(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222ويسألونك عن المحيض ) ، في صحيح
مسلم عن
أنس أن
اليهود كانت إذا حاضت امرأة منهم أخرجوها من البيت ، ولم يؤاكلوها ، ولم يشاربوها ، ولم يجامعوها في البيت ، فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله تعالى هذه الآية . وقيل : كانت العرب على ما جاء في هذا الحديث ، فسأل
nindex.php?page=showalam&ids=11856أبو الدحداح عن ذلك ، فقال : كيف نصنع بالنساء إذا حضن ؟ فنزلت . وقال
مجاهد : كانوا يأتون الحيض استثنوا سنة بني إسرائيل في تجنب مؤاكلة الحيض ومساكنتها ؛ فنزلت . وقيل : كانت
النصارى يجامعون الحيض ولا يبالون بالحيض ،
واليهود يعتزلونهن في كل شيء ، فأمر الله بالاقتصاد بين الأمرين . وقيل : سأل
nindex.php?page=showalam&ids=168أسيد بن حضير ،
وعباد بن بشير عن المحيض ؛ فنزلت . وقيل كانت
اليهود تقول : من أتى امرأة من دبرها جاء ولده أحول ، فامتنع نساء
الأنصار من ذلك ، وسئل عن
nindex.php?page=treesubj&link=637إتيان الرجل امرأته وهي حائض ، وما قالت
اليهود ؛ فنزلت . والضمير في " ويسألونك " ضمير جمع ، فالظاهر أن السائل عن ذلك هو ما يصدق عليه الجمع ، لا اثنان ولا واحد ، وجاء : ويسألونك هنا ، وقبله في : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220ويسألونك عن اليتامى ) ، وقبله :
[ ص: 167 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو ) بالواو العاطفة على : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يسألونك عن الخمر والميسر ) ، قيل : لأن السؤال عن الثلاثة في وقت واحد ؛ فجيء بحرف الجمع لذلك ، كأنه قيل : جمعوا لك بين السؤال عن الخمر والميسر ، والسؤال عن كذا وكذا . وقيل هذه سؤالات ثلاثة بغير واو : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=189يسألونك عن الأهلة ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=215يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217يسألونك عن الشهر الحرام ) ، وثلاثة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يسألونك عن الخمر ) ، قيل : إنها جاءت بغير واو العطف لأن سؤالهم عن تلك الحوادث وقع في أوقات متباينة متفرقة ، فلم يؤت فيها بحرف العطف ؛ لأن كلا منها سؤال مبتدأ . انتهى . ومناسبة هذه الآية لما قبلها هو أنه لما نهى عن مناكحة الكفار ، وتضمن مناكحة أهل الإيمان وإيثار ذلك ، بين حكما عظيما من أحكام النكاح ، وهو حكم النكاح في زمان الحيض . والمحيض - كما قررناه - هو مفعل من الحيض ، يصلح من حيث اللغة للمصدر والزمان والمكان ، فأكثر المفسرين من الأدباء زعموا أن المراد به المصدر ، وكأنه قيل : عن الحيض ، وبه فسره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وبه بدأ
ابن عطية قال : المحيض مصدر كالحيض ، ومثله المقيل من قال يقيل ، قال
الراعي :
بنيت مرافقهن فوق مزلة لا يستطيع بها القراد مقيلا
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : المحيض : اسم الحيض ، ومثله قول
رؤبة في العيش :
إليك أشكو شدة المعيش ومر أعوام نتفن ريشي
انتهى كلامه . ويظهر منه أنه فرق بين قول : المحيض مصدر كالحيض ، وبين قول
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : المحيض اسم الحيض ، ولا فرق بينهما ، يقال فيه مصدر ، ويقال فيه اسم مصدر ، والمعنى واحد . والقول بأن المحيض مصدر مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هو موضع الدم ، وبه قال
محمد بن الحسن ؛ فعلى هذا يكون المراد منه المكان ، ورجح كونه مكان الدم بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فاعتزلوا النساء في المحيض ) ، فلو أريد به المصدر لكان الظاهر منع الاستمتاع بها فيما فوق السرة ودون الركبة غير ثابت ؛ لزم القول بتطرق النسخ ، أو التخصيص ، وذلك خلاف الأصل ، فإذا حمل على موضع الحيض كان المعنى : فاعتزلوا النساء في موضع الحيض . قالوا واستعماله في الموضع أكثر وأشهر منه في المصدر . انتهى . ويمكن أن يرجح المصدر بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222قل هو أذى ) ، ومكان الدم نفسه ليس بأذى ؛ لأن الأذى كيفية مخصوصة ، وهو عرض ، والمكان جسم ، والجسم لا يكون عرضا . وأجيب عن هذا بأنه يكون على حذف إذا أريد المكان ، أي : ذو أذى . والخطاب في " ويسألونك " ، وفي " قل " للنبي - صلى الله عليه وسلم - والضمير في " هو " عائد على المحيض ، والمعنى : أنه يحصل نفرة للإنسان واستقذار بسببه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فاعتزلوا النساء في المحيض ) ، تقدم الخلاف في المحيض ، أهو موضع الدم أم الحيض ؟ ويحتمل أن يحمل الأول على المصدر ، والثاني على المكان ، وإن حملنا الثاني على المصدر فلا بد من حذف مضاف ، أي : فاعتزلوا وطء النساء في زمان الحيض . واختلف في هذا الاعتزال ، فذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وشريح ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير ،
ومالك ،
وأبو حنيفة ،
وأبو يوسف ، وجماعة من أهل العلم إلى أنه يجب اعتزال ما اشتمل عليه الإزار ، ويعضده ما صح أنها : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10373961تشد عليها إزارها ثم شأنه بأعلاها ) . وذهبت
عائشة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
