(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197nindex.php?page=treesubj&link=28973فمن فرض فيهن الحج ) أي : من ألزم نفسه الحج فيهن ، وأصل الفرض الحز الذي يكون في السهام والقسي وغيرها ، ومنه فرضة النهر والجبل ، والمراد بهذا الفرض ما يصير به المحرم محرما . قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : وهو الإهلال بالحج والإحرام ، وقال
عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس : هو أن يلبي ، وبه قال جماعة من الصحابة والتابعين - رحمهم الله - وهي رواية
شريك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أن فرض الحج بالتلبية . وروي عن
عائشة : لا إحرام إلا لمن أهل ولبى ، وأخذ به
[ ص: 87 ] أبو حنيفة وأصحابه ،
وابن حبيب ، وقالوا هم وأهل الظاهر : إنها ركن من أركان الحج . وقال
أبو حنيفة وأصحابه : إذا قلد بدنته وساقها يريد الإحرام ، فقد أحرم ، قوله هذا على أن مذهبه وجوب التلبية ، أو ما قام مقامها من الدم ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : إذا قلد بدنته وساقها فقد أحرم ، وروي عن
علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=7246وقيس بن سعد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
وعطاء ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ،
nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير : أنه لا يكون محرما بذلك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وقتادة ،
والحسن : فرض الحج الإحرام به ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وهذه الأقوال كلها مع اشتراط النية . وملخص ذلك أنه يكون محرما بالنية والإحرام عند
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وبالنية والتلبية أو سوق الهدي عند
أبي حنيفة ، أو النية وإشعار الهدي أو تقليده عند جماعة من العلماء . و " من " شرطية أو موصولة ، و " فيهن " متعلق بفرض ، والضمير عائد على " أشهر " ولم يقل : فيها لأن أشهرا جمع قلة ، وهو جار على الكثير المستعمل من أن جمع القلة لما لا يعقل يجرى مجرى الجمع مطلقا للعاقلات على الكثير المستعمل أيضا ، وقال قوم : هما سواء في الاستعمال .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197nindex.php?page=treesubj&link=28973فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) ، الرفث هنا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير ،
وقتادة ،
والحسن ،
وعكرمة ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
والسدي : هو الجماع . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
وعطاء وغيرهم : هو الإفحاش للمرأة بالكلام ، كقوله إذا أحللنا فعلنا بك كذا لا يكني ، وقال قوم : الإفحاش بذكر النساء ، كان ذلك بحضرتهن أم لا . وقال قوم : الرفث كلمة جامعة لكل ما يريد الرجل من أهله ، وقال
أبو عبيدة : هو اللغو من الكلام ، وقال
ابن الزبير : هو التعرض بمعانقة ومواعدة أو مداعبة أو غمز .
وملخص هذه الأقوال أنها دائرة بين شيء يفسده وهو الجماع ، أو شيء لا يليق لمن كان ملتبسا بالحج لحرمة الحج .
والفسوق : فسر هذا بفعل ما نهي عنه في الإحرام من قتل صيد وحلق شعر ، والمعاصي كلها لا يختص منها شيء دون شيء . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وعطاء ،
والحسن ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس . أو الذبح للأصنام ، ومنه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145أو فسقا أهل لغير الله به ) . قاله
ابن زيد ،
ومالك . أو التنابذ بالألقاب قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=11بئس الاسم الفسوق ) . قاله
الضحاك . أو السباب ، ومنه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10373931سباب المسلم فسوق " . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أيضا ،
ومجاهد ،
وعطاء ،
وإبراهيم ،
والسدي ، ورجح
nindex.php?page=showalam&ids=16935محمد بن جرير أنه ما نهي عنه الحاج في إحرامه لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197nindex.php?page=treesubj&link=28973فمن فرض فيهن الحج ) .
وقد علم أن جميع المعاصي محرم على كل أحد من محرم وغيره ، وكذلك التنابذ ، ورجح
ابن عطية والقرطبي المفسر وغيرهما قول من قال : إنه جميع المعاصي لعمومه جميع الأقوال والأفعال : ولأنه قول الأكثر من الصحابة والتابعين : ولأنه روي :
" والذي نفسي بيده ، ما بين السماء والأرض عمل أفضل من الجهاد في سبيل الله ، أو حجة مبرورة لا رفث فيها ولا فسوق ولا جدال " . وقال العلماء : الحج المبرور هو الذي لم يعص الله في أثناء أدائه : وقال
الفراء : هو الذي لم يعص الله بعده . والجدال : هنا مماراة المسلم حتى يغضب ، فأما في مذاكرة العلم فلا نهي عنها ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
وعطاء ،
ومجاهد . أو السباب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
وقتادة . أو الاختلاف أيهم صادف موقف أبيهم ؟ وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية ، تقف
قريش في غير موقف العرب ، ثم يتجادلون بعد ذلك ، قاله
ابن زيد ،
ومالك . أو يقول قوم : الحج اليوم ، وقوم : الحج غدا ، قاله
القاسم . أو المماراة في الشهور حسبما كانت العرب عليه من الذي كانوا ربما جعلوا الحج في غير ذي الحجة ، ويقف بعضهم بجمع ، وبعضهم
بعرفة ، ويتمارون في الصواب من ذلك ، قاله
مجاهد .
قال
ابن عطية : وهذا أصح الأقوال ، وأظهرها ، قرر الشرع وقت الحج ، وإحرامه حتم لا جدال فيه . أو قول
[ ص: 88 ] طائفة : حجنا أبر من حجكم ، وتقول الأخرى مثل ذلك ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرطبي ، أو الفخر بالآباء ، قاله بعضهم ، أو قول الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم - إنا أهللنا بالحج حين قال في حجة الوداع : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10373933من لم يكن معه هدي فليحلل من إحرامه وليجعلها عمرة " ، قاله
مقاتل . أو المراء مع الرفقاء والخدام والمكارين ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري . أو كل ما يسمى جدالا للتغالب وحظ النفس ، فتدخل فيه الأقوال التسعة السابقة .
