فرع قال بعض العلماء : إذا عجزت عن إقامة الحجة الشرعية فاستعانت على ذلك بوال يحكم بغير الحجة الشرعية أثم دونك إن كان الحق جارية يستباح فرجها ، بل يجب ذلك عليك ، لأن مفسدة الوالي أخف من مفسدة الزنا والغصب ، وكذلك الزوجة ، وكذلك استعانتك بالأجناد ، ولا تأثم ، وكذلك في [ ص: 42 ] غصب الدابة وغيرها أو جحد ذلك ، لأن الصادر من المعين عصيان لا مفسدة فيه ، والجحد والغصب عصيان ومفسدة ، وقد جوز الشرع الاستعانة بالمفسدة لا من جهة أنها مفسدة ، على درء مفسدة أعظم منها ، كفداء الأسراء ، فإن أخذ الكفار لمالنا حرام عليهم ، وفيه مفسدة إضاعة المال : فما لا مفسدة فيه أولى أن يجوز ، فإن كان الحق يسيرا نحو كسرة وتمرة حرمت الاستعانة على تحصيله بغير حجة شرعية ، لأن الحاكم بغير ما أمر الله أمر عظيم لا يباح باليسير .
فرع : قال بعض العلماء : إذا تنازعتما حائطا منتصبا ، هل هو منعطف لدارك أم لا ؟ فأمر الحاكم بكشف البياض لينظر ، إن جعلت الأجرة في الكشف عليك فمشكل ، لأن الحق قد يكون لخصمك ، والأجرة ينبغي أن تكون لمن له نفع العمل ، ولا يمكن أن تقع الإجارة على أن الأجرة على من ثبت له الملك ، لأنكما حرمتما بالملكية فما وقعت الإجارة إلا جازما ، وكذلك القائف لو امتنع إلا بأجر ، قال : ويمكن أن يقال : يلزم الحاكم كل واحد منهما باستئجاره ، وتلزم الأجرة في الأجير ممن ثبت له الملك كما يحلف في اللعان وغيره وأحدهما كاذب .
تنبيه : الإبراء من المعين لا يصح بخلاف الدين ، فلا يصح إبراؤك من داري التي تحت يدك ، لأن الإبراء الإسقاط ، والمعين لا يسقط ، نعم تصح فيها الهبة ونحوها .
قاعدة : لجأ إليه ، أو تغييرا وردعا عن المعاصي ، أو للامتناع من التصرف الواجب الذي لا تدخله النيابة ، كحبس من أسلم عن أختين وامتنع من تعيين [ ص: 43 ] أحدهما ، أو أقر بأخذ عين وامتنع من تعيينها ، أو للامتناع من حقوق الله تعالى التي لا يدخلها النائب ، كالممتنع من صوم رمضان ، فهذه خمسة أقسام . الحبس يكون لغيبة المجني عليه حفظا لمحل القصاص ، أو للامتناع من دفع الحق
سؤال : ، لأنها عقوبة عظيمة لجناية حقيرة ؟ جوابه : أنها عقوبة صغيرة بإزاء جناية صغيرة ، لأنه في كل ساعة ممتنع من أداء الحق فتقابل كل ساعة من ساعات الامتناع ساعة من ساعات الحبس . كيف يخلد في الحبس من امتنع من دفع دارهم مع قدرته عليه وعجزنا عن أخذها منه