وعكرمة ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
ومحمد بن الحسن ،
وداود إلى أنه لا يجب إلا اعتزال الفرج فقط ، وهو الصحيح من قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16536وعبيدة السلماني أنه يجب اعتزال الرجل فراش زوجته إذا حاضت ، أخذ بظاهر الآية ، وهو قول شاذ . ولما كان الحيض معروفا في اللغة ؛ لم يحتج إلى تفسير ، ولم تتعرض الآية لأقله ولا لأكثره ، بل دلت على وجوب اعتزال النساء في المحيض ، وأقله عند
مالك لا حد له ، بل الدفعة من الدم عنده حيض ، والصفرة والكدرة حيض . والمشهور عن
أبي حنيفة أن أقله ثلاثة أيام ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري . وقال
عطاء [ ص: 168 ] nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : يوم وليلة . وأما أكثره فقال
عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : خمسة عشر يوما ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : عشرة أيام ، وهو المشهور عن أصحاب
أبي حنيفة . ومذهب
مالك في ذلك كقول
عطاء ، وخرج من قول
نافع سبعة عشر يوما ، وقيل : ثمانية عشر يوما . وقال
القرطبي : روي عن
مالك أنه لا وقت لقليل الحيض ولا كثيره إلا ما يوجد في النساء عادة . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن ذلك مردود إلى عرف النساء ، كقول
مالك ، وروي عن
ابن جبير : الحيض إلى ثلاثة عشر ، فإذا زاد فهو استحاضة . وجميع دلائل هذا وبقية أحكام الحيض مذكور في كتب الفقه . ولم تتعرض الآية لما يجب على من وطئ في الحيض ، واختلف في ذلك العلماء ؛ فقال
أبو حنيفة ،
ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى بن سعيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وداود : يستغفر الله ولا شيء عليه ، وقال
محمد : يتصدق بنصف دينار ، وقال
أحمد : يتصدق بدينار أو نصف دينار ، واستحسنه
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ب
بغداد . وقالت فرقة من أهل الحديث : إن وطئ في الدم فدينار ، أو في انقطاعه فنصفه ، ونقل هذا القول
ابن عطية عن
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، ونقل غيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي أنه إن وطئ وهي حائض يتصدق بخمسين دينارا . وفي
الترمذي عنه - صلى الله عليه وسلم - قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10373962إذا كان دما أحمر فدينار ، وإن كان دما أصفر فنصف دينار ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222ولا تقربوهن حتى يطهرن ) ، قرأ
حمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وعاصم في رواية
أبي بكر والمفضل عنه " يطهرن " بتشديد الطاء والهاء والفتح ، وأصله " يتطهرن " ، وكذا هي في مصحف
أبي ،
وعبد الله . وقرأ الباقون من السبعة " يطهرن " : مضارع طهر . وفي مصحف
أنس : " ولا تقربوا النساء في محيضهن واعتزلوهن حتى يتطهرن " ، وينبغي أن يحمل هذا على التفسير لا على أنه قرآن ؛ لكثرة مخالفته السواد ، ورجح
الفارسي " يطهرن " بالتخفيف ؛ إذ هو ثلاثي مضاد لطمثت وهو ثلاثي . ورجح
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري التشديد ، وقال : هي بمعنى تغتسلن لإجماع الجميع على أنه حرام على الرجل أن يقرب امرأته بعد انقطاع الدم حتى تطهر ، قال : وإنما الخلاف في الطهر ما هو . انتهى كلامه . قيل : وقراءة التشديد معناها حتى يغتسلن ، وقراءة التخفيف معناها ينقطع دمهن ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وغيره ، وفي كتاب
ابن عطية : كل واحد من القراءتين يحتمل أن يراد بها الاغتسال بالماء ، وأن يراد بها انقطاع الدم وزوال أذاه ، قال : وما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري من أن قراءة تشديد الطاء مضمنها الاغتسال ، وقراءة التخفيف مضمنها انقطاع الدم ؛ أمر غير لازم ، وكذلك ادعاؤه الإجماع أنه لا خلاف في كراهة الوطء قبل الاغتسال . انتهى ما في كتاب
ابن عطية . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222ولا تقربوهن حتى يطهرن ) هو كناية عن الجماع ، ومؤكد لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فاعتزلوا النساء في المحيض ) . وظاهر الاعتزال والقربان أنهما لا يتماسان ، ولكن بينت السنة أنه اعتزال وقربان خاص ، ومن اختلافهم في أقل الحيض وأكثره يعرف اختلافهم في أقل الطهر وأكثره .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فإذا تطهرن ) ، أي : اغتسلن بالماء ، قال
ابن عطية : والخلاف في معناه كما تقدم من التطهير بالماء أو انقطاع الدم ، وقال
مجاهد وجماعة هنا : إنه أريد الغسل بالماء ، ولا بد لقرينة الأمر بالإتيان ، وإن كان قربهن قبل الغسل مباحا ، لكن لا تقع صيغة الأمر من الله تعالى إلا على الوجه الأكمل ، وإذا كان التطهر الغسل بالماء ، فمذهب
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وجماعة أنه كغسل الجنابة ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وعكرمة ،
والحسن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ،
