[ ص: 38 ] فروع ثمانية
الأول : قال في الكتاب فيمن : لا يقضي الصبح خلافا ( ش ) فتمهد الوقت الذي يقتضي طريان العذر فيه سقوط الصلاة فعندنا وقت الأداء ، وعند أغمي عليه بعد الفجر حتى طلعت الشمس أبي حنيفة وقت الاختيار ، وعند معظم الشافعية إذا مضى من الوقت قدر فعل الصلاة ، ثم طرأ العذر بعده سقطت .
قاعدة
المعينات لا تثبت في الذمم ، وما في الذمم لا يكون معينا ، كان ما في الذمم يخرج عن عهدته بأي فرد شاء من نوعه ، والمعين لا يقبل البدل فالجمع بينهما محال وهذه القاعدة يظهر أثرها في المعاملات وهاهنا أيضا ; لأن الأداء معين بوقته فلا يكون في الذمة ، والقضاء ليس له وقت معين يتعين حكمه بخروجه فهو في الذمة ، والقاعدة : أن من شروط الانتقال إلى الذمة تعذر العين كالزكاة مثلا ما دامت معينة بوجود نصابها لا تكون في الذمة ، وإذا تلف النصاب بعذر لا يضمن فكذلك إذا تعذر الأداء بعذر لا يجب القضاء ولا يعتبر في القضاء التمكن من الإيقاع أول الوقت كما لا يعتبر في ضمان الزكاة تأخر الجابي في الزرع والثمرة بعد وقت الوجوب ، وكما لو باع صاعا من صبرة وتمكن من كيله ، ثم تلفت الصبرة من غير البائع ; فإنه لا يخاطب بالتوفية ولهذا أجمعنا في حق المسافر يقدم أو المقيم يسافر على اعتبار آخر الوقت .
[ ص: 39 ] الثاني : قال في الكتاب إذا ، لا إعادة عليه فأسقط الإعادة قياسا على الحائط وكذلك أغمي عليه في الصبح حتى طلعت الشمس ، وقال الشافعي في المجموعة : لا يقضي ما خرج وقته إذا كان الإغماء متصلا بمرض قبله أو بعده ، فأما الصحيح يغمى عليه في الصلاة الواحدة فيقضيها ، وقال ابن الماجشون أبو حنيفة : يقضي الخمس فما دونهن دون ما زاد محتجا بأن عمارا أغمي عليه يوما وليلة قضاها ، وأن أغمي عليه الأيام فلم يقضها ، وأوجب ابن عمر الإعادة مطلقا قياسا على النائم والسكران . قال صاحب الطراز : اتفقت الأمة على أن من بلغ مطبقا أنه لا يقضي شيئا . ابن حنبل
تمهيد : القضاء على الصحيح إنما يجب بأمر جديد غير أمر الأداء ولم يوجد نص في صورة النزاع ; لأنه إنما ورد في النوم والنسيان ، فقياسنا معضود بالبراءة الأصلية وقياس الحنابلة مدفوع بفارق أن النوم والسكر مكتسبان ، فلو أثر في السقوط لكان ذلك ذريعة للتعطيل وأما تفرقة الحنفية فهي خلاف الأصول ، فإن الأصل أن ما يسقط يسقط مطلقا كالحيض ، وما لا يسقط لا يسقط مطلقا كالنوم . الثالث : قال في الكتاب : . قال صاحب الطراز : لا يختلف أصحابنا أن الأخيرة [ ص: 40 ] تتعين إذا ضاق الوقت عنهما ، وتسقط الأولى ، فإن زاحم العصر غير الظهر كصلاة منسية فالوقت للمنسية عند وقت الظهر والعصر في الإغماء مغيب الشمس ، والمغرب والعشاء الليل كله ابن القاسم ، وتسقط الحاضرة ، وعند أصبغ يصليهما ، ولابن القاسم فيها تردد والذي رجع إليه الأول ; لأن الوقت استحقته المنسية فلم يبق للحاضرة شيء ، ووجه القول الآخر أنها أدركت وقتها لقوله عليه السلام : ، وكذلك لو طهرت قبل الفجر بأربع ركعات من أدرك ركعة قبل غروب الشمس فقد أدرك العصر فلمالك في المجموعة : أنها تصليهما وعليه أكثر الأصحاب ، وعند تسقط المغرب ، فكذلك الخلاف في المسافرة تطهر قبل الفجر بثلاث . ابن الماجشون
الرابع : قال ابن أبي زيد في النوادر : لم يختلف في ، وفي المغمى عليه قولان عند الحائض أنه يشترط لها وقت الطهارة غير ما يدرك به الصلاة ابن القاسم ، أحدهما : يشترط كالحائض بجامع العذر ، والثاني : لا يشترط ; لأن المانع من خطابه زوال العقل ، وقد عقل وفرق ابن القاسم في العتبية بين الكافر والحائض بأنه مخاطب بالفروع بخلافها ، ولأن المانع من قبله بخلافها ، وسوى بينهما في كتاب ابنه والقاضي في تلقينه ; لأن الإسلام يناسب عدم التغليظ وفي الجواهر لا يعتبر وقت الطهارة في أرباب الأعذار على الإطلاق عند سحنون سحنون وأصبغ ، وعند ابن القاسم يعتبر في الجميع إلا الكافر ، واستثنى ابن حبيب معه المغمى عليه ، وأجرى بعض المتأخرين الخلاف في الجميع قال : ومنشأ الخلاف هل الطهارة شرط في الوجوب أو في الأداء ؟ وفيه نظر ; لأن شرط الوجوب لا يجب تحصيله على المكلف كالإقامة في الصوم لإتمام ، وإنما تجب شروط الأداء ; لأجل تقرر الوجوب المتوقف عليها والطهارة تجب إجماعا فلا تكون شرطا في الوجوب على قول ، وألزم اللخمي التيمم لمن يقول بعدم اشتراط الطهارة [ ص: 41 ] إذا عدم الماء وهو متجه ، وإذا قلنا باشتراط الطهارة على المشهور إلا الكافر فقال صاحب التلقين : يضاف للطهارة ستر العورة وغيره مما تتوقف الصلاة عليه .
