(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233لا تكلف نفس إلا وسعها ) ، التكليف : إلزام ما يؤثر في الكلفة ، من كلف الوجه ، وكلف العشق ؛ لتأثيرهما . وسعها : طاقتها وهو ما يحتمله ، وقد بين تعالى ذلك في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=7لينفق ذو سعة من سعته ) الآية ، وظاهر قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233لا تكلف نفس إلا وسعها ) العموم في سائر التكاليف ، قيل : والمراد من الآية : أن
nindex.php?page=treesubj&link=11353_27488والد الصبي لا يكلف من الإنفاق عليه وعلى أمه إلا بما تتسع به قدرته ، وقيل : المعنى : لا تكلف المرأة الصبر على التقصير في الأجرة ، ولا يكلف الزوج ما هو إسراف ، بل يراعى القصد . وقراءة الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233لا تكلف نفس ) مبني للمفعول ، والفاعل هو الله تعالى ، وحذف للعلم به . وقرأ أبو رجاء : " لا تكلف " بفتح التاء ، أي : لا تتكلف ، وارتفع نفس على الفاعلية ، وحذفت إحدى التاءين على الخلاف الذي بيننا وبين بعض الكوفيين ، و " تكلف " تفعل ، مطاوع فعل ، نحو : كسرته فتكسر ، والمطاوعة أحد المعاني التي جاء لها تفعل . وروى أبو الأشهب
عن أبي رجاء أنه قرأ : " لا نكلف نفسا " بالنون ، مسندا الفعل إلى ضمير الله تعالى ، و " نفسا " بالنصب مفعول .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده ) ، قرأ
ابن كثير ،
وأبو عمرو ،
ويعقوب ،
وأبان عن
عاصم : " لا تضار " بالرفع ، أي : برفع الراء المشددة ، وهذه القراءة مناسبة لما قبلها من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233لا تكلف نفس إلا وسعها ) لاشتراك الجملتين في الرفع ، وإن اختلف معناهما ؛ لأن
[ ص: 215 ] الأولى خبرية لفظا ومعنى ، وهذه خبرية لفظا نهيية في المعنى . وقرأ باقي السبعة : " لا تضار " بفتح الراء ، جعلوه نهيا ؛ فسكنت الراء الأخيرة للجزم ، وسكنت الراء الأولى للإدغام ، فالتقى ساكنان ، فحرك الأخير منهما بالفتح لموافقة الألف التي قبل الراء ؛ لتجانس الألف والفتحة ، ألا تراهم حين رخموا : " أسحارا " وهو اسم نبات ، إذا سمي به حذفوا الراء الأخيرة ، وفتحوا الراء الساكنة التي كانت مدغمة في الراء المحذوفة ؛ لأجل الألف قبلها ، ولم يكسروها على أصل التقاء الساكنين ، فراعوا الألف وفتحوا ، وعدلوا عن الكسر وإن كان الأصل ؟ وقرأ : " لا يضار " بكسر الراء المشددة على النهي . وقرأ
أبو جعفر الصفار : " لا تضار " بالسكون مع التشديد ، أجرى الوصل مجرى الوقف ، وروي عنه : " لا تضار " بإسكان الراء وتخفيفها ، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج ، من ضار يضير ، وهو مرفوع أجري الوصل فيه مجرى الوقف . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : اختلس الضمة فظنه الراوي سكونا . انتهى . وهذا على عادته في تغليط القراء وتوهيمهم ، ولا نذهب إلى ذلك . ووجه هذه القراءة بعضهم بأن قال : حذف الراء الثانية فرارا من التشديد في الحرف المكرر ، وهو الراء ، وجاز أن يجمع بين الساكنين : إما لأنه أجرى الوصل مجرى الوقف ، أو لأن مدة الألف تجري مجرى الحركة . انتهى . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : " لا تضارر " بفك الإدغام وكسر الراء الأولى وسكون الثانية . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : " لا تضارر " بفك الإدغام أيضا وفتح الراء الأولى وسكون الثانية ، قيل : ورواها أبان عن
عاصم . والإظهار في نحو هذين المثلين لغة
الحجاز ، فأما من قرأ بتشديد الراء ، مرفوعة أو مفتوحة أو مكسورة ، فيحتمل أن يكون الفعل مبنيا للفاعل ، ويحتمل أن يكون مبنيا للمفعول ، كما جاء في قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وفي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، ويكون ارتفاع " والدة " و " مولود " على الفاعلية ، إن قدر الفعل مبنيا للفاعل ، وعلى المفعولية إن قدر الفعل مبنيا للمفعول ، فإذا قدرناه مبنيا للفاعل فالمفعول محذوف تقديره : لا تضارر والدة زوجها بأن تطالبه بما لا يقدر عليه من رزق وكسوة وغير ذلك من وجوه الضرر ، ولا يضارر مولود له زوجته بمنعها ما وجب لها من رزق وكسوة ، وأخذ ولدها مع إيثارها إرضاعه ، وغير ذلك من وجوه الضرر . والباء في " بولدها " وفي " بولده " باء السبب . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن يكون " يضار " بمعنى تضر ، وأن تكون الباء من صلته ، لا تضر والدة بولدها ، فلا تسيء غذاءه وتعهده ، ولا تفرط فيما ينبغي له ، ولا تدفعه إلى الأب بعدما آلفها ، ولا يضر الوالد به بأن ينزعه من يدها ، أو يقصر في حقها ، فتقصر هي في حق الولد . انتهى كلامه . ويعني بقوله : أن تكون الباء من صلته ، يعني متعلقة بتضار ، ويكون ضار بمعنى أضر ، فاعل بمعنى أفعل ، نحو : باعدته وأبعدته ، وضاعفته وأضعفته ، وكون فاعل بمعنى أفعل هو من المعاني التي وضع لها فاعل ، تقول : أضر بفلان الجوع ؛ فالجار والمجرور هو المفعول به من حيث المعنى ، فلا يكون المفعول محذوفا ، بخلاف التوجيه الأول ، وهو أن تكون الباء للسبب ؛ فيكون المفعول محذوفا كما قدرناه . قيل : ويجوز أن يكون الضرار راجعا إلى الصبي ، أي : لا يضار كل واحد منهما الصبي ، فلا يترك رضاعه حتى يموت ، ولا ينفق عليه الأب أو ينزعه من أمه حتى يضر بالصبي ، وتكون الباء زائدة ؛ معناه : لا تضار والدة ولدها ولا مولود له ولده . انتهى . فيكون " ضار " بمعنى : ضر ، فيكون مما وافق فيه فاعل الفعل المجرد الذي هو " ضر " ، نحو قولهم : جاوزت الشيء وجزته ، وواعدته ووعدته ، وهو أحد المعاني التي جاء لها فاعل . والظاهر أن الباء للسبب ، ويبين ذلك قراءة من قرأ : " لا تضارر " براءين ، الأولى مفتوحة ، وهي قراءة عمر بن الخطاب . وتأويل من تأول في الإدغام أن الفعل مبني للمفعول ، فإذا كان الفعل مبنيا للمفعول تعين كون الباء للسبب ، وامتنع توجيه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أن " ضار به " في معنى " أضر به " ، والتوجيه الآخر أن " ضار به " بمعنى " ضره "
