فلولا رجاء النصر منك ورهبة عقابك قد كانوا لنا كالموارد
ويكون الأصل : بمتاع ، ثم حذف حرف الجر ، فإن نصبت " وصية " فيجوز أن ينتصب متاعا بالفعل الناصب لقوله " وصية " ويكون انتصابه على المصدر ؛ لأن معنى : يوصي به بمتع بكذا ، وأجازوا أن يكون " متاعا " صفة لوصية ، وبدلا وحالا من الموصين ، أي : ممتعين ، أو ذوى متاع ، ويجوز أن ينتصب حالا من أزواجهم ، أي : ممتعات أو ذوات متاع ؛ ويكون حالا مقدرة إن كانت الوصية من الأزواج . وقرأ أبي : " متاع لأزواجهم متاعا إلى الحول " ، وروي عنه : " فمتاع " ، ودخول الفاء في خبر " والذين " لأنه موصول ضمن [ ص: 246 ] معنى الشرط ، فكأنه قيل : ومن يتوف ، وينتصب " متاعا إلى الحول " بهذا المصدر ؛ إذ معناه التمتيع ، كقولك : أعجبني ضرب لك زيدا ضربا شديدا . وانتصب " غير إخراج " صفة لـ " متاعا " ، أو بدلا من " متاعا " ، أو حالا من الأزواج ، أي : غير مخرجات ، أو : من الموصين ، أي : غير مخرجين ، أو مصدرا مؤكدا ، أي : لا إخراجا ، قاله الأخفش .
( فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف ) ، منع من له الولاية عليهن من إخراجهن ، فإن خرجن مختارات للخروج ارتفع الحرج عن الناظر في أمرهن ؛ إذ خروجهن مختارات جائز لهن ، وموضح انقطاع تعلقهن بحال الميت ؛ فليس له منعهن مما يفعلن في أنفسهن من تزويج ، وترك إحداد ، وتزين ، وخروج ، وتعرض للخطاب ، إذا كان ذلك بالمعروف شرعا . ويتعلق " فيما فعلن " بما يتعلق به " عليكم " أي : فلا جناح يستقر عليكم فيما فعلن . و " ما " موصولة ، والعائد محذوف ، أي : فعلنه ، و " من معروف " في موضع الحال من الضمير المحذوف في " فعلن " ؛ فيتعلق بمحذوف ، أي : فعلنه كائنا من معروف . وجاء هنا " من معروف " نكرة مجرورة بـ " من " ، وفي الآية الناسخة لها على قول الجمهور جاء " بالمعروف " معرفا مجرورا بالباء . والألف واللام فيه نظيرتها في قولك : لقيت رجلا ، ثم تقول : الرجل من وصفه كذا وكذا ، وكذلك أن الآية السابقة متقدمة في التلاوة متأخرة في التنزيل ، وهذه بعكسها ، ونظير ذلك : ( سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم ) على ظاهر ما نقل ، مع قوله : ( قد نرى تقلب وجهك في السماء ) . ( والله عزيز حكيم ) ، ختم الآية بهاتين الصفتين ، فقوله " عزيز " إظهار للغلبة والقهر لمن منع من إنفاذ الوصية بالتمتيع المذكور ، أو أخرجهن وهن لا يخترن الخروج ، ومشعر بالوعيد على ذلك . وقوله " حكيم " إظهار أن ما شرع من ذلك فهو جار على الحكمة والإتقان ووضع الأشياء مواضعها . قال ابن عطية : وهذا كله قد زال حكمه بالنسخ المتفق عليه إلا ما قاله عن الطبري مجاهد ، وفي ذلك نظر على . انتهى كلامه . وقد تقدم أول الآية ما نقل عن الطبري مجاهد من أنها محكمة ، وهو قول ابن عطية في ذلك .