قال  أبو عمر     : تخويف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمته بالنار على الكذب دليل على أنه كان يعلم أنه سيكذب عليه صلى الله عليه .  
حدثنا   خلف بن قاسم  ، حدثنا  أحمد بن الحسين بن إسحاق الرازي  ، حدثنا  أبو الزنباع روح بن الفرج القطان  ، حدثنا   يحيى بن عبد الله بن بكير  ،  ويزيد بن موهب  ، قالا : حدثنا   الليث بن سعد  ، قال : حدثني   ابن شهاب  ، عن   أنس بن مالك  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :  من كذب علي ، قال : حسبت أنه قال : متعمدا ، فليتبوأ بيته في النار     .  
 [ ص: 45 ] حدثنا   عبد الوارث بن سفيان  ، حدثنا  قاسم  ، حدثنا  أحمد بن زهير  ، حدثنا   إبراهيم بن عبد الله الهروي  ، حدثنا  أبو غياث أصرم بن غياث  ، قال : حدثني  أبو سنان  ، عن  هارون بن عنترة  ، قال   : قال   أبو هريرة     : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه .  
حدثنا  عبد الوارث  ، حدثنا  قاسم  ، حدثنا  أحمد بن زهير  ، حدثنا  الوليد بن شجاع  ، حدثنا   ابن المبارك  ، عن   ابن لهيعة  ، عن  خالد بن يزيد  ، عن   عامر بن سعد  أن   عقبة بن نافع  قال لبنيه : يا بني لا تقبلوا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من ثقة     .  
وروينا  عن   ابن معين  أنه قال : كان فيما أوصى به  صهيب  بنيه أن قال : يا بني لا تقبلوا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من ثقة     .  
وقال   ابن عون     : لا تأخذوا العلم إلا ممن شهد له بالطلب     .  
وفيما أجاز لنا  عبد بن أحمد  ، وحدثناه  عبد الله بن سعيد  عنه ، قال : حدثنا  علي بن عمر  ، قال : حدثنا   محمد بن مسلم  ، حدثنا  محمد بن هشام بن البختري  ، قال : حدثنا  هشام بن هارون  ، حدثنا  الحسين بن خالد  ، عن   حماد بن زيد  ،  عن  شعيب بن الحبحاب  ، قال : غدوت إلى   أنس بن مالك   [ ص: 46 ] فقال : يا  شعيب  ما غدا بك ؟ فقلت : يا  أبا حمزة  غدوت لأتعلم منك ، وألتمس ما ينفعني ، فقال : يا  شعيب     : إن هذا العلم دين فانظر ممن تأخذه     .  
وقال   سعيد بن عبد العزيز  ،  عن   سليمان بن موسى  ، قال : لا يؤخذ العلم من صحفي     .  
وقال   القاسم بن محمد     : أقبح من الجهل أن أقول بغير علم ، أو أحدث عن غير ثقة     .  
حدثنا  عبد الوارث  ، حدثنا  قاسم  ، حدثنا  أحمد بن زهير  ، حدثنا   أحمد بن يونس  ، حدثنا   زائدة  ، حدثنا   هشام بن حسان  ، قال :  قال   محمد بن سيرين     : انظروا عمن تأخذون هذا الحديث فإنما هو دينكم .  
حدثنا  عبد الوارث  ، حدثنا  قاسم  ، حدثنا  أحمد بن زهير  ، حدثنا  إبراهيم بن محمد الشافعي  ، حدثنا   فضيل بن عياض  ، عن  هشام  ،  عن   ابن سيرين  ، قال : إنما هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذونه .  
حدثنا  أحمد بن قاسم بن عيسى المقري  ، حدثنا   أبو الحسن محمد بن أحمد بن سمعون  ببغداد ،   حدثنا  محمد بن محمد بن أبي حذيفة  ، حدثنا   ربيعة بن الحارث  ، حدثنا   محمد بن زياد  ، حدثنا   هشيم  ، عن  المغيرة  ،  عن      [ ص: 47 ] إبراهيم  ، قال : إن هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ،  قال  المغيرة     : كنا إذا أتينا الرجل لنأخذ عنه نظرنا إلى سمته وصلاته ، وقد روى جماعة ، عن   هشيم  ، عن  مغيرة  ،  عن  إبراهيم  ، قال : كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى هديه ، وسمته ، وصلاته ثم أخذوا عنه     .  
