالجميع قبضته . وقد استدل بهذه القراءة الأخفش على جواز : زيد قائما في الدار ، إذ أعرب ( والسماوات ) مبتدأ ، و ( بيمينه ) الخبر ، وتقدمت الحال والمجرور ، ولا حجة فيه ، إذ يكون ( والسماوات ) معطوفا على ( والأرض ) ، كما قلنا ، و ( بيمينه ) متعلق بـ ( مطويات ) ، و ( مطويات ) : من الطي الذي هو ضد النشر ، كما قال تعالى : ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب ) وعادة طاوي السجل أن يطويه بيمينه . وقيل : قبضته ملكه بلا مدافع ولا منازع ، وبيمينه : وبقدرته .
قال : وقيل : ( الزمخشري مطويات بيمينه ) : مفنيات بقسمه ؛ لأنه أقسم أن يفنيها ; ثم أخذ ينحي على من تأول هذا التأويل بما [ ص: 441 ] يوقف عليه في كتابه ، وإنما قدر عظمته بما سبق إردافه أيضا بما يناسب من ذلك ، إذ كان فيما تقدم ذكر حال الأرض والسماوات يوم القيامة ، فقال : ( ونفخ في الصور ) ، وهل النفخ في الصور ثلاث مرات أو نفختان ؟ قول الجمهور : فنفخة الفزع هي نفخة الصعق ، والصعق هنا الموت ، أي : فمات من في السماوات ومن في الأرض .
قال ابن عطية : والصور هنا : القرن ، ولا يتصور هنا غير هذا . ومن يقول : الصور جمع صورة ، فإنما يتوجه قوله في نفخة البعث . وروي أن بين النفختين أربعين . انتهى ، ولم يعين .
وقراءة قتادة ، هنا : في ( الصور ) ، بفتح الواو جمع صورة ، يعكر على قول وزيد بن علي ابن عطية ؛ لأنه لا يتصور هنا إلا أن يكون القرن ، بل يكون هذا النفخ في ( الصور ) مجازا عن مشارفة الموت وخروج الروح .
وقرئ : ( فصعق ) بضم الصاد ، والظاهر أن الاستثناء معناه : ( إلا من شاء الله ) ، فلم يصعق أي : لم يمت ، والمستثنون : جبريل ، و ميكائيل ، و إسرافيل ، و ملك الموت ، أو رضوان خازن الجنة ، و الحور ، و مالك ، و الزبانية ; أو المستثنى الله ، أقوال آخرها للحسن ، وما قبله للضحاك .
وقيل : الاستثناء يرجع إلى من مات قبل الصعقة الأولى ، أي : يموت من في السماوات والأرض إلا من سبق موته ؛ لأنهم كانوا قد ماتوا ، وهذا نظير : ( لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ) ، ( ثم نفخ فيه أخرى ) واحتمل أخرى على أن تكون في موضع نصب ، والقائم مقام الفاعل الجار والمجرور ، كما أقيم في الأول ، وأن يكون في موضع رفع مقاما مقام الفاعل ، كما صرح به في قوله : ( فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة ) .
( فإذا هم قيام ينظرون ) أي : أحياء قد أعيدت لهم الأبدان والأرواح ، ( ينظرون ) أي : ينتظرون ما يؤمرون ، أو ينتظرون ماذا يفعل بهم ، أو يقلبون أبصارهم في الجهات نظر المبهوت إذا فاجأه خطب عظيم .
والظاهر قيامهم الذي هو ضد القعود لأجل استيلاء الذهن عليهم . وقرأ زيد بن علي : ( قياما ) بالنصب على الحال ، وخبر المبتدأ الظرف الذي هو إذا الفجائية ، وهي حال لا بد منها ، إذ هي محط الفائدة ، إلا أن يقدر الخبر محذوفا ، أي : فإذا هم مبعوثون ، أي : موجودون قياما .
وإن نصبت قياما على الحال ، فالعامل فيها ذلك الخبر المحذوف . إن قلنا : الخبر محذوف ، وأن لا عامل ، فالعامل هو العامل في الظرف ، إن كان إذا ظرف مكان على ما يقتضيه كلام سيبويه ، فتقديره : فبالحضرة هم قياما ; وإن كان ظرف زمان ، كما ذهب إليه ، فتقديره : ففي ذلك الزمان الذي نفخ فيه ، هم أي : وجودهم ، واحتيج إلى تقدير هذا المضاف ؛ لأن ظرف الزمان لا يكون خبرا عن الجثة ; وإن كانت إذا حرفا ، كما زعم الكوفيون ، فلا بد من تقدير الخبر ، إلا إن اعتقد أن ينظرون هو الخبر ، ويكون ينظرون عاملا في الحال . الرياشي
وقرأ الجمهور : ( وأشرقت ) مبنيا للفاعل ، أي : أضاءت ; ، وابن عباس ، وعبيد بن عمير وأبو الجوزاء : مبنيا للمفعول من شرقت بالضوء تشرق ، إذا امتلأت به واغتصت وأشرقها الله ، كما تقول : ملأ الأرض عدلا وطبقها عدلا ، قاله الزمخشري .
