فصل : فإذا تقرر أن للمغرب وقتا واحدا ، فقد اختلف أصحابنا ، على وجهين : هل يتقدر بالفعل أو بالعرف ؟
أحدهما : أنه مقدر بالفعل ، وهو أن يمضي عليه بعد غروب الشمس قدر ما يتطهر ، ويلبس ثوبه ، ويؤذن ، ويقيم ، ويصلي ثلاث ركعات على مهل ، فهذا قدر وقتها ، لأنه لما لم يكن الوقت إلا واحدا وكان ابتداؤه معلوما اقتضى أن يكون بالفعل والإمكان مقدرا
والوجه الثاني : أنه مقدر بالعرف لا بالفعل ، وهو أن يكون إذا أتى بالصلاة فيه لم ينسب في العرف إلى تأخيرها عند أول الوقت من غير أن يتحدد بالفعل ، لأن الفعل يختلف فيه بالعجلة والإبطاء ، ولأن الصلاة ذات الوقتين يتقدر أول وقتها بالعرف لا بالفعل ، ومنزلة المغرب في تفردها بوقت واحد ، وإن منزلة المؤقت الأول من الوقتين ، فإذا ثبت تقرير وقتها بما وصفنا من الفعل أو العرف ، فقد اختلف أصحابنا ، هل هو وقت لابتداء الصلاة واستدامتها أم هو وقت لابتدائها دون استدامتها ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو الأشبه بمذهب الشافعي أنه وقت للابتداء والاستدامة ، فمن تجاوز هذا الوقت قبل إتمام الصلاة صار متمما لها في غير وقتها ، لأن سائر الأوقات المقدرة للابتداء والاستدامة
والوجه الثاني : وهو قول أبي سعيد ، واختاره أبو إسحاق أنه وقت للابتداء دون الاستدامة ، وأنه إذا ابتدأ بها في هذا الوقت جاز أن يستديمها إلى غروب الشفق استعمالا للأخبار كلها ، وتلفيقا بين مختلفها - والله أعلم -