أخبرنا  عبد الوارث  ، حدثنا  قاسم  ، حدثنا   أبو إسماعيل الترمذي  ، حدثنا   ابن أبي أويس  ، قال : سمعت خالي   مالك بن أنس  يقول : إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم  ، لقد أدركت سبعين ، فذكر الحديث ، وهو بتمامه في الباب الذي بعد هذا في أخبار  مالك  رحمه الله .  
حدثنا  خلف بن أحمد  ،  وعبد الرحمن بن يحيى  ، قالا : حدثنا  أحمد بن سعيد  ، حدثنا  إسحاق بن إبراهيم بن النعمان  ، حدثنا  محمد بن علي بن مروان  ، قال : سمعت   عفان بن مسلم  ، قال : سمعت   يحيى بن سعيد القطان  يقول :  سمعت   عبد الرحمن بن مهدي  يقول : سألت   شعبة  ،   وابن المبارك  ،   والثوري  ،   ومالك بن أنس  ، عن الرجل يتهم بالكذب ، فقالوا : انشره فإنه دين .  
وروينا  عن   حماد بن زيد  أنه قال : كلمنا   شعبة  في أن يكف عن  أبان بن أبي عياش  لسنه وأهل بيته ، فقال لي : يا  أبا إسماعيل  لا يحل الكف عنه ; لأن الأمر دين     .  
 [ ص: 48 ] حدثنا  خلف بن أحمد  ، حدثنا  أحمد بن سعيد  ، حدثنا   أبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى العقيلي  ، حدثنا   محمد بن إسماعيل  ، حدثنا  الحسن بن علي  ، قال : سمعت   يزيد بن هارون  يقول :  حدث   سليمان التيمي  بحديث ، عن   ابن سيرين  فذكر له الحديث ، فقال له   ابن سيرين     : ما هذا يا  سليمان  ؟ اتق الله ، ولا تكذب علي ، فقال  سليمان     : إنما حدثنا مؤذننا ، أين هو ؟ فجاء المؤذن ، فقال  سليمان     : أليس حدثتني ، عن   ابن سيرين  بكذا وكذا ؟ فقال : إنما حدثنيه رجل ، عن   ابن سيرين     .  
أخبرنا   خلف بن قاسم  ، قال : حدثنا  محمد بن إبراهيم بن إسحاق بن مهران السراج  ، قال : حدثنا  جعفر بن أحمد بن الفرج الدوري  ، قال : حدثنا   محمد بن سعيد بن غالب  ، قال : حدثنا  نصر بن حماد - يعني الوراق     - قال : كنا قعودا على باب   شعبة  نتذاكر الحديث ، فقلت : حدثنا  إسرائيل  ، عن  أبي إسحاق  ، عن  عبد الله بن عطاء  ، عن   عقبة بن عامر الجهني  ، قال : ( كنا نتناوب رعية الإبل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجئت ذات يوم والنبي عليه السلام حوله أصحابه ، فسمعته يقول :  من توضأ ثم صلى ركعتين ثم استغفر الله غفر له  قلت بخ بخ ، قال : فجذبني رجل من خلفي ، فالتفت فإذا   عمر بن الخطاب  ، فقال : ما لك تبخبخ ؟ فقلت : عجبا بها ، قال : لو سمعت التي قبلها كانت أعجب وأعجب ، قلت وما قال ؟ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  من شهد أن لا إله إلا الله ، وأن  محمدا   رسول الله ، قيل له : ادخل من أي أبواب الجنة شئت  قال : قال  نصر     : فخرج علينا   شعبة   [ ص: 49 ] فلطمني ثم رجع فدخل ، قال : فتنحيت ناحية أبكي ثم خرج ، فقال : ما له بعد يبكي ؟ فقال له   عبد الله بن إدريس     : إنك أسأت إليه ، قال : انظر ما يحدث به ، عن  إسرائيل  ، عن  أبي إسحاق  ، عن  عبد الله بن عطاء  ، عن   عقبة بن عامر  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا قلت  لأبي إسحاق  من حدثك ؟ قال : حدثنا  عبد الله بن عطاء  ، عن   عقبة بن عامر  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقلت  لأبي إسحاق     : أو سمع  عبد الله  من  عقبة  ؟ قال : فغضب ،   ومسعر بن كدام  حاضر ، فقال لي   مسعر     : أغضبت الشيخ ، فقلت : ليصححن هذا الحديث ، أو لأرمين بحديثه ، فقال لي   مسعر     : هذا  عبد الله بن عطاء  بمكة   ، قال   شعبة     : فرحلت إلى  مكة   لم أرد الحج ، أردت الحديث ، فلقيت  عبد الله بن عطاء  ، فسألته ، فقال :  سعد بن إبراهيم  حدثني ، قال   شعبة     : فلقيت   مالك بن أنس  ، فسألته عن  سعد  ، فقال :  سعد بن إبراهيم  بالمدينة   لم يحج العام ، فرحلت إلى  المدينة   ، فلقيت  سعد بن إبراهيم  بالمدينة   ، فسألته ، فقال : الحديث من عندكم ، حدثني  زياد بن مخراق  ، قال   شعبة  ، فلما ذكر  زياد بن مخراق  قلت أي شيء هذا ؟ بينما هو كوفي إذ صار مدنيا إذ صار بصريا ، قال   شعبة     : فرحلت إلى  البصرة   ، فلقيت  زياد بن مخراق  ، فسألته ، فقال : ليس الحديث من بانتك ( كذا ) ، فقلت : حدثني به ، قال : لا ترده ، قلت : حدثني به ، قال : حدثني   شهر بن حوشب  ، قلت : ومن لي بهذا الحديث لو صح لي مثل هذا عن رسول الله      [ ص: 50 ]    - صلى الله عليه وسلم - كان أحب إلي من أهلي ، ومالي ، ومن الناس أجمعين ، وذكره   الدارقطني  ، عن  أبي عبيد القاسم بن إسماعيل المحاملي  ،  ومحمد بن مخلد بن حفص العطار  ، قالا : حدثنا   أبو يحيى محمد بن سعيد بن غالب  ، قال : سمعت  نصر بن حماد  يقول : كنا قعودا على باب   شعبة  ، فذكر مثله إلى آخره .  
وقد روي هذا المعنى من وجوه عن   شعبة  ، ولذلك ذكرته عن  نصر بن حماد     ; لأن  نصر بن حماد الوراق  يروي عن   شعبة  مناكير تركوه ، وقد رواه   الطيالسي  ، عن   شعبة     .  
حدثنا  خلف بن أحمد  ، حدثنا  أحمد بن سعيد  ، حدثنا  أحمد بن خالد  ، حدثنا  أحمد بن عبد الله الصنعاني  ، قال : سمعت   أبا حفص - يعني الفلاس     - يقول : سمعت  أبا داود  يقول : كنا عند   شعبة  ، فجاء   بشر بن المفضل  ، فقال له : أتحفظ عن  أبي إسحاق  ، عن  عبد الله بن عطاء  ، عن   عقبة بن عامر  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما من مسلم يتوضأ ، فضحك   شعبة  ، فقال  بشر     : إنا نراك قد سقط عنك حديث جيد من حديث  أبي إسحاق  ، وتضحك ، قال : فقال   شعبة     : كنت عند  أبي إسحاق  ، فحدث بهذا الحديث ، فقال : حدثني  عبد الله بن عطاء  ، عن   عقبة بن عامر  ، قال   شعبة     : وكان  أبو إسحاق  إذا حدثني عن رجل لا أعرفه قلت أنت أكبر أم هذا ؟ فقال : حدثني      [ ص: 51 ] ذاك الفتى ، فتحولت ، فإذا شاب جالس ، فسألته ، فقال : صدق أنا حدثته ، فقلت : وأنت من حدثك ؟ فقال : حدثني  نعيم بن أبي هند  ، فأتيت  نعيم بن أبي هند  ، فقلت : من حدثك ؟ قال :  زياد بن مخراق  ، قال   شعبة     : فقدمت  البصرة   ، فلقيت  زياد بن مخراق  ، فسألته ، فقال : حدثني رجل من  أهل البصرة   لا أدري من هو ، عن   شهر بن حوشب     .  