[ ص: 216 ] وتكون الباء زائدة ، ولا تنقاس زيادتها في المفعول ، مع أن في التوجيهين إخراج فاعل عن المعنى الكثير فيه ، وهو كون الاسمين شريكين في الفاعلية والمفعولية من حيث المعنى ، وإن كان كل واحد منهما مرفوعا والآخر منصوبا . وفي هذه الجمل الأربع من بلاغة المعنى ونصاعة اللفظ ما لا يخفى على من تعاطى علم البيان ؛ فالجملة الأولى أبرزت في صورة المبتدأ والخبر ، وجعل الخبر فعلا لأن الإرضاع مما يتجدد دائما ، ثم أضيف الأولاد إلى الوالدات تنبيها على شفقتهن على الأولاد ، وهزا لهن وحثا على الإرضاع ، وقيد الإرضاع بمدة ، وجعل ذلك لمن أراد الإتمام ، وجاء الوالدات بلفظ العموم ، وأضيف الأولاد لضمير العام ليعم ، وجمع القلة إذا دخلته الألف واللام ، أو أضيف إلى عام ؛ عم . وقد تكلمنا على شيء من هذا في كتابنا المسمى بـ ( التكميل في شرح التسهيل ) . والجملة الثانية أبرزت أيضا في صورة المبتدأ والخبر ، وجعل الخبر جارا ومجرورا بلفظ " على " الدالة على الاستعلاء المجازي والوجوب ؛ فأكد بذلك مضمون الجملة ؛ لأن من عادة المرء منع ما في يده من المال ، وإهمال ما يجب عليه من الحقوق ؛ فأكد ذلك ، وقدم الخبر على سبيل الاعتناء به ، وجاء الرزق مقدما على الكسوة لأنه الأهم في بقاء الحياة ، والمتكرر في كل يوم . والجملة الثالثة أبرزت في صورة الفعل ومرفوعه ، وأتى بمرفوعه نكرة لأنه في سياق النفي ؛ فيعم ، ويتناول أولا ما سيق لأجله ، وهو حكم الوالدات في الإرضاع ، وحكم المولود له في الرزق والكسوة اللذين للوالدات . والجملة الرابعة كالثالثة ؛ لأنها في سياق النفي ؛ فتعم أيضا ، وهي كالشرح للجملة قبلها ؛ لأن النفس إذا لم تكلف إلا طاقتها لا يقع ضرر لا للوالدة ولا للمولود له ؛ ولذلك جاءت غير معطوفة على الجملة قبلها ، فلا يناسب العطف ، بخلاف الجملتين الأوليين ؛ فإن كل جملة منهما مغايرة للأخرى ، ومخصصة بحكم ليس في الأخرى ، ولما كان تكليف النفس فوق الطاقة ، ومضارة أحد الزوجين الآخر مما يتجدد كل وقت ؛ أتى بالجملتين فعليتين أدخل عليهما حرف النفي الذي هو " لا " الموضوع للاستقبال غالبا ، وفي قراءة من جزم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233لا تضار ) أدخل حرف النهي المخلص المضارع للاستقبال ، ونبه على محل الشفقة بقوله : " بولدها " ، فأضاف الولد إليها ، وبقوله : " بولده " فأضاف الولد إليه ؛ وذلك لطلب الاستعطاف والإشفاق . وقدم ذكر عدم مضارة الوالدة على عدم مضارة الوالد مراعاة للجملتين الأوليين ؛ إذ بدئ فيهما بحكم الوالدات ، وثنى بحكم الوالد في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233لا تضار ) دلالة على أنه إذا اجتمع مؤنث ومذكر معطوفان ؛ فالحكم في الفعل السابق عليهما للسابق منهما ، تقول : قام زيد وهند وقامت هند وزيد ، ويقوم زيد وهند ، وتقوم هند وزيد ، إلا إن كان المؤنث مجازيا بغير علامة تأنيث فيه ؛ فيحسن عدم إلحاق العلامة ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وجمع الشمس والقمر ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وعلى الوارث مثل ذلك ) ، هذا معطوف على قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وعلى المولود له ) ، والجملتان قبل هذا كالتفسير لقوله : " بالمعروف " اعتراض بهما بين المتعاطفين . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17344يحيى بن يعمر : " وعلى الورثة مثل ذلك " بالجمع . والظاهر في الوارث أنه وارث المولود له لعطفه عليه ؛ ولأن المولود له - وهو الأب - هو المحدث عنه في جملة المعطوف عليه ، والمعنى : أنه إذا مات المولود له وجب على وارثه ما وجب عليه من رزق الوالدات ، وكسوتهن بالمعروف ، وتجنب الضرار . وروي هذا عن عمر ،
والحسن ،
وقتادة ،
والسدي . وخصه بعضهم بمن يرث من الرجال يلزمه الإرضاع ، كما كان يلزم أبا الصبي لو كان حيا ، وقاله
مجاهد ، وعطاء . وقال سفيان : الوارث هو الباقي من والدي المولود بعد وفاة الآخر منهما ، ويرى مع ذلك إن كانت الوالدة هي الباقية أن يشاركها العاصب إرضاع المولود على قدر حظه من الميراث ، كما قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10373975واجعله الوارث منا ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16812قبيصة بن ذؤيب ،
والضحاك ،
وبشير بن نصر ، قاضي
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز : الوارث هو الصبي نفسه ، أي : عليه في ماله إذا
[ ص: 217 ] ورث أباه إرضاع نفسه ، وقال بعضهم : الوارث الولد ؛ تجب عليه نفقة الوالدين الفقيرين ، ذكره
السجاوندي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16812قبيصة بن ذؤيب . فعلى هذه الأقوال تكون الألف واللام في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وعلى الوارث ) كأنها نابت عن الضمير العائد على " المولود له " ، كأنه قيل : وعلى وارث المولود له . وقال عطاء أيضا ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير ،
وقتادة ،
والسدي ،
ومقاتل ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى ،
nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح في آخرين : الوارث وارث المولود . واختلفوا ؛ فقيل : وارث المولود من الرجال والنساء ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ،
وقتادة ، وغيرهما ، ويلزمهم إرضاعه على قدر مواريثهم منه . وقيل : وارثه من عصبته كائنا من كان ؛ مثل : الجد ، والأخ ، وابن الأخ ، والعم ، وابن العم ، وهذا يروى عن
عمر ،
وعطاء ،
والحسن ،
ومجاهد ،
وإسحاق ،
وأحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى . وقيل : من كان ذا رحم محرم ، فإن كان ليس بذي رحم محرم لم يلزمه شيء ، وبه قال
أبو حنيفة ،
وأبو يوسف ،
ومحمد .
