والمراد بقوله : ( أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا ) ، قالوا : وصرف وإن كان فيه العلمية والتأنيث ، كما صرف هند ودعد لمعادلة أحد السببين ، لخفة الاسم لسكون وسطه ، قاله الأخفش ، أو صرف لأنه ذهب باللفظ مذهب المكان ، فذكره [ ص: 235 ] فبقي فيه سبب واحد فانصرف . وشبهه في منع الصرف ، وهو علم بنوح ولوط حيث صرفا ، وإن كان فيهما العلمية والعجمة لخفة الاسم بكونه ثلاثيا ساكن الوسط ، وهذا ليس كما ذهبوا إليه من أنه مشبه لهند ، أو مشبه لنوح ; لأن مصر اجتمع فيه ثلاثة أسباب وهي : التأنيث والعلمية والعجمة ، فهو يتحتم منع صرفه بخلاف هند ، فإنه ليس فيه سوى العلمية والتأنيث ، على أن من النحويين من خالف في هند ، وزعم أنه لا يجوز فيه إلا منع الصرف ، وزعم أنه لا دليل على ما ادعى النحويون من الصرف في قوله : الزمخشري
لم تتلفع بفضل مئزرها دعد ولم تسق دعد في العلب
وبخلاف نوح ، فإن العجمة لم تعتبر إلا في غير الثلاثي الساكن الوسط ، وأما إذا كان ثلاثيا ساكن الوسط فالصرف . وقد أجاز عيسى بن عمر منع صرفه قياسا على هند ، ولم يسمع ذلك من العرب إلا مصروفا ، فهو قياس على مختلف فيه مخالف لنطق العرب ، فوجب اطراحه .
وقال الحسن بن بحر : المراد بقوله ( مصرا ) البيت المقدس ، يعني أن اللفظ ، وإن كان نكرة ، فالمراد به معين ، كما قلنا في قول من قال : إنه أراد به وإن كان نكرة مصر المعينة . وأما من قرأ ( مصر ) بغير تنوين ، فالمراد مصر العلم ، وهي دار فرعون . واستبعد بعض الناس قول من قال : إنها مصر فرعون ، قال : لأنهم من مصر خرجوا ، وأمروا بالهبوط إلى الأرض المقدسة لقتال الجبارين فأبوا ، فعذبوا بالتيه أربعين سنة لتخلفهم عن قتال الجبارين ، ولقولهم : ( اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ) فماتوا جميعا في التيه ، وبقي أبناؤهم ، فامتثلوا أمر الله ، وهبطوا إلى الشام ، وقاتلوا الجبارين ، ثم عادوا إلى البيت المقدس ، ولم يصرح أحد من المفسرين والمؤرخين أنهم هبطوا من التيه إلى مصر . انتهى كلامه . فتلخص من قراءة التنوين أن يكون المراد مصرا غير معين لا من الشام ولا من غيره ، أو مصرا غير معين من أمصار الشام ، أو معينا ، وهو بيت المقدس ، أو مصر فرعون ، فهذه أربعة أقوال .