ومجاهد : الوضوء كاف في إباحة الوطء . وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي إلى أن المبيح للوطء : هو غسل محل الوطء بالماء ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم . وسبب الخلاف أن يحمل التطهر بالماء على التطهر الشرعي أو اللغوي ، فمن حمله على اللغوي قال : تغسل مكان الأذى بالماء ، ومن حمله على الشرعي حمله على أخف النوعين وهو الوضوء ؛ لمراعاة الخفة . أو على أكمل النوعين ، وهو أن تغتسل كما تغتسل للجنابة ؛ إذ به يتحقق البراءة من العهدة . والاغتسال بالماء مستلزم لحصول انقطاع الدم ؛ لأنه لا يشرع إلا بعده . وإذا قلنا : لا بد
[ ص: 169 ] من الغسل كغسل الجنابة ، فاختلف في
nindex.php?page=treesubj&link=32552الذمية : هل تجبر على الغسل من الحيض ؟ فمن رأى أن الغسل عبادة قال لا يلزمها ؛ لأن نية العبادة لا تصح من الكافر ، ومن لم ير ذلك عبادة ، بل الاغتسال من حق الزوج لإحلالها للوطء ؛ قال : تجبر على الغسل . ومن أوجب الغسل فصفته ما روي في الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=116أسماء بنت عميس أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن غسل الحيضة فقال : (
تأخذ إحداكن ماءها وسدرها ، وتتطهر فتحسن الطهور ، ثم تصب الماء على رأسها وتضغطه حتى يبلغ أصول شعرها ، ثم تفيض الماء على سائر بدنها ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فأتوهن ) ، هذا أمر يراد به الإباحة ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=2وإذا حللتم فاصطادوا ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10فإذا قضيت الصلاة فانتشروا ) ، وكثيرا ما يعقب أمر الإباحة التحريم ، وهو كناية عن الجماع .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222من حيث أمركم الله ) ، حيث : ظرف مكان ، فالمعنى من الجهة التي أمر الله تعالى ، وهو القبل ؛ لأنه هو المنهي عنه في حال الحيض ، قاله ابن عباس
والربيع . أو من قبل طهرهن لا من قبل حيضهن ، قاله
عكرمة ،
وقتادة ،
والضحاك ،
وأبو رزين ،
والسدي . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ويصير المعنى : فأتوهن في الطهر لا في الحيض ، أو من قبل النكاح لا من قبل الفجور ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد بن الحنفية ، أو من حيث أحل لكم غشيانهن بأن لا يكن صائمات ولا معتكفات ولا محرمات ، قاله
الأصم . والأول أظهر ؛ لأن حمل " حيث " على المكان والموضع هو الحقيقة ، وما سواه مجاز . وإذا حمل على الأظهر كان في ذلك رد على من أباح إتيان النساء في أدبارهن ، قيل : وقد انعقد الإجماع على تحريم ذلك ، وما روي من إباحة ذلك عن أحد من العلماء فهو مختلف غير صحيح ، والمعنى في : أمركم الله باعتزالهن وهو الفرج ، أو من السرة إلى الركبتين . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222إن الله يحب التوابين ) ، أي : الراجعين إلى الخير . وجاء عقب الأمر والنهي إيذانا بقبول توبة من يقع منه خلاف ما شرع له ، وهو عام في التوابين من الذنوب . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222ويحب المتطهرين ) ، أي : المبرئين من الفواحش ، وخصه بعضهم بأنه التائب من الشرك ، والمتطهر من الذنوب ، قاله
ابن جبير . أو بالعكس ، قاله
عطاء ،
ومقاتل . وبعضهم خصه بالتائب من المجامعة في الحيض . وقال
مجاهد : من إتيان النساء في أدبارهن في أيام حيضهن . وقال
أبو العالية : التوابين من الكفر المتطهرين بالإيمان . وقال
القتاد : التوابين من الكبائر والمتطهرين من الصغائر . وقيل : التوابين من الذنوب والمتطهرين من العيوب . وقال
عطاء أيضا : المتطهرين بالماء . وقيل : من أدبار النساء فلا يتلوثون بالذنب بعد التوبة ، كأن هذا القول نظير لقوله تعالى - حكاية عن قوم
لوط : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=82أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ) . والذي يظهر أنه تعالى ذكر في صدر الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222ويسألونك عن المحيض ) ، ودل السبب على أنهم كانت لهم حالة يرتكبونها حالة الحيض ، من مجامعتهن في الحيض في الفرج ، أو في الدبر ، ثم أخبر الله تعالى بالمنع من ذلك - وذلك في حالة الحيض - في الفرج أو في الدبر ، ثم أباح الإتيان في الفرج بعد انقطاع الدم والتطهر الذي هو واجب على المرأة لأجل الزوج ، وإن كان ليس مأمورا به في لفظ الآية ، فأثنى الله تعالى على من امتثل أمر الله تعالى ، ورجع عن فعل الجاهلية إلى ما شرعه تعالى ، وأثنى على من امتثلت أمره تعالى في مشروعية التطهر بالماء ، وأبرز ذلك في صورتين عامتين ، استدرج الأزواج والزوجات في ذلك ؛ فقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222إن الله يحب التوابين ) ، أي : الراجعين إلى ما شرع ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222ويحب المتطهرين ) بالماء فيما شرع فيه ذلك ، فكان ختم الآية بمحبة الله من اندرج فيه الأزواج والزوجات . وذكر الفعل ليدل على اختلاف الجهتين من التوبة والتطهر ، وأن لكل من الوصفين محبة من الله يخص ذلك الوصف ، أو كرر ذلك على سبيل التوكيد . وقد أثنى الله تعالى على أهل قباء بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ) . وسألهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن السبب الذي أثنى الله به عليهم ، فقالوا : كنا نجمع