قال  أبو عمر     : هكذا يكون البحث والتفتيش ، وهذا معروف عن   شعبة  ، ولهذا وشبهه قال   أبو عبد الرحمن النسائي     : أمناء الله عز وجل على حديث رسوله ثلاثة :   مالك بن أنس  ،   وشعبة بن الحجاج  ،   ويحيى بن سعيد القطان     .  
قال  أبو عمر     : الحديث الذي جرى ذكره بين   شعبة  ،   وبشر بن المفضل  من حديث  أبي إسحاق  ، حدثناه   سعيد بن نصر  ، حدثنا  قاسم  ، حدثنا   ابن وضاح  ، حدثنا   أبو بكر بن أبي شيبة  ، حدثنا  أبو الأحوص  ، عن  أبي إسحاق  ، عن  عبد الله بن عطاء  ، عن   عقبة بن عامر  ، قال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، في سفر ، فكنا نتناوب الرعية ، فلما كانت نوبتي سرحت ثم رحت ، فجئت ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب الناس ، فسمعته يقول :  ما من مسلم يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقوم في صلاته فيعلم ما يقول فيها إلا انفتل وهو كيوم ولدته أمه من الخطايا ليس عليه ذنب  قال : فما ملكت نفسي عند ذلك أن قلت بخ بخ .  
 [ ص: 52 ] حدثنا   عبد الوارث بن سفيان  ، حدثنا   قاسم بن أصبغ  ، حدثنا  أحمد بن زهير  ، حدثنا   عبيد الله بن عمر القواريري  ، قال :  سمعت   يحيى بن سعيد القطان  يقول : ما رأيت الكذب في أحد أكثر منه فيمن ينسب إلى الخير والزهد  ، وقال  عفان     :  سمعت  محمد بن يحيى بن سعيد القطان  يقول : سمعت أبي يقول : ما رأيت الصالحين أكذب منهم في الحديث .  
قال  أبو عمر     : هذا معناه ، والله أعلم أنه ينسب إلى الخير وليس كما نسب إليه وظن به ، وقد روي  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قيل له : أيكون المؤمن كذابا ؟ قال : لا  ، وهذا أيضا على أنه لا يغلب عليه الكذب ، أو لا يكذب في دينه ليضل غيره .  
وقد تكلمنا على هذا المعنى في باب   صفوان بن سليم  ، والحمد لله .  