( فإن لكم ما سألتم ) : هذه الجملة جواب للأمر ، كما يجاب بالفعل المجزوم ، ويجري فيه الخلاف الجاري فيه : هل ضمن ( اهبطوا مصرا ) معنى أن تهبوا أو أضمر الشرط وفعله بعد فعل الأمر كأنه قال : إن تهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم ، وفي ذلك محذوفان : أحدهما : ما يربط هذه الجملة بما قبلها ، وتقديره : فإن لكم فيها ما سألتم . والثاني : الضمير العائد على ( ما ) تقديره : ما سألتموه ، وشروط جواز الحذف فيه موجودة . وقرأ إبراهيم النخعي : ( سألتم ) بكسر السين ، وهذا من تداخل اللغات ، وذلك أن في سأل لغتين ، إحداهما : أن تكون العين همزة فوزنه فعل . والثانية : أن تكون العين واوا تقول : سأل يسأل ، فتكون الألف منقلبة عن واو ، ويدل على أنه من الواو قولهم : هما يتساولان ، كما تقول : يتجاوبان ، وحين كسر السين توهم أنه فتحها ، فأتى بالعين همزة ، قال الشاعر : ويحيى بن وثاب
إذا جئتهم وسأيلتهم وجدت بهم علة حاضره
الأصل ساءلتهم ، والمعروف إبدال الهمزة ياء ، فتقول : سايلتهم ، فجمع بين العوض وهو الياء ، وبين المعوض منه وهو الهمزة لكنه لما اضطر قدم الهمزة قبل ألف فاعل . وقال : يحتمل أن يكون إبدال الهمزة في ( سألتم ) ياء ، كما أبدلت ألفا في قوله : ابن جني
سألت هذيل رسول الله فاحشة
فانكسر السين قبل الياء ، ثم تنبه للهمز فهمز .
والمعنى : ما سألتم من البقول والحبوب التي اخترتموها على المن والسلوى . وقيل : ما سألتم من اتكالكم على تدبير أنفسكم في مصالح معاشكم وأحوال أقواتكم .
( وضربت عليهم الذلة والمسكنة ) : معنى الضرب هنا : الإلزام والقضاء عليهم ، من ضرب الأمير البعث [ ص: 236 ] على الجيش ، وكقول العرب : ضربة لازب ، ويقال : ضرب الحاكم على اليد ، وضرب الدهر ضرباته ، أي ألزم إلزاماته ، وقيل : معناه الإحاطة بهم والاشتمال عليهم مأخوذ من ضرب القباب ، ومنه قول : الفرزدق
ضربت عليك العنكبوت بنسجها وقضى عليك بها الكتاب المنزل
وقيل : معناه التصقت بهم ، من ضربت الحائط بالطين : ألصقته به . وقيل : معناه : جعلت . من ضربت الطين خزفا ، أي جعلت عليهم الذلة والمسكنة . أما الذلة فقيل : هي هوانهم بما ضرب عليهم من الجزية التي يؤدونها عن يد وهم صاغرون ، وقيل : هي ما ألزموا به من إظهار الزي ليعلم أنهم يهود ولا يلتبسوا بالمسلمين ، وقيل : فقر النفس وشحها ، فلا ترى ملة من الملل أذل وأحرص من اليهود .
وأما المسكنة : فالخشوع ، فلا يرى يهودي إلا وهو بادي الخشوع ، أو الخراج ، وهو الجزية ، قاله الحسن وقتادة ، أو الفاقة والحاجة ، قاله أبو العالية ، أو ما يظهرونه من سوء حالهم مخافة أن تضاعف عليهم الجزية ، أو الضعف ، فتراه ساكن الحركات قليل النهوض . واستبعد صاحب المنتخب قول من فسر الذلة بالجزية ; لأن الجزية لم تكن مضروبة عليهم من أول أمرهم . وقيل : هو من المعجزات ; لأنه أخبر عنه ، صلى الله عليه وسلم . فكان كما أخبر ، والمضروب عليهم الذلة والمسكنة اليهود المعاصرون لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، قاله الجمهور ، أو الذين كفروا بآيات الله وقتلوا الأنبياء بغير حق . والقائلون : ( ادع لنا ربك ) ، ومن تابعهم من أبنائهم . أقوال ثلاثة .