والفاء ، في " فلا رفث " هي الداخلة في جواب الشرط ، إن قدر " من " شرطا ، وهو الأظهر ، أو في الخبر إن قدر " من " موصولا .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش " رفوث " وقد تقدم أن الرفث والرفوث مصدران . وقرأ
أبو جعفر بالرفع والتنوين في الثلاثة ، ورويت عن
عاصم في بعض الطرق ، وهو طريق
المفضل عن
عاصم ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12004أبو رجاء العطاردي ، بالنصب والتنوين في الثلاثة . وقرأ
الكوفيون ونافع ، بفتح الثلاثة من غير تنوين . وقرأ
ابن كثير ،
وأبو عمر برفع " فلا رفث ولا فسوق " والتنوين ، وفتح " ولا جدال " من غير تنوين . فأما من رفع الثلاثة فإنه جعل " لا " غير عاملة ورفع ما بعدها بالابتداء ، والخبر عن الجميع هو قوله " في الحج " ، ويجوز أن يكون خبرا عن المبتدأ الأول ، وحذف خبر الثاني والثالث للدلالة ، ويجوز أن يكون خبرا عن الثالث ، وحذف خبر الأول والثاني للدلالة ، ولا يجوز أن يكون خبرا عن الثاني ، ويكون قد حذف خبر الأول والثالث لقبح هذا التركيب والفصل . قيل : ويجوز أن تكون " لا " عاملة عمل ليس فيكون " في الحج " في موضع نصب ، وهذا الوجه جزم به
ابن عطية ، فقال : و " لا " في معنى ليس في قراءة الرفع ، وهذا الذي جوزه وجزم به
ابن عطية ضعيف : لأن إعمال " لا " إعمال ليس ، قليل جدا ، لم يجئ منه في لسان العرب إلا ما لا بال له ، والذي يحفظ من ذلك قوله :
تعز فلا شيء على الأرض باقيا ولا وزر مما قضى الله واقيا
أنشده
ابن مالك ، ولا أعرف هذا البيت إلا من جهته ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8572النابغة الجعدي :
وحلت سواد القلب لا أنا باغيا سواها ، ولا في حبها متراخيا
( وقال آخر ) :
أنكرتها بعد أعوام مضين لها لا الدار دارا ، ولا الجيران جيرانا
وخرج على ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه قول الشاعر :
من صد عن نيرانها فأنا nindex.php?page=showalam&ids=13435ابن قيس لا براح
وهذا كله يحتمل التأويل ، وعلى أن يحمل على ظاهره لا ينتهي من الكثرة بحيث تبنى عليه القواعد ، فلا ينبغي أن يحمل عليه كتاب الله الذي هو أفصح الكلام وأجله ، ويعدل عن الوجه الكثير الفصيح . وأما قراءة النصب والتنوين ، فإنها منصوبة على المصادر ، والعامل فيها أفعال من لفظها ، التقدير : فلا يرفث رفثا ، ولا يفسق فسوقا ، ولا يجادل جدالا . و " في الحج " متعلق بما شئت من هذه الأفعال على طريقة الإعمال والتنازع .
وأما قراءة الفتح في الثلاثة من غير تنوين ، فالخلاف في الحركة ، أهي حركة إعراب أو حركة بناء ؟ الثاني قول الجمهور ، والدلائل مذكورة في النحو ، وإذا بني معها على الفتح فهل المجموع من لا والمبني معها في موضع رفع على الابتداء ؟ وإن كانت " لا " عاملة في الاسم النصب على الموضع ، ولا خبر لها ، أو ليس المجموع في موضع مبتدأ ؟ بل " لا " عاملة في ذلك الاسم النصب على الموضع ، وما بعدها خبر " لا " إذا أجريت مجرى إن في نصب الاسم ورفع الخبر ، قولان للنحويين ، الأول قول
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، والثاني
الأخفش ، فعلى هذين القولين يتفرع إعراب " في الحج " ، فيكون في موضع خبر المبتدأ على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، وفي موضع خبر " لا " على مذهب
الأخفش . وأما قراءة من رفع ونون " فلا رفث ولا فسوق " ، وفتح من غير
[ ص: 89 ] تنوين " ولا جدال " ، فعلى ما اخترناه من الرفع على الابتداء ، وعلى مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أن المفتوح مع " لا " في موضع رفع على الابتداء ، يكون " في الحج " خبرا عن الجميع : لأنه ليس فيه إلا العطف ، عطف مبتدأ على مبتدأ . وأما قول
الأخفش فلا يصح أن يكون " في الحج " إلا خبرا للمبتدأين ، أو " لا " ، أو خبرا لـ " لا " ، لاختلاف المعرب " في الحج " ، يطلبه المبتدأ أو تطلبه " لا " فقد اختلف المعرب فلا يجوز أن يكون خبرا عنهما . وقال
ابن عطية في هذه القراءة ما نصه : و " لا " بمعنى ليس في قراءة الرفع ، وخبرها محذوف على قراءة
أبي عمرو ، و " في الحج " خبر " لا جدال " ، وحذف الخبر هنا هو على مذهب
أبي علي ، وقد خولف في ذلك ، بل " في الحج " هو خبر الكل ، إذ هو في موضع رفع في الوجهين : لأن " لا " إنما تعمل على بابها فيما يليها ، وخبرها مرفوع بأن على حاله من خبر الابتداء ، وظن
أبو علي أنها بمنزلة ليس في نصب الخبر ، وليس كذلك ، بل هي والاسم في موضع الابتداء يطلبان الخبر ، و " في الحج " هو الخبر ، انتهى كلامه . وفيه مناقشات . الأولى : قوله و " لا " بمعنى ليس ، وقد قدمنا أن كون " لا " بمعنى ليس هو من القلة في كلامهم بحيث لا تبنى عليه القواعد ، وبينا أن ارتفاع مثل هذا إنما هو على الابتداء . الثانية قوله : وخبرها محذوف على قراءة
أبي عمرو ، وقد نص الناس على أن خبر كان وأخواتها ، ومنها ليس ، لا يجوز حذفه لا اختصارا ولا اقتصارا ، ثم ذكروا أنه قد حذف خبر ليس في الشعر في قوله :
يرجو جوارك حين ليس مجير
على طريق الضرورة أو الندور ، وما كان هكذا فلا يحمل القرآن عليه .
