[ ] : ( وانتقه ) أي المروي أيضا بحيث يكون أبلغ نفعا ، وأعم فائدة ، وأنفعه - كما قال انتقاء المروي وفهم الفائدة فيه الخطيب - الأحاديث الفقهية التي تفيد معرفة الأحكام الشرعية ; كالطهارة ، والصلاة ، والصيام ، والزكاة ، وغيرها من العبادات ، وما يتعلق بحقوق المعاملات ، ففي حديث : ( ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في دين ) .
قال الخطيب : ويستحب أيضا إملاء الأحاديث المتعلقة بأصول المعارف [ ص: 265 ] والديانات ، وأحاديث الترغيب في فضائل الأعمال ، وما يحث على القراءة وغيرها من الأذكار .
زاد غيره : والتزهيد في الدنيا ، بل الأنسب أن يتخير لجمهور الناس أحاديث الفضائل ونحوها ، وللمتفقهة أحاديث الأحكام .
( وأفهم ) بفتح الهمزة ، السامعين ( ما فيه من فائدة ) في متنه أو سنده ; من بيان لمجمل أو غرابة أو نحوهما ، وأظهر غامض المعنى وتفسير الغريب ، وتحر إيضاح ذلك وبيانه ، كما أشار إليه الخطيب .
وروي عن أنه قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لكتبت بجنب كل حديث تفسيره . وعن ابن مهدي أبي أسامة قال : تفسير الحديث ومعرفته خير من سماعه .
وهذا على وجه الاستحباب ، وإلا فقد قيل في حديث : ( للزهري ) ما معناه ؟ فقال : من الله العلم ، وعلى الرسول البلاغ ، وعلينا التسليم . وسأل رجل ليس منا من لطم الخدود ، وليس منا من لم يوقر كبيرنا مطرا عن تفسير حديث حدث به ، فقال : لا أدري ، إنما أنا زاملة . فقال له الرجل : جزاك الله من زاملة خيرا ، فإن عليك من كل حلو وحامض .
وسئل عن تفسير حديث ، فقال : ليتنا نقدر أن نحدث كما سمعنا ، فكيف نفسر ؟ ! قال أيوب السختياني الخطيب : ويستحب أن ينبه على فضل ما يرويه ، ويبين المعاني التي لا يعرفها إلا الحفاظ من أمثاله وذويه ، فإن كان الحديث قد كتبه عنه بعض الحفاظ المبرزين ، أو أحد الشيوخ المتقدمين ، نبه عليه ، أو كان عاليا علوا متفاوتا أرشد بوصفه إليه .
وإنما قيد الوصف بالعلو المتفاوت ; لأن المفهوم عند إطلاق [ ص: 266 ] العلو شمول أقل درجاته ، وبذلك لا يحصل تمييز المتناهي .
قال : وكذا إذا كان راويه غاية في الثقة والعدالة ، أو من أهل الفقه والفتيا ، أو كان الحديث من عيون السنن وأصول الأحكام ، وصفه بذلك ، ويعين تاريخ السماع القديم ، وتفرده بذاك الحديث ، وكونه لا يوجد إلا عنده ، إن كان كذلك ، وإن كان الحديث معلولا بين علته ، أو في إسناده اسم يشاكل غيره في الصورة ، ضبطه بالحروف ليزول الإلباس .
( ولا تزد عن كل شيخ ) من شيوخك ( فوق متن ) واحد فإنه أعم للفائدة وأكثر للمنفعة .