[ ص: 170 ] بين الاستجمار والاستنجاء بالماء ، أو كلاما هذا معناه . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف : " المطهرين " بإدغام التاء في الطاء ، إذ أصله المتطهرين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ) ، فِي صَحِيحٍ
مُسْلِمٍ عَنْ
أَنَسٍ أَنَّ
الْيَهُودَ كَانَتْ إِذَا حَاضَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُمْ أَخْرَجُوهَا مِنَ الْبَيْتِ ، وَلَمْ يُؤَاكِلُوهَا ، وَلَمْ يُشَارِبُوهَا ، وَلَمْ يُجَامِعُوهَا فِي الْبَيْتِ ، فَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ . وَقِيلَ : كَانَتِ الْعَرَبُ عَلَى مَا جَاءَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، فَسَأَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=11856أَبُو الدَّحْدَاحِ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : كَيْفَ نَصْنَعُ بِالنِّسَاءِ إِذَا حِضْنَ ؟ فَنَزَلَتْ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : كَانُوا يَأْتُونَ الْحُيَّضَ اسْتَثْنَوْا سُنَّةَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي تَجَنُّبِ مُؤَاكَلَةِ الْحُيَّضِ وَمُسَاكَنَتِهَا ؛ فَنَزَلَتْ . وَقِيلَ : كَانَتِ
النَّصَارَى يُجَامِعُونَ الْحُيَّضَ وَلَا يُبَالُونَ بِالْحَيْضِ ،
وَالْيَهُودُ يَعْتَزِلُونَهُنَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ ، فَأَمَرَ اللَّهُ بِالِاقْتِصَادِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ . وَقِيلَ : سَأَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=168أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ ،
وَعَبَّادُ بْنُ بَشِيرٍ عَنِ الْمَحِيضِ ؛ فَنَزَلَتْ . وَقِيلَ كَانَتِ
الْيَهُودُ تَقُولُ : مَنْ أَتَى امْرَأَةً مِنْ دُبُرِهَا جَاءَ وَلَدُهُ أَحْوَلَ ، فَامْتَنَعَ نِسَاءُ
الْأَنْصَارِ مِنْ ذَلِكَ ، وَسُئِلَ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=637إِتْيَانِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ ، وَمَا قَالَتِ
الْيَهُودُ ؛ فَنَزَلَتْ . وَالضَّمِيرُ فِي " وَيَسْأَلُونَكَ " ضَمِيرُ جَمْعٍ ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّائِلَ عَنْ ذَلِكَ هُوَ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْجَمْعُ ، لَا اثْنَانِ وَلَا وَاحِدٌ ، وَجَاءَ : وَيَسْأَلُونَكَ هُنَا ، وَقَبْلَهُ فِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى ) ، وَقَبْلَهُ :
[ ص: 167 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ) بِالْوَاوِ الْعَاطِفَةِ عَلَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ) ، قِيلَ : لِأَنَّ السُّؤَالَ عَنِ الثَّلَاثَةِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ؛ فَجِيءَ بِحَرْفِ الْجَمْعِ لِذَلِكَ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : جَمَعُوا لَكَ بَيْنَ السُّؤَالِ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ، وَالسُّؤَالِ عَنْ كَذَا وَكَذَا . وَقِيلَ هَذِهِ سُؤَالَاتٌ ثَلَاثَةٌ بِغَيْرِ وَاوٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=189يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=215يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=217يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ ) ، وَثَلَاثَةٌ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=219يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ ) ، قِيلَ : إِنَّهَا جَاءَتْ بِغَيْرِ وَاوِ الْعَطْفِ لِأَنَّ سُؤَالَهُمْ عَنْ تِلْكَ الْحَوَادِثِ وَقَعَ فِي أَوْقَاتٍ مُتَبَايِنَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ ، فَلَمْ يُؤْتَ فِيهَا بِحَرْفِ الْعَطْفِ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا سُؤَالٌ مُبْتَدَأٌ . انْتَهَى . وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا هُوَ أَنَّهُ لَمَّا نَهَى عَنْ مُنَاكَحَةِ الْكُفَّارِ ، وَتَضَمَّنَ مُنَاكَحَةَ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَإِيثَارَ ذَلِكَ ، بَيَّنَ حُكْمًا عَظِيمًا مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ ، وَهُوَ حُكْمُ النِّكَاحِ فِي زَمَانِ الْحَيْضِ . وَالْمَحِيضُ - كَمَا قَرَّرْنَاهُ - هُوَ مَفْعَلٌ مِنَ الْحَيْضِ ، يَصْلُحُ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ لِلْمَصْدَرِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ ، فَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ مِنَ الْأُدَبَاءِ زَعَمُوا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَصْدَرُ ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ : عَنِ الْحَيْضِ ، وَبِهِ فَسَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، وَبِهِ بَدَأَ
ابْنُ عَطِيَّةَ قَالَ : الْمَحِيضُ مَصْدَرٌ كَالْحَيْضِ ، وَمِثْلُهُ الْمَقِيلُ مِنْ قَالَ يَقِيلُ ، قَالَ
الرَّاعِي :
بُنِيَتْ مَرَافِقُهُنَّ فَوْقَ مَزَلَّةٍ لَا يَسْتَطِيعُ بِهَا الْقُرَادُ مَقِيلَا
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ : الْمَحِيضُ : اسْمُ الْحَيْضِ ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ
رُؤْبَةَ فِي الْعَيْشِ :
