قاعدة : ، حق الله تعالى : أمره ونهيه فقد تنفرد ، فالأيمان حق الله تعالى ، والقيم والأيمان حقوق العباد ، وقد تجتمع ، ويغلب حق الله إجماعا فلا يتمكن العبد من الإسقاط كالسرقة ، وقد يغلب حق العبد إجماعا كالدين ، وما من حق للعبد إلا وفيه حق لله تعالى ، وهو أمره بإيصال ذلك الحق ، وقد يختلف العلماء أيهما يغلب كالحد في القذف ، فمن غلب حق الله تعالى منع العفو ، أو حق الآدمي جوزه ، والعتق اجتمع فيه حق الشريك ، فتنقيص ماله بعيب العتق ، وحق العبد بتخليصه لاكتسابه وطاعة ربه ، وحق الله تعالى في إزالة الاصمة عن ابن آدم المكرم من خالقه ، وتوجه تكاليفه عليه ، وحق الله تعالى فيه مغلب . وحقوق العباد : مصالحهم
[ ص: 140 ] فرع في الكتاب : إذا لحق الشريك والعبد ، أو أعتق الذمي حصته والعبد مسلم قوم عليه لأنها جناية منه ، وأجبر على عتق جميعه . لأن الإسلام لا يعلوه الكفر ، أو كافر لم يقوم ، لأن الذمي لا يلزمه العتق ، ولو أعتقه كله ، وقال غيره : يقوم عليه حصة المسلم ، لأنه حكم بين مسلم وكافر ، قال أعتق المسلم نصيبه قوم عليه كان العبد مسلما أو ذميا ابن يونس : هذان أبان النصراني المعتق عن نفسه حتى لو أراد رده في الرق لم يكن له ذلك جبر المسلم على أن يقومه عليه ويكمل عتقه ، وإلا فلا تقويم إلا أن يشاء المسلم ، ونصراني بين نصرانيين لا تقويم فيه إلا أن يرضوا بحكمها ، أو بين حر وعبد فأعتق الحر حصته قوم عليه ، أو لعبد فلا عتق له إلا بإذن سيده ، فيقوم على سيده ، كان للعبد مال أم لا ، لأن السيد هو المعتق في المعنى ، قال : وتباع في قيمته وقيمة العبد وغيرها من مال السيد ، قال سحنون محمد : وكذلك إن كان بغير إذنه فأجاز .
فرع : في الكتاب : إذا ، أو على بيع نصفه من نفسه ، عتق كله ، وولاؤه لك ، وإن أعتقت نصيبك من العبد المشترك على مال أخذته من العبد ، ووردت وجه العتاقة ، عتق عليك كله ، وغرمت حصة شريكك ، ورددت المال إلى العبد ، لأن من أعتق نصيبه من العبد المشترك واستثنى شيئا من ماله عتق كله ، ورد ما استثنى للعبد ، وإن علم أنك أردت الكتابة فسخ ذلك ، وبقي العبد بينكما ، وأعطيت نصف المال لشريكك ، وفي المنتقى : إذا وهبت العبد نفسك فيه : قال وهبت لعبد نصفه ، أو أخذت منه دنانير على عتق نصفه مالك : يقوم عليك لاندراجه في الحديث .
[ ص: 141 ] فرع في الكتاب : لم يقوم الثالث إلا على الأول ، لأنه الذي أعاب العبد ، فإن كان عديما لم يقوم على الثاني ، لأنه لم يعبه ، فإن أعتقتما معا . قوم عليكما إن كنتما موسرين ، لأنه ليس أحدكما أولى من الآخر ، وإلا قوم على الملي منكما لا ، قال أعتق أحدكم نصيبه ، ثم الآخر ، وأنتما مليان ابن يونس : جميع الأصحاب على عدم التقويم على الثاني إذا أعسر الأول إلا ابن نافع ، قال : يقوم على الثاني إن كان مليا ، لأن الأول يقدمه في حين العدم ، ولأنه لو امتنع المتمسك من التقويم فللعبد طلبه ، قال عبد الملك : إن أعتقا معا ليس للمتمسك أن يقوم على أحدهما ، وإن رضي المقوم عليه ، ولو جاز ذلك جاز له بيعه من أجنبي على أن يعتقه ، وقال : إذا أعسر أحدهما ، لا يلزم الملي إلا حصته إذا قوم عليهما ، لأنهما ابتدأا الفساد معا ، وعن مالك : إن كان لأحدكم نصفه ، وللآخر ثلثه ، وللآخر سدسه ، فأعتق صاحب الثلث والسدس حصتهما معا ، فليقوم عليهما بقدر ملكهما كالشفعة في اختلاف الأنصباء ، فإن أعدم أحدهما فالجميع على الموسر ، كما إذا أسلم أحد الشفعاء نصيبه لم يأخذ الآخر إلا الجميع ، أو يسلم ، وقاله المغيرة ، ثم رجع التقويم نصفين كما لو قتلناه ، وروي عن مالك شاذا ، وقاله ( ش ) ، واتفقوا أن من عجز منهما عن بعض ذلك ، أنه يتم على الآخر ، قال اللخمي : يقوم على الأول في مسألة الكتاب ، إلا أن يرضى الثاني بالتقويم عليه ، ولا مقال للأول ، لأن الاستكمال حق للعبد ، لا حقه ، وإذا جاز الاستكمال على المتمسك جاز على الأوسط .
تنبيه : قال ( ش ) و ( ح ) : إذا أعتقا معا يقوم عليهما نصفين ، لنا : أنهما تقاوما في الآجال الضرر ، فتقاويان في التقويم ، احتجوا . بقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ) الحديث ، وظاهره يقتضي تقويمه على كل واحد منهما ، كما لو ادعاه الجميع كلاهما ، ولأنه لو انفرد كل واحد منهما عتق عليه الجميع ، فقد استوى السدس والنصف ، لأن الفرق بينه وبين الشفعة : أن هذا جناية ، والمشتركان في الجناية لا يشترط تساوي إتلافهما ، بل أصل الاشتراك في الفعل والشفعة مال ، فيعتبر قدر المالية ، كاستحقاق كسب العبد . من [ ص: 142 ] أعتق شركا له في عبد
والجواب عن الأول : أن الشفعة لو انفرد صاحب السدس أخذ الجميع ، وعند الاجتماع يجب التفاوت .
وعن الثاني : ما تقدم في الأول .
وعن الثالث : لا يسلم أن العتق إتلاف ، وإلا لم أسقطت القيمة عن المعسر ، بل يتبع في الذمة ، ثم إن الشريكين إذا أغرمناهما لإزالة الضرر فقد نفعناهما بثبوت الولاء لهما : فليس إتلافا مطلقا .