( وباءوا بغضب من الله ) : تقدم تفسير ( باء ) فعلى من قال : ( باء ) رجع ، تكون الباء للحال ، أي مصحوبين بغضب ، ومن قال : استحق ، فالباء صلة نحو : لا يقرأن بالسور ، أي استحقوا غضبا ، ومن قال : نزل وتمكن أو تساووا ، والباء ظرفية ، فعلى القول الأول تتعلق بمحذوف ، وعلى الثاني لا تتعلق ، وعلى الثالث بنفس ( باء ) وزعم الأخفش أن الباء في قوله ( بغضب ) للسبب ، فعلى هذا تتعلق بـ ( باء ) ويكون مفعول ( باء ) محذوفا ، أي استحقوا العذاب بسبب غضب الله عليهم ، و ( باء ) يستعمل في الخير : ( لنبوئنهم من الجنة غرفا ) ، ( ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ) ، ( نتبوأ من الجنة حيث نشاء ) . وفي الشر : ( وباءوا بغضب من الله ) ، ( أن تبوأ بإثمي وإثمك ) ، ( فباءوا بغضب على غضب ) . وقد جاء استعمال المعنيين في الحديث : " " . وقال بعض الناس : باء لا تجيء إلا في الشر . أبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي
والغضب هنا ما حل بهم من البلاء والنقم في الدنيا ، أو ما يحل بهم من العذاب في الآخرة . ويكون ( باءوا ) في معنى يبوءون ، نحو ( أزفت الآزفة ) ، ( اقتربت الساعة ) .
( من الله ) يحتمل أن يكون متعلقا بباءوا إذا كان باء بمعنى رجع ، وكأنهم كانوا مقبلين على الله تعالى ، فبعصيانهم رجعوا منه ، أي من عنده بغضب . ويحتمل أن يكون متعلقا بمحذوف ويكون في موضع الصفة ، أي بغضب كائن من الله ، وهذا الوجه ظاهر إذا كان باء بمعنى استحق ، أو بمعنى نزل وتمكن ، ويبعد الوجه الأول ، وفي وصف الغضب بكونه من الله تعظيم للغضب ، وتفخيم لشأنه . ( ذلك بأنهم ) الإشارة إلى المباءة بالغضب ، أو المباءة والضرب وهو مبتدأ ، والجار والمجرور بعده خبر ، والباء للسبب ، أي ذلك كائن بكفرهم وقتلهم .
( كانوا يكفرون بآيات الله ) الآيات : المعجزات التسع وغيرها التي أتى بها موسى ، أو التوراة ، أو آيات منها ، كالآيات التي فيها صفة رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أو فيها الرجم ، أو القرآن ، أو جميع آيات الله المنزلة على الرسل ، أقوال خمسة ، وإضافة الآيات إلى الله لأنها من عنده تعالى .
( ويقتلون النبيين ) : قتلوا يحيى وشعيا وزكريا . وروي عن قتل ابن مسعود بنو إسرائيل سبعين نبيا ، وفي رواية ثلاثمائة نبي في أول النهار ، وقامت سوق قتلهم في آخره . وعلى هذا يتوجه قراءة من قرأ : ( يقتلون ) بالتشديد لظهور المبالغة في القتل ، وهي قراءة علي . وقرأ الحسن : وتقتلون بالتاء ، فيكون ذلك من الالتفات .
[ ص: 237 ] وروي عنه بالياء كالجماعة ، ولا فرق في الدلالة بين النبيين والأنبياء ; لأن الجمعين إذا دخلت عليهما ( ال ) تساويا بخلاف حالهما إذا كانا نكرتين ; لأن جمع السلامة إذ ذاك ظاهر في القلة ، وجمع التكسير على أفعلاء ظاهر في الكثرة . وقرأ نافع بهمز النبيين والنبيء والأنبياء والنبوءة ، إلا أن قالون أبدل وأدغم في الأحزاب في : ( إن وهبت نفسها للنبي ) إن أراد . وفي ( لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن ) ، في الوصل . وقرأ الجمهور بغير همز ، وقد تقدم الكلام عليه في المفردات .