إِلَيْكَ أَشْكُو شِدَّةَ الْمَعِيشِ وَمَرَّ أَعْوَامٍ نَتَفْنَ رِيشِي
انْتَهَى كَلَامُهُ . وَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ قَوْلِ : الْمَحِيضُ مَصْدَرٌ كَالْحَيْضِ ، وَبَيْنَ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيِّ : الْمَحِيضُ اسْمُ الْحَيْضِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا ، يُقَالُ فِيهِ مَصْدَرٌ ، وَيُقَالُ فِيهِ اسْمُ مَصْدَرٍ ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ . وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْمَحِيضَ مَصْدَرٌ مَرْوِيٌّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابْنِ الْمُسَيَّبِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : هُوَ مَوْضِعُ الدَّمِ ، وَبِهِ قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ؛ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُرَادُ مِنْهُ الْمَكَانُ ، وَرَجَّحَ كَوْنَهُ مَكَانَ الدَّمِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ) ، فَلَوْ أُرِيدَ بِهِ الْمَصْدَرُ لَكَانَ الظَّاهِرُ مَنْعَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا فِيمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَدُونَ الرُّكْبَةِ غَيْرُ ثَابِتٍ ؛ لَزِمَ الْقَوْلُ بِتَطَرُّقِ النَّسْخِ ، أَوِ التَّخْصِيصِ ، وَذَلِكَ خِلَافُ الْأَصْلِ ، فَإِذَا حُمِلَ عَلَى مَوْضِعِ الْحَيْضِ كَانَ الْمَعْنَى : فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي مَوْضِعِ الْحَيْضِ . قَالُوا وَاسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَوْضِعِ أَكْثَرُ وَأَشْهَرُ مِنْهُ فِي الْمَصْدَرِ . انْتَهَى . وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَجَّحَ الْمَصْدَرُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222قُلْ هُوَ أَذًى ) ، وَمَكَانُ الدَّمِ نَفْسُهُ لَيْسَ بِأَذًى ؛ لِأَنَّ الْأَذَى كَيْفِيَّةٌ مَخْصُوصَةٌ ، وَهُوَ عَرَضٌ ، وَالْمَكَانُ جِسْمٌ ، وَالْجِسْمُ لَا يَكُونُ عَرَضًا . وَأُجِيبُ عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ يَكُونُ عَلَى حَذْفٍ إِذَا أُرِيدَ الْمَكَانُ ، أَيْ : ذُو أَذًى . وَالْخِطَابُ فِي " وَيَسْأَلُونَكَ " ، وَفِي " قُلْ " لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالضَّمِيرُ فِي " هُوَ " عَائِدٌ عَلَى الْمَحِيضِ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ يَحْصُلُ نَفْرَةٌ لِلْإِنْسَانِ وَاسْتِقْذَارٌ بِسَبَبِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ) ، تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي الْمَحِيضِ ، أَهُوَ مَوْضِعُ الدَّمِ أَمِ الْحَيْضُ ؟ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ الْأَوَّلُ عَلَى الْمَصْدَرِ ، وَالثَّانِي عَلَى الْمَكَانِ ، وَإِنْ حَمَلْنَا الثَّانِيَ عَلَى الْمَصْدَرِ فَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفِ مُضَافٍ ، أَيْ : فَاعْتَزِلُوا وَطْءَ النِّسَاءِ فِي زَمَانِ الْحَيْضِ . وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الِاعْتِزَالِ ، فَذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَشُرَيْحٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ ،
وَمَالِكٌ ،
وَأَبُو حَنِيفَةَ ،
وَأَبُو يُوسُفَ ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ اعْتِزَالُ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْإِزَارُ ، وَيُعَضِّدُهُ مَا صَحَّ أَنَّهَا : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10373961تَشُدُّ عَلَيْهَا إِزَارَهَا ثُمَّ شَأْنُهُ بِأَعْلَاهَا ) . وَذَهَبَتْ
عَائِشَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيُّ ،
وَعِكْرِمَةُ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَالثَّوْرِيُّ ،
وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ،
وَدَاوُدُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ إِلَّا اعْتِزَالُ الْفَرْجِ فَقَطْ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ . وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16536وَعَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ أَنَّهُ يَجِبُ اعْتِزَالُ الرَّجُلِ فِرَاشَ زَوْجَتِهِ إِذَا حَاضَتْ ، أَخْذٌ بِظَاهِرِ الْآيَةِ ، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ . وَلَمَّا كَانَ الْحَيْضُ مَعْرُوفًا فِي اللُّغَةِ ؛ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَفْسِيرٍ ، وَلَمْ تَتَعَرَّضِ الْآيَةُ لِأَقَلِّهِ وَلَا لِأَكْثَرِهِ ، بَلْ دَلَّتْ عَلَى وُجُوبِ اعْتِزَالِ النِّسَاءِ فِي الْمَحِيضِ ، وَأَقَلُّهُ عِنْدَ
مَالِكٍ لَا حَدَّ لَهُ ، بَلِ الدَّفْعَةُ مِنَ الدَّمِ عِنْدَهُ حَيْضٌ ، وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ حَيْضٌ . وَالْمَشْهُورُ عَنْ
أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ أَقَلَّهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيُّ . وَقَالَ
عَطَاءٌ [ ص: 168 ] nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ : يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ . وَأَمَّا أَكْثَرُهُ فَقَالَ
عَطَاءٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ : خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثَّوْرِيُّ : عَشَرَةُ أَيَّامٍ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَصْحَابِ
أَبِي حَنِيفَةَ . وَمَذْهَبُ
مَالِكٍ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ
عَطَاءٍ ، وَخَرَجَ مِنْ قَوْلِ
نَافِعٍ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، وَقِيلَ : ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا . وَقَالَ
الْقُرْطُبِيُّ : رُوِيَ عَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ لَا وَقْتَ لِقَلِيلِ الْحَيْضِ وَلَا كَثِيرِهِ إِلَّا مَا يُوجَدُ فِي النِّسَاءِ عَادَةً . وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَنَّ ذَلِكَ مَرْدُودٌ إِلَى عُرْفِ النِّسَاءِ ، كَقَوْلِ
مَالِكٍ ، وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ جُبَيْرٍ : الْحَيْضُ إِلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ ، فَإِذَا زَادَ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ . وَجَمِيعُ دَلَائِلِ هَذَا وَبَقِيَّةُ أَحْكَامِ الْحَيْضِ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ . وَلَمْ تَتَعَرَّضِ الْآيَةُ لِمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ وَطِئَ فِي الْحَيْضِ ، وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ ؛ فَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ ،
وَمَالِكٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=17293وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ ،
وَدَاوُدُ : يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَقَالَ
مُحَمَّدٌ : يَتَصَدَّقُ بِنِصْفِ دِينَارٍ ، وَقَالَ
أَحْمَدُ : يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ نِصْفِ دِينَارٍ ، وَاسْتَحْسَنَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ بِ
بَغْدَادَ . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ : إِنْ وَطِئَ فِي الدَّمِ فَدِينَارٌ ، أَوْ فِي انْقِطَاعِهِ فَنِصْفُهُ ، وَنَقَلَ هَذَا الْقَوْلَ
ابْنُ عَطِيَّةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيِّ ، وَنَقَلَ غَيْرُهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ إِنْ وَطِئَ وَهِيَ حَائِضٌ يَتَصَدَّقُ بِخَمْسِينَ دِينَارًا . وَفِي
التِّرْمِذِيِّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10373962إِذَا كَانَ دَمًا أَحْمَرَ فَدِينَارٌ ، وَإِنْ كَانَ دَمًا أَصْفَرَ فَنِصْفُ دِينَارٍ ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) ، قَرَأَ
حَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ،
وَعَاصِمٌ فِي رِوَايَةِ
أَبِي بَكْرٍ وَالْمُفَضَّلِ عَنْهُ " يَطَّهَّرْنَ " بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ وَالْهَاءِ وَالْفَتْحِ ، وَأَصْلُهُ " يَتَطَهَّرْنَ " ، وَكَذَا هِيَ فِي مُصْحَفِ
أُبَيٍّ ،
وَعَبْدِ اللَّهِ . وَقَرَأَ الْبَاقُونَ مِنَ السَّبْعَةِ " يَطْهُرْنَ " : مُضَارِعُ طَهُرَ . وَفِي مُصْحَفِ
أَنَسٍ : " وَلَا تَقْرَبُوا النِّسَاءَ فِي مَحِيضِهِنَّ وَاعْتَزِلُوهُنَّ حَتَّى يَتَطَهَّرْنَ " ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى التَّفْسِيرِ لَا عَلَى أَنَّهُ قُرْآنٌ ؛ لِكَثْرَةِ مُخَالَفَتِهِ السَّوَادَ ، وَرَجَّحَ
الْفَارِسِيُّ " يَطْهُرْنَ " بِالتَّخْفِيفِ ؛ إِذْ هُوَ ثُلَاثِيٌّ مُضَادٌّ لِطَمِثَتْ وَهُوَ ثُلَاثِيٌّ . وَرَجَّحَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ التَّشْدِيدَ ، وَقَالَ : هِيَ بِمَعْنَى تَغْتَسِلْنَ لِإِجْمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّهُ حَرَامٌ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَقْرَبَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ حَتَّى تَطْهُرَ ، قَالَ : وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الطُّهْرِ مَا هُوَ . انْتَهَى كَلَامُهُ . قِيلَ : وَقِرَاءَةُ التَّشْدِيدِ مَعْنَاهَا حَتَّى يَغْتَسِلْنَ ، وَقِرَاءَةُ التَّخْفِيفِ مَعْنَاهَا يَنْقَطِعُ دَمُهُنَّ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَفِي كِتَابِ
ابْنِ عَطِيَّةَ : كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْقِرَاءَتَيْنِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الِاغْتِسَالُ بِالْمَاءِ ، وَأَنْ يُرَادَ بِهَا انْقِطَاعُ الدَّمِ وَزَوَالُ أَذَاهُ ، قَالَ : وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ مِنْ أَنَّ قِرَاءَةَ تَشْدِيدِ الطَّاءِ مُضَمَّنُهَا الِاغْتِسَالُ ، وَقِرَاءَةَ التَّخْفِيفِ مُضَمَّنُهَا انْقِطَاعُ الدَّمِ ؛ أَمْرٌ غَيْرُ لَازِمٍ ، وَكَذَلِكَ ادِّعَاؤُهُ الْإِجْمَاعَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي كَرَاهَةِ الْوَطْءِ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ . انْتَهَى مَا فِي كِتَابِ