حدثنا  خلف بن سعيد  ، قال : حدثنا  عبد الله بن محمد بن علي  ، قال : حدثنا  أحمد بن خالد  ، قال : حدثنا   علي بن عبد العزيز  ، وحدثنا  إبراهيم بن شاكر  ، قال : حدثنا  عبد الله بن محمد بن عثمان  ، حدثنا  سعيد بن حميد  ،  وسعيد بن عثمان  ، قالا : حدثنا  أحمد بن عبد الله بن صالح   [ ص: 53 ] قال : حدثنا  محمد بن عبد الله الرقاشي  ، حدثنا   يزيد بن زريع  ، حدثنا   محمد بن إسحاق  ، قال : حدثني   عاصم بن عمر بن قتادة  ، عن   محمود بن لبيد  ، قال : أمرني  يحيى بن الحكم  على  جرش   ، فقدمتها ، فحدثوني أن   عبد الله بن جعفر  حدثهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :  اتقوا صاحب هذا الداء - يعني الجذام - كما يتقى السبع إذا هبط واديا فاهبطوا غيره  فقلت : والله لئن كان  ابن جعفر  حدثكم هذا ما كذبكم ، قال : فلما عزلني عن  جرش   قدمت  المدينة   ، فلقيت   عبد الله بن جعفر  ، فقلت له : يا  أبا جعفر  ما حديث حدثه عنك أهل  جرش   ؟ ثم حدثته الحديث ، فقال : كذبوا والله ما حدثتهم ، ولقد  رأيت   عمر بن الخطاب  يدعو بالإناء فيه الماء ، فيناوله  معيقبا  ، وقد كان أسرع فيه هذا الداء ثم يتناوله ، فيتيمم بفمه موضع فمه ، يعلم أنه إنما يصنع ذلك كراهية أن يدخل نفسه شيء من العدوى ، ولقد كان يطلب له الطب من كل من سمع عنده بطب حتى قدم عليه رجلان من  أهل اليمن   ، فقال : هل عندكما من طب لهذا الرجل ؟ فإن هذا الوجع قد أسرع فيه ، قالا : أما شيء      [ ص: 54 ] يذهبه فلا ، ولكنا نداويه دواء يقفه فلا يزيد ، قال  عمر     : عافية عظيمة ، قالا : هل تنبت أرضك هذا الحنظل ؟ قال : نعم ، قالا : فاجمع لنا منه ، قال : فأمر  عمر  فجمع منه مكتلتان عظيمتان ، فأخذا كل حنظلة ، فشقاها باثنتين ، ثم أخذ كل واحد منهما بقدم   معيقيب  ، فجعلا يدلكان بطون قدميه حتى إذا أمحقت طرحاها ، وأخذا أخرى ، حتى رأيا  معيقيبا  يتنخمه أخضر مرا ، ثم أرسلاه ، قال : فوالله ما زال   معيقيب  منها متماسكا حتى مات     .  
قال  أبو عمر     : فهذا   محمود بن لبيد  يحكي عن جماعة أنهم حدثوه عن   عبد الله بن جعفر  بما أنكره  ابن جعفر  ولم يعرفه ، بل عرف ضده ، وهذا في زمن فيه الصحابة ، فما ظنك بمن بعدهم ؟ وقد تقدم في هذا الباب عن   ابن عباس  في عصره نحو هذا المعنى .  
حدثنا  خلف بن أحمد  ، حدثنا  أحمد بن سعيد بن حزم  ، حدثنا  أحمد بن خالد  ، حدثنا   ابن وضاح  ، حدثنا  أحمد بن سعد  ، حدثنا عمي   سعيد بن أبي مريم  ، عن   الليث بن سعد  ، قال : قدم علينا رجل من  أهل المدينة   يريد  الإسكندرية   مرابطا ، فنزل على   جعفر بن ربيعة  ، قال : فعرضوا له بالحملان ، وعرضوا له بالمعونة ، فلم يقبل ، واجتمع هو وأصحابنا   يزيد بن أبي حبيب  ، وغيره ، فأقبل يحدثهم : حدثني  نافع  ، عن  عبد الله بن عمر  ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : فجمعوا تلك الأحاديث ، وكتبوا بها إلى  ابن نافع  ، وقالوا له : إن رجلا قدم علينا وخرج إلى  الإسكندرية   مرابطا      [ ص: 55 ] وحدثنا ، فأحببنا أن لا يكون بيننا وبينك فيها أحد ، فكتب إليهم : والله ما حدث أبي من هذا بحرف قط ، فانظروا عمن تأخذون ، واحذروا قصاصنا ، ومن يأتيكم .  