الثالثة : قوله بل " في الحج " هو خبر الكل إذ هو في موضع رفع على الوجهين ، يعني بالوجهين كونها بمعنى ليس ، وكونها مبنية مع لا ، وهذا لا يصح : لأنها إذا كانت بمعنى ليس احتاجت إلى خبر منصوب ، وإذا كانت مبنية مع " لا " احتاجت إلى أن يرتفع الخبر ، إما لكونها هي العاملة فيه الرفع على مذهب
الأخفش ، وإما لكونها مع معمولها في موضع رفع على الابتداء ، فيقتضي أن يكون خبرا للمبتدأ على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، على ما قدمناه من الخلاف ، وإذا تقرر هذا امتنع أن يكون " في الحج " في موضع رفع على ما ذكر
ابن عطية من الوجهين .
الرابعة قوله : لأن " لا " إنما تعمل على بابها فيما تليها ، وخبرها مرفوع باق على حاله من خبر الابتداء : هذا تعليل لكون " في الحج " خبرا للكل ، إذ هي في موضع رفع في الوجهين على ما ذهب ، وقد بينا أن ذلك لا يجوز : لأنها إذا كانت بمعنى ليس ، كان خبرها في موضع نصب ، ولا يناسب هذا التعليل إلا كونها تعمل عمل إن فقط ، على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه لا على مذهب
الأخفش : لأنه على مذهب
الأخفش يكون " في الحج " في موضع رفع بـ " لا " ، و " لا " هي العاملة الرفع ، فاختلف المعرب على مذهبه : لأن قراءة الرفع هي على الابتداء ، وقراءة الفتح في "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197ولا جدال " هي على عمل " لا " عمل إن .
الخامسة قوله : وظن
أبو علي أنها بمنزلة ليس في نصب الخبر وليس كذلك ، هذا الظن صحيح ، وهو كما ظن ، ويدل عليه أن العرب حين صرحت بالخبر على أن " لا " بمعنى ليس أتت به منصوبا في شعرها ، فدل على أن ما ظنه
أبو علي من نصب الخبر صحيح ، لكنه من الندور بحيث لا تبنى عليه القواعد كما ذكرنا ، فأجازه
أبو علي ، ومثل هذا في القرآن لا ينبغي .
السادسة قوله : بل هي والاسم في موضع الابتداء يطلبان الخبر ، و " في الحج " هو الخبر ، هذا الذي ذكره توكيد لما تقرر قبل من أنها إذا كانت بمعنى ليس ، إنما تعمل في الاسم الرفع فقط ، وهي والاسم في موضع رفع بالابتداء ، وأن الخبر يكون مرفوعا لذلك المبتدأ ، وقد بينا أن ذلك ليس بصحيح لنصب العرب الخبر إذا كانت بمعنى ليس ، وعلى تقدير ما قاله لا يمكننا العلم بأنها تعمل عمل ليس في الاسم فقط إذا كان الخبر مرفوعا : لأنه ليس لنا إلا صورة : لا رجل قائم ، ولا امرأة . فرجل هنا مبتدأ ، وقائم خبر عنه ، وهي غير عاملة ، وإنما يمتاز كونها بمعنى ليس ، وارتفاع الاسم بها من كونه مبتدأ ، بنصب الخبر إذا كانت بمعنى ليس ، ورفع الخبر إذا كان
[ ص: 90 ] ما بعدها مرفوعا بالابتداء ، وإلا فلا يمكن العلم بذلك أصلا لرجحان أن يكون ذلك الاسم مبتدأ ، والمرفوع بعده خبره . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وقرأ
أبو عمرو ،
وابن كثير الأولين بالرفع والآخر بالنصب : لأنهما حملا الأولين على معنى النهي ، كأنه قيل : فلا يكونن رفث ولا فسوق ، والثالث على معنى الإخبار بانتفاء الجدال ، كأنه قيل : ولا شك ولا خلاف في الحج . وذلك أن
قريشا كانت تخالف سائر العرب ، فتقف بالمشعر الحرام وسائر العرب يقفون
بعرفة ، وكانوا يقدمون الحج سنة ويؤخرونه سنة ، وهو النسيء ، فرد إلى وقت واحد ، ورد الوقوف إلى
عرفة ، فأخبر الله تعالى أنه قد ارتفع الخلاف في الحج .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197nindex.php?page=treesubj&link=28973فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ ) أَيْ : مَنْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْحَجَّ فِيهِنَّ ، وَأَصْلُ الْفَرْضِ الْحَزِّ الَّذِي يَكُونُ فِي السِّهَامِ وَالْقِسِيِّ وَغَيْرِهَا ، وَمِنْهُ فُرْضَةُ النَّهَرِ وَالْجَبَلِ ، وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْفَرْضِ مَا يَصِيرُ بِهِ الْمُحْرِمُ مُحْرِمًا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : وَهُوَ الْإِهْلَالُ بِالْحَجِّ وَالْإِحْرَامُ ، وَقَالَ
عَطَاءٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسٌ : هُوَ أَنْ يُلَبِّيَ ، وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَهِيَ رِوَايَةُ
شَرِيكٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ فَرْضَ الْحَجِّ بِالتَّلْبِيَةِ . وَرُوِيَ عَنْ
عَائِشَةَ : لَا إِحْرَامَ إِلَّا لِمَنْ أَهَلَّ وَلَبَّى ، وَأَخَذَ بِهِ
[ ص: 87 ] أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ ،
وَابْنُ حَبِيبٍ ، وَقَالُوا هُمْ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ : إِنَّهَا رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ . وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ : إِذَا قَلَّدَ بَدَنَتَهُ وَسَاقَهَا يُرِيدُ الْإِحْرَامَ ، فَقَدْ أَحْرَمَ ، قَوْلُهُ هَذَا عَلَى أَنَّ مَذْهَبَهُ وُجُوبُ التَّلْبِيَةِ ، أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهَا مِنَ الدَّمِ ، وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ : إِذَا قَلَّدَ بَدَنَتَهُ وَسَاقَهَا فَقَدْ أَحْرَمَ ، وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=7246وَقَيْسِ بْنِ سَعْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسٍ ،
وَعَطَاءٍ ،
وَمُجَاهِدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وَابْنِ سِيرِينَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11867وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنِ جُبَيْرٍ : أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُحْرِمًا بِذَلِكَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَقَتَادَةُ ،
وَالْحَسَنُ : فَرْضُ الْحَجِّ الْإِحْرَامُ بِهِ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ .
وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ كُلُّهَا مَعَ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ . وَمُلَخَّصُ ذَلِكَ أَنَّهُ يَكُونُ مُحْرِمًا بِالنِّيَّةِ وَالْإِحْرَامِ عِنْدَ
مَالِكٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ ، وَبِالنِّيَّةِ وَالتَّلْبِيَةِ أَوْ سَوْقِ الْهَدْيِ عِنْدِ
أَبِي حَنِيفَةَ ، أَوِ النِّيَّةِ وَإِشْعَارِ الْهَدْيِ أَوْ تَقْلِيدِهِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ . وَ " مَنْ " شَرْطِيَّةٌ أَوْ مَوْصُولَةٌ ، وَ " فِيهِنَّ " مُتَعَلِّقٌ بِفَرَضَ ، وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى " أَشْهُرٌ " وَلَمْ يَقُلْ : فِيهَا لِأَنَّ أَشْهُرًا جَمْعُ قِلَّةٍ ، وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْكَثِيرِ الْمُسْتَعْمَلِ مِنْ أَنَّ جَمْعَ الْقِلَّةِ لِمَا لَا يَعْقِلُ يُجْرَى مَجْرَى الْجَمْعِ مُطْلَقًا لِلْعَاقِلَاتِ عَلَى الْكَثِيرِ الْمُسْتَعْمَلِ أَيْضًا ، وَقَالَ قَوْمٌ : هُمَا سَوَاءٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197nindex.php?page=treesubj&link=28973فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) ، الرَّفَثُ هُنَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ ،
وَقَتَادَةُ ،
وَالْحَسَنُ ،
وَعِكْرِمَةُ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيُّ ،
وَالسُّدِّيُّ : هُوَ الْجِمَاعُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسُ ،
وَعَطَاءٌ وَغَيْرُهُمْ : هُوَ الْإِفْحَاشُ لِلْمَرْأَةِ بِالْكَلَامِ ، كَقَوْلِهِ إِذَا أَحْلَلْنَا فَعَلْنَا بِكِ كَذَا لَا يُكَنِّي ، وَقَالَ قَوْمٌ : الْإِفْحَاشُ بِذِكْرِ النِّسَاءِ ، كَانَ ذَلِكَ بِحَضْرَتِهِنَّ أَمْ لَا . وَقَالَ قَوْمٌ : الرَّفَثُ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ لِكُلِّ مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ ، وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : هُوَ اللَّغْوُ مِنَ الْكَلَامِ ، وَقَالَ
ابْنُ الزُّبَيْرِ : هُوَ التَّعَرُّضُ بِمُعَانَقَةٍ وَمُوَاعَدَةٍ أَوْ مُدَاعَبَةٍ أَوْ غَمْزٍ .
وَمُلَخَّصُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّهَا دَائِرَةٌ بَيْنَ شَيْءٍ يُفْسِدُهُ وَهُوَ الْجِمَاعُ ، أَوْ شَيْءٍ لَا يَلِيقُ لِمَنْ كَانَ مُلْتَبِسًا بِالْحَجِّ لِحُرْمَةِ الْحَجِّ .
وَالْفُسُوقُ : فُسِّرَ هَذَا بِفِعْلِ مَا نُهِيَ عَنْهُ فِي الْإِحْرَامِ مِنْ قَتْلِ صَيْدٍ وَحَلْقِ شَعْرٍ ، وَالْمَعَاصِي كُلِّهَا لَا يَخْتَصُّ مِنْهَا شَيْءٌ دُونَ شَيْءٍ . قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَعَطَاءٌ ،
وَالْحَسَنُ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسُ . أَوِ الذَّبْحُ لِلْأَصْنَامِ ، وَمِنْهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ) . قَالَهُ
ابْنُ زَيْدٍ ،
وَمَالِكٌ . أَوِ التَّنَابُذُ بِالْأَلْقَابِ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=11بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ ) . قَالَهُ
الضَّحَّاكُ . أَوِ السِّبَابُ ، وَمِنْهُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10373931سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ " . قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ أَيْضًا ،
وَمُجَاهِدٌ ،
وَعَطَاءٌ ،
وَإِبْرَاهِيمُ ،
وَالسُّدِّيُّ ، وَرَجَّحَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ أَنَّهُ مَا نُهِيَ عَنْهُ الْحَاجُّ فِي إِحْرَامِهِ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197nindex.php?page=treesubj&link=28973فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ ) .
وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ جَمِيعَ الْمَعَاصِي مُحَرَّمٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مِنْ مُحْرِمٍ وَغَيْرِهِ ، وَكَذَلِكَ التَّنَابُذُ ، وَرَجَّحَ
ابْنُ عَطِيَّةَ وَالْقُرْطُبِيُّ الْمُفَسِّرُ وَغَيْرُهُمَا قَوْلَ مَنْ قَالَ : إِنَّهُ جَمِيعُ الْمَعَاصِي لِعُمُومِهِ جَمِيعَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ : وَلِأَنَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ : وَلِأَنَّهُ رُوِيَ :
" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ عَمَلٌ أَفْضَلُ مِنَ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، أَوْ حَجَّةٍ مَبْرُورَةٍ لَا رَفَثَ فِيهَا وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ " . وَقَالَ الْعُلَمَاءُ : الْحَجُّ الْمَبْرُورُ هُوَ الَّذِي لَمْ يُعْصَ اللَّهُ فِي أَثْنَاءِ أَدَائِهِ : وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : هُوَ الَّذِي لَمْ يُعْصَ اللَّهُ بَعْدَهُ . وَالْجِدَالُ : هُنَا مُمَارَاةُ الْمُسْلِمِ حَتَّى يَغْضَبَ ، فَأَمَّا فِي مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ فَلَا نَهْيَ عَنْهَا ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَعَطَاءٌ ،
وَمُجَاهِدٌ . أَوِ السِّبَابُ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ ،
وَقَتَادَةُ . أَوِ الِاخْتِلَافُ أَيُّهُمْ صَادَفَ مَوْقِفَ أَبِيهِمْ ؟ وَكَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، تَقِفُ
قُرَيْشٌ فِي غَيْرِ مَوْقِفِ الْعَرَبِ ، ثُمَّ يَتَجَادَلُونَ بَعْدَ ذَلِكَ ، قَالَهُ
ابْنُ زَيْدٍ ،
وَمَالِكٌ . أَوْ يَقُولُ قَوْمٌ : الْحَجُّ الْيَوْمَ ، وَقَوْمٌ : الْحَجُّ غَدًا ، قَالَهُ
الْقَاسِمُ . أَوِ الْمُمَارَاةُ فِي الشُّهُورِ حَسْبَمَا كَانَتِ الْعَرَبُ عَلَيْهِ مِنَ الَّذِي كَانُوا رُبَّمَا جَعَلُوا الْحَجَّ فِي غَيْرِ ذِي الْحِجَّةِ ، وَيَقِفُ بَعْضُهُمْ بِجَمْعٍ ، وَبَعْضُهُمْ
بِعَرَفَةَ ، وَيَتَمَارَوْنَ فِي الصَّوَابِ مِنْ ذَلِكَ ، قَالَهُ
مُجَاهِدٌ .
قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ ، وَأَظْهَرُهَا ، قَرَّرَ الشَّرْعُ وَقْتَ الْحَجِّ ، وَإِحْرَامُهُ حَتْمٌ لَا جِدَالَ فِيهِ . أَوْ قَوْلُ
[ ص: 88 ] طَائِفَةٍ : حَجُّنَا أَبَرُّ مِنْ حَجِّكُمْ ، وَتَقُولُ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرْطُبِيُّ ، أَوِ الْفَخْرُ بِالْآبَاءِ ، قَالَهُ بَعْضُهُمْ ، أَوْ قَوْلُ الصَّحَابَةِ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّا أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ حِينَ قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10373933مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُحْلِلْ مِنْ إِحْرَامِهِ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً " ، قَالَهُ
مُقَاتِلٌ . أَوِ الْمِرَاءُ مَعَ الرُّفَقَاءِ وَالْخُدَّامِ وَالْمُكَارِينَ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ . أَوْ كُلُّ مَا يُسَمَّى جِدَالًا لِلتَّغَالُبِ وَحَظِّ النَّفْسِ ، فَتَدْخُلُ فِيهِ الْأَقْوَالُ التِّسْعَةُ السَّابِقَةُ .