( بغير الحق ) : متعلق بقوله : ( وتقتلون ) وهو في موضع نصب على الحال من الضمير في ( تقتلون ) أي تقتلونهم مبالغة . قيل : ويجوز أن تكون منعة لمصدر محذوف ، أي قتلا بغير حق . وعلى كلا الوجهين هو توكيد ، ولم يرد هذا على أن قتل النبيين ينقسم إلى قتل بحق وقتل بغير حق ، بل ما وقع من قتلهم إنما وقع بغير حق ; لأن النبي معصوم من أن يأتي أمرا يستحق عليه فيه القتل ، وإنما جاء هذا القيد على سبيل التشنيع لقتلهم ، والتقبيح لفعلهم مع أنبيائهم ، أي بغير الحق عندهم ، أي لم يدعوا في قتلهم وجها يستحقون به القتل عندهم . وقيل : جاء ذلك على سبيل التأكيد كقوله : ( ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) ، إذ لا يقع قتل نبي إلا بغير الحق ، ولم يأت نبي قط بما يوجب قتله ، وإنما قتل منهم من قتل كراهة له وزيادة في منزلته . قال وغيره : ابن عباس ، وكل من أمر بقتال نصر . قيل : وعرف الحق هنا لأنه أشير به إلى المعهود في قوله عليه السلام : " لم يقتل نبي قط من الأنبياء إلا من لم يؤمر بقتال . وأما المنكر فالمراد به تأكيد العموم ، أي لم يكن هناك حق لا ما يعرفه المسلمون ولا غيره . لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث
( ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ) ( ذلك ) رد على الأول وتكرير له ، فأشير به لما أشير بـ ( ذلك ) الأول ، ويجوز أن يكون إشارة إلى الكفر والقتل المذكورين ، فلا يكون تكريرا ولا توكيدا ، ومعناه : أن الذي حملهم على جحود آيات الله وقتلهم الأنبياء إنما هو تقدم عصيانهم واعتدائهم ، فجسرهم هذا على ذلك ، إذ المعاصي بريد الكفر . ( بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) ، ( وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم ) ، ( وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم ) .
وقد تقدم تفسير العصيان والاعتداء لغة ، وقد فسر الاعتداء هنا أنه تجاوزهم ما حد الله لهم من الحق إلى الباطل . وقيل : التمادي على المخالفة وقتل الأنبياء . وقيل : العصيان بنقض العهد والاعتداء بكثرة قتل الأنبياء . وقيل : الاعتداء بسبب المخالفة والإقامة على ذلك الزمن الطويل ، أثر عن عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " أبي هريرة اختلفت بنو إسرائيل بعد موسى بخمسمائة سنة حين كثر فيهم أولاد السبايا ، واختلفوا بعد عيسى بمائة سنة " . وقيل : هو الاعتداء في السبت ، قال تعالى : ( وقلنا لهم لا تعدوا في السبت ) .
و ( ما ) في قوله ( بما عصوا ) مصدرية ، أي ذلك بعصيانهم ، ولم يعطف الاعتداء على العصيان ; لئلا يفوت تناسب مقاطع الآي ، وليدل على أن الاعتداء صار كالشيء الصادر منهم دائما . ولما ذكر تعالى حلول العقوبة بهم من ضرب الذلة والمسكنة والمباءة بالغضب ، وبين علة ذلك ، فبدأ بأعظم الأسباب في ذلك ، وهو كفرهم بآيات الله ، ثم ثنى بما يتلو ذلك في العظم وهو قتل الأنبياء ، ثم أعقب ذلك بما يكون من المعاصي ، وما يتعدى من الظلم . قال معنى هذا صاحب المنتخب .