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، قال : الأجداد ثم الأمهات مثل ذلك ، أي : الأجرة والنفقة وترك المضارة . وعلى هذه الأقوال تكون الألف واللام كأنها نابت عن ضمير يعود على المولود ، وكأنه قيل : وعلى وارثه أي وارث المولود . وقيل : الوارث هنا من يرث الولاية على الرضيع ، ينفق من مال الرضيع عليه ، مثل ما كان ينفق أبوه . فتلخص في الوارث ستة أقوال ، وفي بعضها تفصيل كما ذكرناه ، فيجيء بالتفصيل عشرة أقوال ، والإشارة بقوله " ذلك " من قوله " مثل ذلك " إلى ما وجب على الأب من رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، على ما شرح في الأقوال في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وعلى الوارث ) ، وقاله أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وإبراهيم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16523وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
والحسن . وعبر بعضهم عن هذا القول بأن مثل ذلك ، هو : أجرة المثل والنفقة . قال : ويروى ذلك عن
عمر ،
وزيد ،
والحسن ،
وعطاء ،
ومجاهد ،
وإبراهيم ،
وقتادة ،
وقبيصة ،
والسدي ، واختاره
ابن قتيبة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي أيضا ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
والضحاك ،
ومالك وأصحابه ، وغيرهم : المراد بقوله : " مثل ذلك " أن لا يضار ، وأما الرزق والكسوة فلا شيء منهما . وروى
ابن القاسم عن مالك أن الآية تضمنت أن الرزق والكسوة على الوارث ، ثم نسخ ذلك بالإجماع من الأمة أن لا يضار الوارث . انتهى . وأنى يكون بالإجماع وقد رأيت أقوال العلماء في وجوب ذلك ؟ وقيل : مثل ذلك : أجرة المثل ، والنفقة ، وترك المضارة ، روي ذلك عن
ابن جبير ،
ومجاهد ،
ومقاتل ،
وأبي سليمان الدمشقي ، واختاره القاضي
أبو يعلى ، قالوا : ويشهد لهذا القول أنه معطوف على ما قبله ، وقد ثبت أن على المولود له النفقة والكسوة ، وأن لا يضار ؛ فيكون مثل ذلك مشيرا إلى جميع ما على المولود له .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما ) ، الضمير في " أرادا " عائد على الوالدة والمولود له ، و " الفصال " : الفطام قبل تمام الحولين ؛ إذا ظهر استغناؤه عن اللبن ، فلا بد من تراضيهما ، فلو رضي أحدهما وأبى الآخر لم يجبر ، قاله
مجاهد ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
والسدي وابن زيد ، و
سفيان ، وغيرهم . وقيل : الفطام ، سواء كان في الحولين أو بعد الحولين ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وتحرير هذا القول أنه قبل الحولين لا يكون إلا بتراضيهما ، وأن لا يتضرر المولود ، وأما بعد تمامهما ؛ فمن دعا إلى الفصل فله ذلك ، إلا أن يلحق المولود بذلك ضرر ، وعلى هذين القولين يكون ذلك توسعة بعد التحديد . وقال
ابن بحر : الفصال أن يفصل كل واحد منهما القول مع صاحبه بتسليم الولد إلى أحدهما ، وذلك بعد التراضي والتشاور ؛ لئلا يقدم أحد الوالدين على ما يضر بالولد ، فنبه تعالى على أن ما كان متهم العاقبة لا يقدم عليه إلا بعد اجتماع الآراء . وقرئ : " فإن أراد " ، ويتعلق عن تراض بمحذوف ؛ لأنه في موضع الصفة لقوله " فصالا " ، أي : فصالا كائنا ، وقدره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري صادرا . و " عن " للمجاوزة مجازا ؛ لأن ذلك معنى من المعاني لا جرم ، و " تراض " وزنه تفاعل ، وعرض فيه ما عرض في " أظب " جمع ظبي ؛ إذ أصله " أظبي " على : أفعل ، فتنقلب
[ ص: 218 ] الياء واوا لضمة ما قبلها ، ثم إنه لا يوجد في لسان العرب اسم آخره واو قبلها ضمة لغير الجمع ، وأنه متى أدى إلى ذلك التصريف قلبت الواو ياء ، وحولت الضمة كسرة ، وكذلك فعل في تراض ، وتفاعل هنا في تراض وتشاور على الأكثر من معانيه من كونه واقعا من اثنين ، وأخر التشاور لأنه به يظهر صلاح الأمور والآراء وفسادها ، و " منهما " في موضع الصفة لتراض ، فيتعلق بمحذوف ، وهو مراد بعد قوله " وتشاور " ، أي : منهما ، ويحتمل في تشاور أن يكون أحدهما شاور الآخر ، أو يكون أحدهما شاور غير الآخر لتجتمع الآراء على المصلحة في ذلك . ( فلا جناح عليهما ) ، هذا جواب الشرط ، وقبل هذا الجواب جملة محذوفة بها يصح المعنى ، التقدير : ففصلاه ، أو ففعلا ذلك ، والمعنى : فلا جناح عليهما في الفصال .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ) ، التَّكْلِيفُ : إِلْزَامُ مَا يُؤْثَرُ فِي الْكُلْفَةِ ، مِنْ كَلِفَ الْوَجْهُ ، وَكَلِفَ الْعِشْقُ ؛ لِتَأْثِيرِهِمَا . وُسْعَهَا : طَاقَتَهَا وَهُوَ مَا يَحْتَمِلُهُ ، وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=7لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ) الْآيَةَ ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ) الْعُمُومُ فِي سَائِرِ التَّكَالِيفِ ، قِيلَ : وَالْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=11353_27488وَالِدَ الصَّبِيِّ لَا يُكَلَّفُ مِنَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَعَلَى أُمِّهِ إِلَّا بِمَا تَتَّسِعُ بِهِ قُدْرَتُهُ ، وَقِيلَ : الْمَعْنَى : لَا تُكَلَّفُ الْمَرْأَةُ الصَّبْرَ عَلَى التَّقْصِيرِ فِي الْأُجْرَةِ ، وَلَا يُكَلَّفُ الزَّوْجُ مَا هُوَ إِسْرَافٌ ، بَلْ يُرَاعَى الْقَصْدُ . وَقِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ ) مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ ، وَالْفَاعِلُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَحُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ . وَقَرَأَ أَبُو رَجَاءٍ : " لَا تَكَلَّفُ " بِفَتْحِ التَّاءِ ، أَيْ : لَا تَتَكَلَّفُ ، وَارْتَفَعَ نَفْسٌ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ ، وَحُذِفَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَعْضِ الْكُوفِيِّينَ ، وَ " تَكَلَّفَ " تَفَعَّلَ ، مُطَاوِعُ فَعَّلَ ، نَحْوَ : كَسَرْتُهُ فَتَكَسَّرَ ، وَالْمُطَاوَعَةُ أَحَدُ الْمَعَانِي الَّتِي جَاءَ لَهَا تَفَعَّلَ . وَرَوَى أَبُو الْأَشْهَبِ
عَنْ أَبِي رَجَاءٍ أَنَّهُ قَرَأَ : " لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا " بِالنُّونِ ، مُسْنِدًا الْفِعْلَ إِلَى ضَمِيرِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَ " نَفْسًا " بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ ) ، قَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ ،
وَأَبُو عَمْرٍو ،
وَيَعْقُوبُ ،
وَأَبَانٌ عَنْ
عَاصِمٍ : " لَا تُضَارُّ " بِالرَّفْعِ ، أَيْ : بِرَفْعِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ ، وَهَذِهِ الْقِرَاءَةُ مُنَاسِبَةٌ لِمَا قَبْلَهَا مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ) لِاشْتِرَاكِ الْجُمْلَتَيْنِ فِي الرَّفْعِ ، وَإِنِ اخْتَلَفَ مَعْنَاهُمَا ؛ لِأَنَّ
[ ص: 215 ] الْأُولَى خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا وَمَعْنًى ، وَهَذِهِ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا نَهْيِيَّةٌ فِي الْمَعْنَى . وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ : " لَا تُضَارَّ " بِفَتْحِ الرَّاءِ ، جَعَلُوهُ نَهْيًا ؛ فَسُكِّنَتِ الرَّاءُ الْأَخِيرَةُ لِلْجَزْمِ ، وَسُكِّنَتِ الرَّاءُ الْأُولَى لِلْإِدْغَامِ ، فَالْتَقَى سَاكِنَانِ ، فَحُرِّكَ الْأَخِيرُ مِنْهُمَا بِالْفَتْحِ لِمُوَافَقَةِ الْأَلِفِ الَّتِي قَبْلَ الرَّاءِ ؛ لِتَجَانُسِ الْأَلِفِ وَالْفَتْحَةِ ، أَلَا تَرَاهُمْ حِينَ رَخَّمُوا : " أَسْحَارًّا " وَهُوَ اسْمُ نَبَاتٍ ، إِذَا سُمِّيَ بِهِ حَذَفُوا الرَّاءَ الْأَخِيرَةَ ، وَفَتَحُوا الرَّاءَ السَّاكِنَةَ الَّتِي كَانَتْ مُدْغَمَةً فِي الرَّاءِ الْمَحْذُوفَةِ ؛ لِأَجْلِ الْأَلْفِ قَبْلَهَا ، وَلَمْ يَكْسِرُوهَا عَلَى أَصْلِ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ ، فَرَاعَوُا الْأَلِفَ وَفَتَحُوا ، وَعَدَلُوا عَنِ الْكَسْرِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلَ ؟ وَقُرِأَ : " لَا يُضَارِّ " بِكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ عَلَى النَّهْيِ . وَقَرَأَ
أَبُو جَعْفَرٍ الصَّفَّارُ : " لَا تُضَارّْ " بِالسُّكُونِ مَعَ التَّشْدِيدِ ، أَجْرَى الْوَصْلَ مَجْرَى الْوَقْفِ ، وَرُوِيَ عَنْهُ : " لَا تُضَارْ " بِإِسْكَانِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِهَا ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الْأَعْرَجِ ، مِنْ ضَارَ يَضِيرُ ، وَهُوَ مَرْفُوعٌ أُجْرِيَ الْوَصْلُ فِيهِ مَجْرَى الْوَقْفِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : اخْتَلَسَ الضَّمَّةَ فَظَنَّهُ الرَّاوِي سُكُونًا . انْتَهَى . وَهَذَا عَلَى عَادَتِهِ فِي تَغْلِيطِ الْقُرَّاءِ وَتَوْهِيمِهِمْ ، وَلَا نَذْهَبُ إِلَى ذَلِكَ . وَوَجَّهَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ قَالَ : حَذَفَ الرَّاءَ الثَّانِيَةَ فِرَارًا مِنَ التَّشْدِيدِ فِي الْحَرْفِ الْمُكَرَّرِ ، وَهُوَ الرَّاءُ ، وَجَازَ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ : إِمَّا لِأَنَّهُ أَجْرَى الْوَصْلَ مَجْرَى الْوَقْفِ ، أَوْ لِأَنَّ مَدَّةَ الْأَلِفِ تَجْرِي مَجْرَى الْحَرَكَةِ . انْتَهَى . وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : " لَا تُضَارِرْ " بِفَكِّ الْإِدْغَامِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْأُولَى وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : " لَا تُضَارِرْ " بِفَكِّ الْإِدْغَامِ أَيْضًا وَفَتْحِ الرَّاءِ الْأُولَى وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ ، قِيلَ : وَرَوَاهَا أَبَانٌ عَنْ
عَاصِمٍ . وَالْإِظْهَارُ فِي نَحْوِ هَذَيْنِ الْمَثَلَيْنِ لُغَةُ