وَالْفَاءُ ، فِي " فَلَا رَفَثَ " هِيَ الدَّاخِلَةُ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ ، إِنْ قُدِّرَ " مَنْ " شَرْطًا ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ ، أَوْ فِي الْخَبَرِ إِنْ قُدِّرَ " مَنْ " مَوْصُولًا .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ " رُفُوثَ " وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّفَثَ وَالرُّفُوثَ مَصْدَرَانِ . وَقَرَأَ
أَبُو جَعْفَرٍ بِالرَّفْعِ وَالتَّنْوِينِ فِي الثَّلَاثَةِ ، وَرُوِيَتْ عَنْ
عَاصِمٍ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ ، وَهُوَ طَرِيقُ
الْمُفَضَّلِ عَنْ
عَاصِمٍ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12004أَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ ، بِالنَّصْبِ وَالتَّنْوِينِ فِي الثَّلَاثَةِ . وَقَرَأَ
الْكُوفِيُّونَ وَنَافِعٌ ، بِفَتْحِ الثَّلَاثَةِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ . وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ ،
وَأَبُو عُمَرَ بِرَفْعِ " فَلَا رَفَثٌ وَلَا فُسُوقٌ " وَالتَّنْوِينِ ، وَفَتْحِ " وَلَا جِدَالَ " مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ . فَأَمَّا مَنْ رَفَعَ الثَّلَاثَةَ فَإِنَّهُ جَعَلَ " لَا " غَيْرَ عَامِلَةٍ وَرَفَعَ مَا بَعْدَهَا بِالِابْتِدَاءِ ، وَالْخَبَرُ عَنِ الْجَمِيعِ هُوَ قَوْلُهُ " فِي الْحَجِّ " ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنِ الْمُبْتَدَأِ الْأَوَّلِ ، وَحُذِفَ خَبَرُ الثَّانِي وَالثَّالِثِ لِلدَّلَالَةِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنِ الثَّالِثِ ، وَحُذِفَ خَبَرُ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِلدَّلَالَةِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنِ الثَّانِي ، وَيَكُونُ قَدْ حُذِفَ خَبَرُ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ لِقُبْحِ هَذَا التَّرْكِيبِ وَالْفَصْلِ . قِيلَ : وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ " لَا " عَامِلَةً عَمَلَ لَيْسَ فَيَكُونُ " فِي الْحَجِّ " فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ ، وَهَذَا الْوَجْهُ جَزَمَ بِهِ
ابْنُ عَطِيَّةَ ، فَقَالَ : وَ " لَا " فِي مَعْنَى لَيْسَ فِي قِرَاءَةِ الرَّفْعِ ، وَهَذَا الَّذِي جَوَّزَهُ وَجَزَمَ بِهِ
ابْنُ عَطِيَّةِ ضَعِيفٌ : لِأَنَّ إِعْمَالَ " لَا " إِعْمَالَ لَيْسَ ، قَلِيلٌ جِدًّا ، لَمْ يَجِئْ مِنْهُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ إِلَّا مَا لَا بَالَ لَهُ ، وَالَّذِي يُحْفَظُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ :
تَعَزَّ فَلَا شَيْءٌ عَلَى الْأَرْضِ بَاقِيَا وَلَا وَزَرٌ مِمَّا قَضَى اللَّهُ وَاقِيَا
أَنْشَدَهُ
ابْنُ مَالِكٍ ، وَلَا أَعْرِفُ هَذَا الْبَيْتَ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8572النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ :
وَحَلَّتْ سَوَادَ الْقَلْبِ لَا أَنَا بَاغِيًا سِوَاهَا ، وَلَا فِي حُبِّهَا مُتَرَاخِيًا
( وَقَالَ آخَرُ ) :
أَنْكَرْتُهَا بَعْدَ أَعْوَامٍ مَضَيْنَ لَهَا لَا الدَّارُ دَارًا ، وَلَا الْجِيرَانُ جِيرَانَا
وَخَرَّجَ عَلَى ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ قَوْلَ الشَّاعِرِ :
مَنْ صَدَّ عَنْ نِيرَانِهَا فَأَنَا nindex.php?page=showalam&ids=13435ابْنُ قَيْسٍ لَا بَرَاحُ
وَهَذَا كُلُّهُ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ ، وَعَلَى أَنْ يُحْمَلَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَا يَنْتَهِي مِنَ الْكَثْرَةِ بِحَيْثُ تُبْنَى عَلَيْهِ الْقَوَاعِدُ ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ الَّذِي هُوَ أَفْصَحُ الْكَلَامِ وَأَجَلُّهُ ، وَيُعْدَلَ عَنِ الْوَجْهِ الْكَثِيرِ الْفَصِيحِ . وَأَمَّا قِرَاءَةُ النَّصْبِ وَالتَّنْوِينِ ، فَإِنَّهَا مَنْصُوبَةٌ عَلَى الْمَصَادِرِ ، وَالْعَامِلُ فِيهَا أَفْعَالٌ مِنْ لَفْظِهَا ، التَّقْدِيرُ : فَلَا يَرْفُثُ رَفَثًا ، وَلَا يَفْسُقُ فُسُوقًا ، وَلَا يُجَادِلُ جِدَالًا . وَ " فِي الْحَجِّ " مُتَعَلِّقٌ بِمَا شِئْتَ مِنْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ عَلَى طَرِيقَةِ الْإِعْمَالِ وَالتَّنَازُعِ .
وَأَمَّا قِرَاءَةُ الْفَتْحِ فِي الثَّلَاثَةِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ ، فَالْخِلَافُ فِي الْحَرَكَةِ ، أَهِيَ حَرَكَةُ إِعْرَابٍ أَوْ حَرَكَةُ بِنَاءٍ ؟ الثَّانِي قَوْلُ الْجُمْهُورِ ، وَالدَّلَائِلُ مَذْكُورَةٌ فِي النَّحْوِ ، وَإِذَا بُنِيَ مَعَهَا عَلَى الْفَتْحِ فَهَلِ الْمَجْمُوعُ مِنْ لَا وَالْمَبْنِيِّ مَعَهَا فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ ؟ وَإِنْ كَانَتْ " لَا " عَامِلَةً فِي الِاسْمِ النَّصْبَ عَلَى الْمَوْضِعِ ، وَلَا خَبَرَ لَهَا ، أَوْ لَيْسَ الْمَجْمُوعُ فِي مَوْضِعِ مُبْتَدَأٍ ؟ بَلْ " لَا " عَامِلَةٌ فِي ذَلِكَ الِاسْمِ النَّصْبَ عَلَى الْمَوْضِعِ ، وَمَا بَعْدَهَا خَبَرُ " لَا " إِذَا أُجْرِيَتْ مَجْرَى إِنَّ فِي نَصْبِ الِاسْمِ وَرَفْعِ الْخَبَرِ ، قَوْلَانِ لِلنَّحْوِيِّينَ ، الْأَوَّلُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، وَالثَّانِي