الخامس : لو قال طرأ عائق بعد وقت الطهارة كالحدث ابن القاسم في العتبية : تقضي الحائض ، والمغمى عليه ما لزمهما أما لو علما بعد الطهارة وقبل الصلاة أن الماء الذي تطهرا به نجس فإن المعتبر ما بعد الطهر الثاني ، قال في الموازية : وإن لم يعلما حتى صليا ، وغربت الشمس لا شيء عليهما ، وسوى بينهما في كتاب ابنه ، وقال سحنون ابن القاسم في الموازية : التسوية بين الماء ، والحدث ، ورأى طريان العذر كاستمراره بجامع عدم التمكن ، ورأى أن بالطهر تعلق الخطاب ، وأما تفرقة سحنون ابن القاسم فلأن الحدث لا يمنع وجوب الصلاة ، ونجاسة الماء تخلي حدث الحيض على حاله وهو مانع من الوجوب وهذا الفرق ينقدح في الحائض خاصة مع تعميم الحكم فيهما .
السادس : إذا فإن كانت صلت ركعة شفعتها إن كانت تدرك ركعة قبل الغروب وإلا قطعت ، فإن لم يتبين لها ذلك إلا بعد الغروب قال قدرت على أكثر من أربع ركعات فأحرمت بالظهر ، ثم تبين خطؤها ابن القاسم في العتبية : إن كان بعد ركعة شفعتها وسلمت ، وإن كان بعد ثلاث كملتها وهي نافلة ، ثم تصلي العصر وقال أصبغ في الموازية : لو قطعت في الموضعين لكان واسعا ولو عكست فقدرت الوقت للعصر فقط وصلتها ، ثم تبين خلافه ، قال مالك في [ ص: 42 ] الموازية : تصلي الظهر والعصر كما وجبا ، وقال ابن القاسم : لا تعيد العصر ، وقال أشهب في العتبية : تصلي الظهر فقط إلا إن بقي بعد قدر ركعة فأكثر وصح تقديرها للصلاتين لكن بدأت بالعصر ناسية ففي الجواهر : تصلي الظهر ; لإدراكها وقتها ، وتؤمر بإعادة العصر ; لوقوعها في الزمان المختص بالظهر كمن أوقع العصر قبل الزوال ، وقيل لا تجب الإعادة ; لأنها إنما تجب لأجل المنسية في الوقت . السابع : في الجواهر حكم الصبي حكم الحائض في جميع ما تقدم ، فلو وجبت الإعادة عندنا وعند احتلم بعدما صلى أبي حنيفة ، خلافا ( ش ) متمسكا بأن الزوال سبب في الشرع لصلاة واحدة إجماعا لما نقل في حق الصبي أو فرض في حق البالغ ، وقد أوقع صلاة فلا تجب أخرى وإلا للزم أن يكون الزوال سببا لصلاتين والمقرر خلافه ، وفي الجواهر قيل : بنفي الإعادة ، وكذلك الخلاف لو بلغ بعد الظهر وقبل الجمعة . لنا أن المتقدم منه نفل وآخر الوقت هو المعتبر كما تقدم ، وهو مقتضى الوجوب والنفل لا يجزئ عن الواجب .
الثامن : قال صاحب الطراز : قال بعض الشفعوية : إن لم يكن الغالب إزالته للعقل أسقط الغرض ، وإن كان لم يسقط قال : ويحتمل أن يقال : لا يسقط مطلقا كما لو شرب مسكرا لا يعلم أنه مسكر ولأن الصلاة واجبة إجماعا وحيث أجمعنا على السقوط فيعذر من غير صنعه ، وهاهنا ليس كذلك . إذا ذهب عقله بدواء