الْحِجَازِ ، فَأَمَّا مَنْ قَرَأَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ ، مَرْفُوعَةً أَوْ مَفْتُوحَةً أَوْ مَكْسُورَةً ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، كَمَا جَاءَ فِي قِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَفِي قِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَيَكُونُ ارْتِفَاعُ " وَالِدَةٌ " وَ " مَوْلُودٌ " عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ ، إِنْ قُدِّرَ الْفِعْلُ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، وَعَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ إِنْ قُدِّرَ الْفِعْلُ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، فَإِذَا قَدَّرْنَاهُ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ فَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ : لَا تُضَارِرْ وَالِدَةٌ زَوْجَهَا بِأَنْ تُطَالِبَهُ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ رِزْقٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الضَّرَرِ ، وَلَا يُضَارِرْ مَوْلُودٌ لَهُ زَوْجَتَهُ بِمَنْعِهَا مَا وَجَبَ لَهَا مِنْ رِزْقٍ وَكِسْوَةٍ ، وَأَخْذِ وَلَدِهَا مَعَ إِيثَارِهَا إِرْضَاعَهُ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الضَّرَرِ . وَالْبَاءُ فِي " بِوَلَدِهَا " وَفِي " بِوَلَدِهِ " بَاءُ السَّبَبِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ " يُضَارَّ " بِمَعْنَى تَضُرُّ ، وَأَنْ تَكُونَ الْبَاءُ مِنْ صِلَتِهِ ، لَا تَضُرُّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا ، فَلَا تُسِيءُ غِذَاءَهُ وَتَعَهُّدَهُ ، وَلَا تُفَرِّطُ فِيمَا يَنْبَغِي لَهُ ، وَلَا تَدْفَعُهُ إِلَى الْأَبِ بَعْدَمَا آلَفَهَا ، وَلَا يَضُرُّ الْوَالِدُ بِهِ بِأَنْ يَنْزِعَهُ مِنْ يَدِهَا ، أَوْ يُقَصِّرَ فِي حَقِّهَا ، فَتُقَصِّرَ هِيَ فِي حَقِّ الْوَلَدِ . انْتَهَى كَلَامُهُ . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ : أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ مِنْ صِلَتِهِ ، يَعْنِي مُتَعَلِّقَةً بِتُضَارَّ ، وَيَكُونُ ضَارَّ بِمَعْنَى أَضَرَّ ، فَاعَلَ بِمَعْنَى أَفْعَلَ ، نَحْوَ : بَاعَدْتُهُ وَأَبْعَدْتُهُ ، وَضَاعَفْتُهُ وَأَضْعَفْتُهُ ، وَكَوْنُ فَاعَلَ بِمَعْنَى أَفْعَلَ هُوَ مِنَ الْمَعَانِي الَّتِي وُضِعَ لَهَا فَاعَلَ ، تَقُولُ : أَضَرَّ بِفُلَانٍ الْجُوعُ ؛ فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ هُوَ الْمَفْعُولُ بِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى ، فَلَا يَكُونُ الْمَفْعُولُ مَحْذُوفًا ، بِخِلَافِ التَّوْجِيهِ الْأَوَّلِ ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلسَّبَبِ ؛ فَيَكُونَ الْمَفْعُولُ مَحْذُوفًا كَمَا قَدَّرْنَاهُ . قِيلَ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الضِّرَارُ رَاجِعًا إِلَى الصَّبِيِّ ، أَيْ : لَا يُضَارُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الصَّبِيَّ ، فَلَا يُتْرَكُ رَضَاعُهُ حَتَّى يَمُوتَ ، وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ الْأَبُ أَوْ يَنْزِعُهُ مِنْ أُمِّهِ حَتَّى يَضُرَّ بِالصَّبِيِّ ، وَتَكُونُ الْبَاءُ زَائِدَةً ؛ مَعْنَاهُ : لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ وَلَدَهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ وَلَدَهُ . انْتَهَى . فَيَكُونُ " ضَارَّ " بِمَعْنَى : ضَرَّ ، فَيَكُونُ مِمَّا وَافَقَ فِيهِ فَاعَلَ الْفِعْلَ الْمُجَرَّدَ الَّذِي هُوَ " ضَرَّ " ، نَحْوَ قَوْلِهِمْ : جَاوَزْتُ الشَّيْءَ وَجُزْتُهُ ، وَوَاعَدْتُهُ وَوَعَدْتُهُ ، وَهُوَ أَحَدُ الْمَعَانِي الَّتِي جَاءَ لَهَا فَاعَلَ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَاءَ لِلسَّبَبِ ، وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ : " لَا تُضَارِرْ " بِرَاءَيْنِ ، الْأُولَى مَفْتُوحَةٌ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ . وَتَأْوِيلُ مَنْ تَأَوَّلَ فِي الْإِدْغَامِ أَنَّ الْفِعْلَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ ، فَإِذَا كَانَ الْفِعْلُ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ تَعَيَّنَ كَوْنُ الْبَاءِ لِلسَّبَبِ ، وَامْتَنَعَ تَوْجِيهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ أَنَّ " ضَارَّ بِهِ " فِي مَعْنَى " أَضَرَّ بِهِ " ، وَالتَّوْجِيهُ الْآخَرُ أَنَّ " ضَارَّ بِهِ " بِمَعْنَى " ضَرَّهُ "
[ ص: 216 ] وَتَكُونُ الْبَاءُ زَائِدَةً ، وَلَا تَنْقَاسُ زِيَادَتُهَا فِي الْمَفْعُولِ ، مَعَ أَنَّ فِي التَّوْجِيهَيْنِ إِخْرَاجُ فَاعَلَ عَنِ الْمَعْنَى الْكَثِيرِ فِيهِ ، وَهُوَ كَوْنُ الِاسْمَيْنِ شَرِيكَيْنِ فِي الْفَاعِلِيَّةِ وَالْمَفْعُولِيَّةِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَرْفُوعًا وَالْآخَرُ مَنْصُوبًا . وَفِي هَذِهِ الْجُمَلِ الْأَرْبَعِ مِنْ بَلَاغَةِ الْمَعْنَى وَنَصَاعَةِ اللَّفْظِ مَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ تَعَاطَى عِلْمَ الْبَيَانِ ؛ فَالْجُمْلَةُ الْأُولَى أُبْرِزَتْ فِي صُورَةِ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ ، وَجَعَلَ الْخَبَرَ فِعْلًا لِأَنَّ الْإِرْضَاعَ مِمَّا يَتَجَدَّدُ دَائِمًا ، ثُمَّ أُضِيفَ الْأَوْلَادُ إِلَى الْوَالِدَاتِ تَنْبِيهًا عَلَى شَفَقَتِهِنَّ عَلَى الْأَوْلَادِ ، وَهَزًّا لَهُنَّ وَحَثًّا عَلَى الْإِرْضَاعِ ، وَقَيَّدَ الْإِرْضَاعَ بِمُدَّةٍ ، وَجَعَلَ ذَلِكَ لِمَنْ أَرَادَ الْإِتْمَامَ ، وَجَاءَ الْوَالِدَاتُ بِلَفْظِ الْعُمُومِ ، وَأُضِيفَ الْأَوْلَادُ لِضَمِيرِ الْعَامِّ لِيَعُمَّ ، وَجَمْعُ الْقِلَّةِ إِذَا دَخَلَتْهُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ ، أَوْ أُضِيفَ إِلَى عَامٍّ ؛ عَمَّ . وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا فِي كِتَابِنَا الْمُسَمَّى بِـ ( التَّكْمِيلُ فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ ) . وَالْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ أُبْرِزَتْ أَيْضًا فِي صُورَةِ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ ، وَجَعَلَ الْخَبَرَ جَارًّا وَمَجْرُورًا بِلَفْظِ " عَلَى " الدَّالَّةِ عَلَى الِاسْتِعْلَاءِ الْمَجَازِيِّ وَالْوُجُوبِ ؛ فَأُكِّدَ بِذَلِكَ مَضْمُونُ الْجُمْلَةِ ؛ لِأَنَّ مِنْ عَادَةِ الْمَرْءِ مَنْعَ مَا فِي يَدِهِ مِنَ الْمَالِ ، وَإِهْمَالَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنَ الْحُقُوقِ ؛ فَأَكَّدَ ذَلِكَ ، وَقَدَّمَ الْخَبَرَ عَلَى سَبِيلِ الِاعْتِنَاءِ بِهِ ، وَجَاءَ الرِّزْقُ مُقَدَّمًا عَلَى الْكِسْوَةِ لِأَنَّهُ الْأَهَمُّ فِي بَقَاءِ الْحَيَاةِ ، وَالْمُتَكَرِّرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ . وَالْجُمْلَةُ الثَّالِثَةُ أُبْرِزَتْ فِي صُورَةِ الْفِعْلِ وَمَرْفُوعِهِ ، وَأَتَى بِمَرْفُوعِهِ نَكِرَةً لِأَنَّهُ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ ؛ فَيَعُمَّ ، وَيَتَنَاوَلُ أَوَّلًا مَا سِيقَ لِأَجْلِهِ ، وَهُوَ حُكْمُ الْوَالِدَاتِ فِي الْإِرْضَاعِ ، وَحُكْمُ الْمَوْلُودِ لَهُ فِي الرِّزْقِ وَالْكِسْوَةِ اللَّذَيْنِ لِلْوَالِدَاتِ . وَالْجُمْلَةُ الرَّابِعَةُ كَالثَّالِثَةِ ؛ لِأَنَّهَا فِي سِيَاقِ النَّفْيِ ؛ فَتَعُمَّ أَيْضًا ، وَهِيَ كَالشَّرْحِ لِلْجُمْلَةِ قَبْلَهَا ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ إِذَا لَمْ تُكَلَّفْ إِلَّا طَاقَتَهَا لَا يَقَعُ ضَرَرٌ لَا لِلْوَالِدَةِ وَلَا لِلْمَوْلُودِ لَهُ ؛ وَلِذَلِكَ جَاءَتْ غَيْرَ مَعْطُوفَةٍ عَلَى الْجُمْلَةِ قَبْلَهَا ، فَلَا يُنَاسِبُ الْعَطْفَ ، بِخِلَافِ الْجُمْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ ؛ فَإِنَّ كُلَّ جُمْلَةٍ مِنْهُمَا مُغَايِرَةٌ لِلْأُخْرَى ، وَمُخَصَّصَةٌ بِحُكْمٍ لَيْسَ فِي الْأُخْرَى ، وَلَمَّا كَانَ تَكْلِيفُ النَّفْسِ فَوْقَ الطَّاقَةِ ، وَمُضَارَّةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ مِمَّا يَتَجَدَّدُ كُلَّ وَقَتٍ ؛ أَتَى بِالْجُمْلَتَيْنِ فِعْلِيَّتَيْنِ أَدْخَلَ عَلَيْهِمَا حَرْفَ النَّفْيِ الَّذِي هُوَ " لَا " الْمَوْضُوعُ لِلِاسْتِقْبَالِ غَالِبًا ، وَفِي قِرَاءَةِ مَنْ جَزَمَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233لَا تُضَارَّ ) أَدْخَلَ حَرْفَ النَّهْيِ الْمُخَلِّصَ الْمُضَارِعَ لِلِاسْتِقْبَالِ ، وَنَبَّهَ عَلَى مَحَلِّ الشَّفَقَةِ بِقَوْلِهِ : " بِوَلَدِهَا " ، فَأَضَافَ الْوَلَدَ إِلَيْهَا ، وَبِقَوْلِهِ : " بِوَلَدِهِ " فَأَضَافَ الْوَلَدَ إِلَيْهِ ؛ وَذَلِكَ لِطَلَبِ الِاسْتِعْطَافِ وَالْإِشْفَاقِ . وَقَدَّمَ ذِكْرَ عَدَمِ مُضَارَّةِ الْوَالِدَةِ عَلَى عَدَمِ مُضَارَّةِ الْوَالِدِ مُرَاعَاةً لِلْجُمْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ ؛ إِذْ بُدِئَ فِيهِمَا بِحُكْمِ الْوَالِدَاتِ ، وَثَنَّى بِحُكْمِ الْوَالِدِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233لَا تُضَارَّ ) دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ مُؤَنَّثٌ وَمُذَكَّرٌ مَعْطُوفَانِ ؛ فَالْحُكْمُ فِي الْفِعْلِ السَّابِقِ عَلَيْهِمَا لِلسَّابِقِ مِنْهُمَا ، تَقُولُ : قَامَ زَيْدٌ وَهِنْدٌ وَقَامَتْ هِنْدٌ وَزَيْدٌ ، وَيَقُومُ زَيْدٌ وَهِنْدٌ ، وَتَقُومُ هِنْدٌ وَزَيْدٌ ، إِلَّا إِنْ كَانَ الْمُؤَنَّثُ مَجَازِيًّا بِغَيْرِ عَلَامَةِ تَأْنِيثٍ فِيهِ ؛ فَيَحْسُنُ عَدَمُ إِلْحَاقِ الْعَلَامَةِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ) ، هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ ) ، وَالْجُمْلَتَانِ قَبْلَ هَذَا كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ : " بِالْمَعْرُوفِ " اعْتِرَاضٌ بِهِمَا بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَيْنِ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17344يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ : " وَعَلَى الْوَرَثَةِ مِثْلُ ذَلِكَ " بِالْجَمْعِ . وَالظَّاهِرُ فِي الْوَارِثِ أَنَّهُ وَارِثُ الْمَوْلُودِ لَهُ لِعَطْفِهِ عَلَيْهِ ؛ وَلِأَنَّ الْمَوْلُودَ لَهُ - وَهُوَ الْأَبُ - هُوَ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ فِي جُمْلَةِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ إِذَا مَاتَ الْمَوْلُودُ لَهُ وَجَبَ عَلَى وَارِثِهِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ رِزْقِ الْوَالِدَاتِ ، وَكِسْوَتِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ، وَتَجَنُّبِ الضِّرَارِ . وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ ،
وَالْحَسَنِ ،
وَقَتَادَةَ ،
وَالسُّدِّيِّ . وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِمَنْ يَرِثُ مِنَ الرِّجَالِ يَلْزَمُهُ الْإِرْضَاعُ ، كَمَا كَانَ يَلْزَمُ أَبَا الصَّبِيِّ لَوْ كَانَ حَيًّا ، وَقَالَهُ