الْأَخْفَشُ ، فَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يَتَفَرَّعُ إِعْرَابُ " فِي الْحَجِّ " ، فَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ عَلَى مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، وَفِي مَوْضِعِ خَبَرِ " لَا " عَلَى مَذْهَبِ
الْأَخْفَشِ . وَأَمَّا قِرَاءَةُ مَنْ رَفَعَ وَنَوَّنَ " فَلَا رَفَثٌ وَلَا فُسُوقٌ " ، وَفَتَحَ مِنْ غَيْرِ
[ ص: 89 ] تَنْوِينٍ " وَلَا جِدَالَ " ، فَعَلَى مَا اخْتَرْنَاهُ مِنَ الرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ ، وَعَلَى مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ أَنَّ الْمَفْتُوحَ مَعَ " لَا " فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ ، يَكُونُ " فِي الْحَجِّ " خَبَرًا عَنِ الْجَمِيعِ : لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا الْعَطْفُ ، عَطْفُ مُبْتَدَأٍ عَلَى مُبْتَدَأٍ . وَأَمَّا قَوْلُ
الْأَخْفَشِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ " فِي الْحَجِّ " إِلَّا خَبَرًا لِلْمُبْتَدَأَيْنِ ، أَوْ " لَا " ، أَوْ خَبَرًا لِـ " لَا " ، لِاخْتِلَافِ الْمُعْرَبِ " فِي الْحَجِّ " ، يَطْلُبُهُ الْمُبْتَدَأُ أَوْ تَطْلُبُهُ " لَا " فَقْدَ اخْتَلَفَ الْمُعْرَبُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْهُمَا . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ مَا نَصُّهُ : وَ " لَا " بِمَعْنَى لَيْسَ فِي قِرَاءَةِ الرَّفْعِ ، وَخَبَرُهَا مَحْذُوفٌ عَلَى قِرَاءَةِ
أَبِي عَمْرٍو ، وَ " فِي الْحَجِّ " خَبَرُ " لَا جِدَالَ " ، وَحَذْفُ الْخَبَرِ هُنَا هُوَ عَلَى مَذْهَبِ
أَبِي عَلِيٍّ ، وَقَدْ خُولِفَ فِي ذَلِكَ ، بَلْ " فِي الْحَجِّ " هُوَ خَبَرُ الْكُلِّ ، إِذْ هُوَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ فِي الْوَجْهَيْنِ : لِأَنَّ " لَا " إِنَّمَا تَعْمَلُ عَلَى بَابِهَا فِيمَا يَلِيهَا ، وَخَبَرُهَا مَرْفُوعٌ بِأَنَّ عَلَى حَالِهِ مِنْ خَبَرِ الِابْتِدَاءِ ، وَظَنَّ
أَبُو عَلِيٍّ أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ لَيْسَ فِي نَصْبِ الْخَبَرِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ هِيَ وَالِاسْمُ فِي مَوْضِعِ الِابْتِدَاءِ يَطْلُبَانِ الْخَبَرَ ، وَ " فِي الْحَجِّ " هُوَ الْخَبَرُ ، انْتَهَى كَلَامُهُ . وَفِيهِ مُنَاقَشَاتٌ . الْأُولَى : قَوْلُهُ وَ " لَا " بِمَعْنَى لَيْسَ ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ كَوْنَ " لَا " بِمَعْنَى لَيْسَ هُوَ مِنَ الْقِلَّةِ فِي كَلَامِهِمْ بِحَيْثُ لَا تُبْنَى عَلَيْهِ الْقَوَاعِدُ ، وَبَيَّنَّا أَنَّ ارْتِفَاعَ مِثْلِ هَذَا إِنَّمَا هُوَ عَلَى الِابْتِدَاءِ . الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ : وَخَبَرُهَا مَحْذُوفٌ عَلَى قِرَاءَةِ
أَبِي عَمْرٍو ، وَقَدْ نَصَّ النَّاسُ عَلَى أَنَّ خَبَرَ كَانَ وَأَخَوَاتِهَا ، وَمِنْهَا لَيْسَ ، لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ لَا اخْتِصَارًا وَلَا اقْتِصَارًا ، ثُمَّ ذَكَرُوا أَنَّهُ قَدْ حُذِفَ خَبَرُ لَيْسَ فِي الشِّعْرِ فِي قَوْلِهِ :
يَرْجُو جِوَارَكَ حِينَ لَيْسَ مُجِيرُ
عَلَى طَرِيقِ الضَّرُورَةِ أَوِ النُّدُورِ ، وَمَا كَانَ هَكَذَا فَلَا يُحْمَلُ الْقُرْآنُ عَلَيْهِ .
الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ بَلْ " فِي الْحَجِّ " هُوَ خَبَرُ الْكُلِّ إِذْ هُوَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الْوَجْهَيْنِ ، يَعْنِي بِالْوَجْهَيْنِ كَوْنِهَا بِمَعْنَى لَيْسَ ، وَكَوْنِهَا مَبْنِيَّةً مَعَ لَا ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ : لِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى لَيْسَ احْتَاجَتْ إِلَى خَبَرٍ مَنْصُوبٍ ، وَإِذَا كَانَتْ مَبْنِيَّةً مَعَ " لَا " احْتَاجَتْ إِلَى أَنْ يَرْتَفِعَ الْخَبَرُ ، إِمَّا لِكَوْنِهَا هِيَ الْعَامِلَةَ فِيهِ الرَّفْعَ عَلَى مَذْهَبِ
الْأَخْفَشِ ، وَإِمَّا لِكَوْنِهَا مَعَ مَعْمُولِهَا فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ ، فَيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لِلْمُبْتَدَأِ عَلَى مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْخِلَافِ ، وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ " فِي الْحَجِّ " فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى مَا ذَكَرَ
ابْنُ عَطِيَّةَ مِنَ الْوَجْهَيْنِ .
الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ : لِأَنَّ " لَا " إِنَّمَا تَعْمَلُ عَلَى بَابِهَا فِيمَا تَلِيهَا ، وَخَبَرُهَا مَرْفُوعٌ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ مِنْ خَبَرِ الِابْتِدَاءِ : هَذَا تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ " فِي الْحَجِّ " خَبَرًا لِلْكُلِّ ، إِذْ هِيَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى مَا ذَهَبَ ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ : لِأَنَّهَا إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى لَيْسَ ، كَانَ خَبَرُهَا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ ، وَلَا يُنَاسِبُ هَذَا التَّعْلِيلَ إِلَّا كَوْنُهَا تَعْمَلُ عَمَلَ إِنَّ فَقَطْ ، عَلَى مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ لَا عَلَى مَذْهَبِ
الْأَخْفَشِ : لِأَنَّهُ عَلَى مَذْهَبِ
الْأَخْفَشِ يَكُونُ " فِي الْحَجِّ " فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِـ " لَا " ، وَ " لَا " هِيَ الْعَامِلَةُ الرَّفْعَ ، فَاخْتَلَفَ الْمُعْرِبُ عَلَى مَذْهَبِهِ : لِأَنَّ قِرَاءَةَ الرَّفْعِ هِيَ عَلَى الِابْتِدَاءِ ، وَقِرَاءَةَ الْفَتْحِ فِي "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=197وَلَا جِدَالَ " هِيَ عَلَى عَمَلِ " لَا " عَمَلَ إِنَّ .
الْخَامِسَةُ قَوْلُهُ : وَظَنَّ
أَبُو عَلِيٍّ أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ لَيْسَ فِي نَصْبِ الْخَبَرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، هَذَا الظَّنُّ صَحِيحٌ ، وَهُوَ كَمَا ظَنَّ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْعَرَبَ حِينَ صَرَّحَتْ بِالْخَبَرِ عَلَى أَنَّ " لَا " بِمَعْنَى لَيْسَ أَتَتْ بِهِ مَنْصُوبًا فِي شَعْرِهَا ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا ظَنَّهُ
أَبُو عَلِيٍّ مِنْ نَصْبِ الْخَبَرِ صَحِيحٌ ، لَكِنَّهُ مِنَ النُّدُورِ بِحَيْثُ لَا تُبْنَى عَلَيْهِ الْقَوَاعِدُ كَمَا ذَكَرْنَا ، فَأَجَازَهُ
أَبُو عَلِيٍّ ، وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ لَا يَنْبَغِي .
السَّادِسَةُ قَوْلُهُ : بَلْ هِيَ وَالِاسْمُ فِي مَوْضِعِ الِابْتِدَاءِ يَطْلُبَانِ الْخَبَرَ ، وَ " فِي الْحَجِّ " هُوَ الْخَبَرُ ، هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ تَوْكِيدٌ لِمَا تَقَرَّرَ قَبْلُ مِنْ أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى لَيْسَ ، إِنَّمَا تَعْمَلُ فِي الِاسْمِ الرَّفْعَ فَقَطْ ، وَهِيَ وَالِاسْمُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ ، وَأَنَّ الْخَبَرَ يَكُونُ مَرْفُوعًا لِذَلِكَ الْمُبْتَدَأِ ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِنَصْبِ الْعَرَبِ الْخَبَرَ إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى لَيْسَ ، وَعَلَى تَقْدِيرِ مَا قَالَهُ لَا يُمْكِنُنَا الْعِلْمُ بِأَنَّهَا تَعْمَلُ عَمَلَ لَيْسَ فِي الِاسْمِ فَقَطْ إِذَا كَانَ الْخَبَرُ مَرْفُوعًا : لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا إِلَّا صُورَةُ : لَا رَجُلٌ قَائِمٌ ، وَلَا امْرَأَةٌ . فَرَجُلٌ هُنَا مُبْتَدَأٌ ، وَقَائِمٌ خَبَرٌ عَنْهُ ، وَهِيَ غَيْرُ عَامِلَةٍ ، وَإِنَّمَا يَمْتَازُ كَوْنُهَا بِمَعْنَى لَيْسَ ، وَارْتِفَاعُ الِاسْمِ بِهَا مِنْ كَوْنِهِ مُبْتَدَأً ، بِنَصْبِ الْخَبَرِ إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى لَيْسَ ، وَرَفْعِ الْخَبَرِ إِذَا كَانَ
[ ص: 90 ] مَا بَعْدَهَا مَرْفُوعًا بِالِابْتِدَاءِ ، وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ الْعِلْمُ بِذَلِكَ أَصْلًا لِرُجْحَانٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الِاسْمُ مُبْتَدَأً ، وَالْمَرْفُوعُ بَعْدَهُ خَبَرَهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَقَرَأَ
أَبُو عَمْرٍو ،
وَابْنُ كَثِيرٍ الْأَوَّلَيْنِ بِالرَّفْعِ وَالْآخِرَ بِالنَّصْبِ : لِأَنَّهُمَا حَمَلَا الْأَوَّلَيْنِ عَلَى مَعْنَى النَّهْيِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : فَلَا يَكُونَنَّ رَفَثٌ وَلَا فُسُوقٌ ، وَالثَّالِثَ عَلَى مَعْنَى الْإِخْبَارِ بِانْتِفَاءِ الْجِدَالِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : وَلَا شَكَّ وَلَا خِلَافَ فِي الْحَجِّ . وَذَلِكَ أَنَّ
قُرَيْشًا كَانَتْ تُخَالِفُ سَائِرَ الْعَرَبِ ، فَتَقِفُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَسَائِرُ الْعَرَبِ يَقِفُونَ
بِعَرَفَةَ ، وَكَانُوا يُقَدِّمُونَ الْحَجَّ سَنَةً وَيُؤَخِّرُونَهُ سَنَةً ، وَهُوَ النَّسِيءُ ، فَرُدَّ إِلَى وَقْتٍ وَاحِدٍ ، وَرُدَّ الْوُقُوفُ إِلَى
عَرَفَةَ ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ قَدِ ارْتَفَعَ الْخِلَافُ فِي الْحَجِّ .