ابْنِ عَطِيَّةَ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ ، وَمُؤَكِّدٌ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ) . وَظَاهِرُ الِاعْتِزَالِ وَالْقُرْبَانِ أَنَّهُمَا لَا يَتَمَاسَّانِ ، وَلَكِنْ بَيَّنَتِ السُّنَّةُ أَنَّهُ اعْتِزَالٌ وَقُرْبَانٌ خَاصٌّ ، وَمِنَ اخْتِلَافِهِمْ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ وَأَكْثَرِهِ يُعْرَفُ اخْتِلَافُهُمْ فِي أَقَلِّ الطُّهْرِ وَأَكْثَرِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فَإِذَا تَطَهَّرْنَ ) ، أَيِ : اغْتَسَلْنَ بِالْمَاءِ ، قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَالْخِلَافُ فِي مَعْنَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّطْهِيرِ بِالْمَاءِ أَوِ انْقِطَاعِ الدَّمِ ، وَقَالَ
مُجَاهِدٌ وَجَمَاعَةٌ هُنَا : إِنَّهُ أُرِيدَ الْغُسْلُ بِالْمَاءِ ، وَلَا بُدَّ لِقَرِينَةِ الْأَمْرِ بِالْإِتْيَانِ ، وَإِنْ كَانَ قُرْبُهُنَّ قَبْلَ الْغُسْلِ مُبَاحًا ، لَكِنْ لَا تَقَعُ صِيغَةُ الْأَمْرِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِلَّا عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ ، وَإِذَا كَانَ التَّطَهُّرُ الْغُسْلَ بِالْمَاءِ ، فَمَذْهَبُ
مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ أَنَّهُ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ،
وَعِكْرِمَةَ ،
وَالْحَسَنِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسٌ ،
وَمُجَاهِدٌ : الْوُضُوءُ كَافٍ فِي إِبَاحَةِ الْوَطْءِ . وَذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=13760الْأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَنَّ الْمُبِيحَ لِلْوَطْءِ : هُوَ غَسْلُ مَحَلِّ الْوَطْءِ بِالْمَاءِ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابْنُ حَزْمٍ . وَسَبَبُ الْخِلَافِ أَنْ يُحْمَلَ التَّطَهُّرُ بِالْمَاءِ عَلَى التَّطَهُّرِ الشَّرْعِيِّ أَوِ اللُّغَوِيِّ ، فَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى اللُّغَوِيِّ قَالَ : تَغْسِلُ مَكَانَ الْأَذَى بِالْمَاءِ ، وَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى الشَّرْعِيِّ حَمَلَهُ عَلَى أَخَفِّ النَّوْعَيْنِ وَهُوَ الْوُضُوءُ ؛ لِمُرَاعَاةِ الْخِفَّةِ . أَوْ عَلَى أَكْمَلِ النَّوْعَيْنِ ، وَهُوَ أَنْ تَغْتَسِلَ كَمَا تَغْتَسِلَ لِلْجَنَابَةِ ؛ إِذْ بِهِ يَتَحَقَّقُ الْبَرَاءَةُ مِنَ الْعُهْدَةِ . وَالِاغْتِسَالُ بِالْمَاءِ مُسْتَلْزِمٌ لِحُصُولِ انْقِطَاعِ الدَّمِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْرَعُ إِلَّا بَعْدَهُ . وَإِذَا قُلْنَا : لَا بُدَّ
[ ص: 169 ] مِنَ الْغُسْلِ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ ، فَاخْتُلِفَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=32552الذِّمِّيَّةِ : هَلْ تُجْبَرُ عَلَى الْغُسْلِ مِنَ الْحَيْضِ ؟ فَمَنْ رَأَى أَنَّ الْغُسْلَ عِبَادَةٌ قَالَ لَا يَلْزَمُهَا ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الْعِبَادَةِ لَا تَصِحُّ مِنَ الْكَافِرِ ، وَمَنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ عِبَادَةً ، بَلِ الِاغْتِسَالُ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ لِإِحْلَالِهَا لِلْوَطْءِ ؛ قَالَ : تُجْبَرُ عَلَى الْغُسْلِ . وَمَنْ أَوْجَبَ الْغُسْلَ فَصِفَتُهُ مَا رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=116أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ غُسْلِ الْحَيْضَةِ فَقَالَ : (
تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَهَا ، وَتَتَطَهَّرَ فَتُحْسِنُ الطَّهُورَ ، ثُمَّ تَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهَا وَتَضْغَطُهُ حَتَّى يَبْلُغَ أُصُولَ شَعْرِهَا ، ثُمَّ تَفِيضُ الْمَاءَ عَلَى سَائِرِ بَدَنِهَا ) . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فَأْتُوهُنَّ ) ، هَذَا أَمْرٌ يُرَادُ بِهِ الْإِبَاحَةُ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=2وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا ) ، وَكَثِيرًا مَا يَعْقُبُ أَمْرُ الْإِبَاحَةِ التَّحْرِيمَ ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ) ، حَيْثُ : ظَرْفُ مَكَانٍ ، فَالْمَعْنَى مِنَ الْجِهَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَهُوَ الْقُبُلُ ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي حَالِ الْحَيْضِ ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ
وَالرَّبِيعُ . أَوْ مِنْ قِبَلِ طُهْرِهِنَّ لَا مِنْ قِبَلِ حَيْضِهِنَّ ، قَالَهُ
عِكْرِمَةُ ،
وَقَتَادَةُ ،
وَالضَّحَّاكُ ،
وَأَبُو رَزِينٍ ،
وَالسُّدِّيُّ . وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : وَيَصِيرُ الْمَعْنَى : فَأْتُوهُنَّ فِي الطُّهْرِ لَا فِي الْحَيْضِ ، أَوْ مِنْ قِبَلِ النِّكَاحِ لَا مِنْ قِبَلِ الْفُجُورِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12691مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ ، أَوْ مِنْ حَيْثُ أَحَلَّ لَكُمْ غِشْيَانَهُنَّ بِأَنْ لَا يَكُنَّ صَائِمَاتٍ وَلَا مُعْتَكِفَاتٍ وَلَا مُحْرِمَاتٍ ، قَالَهُ