حدثنا   عبد الوارث بن سفيان  ، حدثنا   قاسم بن أصبغ  ، حدثنا   محمد بن الجهم  ، حدثنا  يعلى  ، عن   إسماعيل بن أبي خالد  ، عن   الشعبي  ، عن   الربيع بن خثيم  ، قال :  من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان له كعتق رقاب أو رقبة  ، قال   الشعبي     : فقلت   للربيع بن خثيم     : من حدثك بهذا الحديث ؟ فقال :   عمرو بن ميمون الأودي  ، فلقيت  عمرو بن ميمون  ، فقلت : من حدثك بهذا الحديث ؟ فقال :   عبد الرحمن بن أبي ليلى  ، فلقيت   ابن أبي ليلى  ، فقلت : من حدثك ؟ قال :   أبو أيوب الأنصاري  صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .  
فعلى هذا كان الناس على البحث عن الإسناد ، وما زال الناس يرسلون الأحاديث ، ولكن النفس أسكن عند الإسناد ، وأشد طمأنينة ، والأصل ما قدمنا .  
حدثني   خلف بن القاسم  ، قال : حدثنا   أبو الميمون عبد الرحمن بن عمر بن راشد البجلي  بدمشق   ، قال : حدثنا  أبو زرعة   [ ص: 56 ] الدمشقي  ، قال : حدثنا   الحسن بن الصباح  ، قال : حدثنا  أبو قطن  ، عن  أبي خلدة  ،  عن   أبي العالية  ، قال : كنا نسمع الرواية  بالبصرة   ، عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فما رضينا حتى رحلنا إليهم ، فسمعناها من أفواههم .  
حدثنا  أبو عمر أحمد بن محمد بن أحمد  ، قال : حدثنا  أبو علي الحسن بن سلمة بن المعلى  ، قال : حدثنا  أبو عبد الله بن بحر المصري  ، قال : حدثنا   الحسين بن الحسن المروزي  ، قال :  سمعت   ابن المبارك  يقول : لولا الإسناد لقال كل من شاء ما شاء ، ولكن إذا قيل له عن من بقي  ؟ حدثنا   عبد الوارث بن سفيان  ، حدثنا   قاسم بن أصبغ  ، قال : حدثنا  بكر بن حماد  ، قال : حدثنا   مسدد  ، قال : حدثنا  عبد الواحد  ، قال : حدثنا   عاصم الأحول  ، عن   أبي العالية  ، قال : حدثني من سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :  أعطوا كل سورة حظها من الركوع ، والسجود  ، قال  عاصم     : فقلت   لأبي العالية     : أنسيت من حدثك ؟ قال : لا ، وإني لأذكره ، وأذكر المكان الذي حدثني فيه ، حدثنا  خلف بن أحمد الأموي  مولى لهم ، قال : أخبرنا  أحمد بن سعيد  ، قال : حدثنا  محمد بن قاسم  ، قال : حدثنا  محمد بن خيرون  ، قال :      [ ص: 57 ] حدثنا  محمد بن الحسين البغدادي  ، قال : سمعت   أحمد بن حنبل  يقول :  سمعت   يحيى بن سعيد  يقول : الإسناد من الدين ،  قال  يحيى     :  وسمعت   شعبة  يقول : إنما يعلم صحة الحديث بصحة الإسناد ،  وقرأت على   خلف بن القاسم  أن   أبا الميمون عبد الرحمن بن عمر الدمشقي  حدثهم  بدمشق   ، قال : حدثنا  أبو زرعة  ، قال : حدثنا   أبو مسهر  ، قال : حدثنا  عقبة  صاحب   الأوزاعي  ، قال : سمعت   الأوزاعي  يقول : ما ذهاب العلم إلا ذهاب الإسناد .  
أخبرنا  أبو محمد إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي  ، قال : حدثنا  إبراهيم بن بكر بن عمران  ، قال : حدثنا  أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي الموصلي  الحافظ ، قال : حدثنا  عمران بن موسى  ، قال : حدثنا   محمد بن المثنى  ، قال : حدثنا  الحسين بن عبد الرحمن  ، قال : حدثنا   ابن عون  ، قال : كان  الحسن  يحدثنا بأحاديث لو كان يسندها كان أحب إلينا .  
				
						
						