وقال ابن عطية : وهذا إنما يترتب على فعل يتعدى ، فهذا على أن يقال : أشرق البيت وأشرقه السراج ، فيكون الفعل مجاوزا وغير مجاوز ، كرجع ورجعته ووقف ووقفته .
والأرض في هذه الآية : الأرض المبدلة من الأرض المعروفة ، ومعنى أشرقت : أضاءت وعظم نورها . انتهى .
وقال صاحب اللوامح : وجب أن يكون الإشراق على هذه القراءة منقولا من شرقت الشمس إذا طلعت ، فيصير متعديا بالفعل بمعنى : أذهبت ظلمة الأرض ، ولا يجوز أن يكون من أشرقت إذا أضاءت ، فإن ذلك لازم ، وهذا قد تعدى إلى الأرض لما لم يذكر الفاعل ، وأقيمت الأرض مقامه ; وهذا على معنى ما ذهب إليه بعض المتأخرين من غير أن يتقدم في ذلك ؛ لأن من الأفعال ما يكون متعديا لازما معا على مثال واحد . انتهى .
وفي الحديث الصحيح : " [ ص: 442 ] ( يحشر الناس على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ، ليس بها علم لأحد بنور ربها ) . قيل : يخلق الله نورا يوم القيامة ، فيلبسه وجه الأرض ، فتشرق الأرض به ، وقال : النور هنا ليس من نور الشمس والقمر ، بل هو نور يخلقه الله فيضيء الأرض . ابن عباس
وروي أن الأرض يومئذ من فضة ، والمعنى : أشرقت بنور خلقه الله تعالى ، أضافه إليه إضافة الملك إلى الملك .
وقال : استعار الله النور للحق والقرآن والبرهان في مواضع من التنزيل ، وهذا من ذلك . والمعنى : وأشرقت الأرض بما يقيمه فيها من الحق والعدل ، وبسط من القسط في الحسنات ، ووزن الحسنات والسيئات ، وينادي عليه بأنه مستعار إضافته إلى اسمه ؛ لأنه هو الحق العدل ، وإضافة اسمه إلى الأرض ؛ لأنه يزينها حين ينشر فيها عدله ، وينصب فيها موازين قسطه ، ويحكم بالحق بين أهلها ، ولا ترى أزين للبقاع من العدل ولا أعمر لها منه . الزمخشري
ويقولون للملك العادل : أشرقت الآفاق بعدلك وأضاءت الدنيا بقسطك ، كما يقولون : أظلمت البلاد بجور فلان .
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " " ، وكما فتح الآية بإثبات العدل ، ختمها بنفي الظلم . الظلم ظلمات يوم القيامة
( ووضع الكتاب ) أي : صحائف الأعمال ، ووحد لأنه اسم جنس ، وكل أحد له كتاب على حدة ، وأبعد من قال : الكتاب هنا اللوح المحفوظ .
وروي ذلك عن ، ولعله لا يصح ، وقد ضعف بأن الآية سيقت مقام التهديد في سياق الخبر . ابن عباس
( وجيء بالنبيين ) ليشهدوا على أممهم ، ( والشهداء ) ، قيل : جمع شاهد ، وهم الذين يشهدون على الناس بأعمالهم .
وقيل : هم الرسل من الأنبياء . وقيل : أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ، يشهدون للرسل .
وقال عطاء ، ومقاتل ، وابن زيد : الحفظة .
وقال ابن زيد أيضا : النبيون ، والملائكة ، وأمة محمد - عليه السلام - ، والجوارح . وقال قتادة : الشهداء جمع شهيد ، وليس فيه توعد ، وهو مقصود الآية .
( وقضي بينهم ) أي : بين العالم ، ولذلك قسموا بعد إلى قسمين : أهل النار ، وأهل الجنة ، ( بالحق ) أي : بالعدل .
( ووفيت كل نفس ) أي : جوزيت مكملا .
( وهو أعلم بما يفعلون ) ، فلا يحتاج إلى كاتب ولا شاهد ، وفي ذلك وعيد وزيادة تهديد .