ويظهر أن قوله : ذلك بأنهم كانوا يكفرون ويقتلون ، تعليل لضرب الذلة والمسكنة والمباءة بالغضب ، وأن الإشارة بقوله ( ذلك بما عصوا ) إشارة إلى الكفر والقتل ، وبما تعليل لهما فيعود العصيان إلى الكفر ، ويعود الاعتداء إلى القتل ، فيكون قد ذكر شيئين وقابلهما بشيئين ، كما ذكر أولا شيئين وهما الضرب والمباءة ، وقابلهما بشيئين وهما الكفر والقتل ، فجاء هذا لفا ونشرا في الموضعين ، وذلك من محاسن الكلام وجودة تركيبه ، ويخرج بذلك عن التأكيد الذي لا يصار إليه إلا عند الحاجة ، [ ص: 238 ] وذلك بأن يكون الكلام يبعد أن يحمل على التأسيس .
وقد تضمنت هذه الآيات من لطائف الامتنان وغرائب الإحسان لبني إسرائيل فصولا ، منها : أنهم أمروا بدخول القرية التي بها يتحصنون ، والأكل من ثمراتها ما يشتهون ، ثم كلفوا النزر من العمل والقول ، وهو دخول بابها ساجدين ، ونطقهم بلفظة واحدة تائبين ، ورتب على هذا النزر غفران جرائمهم العظيمة وخطاياهم الجسيمة ، فخالفوا في الأمرين فعلا وقولا ، جريا على عادتهم في عدم الامتثال ، فعاقبهم على ذلك بأشد النكال .
ثم ذكر تعالى ما كان عليه موسى - عليه السلام - من العطف عليهم وسؤال الخير لهم ، وذلك بأن دعا الله لهم بالسقيا ، فأحاله على فعل نفسه بأن أنشأ لهم من قرع الصفا بالعصا عيونا يجري بها ما يكفيهم من الماء معينا على الوصف الذي ذكره تعالى من كون تلك العيون على عدد الأسباط ، حتى لا يقع منهم مشاحة ولا مغالبة ، وأعلمهم بأن ذلك منه رزق ، وأمروا بالأكل منه والشرب ، ثم نهوا عن الفساد ، إذ هو سبب لقطع الرزق .
ثم ذكر تعالى تبرمهم من الرزق الذي امتن به عليهم ، فلجوا في طلب ما كان مألوفهم إلى نبيهم فقالوا : ادع لنا ربك ، وذلك جري على عادته معهم ، إذ كان يناجي ربه فيما كان عائدا عليهم بصلاح دينهم ودنياهم ، وذكر توبيخه لهم على ما سألوه من استبدال الخسيس بالنفيس ، وبما لا نصب في اكتسابه ما فيه العناء الشاق ، إذ ما طلبوه يحتاج إلى استفراغ أوقاتهم المعدة لعبادة ربهم في تحصيله ، ومع ذلك فصارت أغذية مضرة مؤذية جالبة أخلاطا رديئة ، ينشأ عنها طمس أنوار الأبصار والبصائر ، بخلاف ما رزقهم الله ، إذ هو شيء واحد جيد ، ينشأ عنه صحة البدن وجودة الإدراك .
كان ، رحمه الله ، يستف دقيق الشعير ، ويشرب عليه الماء العذب ، وكان ذهنه أشرق أذهان أهل زمانه ، وكان قوي البدن يغزو سنة ويحج أخرى . الخليل بن أحمد
ثم أمروا بالحلول فيما فيه مطلبهم والهبوط إلى معدن ما سألوه ، ثم أخبر تعالى بما عاقبهم به من جعلهم أذلاء مساكين ومباءتهم بغضبه ، وأن ذلك متسبب عن كفرهم بالآيات التي هي سبب الإيمان ، لما احتوت عليه من الخوارق التي أعجزت الإنس والجان ، وعن قتلهم من كان سببا لهدايتهم ، وهم الأنبياء ، إذ باتباعهم يحصل العز في الدنيا والفوز في الأخرى ، وأن الذي جر الكفر والقتل إليهم هو العصيان والاعتداء اللذان كانا سبقا منهم قبل تعاطي الكفر والقتل .
وقال :
إن الأمور صغيرها مما يهيج له العظيم
وقال :
والشر تحقره وقد ينمى