مُجَاهِدٌ ، وَعَطَاءٌ . وَقَالَ سُفْيَانُ : الْوَارِثُ هُوَ الْبَاقِي مِنْ وَالِدَيِ الْمَوْلُودِ بَعْدَ وَفَاةِ الْآخَرِ مِنْهُمَا ، وَيَرَى مَعَ ذَلِكَ إِنْ كَانَتِ الْوَالِدَةُ هِيَ الْبَاقِيَةُ أَنْ يُشَارِكَهَا الْعَاصِبُ إِرْضَاعَ الْمَوْلُودِ عَلَى قَدْرِ حَظِّهِ مِنَ الْمِيرَاثِ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10373975وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا ) . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16812قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ ،
وَالضَّحَّاكُ ،
وَبَشِيرُ بْنُ نَصْرٍ ، قَاضِي
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ : الْوَارِثُ هُوَ الصَّبِيُّ نَفْسُهُ ، أَيْ : عَلَيْهِ فِي مَالِهِ إِذَا
[ ص: 217 ] وَرِثَ أَبَاهُ إِرْضَاعَ نَفْسِهِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : الْوَارِثُ الْوَلَدُ ؛ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْوَالِدَيْنِ الْفَقِيرَيْنِ ، ذَكَرَهُ
السَّجَاوَنْدِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16812قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ . فَعَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ تَكُونُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وَعَلَى الْوَارِثِ ) كَأَنَّهَا نَابَتْ عَنِ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى " الْمَوْلُودِ لَهُ " ، كَأَنَّهُ قِيلَ : وَعَلَى وَارِثِ الْمَوْلُودِ لَهُ . وَقَالَ عَطَاءٌ أَيْضًا ،
وَمُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ ،
وَقَتَادَةُ ،
وَالسُّدِّيُّ ،
وَمُقَاتِلٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وَابْنُ أَبِي لَيْلَى ،
nindex.php?page=showalam&ids=14117وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ فِي آخَرِينَ : الْوَارِثُ وَارِثُ الْمَوْلُودِ . وَاخْتَلَفُوا ؛ فَقِيلَ : وَارْثُ الْمَوْلُودِ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ،
وَقَتَادَةُ ، وَغَيْرُهُمَا ، وَيَلْزَمُهُمْ إِرْضَاعُهُ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ مِنْهُ . وَقِيلَ : وَارِثُهُ مِنْ عَصَبَتِهِ كَائِنًا مَنْ كَانَ ؛ مِثْلَ : الْجَدِّ ، وَالْأَخِ ، وَابْنِ الْأَخِ ، وَالْعَمِّ ، وَابْنِ الْعَمِّ ، وَهَذَا يُرْوَى عَنْ
عُمَرَ ،
وَعَطَاءٍ ،
وَالْحَسَنِ ،
وَمُجَاهِدٍ ،
وَإِسْحَاقَ ،
وَأَحْمَدَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وَابْنِ أَبِي لَيْلَى . وَقِيلَ : مَنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ ، فَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِذِي رَحِمِ مَحْرَمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ ، وَبِهِ قَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ ،
وَأَبُو يُوسُفَ ،
وَمُحَمَّدٌ .
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ ، قَالَ : الْأَجْدَادُ ثُمَّ الْأُمَّهَاتُ مِثْلُ ذَلِكَ ، أَيِ : الْأُجْرَةُ وَالنَّفَقَةُ وَتَرْكُ الْمُضَارَّةِ . وَعَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ تَكُونُ الْأَلِفُ وَاللَّامُ كَأَنَّهَا نَابَتْ عَنْ ضَمِيرٍ يَعُودُ عَلَى الْمَوْلُودِ ، وَكَأَنَّهُ قِيلَ : وَعَلَى وَارِثِهِ أَيْ وَارِثِ الْمَوْلُودِ . وَقِيلَ : الْوَارِثُ هُنَا مَنْ يَرِثُ الْوِلَايَةَ عَلَى الرَّضِيعِ ، يُنْفِقُ مِنْ مَالِ الرَّضِيعِ عَلَيْهِ ، مِثْلَ مَا كَانَ يُنْفِقُ أَبُوهُ . فَتَلَخَّصَ فِي الْوَارِثِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ ، وَفِي بَعْضِهَا تَفْصِيلٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ ، فَيَجِيءُ بِالتَّفْصِيلِ عَشَرَةُ أَقْوَالٍ ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ " ذَلِكَ " مِنْ قَوْلِهِ " مِثْلُ ذَلِكَ " إِلَى مَا وَجَبَ عَلَى الْأَبِ مِنْ رِزْقِهِنَّ وَكِسْوَتِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ، عَلَى مَا شَرَحَ فِي الْأَقْوَالِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233وَعَلَى الْوَارِثِ ) ، وَقَالَهُ أَيْضًا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَإِبْرَاهِيمُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16523وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيُّ ،
وَالْحَسَنُ . وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ ، هُوَ : أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَالنَّفَقَةِ . قَالَ : وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ
عُمَرَ ،
وَزَيْدٍ ،
وَالْحَسَنِ ،
وَعَطَاءٍ ،
وَمُجَاهِدٍ ،
وَإِبْرَاهِيمَ ،
وَقَتَادَةَ ،
وَقَبِيصَةَ ،
وَالسُّدِّيِّ ، وَاخْتَارَهُ
ابْنُ قُتَيْبَةَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيُّ أَيْضًا ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيُّ ،
وَالضَّحَّاكُ ،
وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ ، وَغَيْرُهُمْ : الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ : " مِثْلُ ذَلِكَ " أَنْ لَا يُضَارَّ ، وَأَمَّا الرِّزْقُ وَالْكِسْوَةُ فَلَا شَيْءَ مِنْهُمَا . وَرَوَى
ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْآيَةَ تَضَمَّنَتْ أَنَّ الرِّزْقَ وَالْكِسْوَةَ عَلَى الْوَارِثِ ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ مِنَ الْأُمَّةِ أَنْ لَا يُضَارَّ الْوَارِثُ . انْتَهَى . وَأَنَّى يَكُونُ بِالْإِجْمَاعِ وَقَدْ رَأَيْتُ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ ؟ وَقِيلَ : مِثْلُ ذَلِكَ : أُجْرَةُ الْمِثْلِ ، وَالنَّفَقَةُ ، وَتَرْكُ الْمُضَارَّةِ ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ
ابْنِ جُبَيْرٍ ،
وَمُجَاهِدٍ ،
وَمُقَاتِلٍ ،
وَأَبِي سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيِّ ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي
أَبُو يَعْلَى ، قَالُوا : وَيَشْهَدُ لِهَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ عَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ ، وَأَنْ لَا يُضَارَّ ؛ فَيَكُونُ مِثْلَ ذَلِكَ مُشِيرًا إِلَى جَمِيعِ مَا عَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=233فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ) ، الضَّمِيرُ فِي " أَرَادَا " عَائِدٌ عَلَى الْوَالِدَةِ وَالْمَوْلُودِ لَهُ ، وَ " الْفِصَالُ " : الْفِطَامُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ ؛ إِذَا ظَهَرَ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ اللَّبَنِ ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَرَاضِيهِمَا ، فَلَوْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا وَأَبَى الْآخَرُ لَمْ يُجْبَرْ ، قَالَهُ
مُجَاهِدٌ ،
وَقَتَادَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيُّ ،
وَالسُّدِّيُّ وَابْنُ زَيْدٍ ، وَ
سُفْيَانُ ، وَغَيْرُهُمْ . وَقِيلَ : الْفِطَامُ ، سَوَاءً كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ أَوْ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ . وَتَحْرِيرُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِتَرَاضِيهِمَا ، وَأَنْ لَا يَتَضَرَّرَ الْمَوْلُودُ ، وَأَمَّا بَعْدَ تَمَامِهِمَا ؛ فَمَنْ دَعَا إِلَى الْفَصْلِ فَلَهُ ذَلِكَ ، إِلَّا أَنْ يَلْحَقَ الْمَوْلُودَ بِذَلِكَ ضَرَرٌ ، وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يَكُونُ ذَلِكَ تَوْسِعَةً بَعْدَ التَّحْدِيدِ . وَقَالَ
ابْنُ بَحْرٍ : الْفِصَالُ أَنْ يَفْصِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقَوْلَ مَعَ صَاحِبِهِ بِتَسْلِيمِ الْوَلَدِ إِلَى أَحَدِهِمَا ، وَذَلِكَ بَعْدَ التَّرَاضِي وَالتَّشَاوُرِ ؛ لِئَلَّا يُقْدِمَ أَحَدُ الْوَالِدَيْنِ عَلَى مَا يَضُرُّ بِالْوَلَدِ ، فَنَبَّهَ تَعَالَى عَلَى أَنَّ مَا كَانَ مُتَّهَمَ الْعَاقِبَةِ لَا يُقْدِمُ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ اجْتِمَاعِ الْآرَاءِ . وَقُرِئَ : " فَإِنْ أَرَادَ " ، وَيَتَعَلَّقُ عَنْ تَرَاضٍ بِمَحْذُوفٍ ؛ لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِقَوْلِهِ " فِصَالًا " ، أَيْ : فِصَالًا كَائِنًا ، وَقَدَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ صَادِرًا . وَ " عَنْ " لِلْمُجَاوَزَةِ مَجَازًا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي لَا جَرَمَ ، وَ " تَرَاضٍ " وَزْنُهُ تَفَاعُلٌ ، وَعَرَضَ فِيهِ مَا عَرَضَ فِي " أَظْبٍ " جَمْعُ ظَبْيٍ ؛ إِذْ أَصْلُهُ " أَظْبِيٌ " عَلَى : أَفْعُلٍ ، فَتَنْقَلِبُ
[ ص: 218 ] الْيَاءُ وَاوًا لِضَمَّةِ مَا قَبْلَهَا ، ثُمَّ إِنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ اسْمٌ آخِرُهُ وَاوٌ قَبْلَهَا ضَمَّةٌ لِغَيْرِ الْجَمْعِ ، وَأَنَّهُ مَتَى أَدَّى إِلَى ذَلِكَ التَّصْرِيفِ قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً ، وَحُوِّلَتِ الضَّمَّةُ كَسْرَةً ، وَكَذَلِكَ فُعِلَ فِي تَرَاضٍ ، وَتَفَاعُلٌ هُنَا فِي تَرَاضٍ وَتَشَاوُرٍ عَلَى الْأَكْثَرِ مِنْ مَعَانِيهِ مِنْ كَوْنِهِ وَاقِعًا مِنَ اثْنَيْنِ ، وَأَخَّرَ التَّشَاوُرَ لِأَنَّهُ بِهِ يَظْهَرُ صَلَاحُ الْأُمُورِ وَالْآرَاءِ وَفَسَادُهَا ، وَ " مِنْهُمَا " فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِتَرَاضٍ ، فَيَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ ، وَهُوَ مُرَادٌ بَعْدَ قَوْلِهِ " وَتَشَاوُرٍ " ، أَيْ : مِنْهُمَا ، وَيُحْتَمَلُ فِي تَشَاوُرٍ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا شَاوَرَ الْآخَرَ ، أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا شَاوَرَ غَيْرَ الْآخَرِ لِتَجْتَمِعَ الْآرَاءُ عَلَى الْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ . ( فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ) ، هَذَا جَوَابُ الشَّرْطِ ، وَقَبْلَ هَذَا الْجَوَابِ جُمْلَةٌ مَحْذُوفَةٌ بِهَا يَصِحُّ الْمَعْنَى ، التَّقْدِيرُ : فَفَصَلَاهُ ، أَوْ فَفَعَلَا ذَلِكَ ، وَالْمَعْنَى : فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِي الْفِصَالِ .