قال  أبو عمر     : اختلف الناس في  مراسيل  الحسن   ، فقبلها قوم ، وأباها آخرون ، وقد روى   حماد بن سلمة  ، عن   علي بن زيد  ، قال : ربما حدثت بالحديث  الحسن  ثم أسمعه بعد يحدث به ، فأقول : من حدثك يا  أبا سعيد  ؟ فيقول : ما أدري غير أني قد سمعته من ثقة ، فأقول : أنا حدثتك به .  
وقال   عباد بن منصور     : سمعت  الحسن  يقول : ما حدثني به رجلان ، قلت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .  
 [ ص: 58 ] وقال   ابن عون     : قال   بكر المزني  للحسن  ، وأنا عنده : عمن هذه الأحاديث التي تقول فيها : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : عنك وعن هذا .
حدثنا   عبد الوارث بن سفيان  ، حدثنا   قاسم بن أصبغ  ، حدثنا  أحمد بن زهير  ، حدثنا أبي ، حدثنا   يزيد بن هارون  ، قال : حدثنا   بقية بن الوليد  ، قال : حدثنا  أبو العلاء  ، عن   مجاهد  ، عن   ابن عباس  ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  هلاك أمتي في القدرية والعصبية والرواية عن غير ثبت     .  
هذا حديث انفرد به   بقية  عن  أبي العلاء  ، وهو إسناد فيه ضعف لا تقوم به حجة ، ولكنا ذكرناه ليعرف ،  والحديث الضعيف   لا يرفع ، وإن لم يحتج به ، ورب حديث ضعيف الإسناد صحيح المعنى .  
حدثنا   أبو عثمان سعيد بن نصر  ، قال : حدثنا   قاسم بن أصبغ  ، قال : حدثنا  محمد بن إسماعيل الترمذي  ، قال : حدثنا   الحميدي  ، قال : حدثنا  سفيان  ، قال : سمعت  سعد بن إبراهيم  يقول : لا يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا الثقات ، وهذا معناه : لا يحدث عن رسول الله من لم يلقه إلا من يعرف كيف يؤخذ الحديث ، وعن من يؤخذ ، وهو الثقة .  
حدثنا  خلف بن أحمد الأموي  ، قال : حدثنا  أحمد بن سعيد الصدفي  ، قال : حدثنا   أبو جعفر العقيلي  ، قال : حدثنا جدي ، وحدثنا  عبد الله بن محمد بن يوسف  ، قال : حدثنا  يوسف بن أحمد  ، قال : حدثنا  أبو جعفر محمد بن عمرو   [ ص: 59 ] بن موسى العقيلي  ، قال : حدثنا   علي بن عبد العزيز  ، قالا : حدثنا   القعنبي  ، قال : حدثنا   إسماعيل بن عياش  ، عن  معان بن رفاعة السلامي  ، عن  إبراهيم بن عبد الرحمن العذري  ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين     .  
وحدثنا  إسماعيل بن عبد الرحمن  ، قال : حدثنا  إبراهيم بن بكر  ، قال : حدثنا  محمد بن الحسين الأزدي  ، قال : حدثنا  أبو يعلى  ،  وعبد الله بن محمد  قالا : حدثنا   أبو الربيع الزهراني  ، عن   حماد بن زيد  ، عن   بقية بن الوليد  ، عن  معان بن رفاعة  ، عن  إبراهيم بن عبد الرحمن العذري  ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين ، وتأويل الجاهلين ، وانتحال المبطلين     .  
حدثنا  خلف بن أحمد  ، حدثنا  أحمد بن سعيد  ، حدثنا   أبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى العقيلي  ، قال : حدثنا  أحمد بن داود القومسي  ، قال : حدثنا  عبد الله بن عمر الخطابي  ، قال : حدثنا  خالد بن عمرو  ، عن   الليث بن سعد  ، عن   يزيد بن أبي حبيب  ، عن   أبي قبيل  ، عن   عبد الله بن عمرو   وأبي هريرة  قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "  يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله     " ، فذكره .  
 [ ص: 60 ] وروي أيضا من حديث  القاسم بن عبد الرحمن  ، عن  أبي أمامة  ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله سواء .  
حدثنا  خلف بن أحمد  ، قال : حدثنا  أحمد بن سعيد  ، قال : حدثنا  عبد الله بن محمد بن الفرج الزطني  ، قال : حدثنا  محمد بن زكرياء الجوهري  ، قال : سمعت  أبا رجاء  يقول :  بلغني أن   عبد الرحمن بن مهدي  قال   لابن المبارك     : أما تخشى على هذا الحديث أن يفسدوه ، قال : كلا ، فأين جهابذته  ؟ .  
حدثنا   خلف بن القاسم  ، قال : حدثنا  عبد الله بن جعفر بن الورد  ، قال : حدثنا  أبو علي الحسن بن ياسر البغدادي  ، قال : حدثنا   أبو حاتم الرازي  ، قال : حدثنا  عبدة بن سليمان المروزي  ، قال :  قلت   لابن المبارك  أما تخشى على العلم أن يجيء المبتدع ، فيزيد في الحديث ما ليس منه ؟ قال : لا أخشى هذا بعيش الجهابذة النقاد     .  
قال  أبو عمر     : لعلم الإسناد طرق يصعب سلوكها على من لم يصل بعنايته إليها ، ويقطع كثيرا من أيامه فيها ، ومن اقتصر على حديث  مالك  رحمه الله ، فقد كفي تعب التفتيش والبحث ، ووضع يده من ذلك على عروة وثقى لا تنفصم ؛ لأن مالكا قد انتقد ، وانتقى ، وخلص ولم يرو إلا عن ثقة حجة ، وسترى موقع مرسلات كتابه ، وموضعها من الصحة والاشتهار في النقل في كتابنا هذا إن شاء الله .  
وإنما روى  مالك  عن   عبد الكريم بن أبي المخارق ،  وهو مجتمع على ضعفه وتركه ؛ لأنه إذا لم يكن من أهل بلده ، وكان حسن السمت والصلاة ، فغره ذلك منه ، ولم يدخل في كتابه عنه حكما أفرده به .  
				
						
						