الْأَصَمُّ . وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ ؛ لِأَنَّ حَمْلَ " حَيْثُ " عَلَى الْمَكَانِ وَالْمَوْضِعِ هُوَ الْحَقِيقَةُ ، وَمَا سِوَاهُ مَجَازٌ . وَإِذَا حُمِلَ عَلَى الْأَظْهَرِ كَانَ فِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى مَنْ أَبَاحَ إِتْيَانَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ ، قِيلَ : وَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ ، وَمَا رُوِيَ مِنْ إِبَاحَةِ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ فَهُوَ مُخْتَلِفٌ غَيْرُ صَحِيحٍ ، وَالْمَعْنَى فِي : أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِاعْتِزَالِهِنَّ وَهُوَ الْفَرْجُ ، أَوْ مِنَ السُّرَّةِ إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ) ، أَيِ : الرَّاجِعِينَ إِلَى الْخَيْرِ . وَجَاءَ عَقِبَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ إِيذَانًا بِقَبُولِ تَوْبَةِ مَنْ يَقَعُ مِنْهُ خِلَافُ مَا شُرِعَ لَهُ ، وَهُوَ عَامٌّ فِي التَّوَّابِينَ مِنَ الذُّنُوبِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) ، أَيِ : الْمُبَرَّئِينَ مِنَ الْفَوَاحِشِ ، وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ التَّائِبُ مِنَ الشِّرْكِ ، وَالْمُتَطَهِّرُ مِنَ الذُّنُوبِ ، قَالَهُ
ابْنُ جُبَيْرٍ . أَوْ بِالْعَكْسِ ، قَالَهُ
عَطَاءٌ ،
وَمُقَاتِلٌ . وَبَعْضُهُمْ خَصَّهُ بِالتَّائِبِ مِنَ الْمُجَامَعَةِ فِي الْحَيْضِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : مِنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ فِي أَيَّامِ حَيْضِهِنَّ . وَقَالَ
أَبُو الْعَالِيَةِ : التَّوَّابِينَ مِنَ الْكُفْرِ الْمُتَطَهِّرِينَ بِالْإِيمَانِ . وَقَالَ
الْقَتَّادُ : التَّوَّابِينَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَالْمُتَطَهِّرِينَ مِنَ الصَّغَائِرِ . وَقِيلَ : التَّوَّابِينَ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمُتَطَهِّرِينَ مِنَ الْعُيُوبِ . وَقَالَ
عَطَاءٌ أَيْضًا : الْمُتَطَهِّرِينَ بِالْمَاءِ . وَقِيلَ : مِنْ أَدْبَارِ النِّسَاءِ فَلَا يَتَلَوَّثُونَ بِالذَّنْبِ بَعْدَ التَّوْبَةِ ، كَأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ نَظِيرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى - حِكَايَةً عَنْ قَوْمِ
لُوطٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=82أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ) . وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ فِي صَدْرِ الْآيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ) ، وَدَلَّ السَّبَبُ عَلَى أَنَّهُمْ كَانَتْ لَهُمْ حَالَةٌ يَرْتَكِبُونَهَا حَالَةَ الْحَيْضِ ، مِنْ مُجَامَعَتِهِنَّ فِي الْحَيْضِ فِي الْفَرْجِ ، أَوْ فِي الدُّبُرِ ، ثُمَّ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ - وَذَلِكَ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ - فِي الْفَرْجِ أَوْ فِي الدُّبُرِ ، ثُمَّ أَبَاحَ الْإِتْيَانَ فِي الْفَرْجِ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ وَالتَّطَهُّرِ الَّذِي هُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْمَرْأَةِ لِأَجْلِ الزَّوْجِ ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ فِي لَفْظِ الْآيَةِ ، فَأَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَنِ امْتَثَلَ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَرَجَعَ عَنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى مَا شَرَعَهُ تَعَالَى ، وَأَثْنَى عَلَى مَنِ امْتَثَلَتْ أَمْرَهُ تَعَالَى فِي مَشْرُوعِيَّةِ التَّطَهُّرِ بِالْمَاءِ ، وَأَبْرَزَ ذَلِكَ فِي صُورَتَيْنِ عَامَّتَيْنِ ، اسْتَدْرَجَ الْأَزْوَاجَ وَالزَّوْجَاتِ فِي ذَلِكَ ؛ فَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ) ، أَيِ : الرَّاجِعِينَ إِلَى مَا شَرَعَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ) بِالْمَاءِ فِيمَا شُرِعَ فِيهِ ذَلِكَ ، فَكَانَ خَتْمُ الْآيَةِ بِمَحَبَّةِ اللَّهِ مَنِ انْدَرَجَ فِيهِ الْأَزْوَاجُ وَالزَّوْجَاتُ . وَذَكَرَ الْفِعْلَ لِيَدُلَّ عَلَى اخْتِلَافِ الْجِهَتَيْنِ مِنَ التَّوْبَةِ وَالتَّطَهُّرِ ، وَأَنَّ لِكُلٍّ مِنَ الْوَصْفَيْنِ مَحَبَّةً مِنَ اللَّهِ يَخُصُّ ذَلِكَ الْوَصْفَ ، أَوْ كَرَّرَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيدِ . وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَهْلِ قُبَاءَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ) . وَسَأَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ السَّبَبِ الَّذِي أَثْنَى اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِمْ ، فَقَالُوا : كُنَّا نَجْمَعُ
[ ص: 170 ] بَيْنَ الِاسْتِجْمَارِ وَالِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ ، أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ : " الْمُطَّهِّرِينَ " بِإِدْغَامِ التَّاءِ فِي الطَّاءِ ، إِذْ أَصْلُهُ الْمُتَطَهِّرِينَ .